لندن - توصل العلماء بعد دراسة تأثيرات الألوان على المزاج والصحة وطريقة التفكير، إلى أن تفضيل لون معين على آخر يكمن في آلية تأثيره على مشاعر الإنسان وأحاسيسه. ويقولون أيضا إن اللون يمكن أن يؤثر على الأداء في أماكن العمل. ويعتقد هؤلاء أن لون المكتب الأحمر يكون أكثر تحفيزا ويسبب القوة، الغضب أو التوتر للعامل ومن جانب آخر يمكن للون الأحمر أن يرفع مستوى الأداء في العمل. وأوضحت الدراسات أن عين الإنسان تمتص الضوء وتحوله إلى شكل آخر من الطاقة تمكنه من رؤية اللون وهذه الطاقة تؤثر حتى على الأشخاص المكفوفين وفاقدي البصر وعلى أحاسيسهم أيضا، حيث تعمل الطاقة الضوئية على تنشيط الغدتين النخامية والصنوبرية اللتين تنظمان إفراز الهرمونات وتؤثران على الأجهزة الفسيولوجية في الجسم. واكتشف الخبراء أن اللون الأحمر ينشط الجسم ويدفئه ويزيد معدل نبضات القلب والنشاط الموجي في الدماغ ومعدل التنفس. وعليه تنصح الأمهات باستخدام اللون الأحمر البرّاق باستمرار لتنشيط أدمغة أطفالهن، أما إذا كان الشخص مصابا بارتفاع ضغط الدم أو اضطرابات في جهازه الدوراني وأوعيته الدموية فينبغي له عدم استخدام الأحمر في حياته. ووجد الباحثون أن للون الزهري أو الوردي تأثير مهدئ وراخي للعضلات، وهو ما يفسر استخدامه في مداخل السجون والمستشفيات ومراكز الإدمان. أما اللون البرتقالي فهو مناسب لمن يعانون من النحافة المرضية لأنه يثير الشهية ويقلل الشعور بالتعب والإرهاق، أما البدناء أو من يمارسون أنظمة الحمية فعليهم تجنب هذا اللون قدر الإمكان. ويعتبر اللون الأصفر منشط للذاكرة، فإذا كنت تعاني من النسيان المتكرر فما عليك سوى استخدام أدوات أو ملابس صفراء لتساعدك على التذكر، كما يعمل هذا اللون على رفع ضغط الدم ومعدل النبض، ولكن ليس بدرجة نظيره الأحمر. ويعبر اللون الأخضر عن الربيع والبدايات الجديدة ويعطي الشعور بالهدوء والراحة والمشاركة والأمل، كما أن له تأثير مهدئ ومسكن للجسم والعقل ويساعد الأشخاص المفرطين في الوزن لأنه يساعد في التحكم بمشاعر التوتر والقلق الناتج عن حرمان النفس من الطعام والتحكم بالرغبة في الإفراط في الأكل. أما اللون الأزرق فهو لون آخر مهدئ وراخ للعضلات ويعبر عن التفاؤل والأمل ويخفض ضغط الدم ونبضات القلب ومعدل التنفس وله تأثير مبرّد في الأجواء الحارة والرطبة. وقد أظهرت الكثير من الدراسات أن اللون الأزرق في الصفوف الدراسية يفيد الطلبة لأنه يهدئهم ويخفف توترهم وخصوصا من يتميزون بسلوكيات عدوانية. وقد ثبت أن الأطفال سواء من المبصرين أو المكفوفين يتفاعلون بصورة متشابهة عند وجودهم في بيئة زرقاء اللون. وفسّر الباحثون أن تفضيل لون على آخر يعني أن الجسم بحاجة له أكثر من غيره، فيستجيب له بصورة إيجابية من خلال إثارة مظاهر النشاط والصحة والتفكير السليم. لكن يقول باحثون آخرون إن لون المكتب الأزرق يمكن أن يسبب اكتئابا كبيرا، بالإضافة إلى الحزن، التعب أو الارتياح. وقد وجدت بعد دراسات مستفيضة أن اللون الأخضر يسبب الارتباك بينما يسب اللون البنفسجي الحزن والتعب. وعلاوة على ذلك فقد ادعت مجموعة من الطلاب تم إجراء دراسة عليها أن اللون الأبيض للمكتب يعتبر مناسبا ولا يشتت الانتباه، ولكن الحقيقة هي عكس ذلك. فعند إجراء مقارنة بين عمال يعملون في مكتب أحمر أو أزرق اللون، تذمر العمال في المكتب الأبيض واشتكوا من آلام الرأس وحالات من الغثيان. كذلك حين أجريت اختبارات على غرف الدراسة تبين أن وردية اللون منها سببت قوة كبيرة لدى الأطفال الذين يشغلونها. أما الغرف زرقاء