من 52 مليار جنيه هي حجم موازنة 2015،ينال التعليم (مليار وشوية)والصحة (تلاتة أرباع مليار) ،وبحساب النسبة فهما ينالان 3.5%(ثلاثة ونص في المية)،من الإيرادات العامة . وللحكاية قصة بطلها النظام الحاكم وسدنته وتنابلته،أصحاب المدارس والمستوصفات الخاصة . تدخل نهي،مدرسة البنات الحكومية،الكائنة في قريتها أو مدينتها،فتجد الفصل مكتظاً بالتلميذات(فوق طاقته)،والحر يشوي الأجساد حيث لا مروحة ولا تهوية جيدة،والجلوس علي الأرض لأن (الكنب) مافي،والكتب لاتكفي الجميع وبالقروش وليست مجانية،وطاقم الأساتذة غير مكتمل،والكثير من الحصص(مدكوكة)،وتنتقل نهي من الصف الأول إلي الصف الثامن،وقد تكون الأولي علي فصلها لكن بمجموع 40%،نظراً لواقع المدرسة،ويأتي الإمتحان النهائي،وتكون النتيجة(لم ينجح أحد)،وتضطر أسرة نهي لتسجيلها في فصل إعادة في مدرسة خاصة(بالقروش) حتي تتخطي عتبة الأساس للثانوي. ويضطر الكثير من الناس لنقل أبنائهم وبناتهم من المدارس الحكومية الخالية من المعلمين والأثاث،إلي مدارس خاصة،حتي لا يضيع مستقبلهم،ويبيعون كل ما لديهم لقاء مصاريف الدراسة المليونية . وهكذا يجري عمداً تجفيف وإضعاف المدارس الحكومية،لضمان إنسياب الطلبة للمدارس الخاصة،ومعناها تراكم ثروات القطاع الخاص العامل في مجال التعليم. وعندما يتبقي القليل من الأساتذة والتلاميذ بالمدرسة الحكومية،يصدر قرار من الجهات المختصة بتجفيفها،وبيعها إلي أي مستثمر لقاء عمولات كبيرة . وكما يتحول الطلاب من المدارس العامة للخاصة مكرهين،فالأساتذة ينتقلون بدورهم،طالما كانت مرتباتهم ضئيلة وبيئة العمل متردية في مجال التعليم العام ،بينما كانت الأغنية زمان تقول(المعلمة لي بلدنا مفيدة .. المعلمة ربنا يزيدها). ويدخل (عمك أحمد)المستشفي الحكومي،حيث لا يوجد سرير فاضي،ولا شاش في الصيدلية،ويطالبونه بشراء الحقنة،ولا ينقل له الدم إلا إذا تبرع له معارفه،ولا يزوره الطبيب إلا نادراً،وتسوء حالته لأن المستشفي أسوأ،فينقله ذووه للمستوصف الخاص حتي لا يتوسد(الباردة)في أحمد شرفي قبل أوانه. وبخلاف إنعدام العناية الطبية،ونقص الكوادر الطبية،والدواء،والسراير،فإن معظم أقسام المستشفي الحكومي تمسح من الوجود،وتطرد الطبيبات إلي الشارع لأن(ميزهن)في موقع استراتيجي يهم السدنة والحرامية،وشيئاً فشيئاً ينتقل المرضي الفقراء إلي المستوصفات الخاصة،بعد أن يئسوا في العلاج بالمستشفيات الحكومية،ويستدينون ملايين الجنيهات من أقاربهم بالخارج لصور الأشعة والرنين المغنطيسي،والتحاليل الطبية بالمؤسسات الطبية الخاصة . وهكذا ينمو القطاع الخاص الصحي الطفيلي،من فكرة تجفيف المستشفيات العامة،كيلا يكون أمام المرضي إلا خيار(الذهاب للمستوصف الخاص أو الموت ). وكيما يتحطم القطاع العام في مجالي التعليم والصحة،تتضاءل ميزانيته كل مرة،ويصيبه الإهمال عمداً حتي يشيع إلي مثواه الأخير . وقس علي ما جري ما يحدث في مجال التعليم العالي،وقيام الجامعات الخاصة علي أنقاض الجامعات الحكومية،وتشليع الداخليات ومضايقة الطلاب،وجعل العنف حالة دائمة يعقبها إغلاق الجامعة وتشتيت طلابها. تستعدل أمور التعليم والصحة في بلادنا،عندما يكنس السدنة من موقع إتخاذ القرار،ويرمون إلي سلة المهملات،يرونه بعيداً ونراه قريباً يا (ست البنات)،وعلي الباغي تدور الدوائر و(المثلثات). [email protected]