اللون فسببت تعبا لديهم وكان تأثير الغرف الرمادية وسطا بين الحالتين. وأظهرت الدراسة أن الأطفال في الغرف الوردية قاموا بتلوين صور إيجابية بينما كانت الألوان في الغرف الزرقاء أكثر سلبية. وتوصل الباحثون إلى نتيجة مفادها أن الألوان تؤثر بشكل مؤكدا على مزاج الإنسان على الرغم من أن مدى وتفاصيل ذلك لا تزال غير واضحة وشرحوا أن الألوان (الأحمر، الأزرق والأخضر) تؤدي إلى أكثر النتائج وضوحا. وأضافوا أن اللون الأبيض لا يعطي نتائج جيدة أثناء الاختبار لأنه محايد وشائع. أما اللون الأحمر فيسبب اليقظة والإثارة العالية، بينما اللون الأزرق يسبب الارتياح، بالإضافة إلى الإثارة البسيطة ويسبب اللون الأخضر الشعور بالأمان والرقة. وتقول إحدى الباحثات، ستار ووكر، في النهاية، "الألوان ليست جيدة أو رديئة، ولكنها تؤثر على نفسية الشخص". ويعود سبب ذلك إلى مستويات اهتزاز الألوان في الدماغ. فاهتزاز اللون الأحمر أعلى بكثير من الأسود، بينما تعتبر الألوان الفاتحة أكثر إيجابية وتطلق اهتزازات أعلى، أما الألوان القاتمة فتطلق اهتزازات متدنية. وبحثت ووكر تأثير ألوان الملابس على الأفراد الذين يختارون ارتداءها ووجدت أن الحالة العقلية تتأثر كثيرا بسبب لون الملابس. وفيما يلي تفسير لتأثير الألوان على الأشخاص: اللون الأبيض يعني النقاء والوضوح واللون الأحمر يعني القوة والسطوة، بينما يعني اللون الوردي الحساسية والحب ويسبب اللون البرتقالي التحفيز، أما اللون الأصفر/ الذهبي فيعطي الطاقة في حين أن اللون الأخضر يسبب تناغم العقل، الجسد والروح. ويسبب اللون الأزرق الشفاء والهدوء والبنفسجي يعزز الروحانية، بينما يمثل اللون البني لون الأرض والطبيعة ويسبب اللون الأسود الاكتئاب والأغراء على حد سواء. في الولاياتالمتحدة كشفت دراسة أجريت مؤخرا أن لون الملابس الذي يختاره الإنسان في الصباح قد يؤثر على مزاجه بقية اليوم. وأفادت الدراسة أن اختيار ملابس معينة ربما يزيد من التركيز والنشاط والقدرة على التعلم والاستيعاب بنسبة تتراوح بين 55-78 بالمئة. ولذا فإن مصممي الملابس يحاولون دائما اختيار الألوان الجميلة والتي تجعل مرتديها يشعر بالراحة. ويعتبر اللون الأحمر من أقوى ألوان الطيف، حيث أنه لون الطاقة والحيوية والحرارة والقوة ويستخدم لعلاج الأشخاص الذين يعانون من اكتئاب فصل الشتاء. ويوحي ارتداء اللون الأحمر بالثقة بالنفس والقوة ويعطي إحساسا بالنشاط وخاصة عند الشعور بالإرهاق. ويشير الباحثون إلى أن اللون الأحمر يعتبر مميزا للرومانسية والعاطفة الجياشة لأنه يزيد الطاقة وحرارة الجسم، لذا فقد اتسم عيد الحب بالورود والقلوب الحمراء. وبالنسبة إلى اللون الأصفر فهو ينشط الدماغ ويقوي العقل وارتداء الملابس الصفراء من شأنه تحفيز الإبداع وتصفية الذهن وخاصة أثناء الإصابة بالتوتر النفسي. ويعتبر اللون الأصفر رمزا للقدرة الفكرية والذكاء والمرح والإبداع في آن واحد. أما الأزرق فيمثل الهدوء لأنه يسبب هدوء الذهن ويساعد على الارتخاء. ويمكن أن يساعد ارتداء الملابس الزرقاء على السيطرة على العواطف والمشاعر وخلق إحساس بالقوة والاستقرار النفسي والمعنوي. ويقول الباحثون إن مزج هذه الألوان مع بعضها ربما يكون أكثر فعالية وإيجابية على نفس الإنسان، وعلى سبيل المثال، فإن اللون البرتقالي الذي ينتج عن مزج اللون الأحمر والأصفر يساعد في التمتع بالطاقة العالية عن اللون الأحمر والمحافظة على القدرة الذهنية المنبعثة للون الأصفر. ويفضل الأشخاص الأصحاء الألوان الممزوجة مما يعكس الصحة التي يتمتعون بها من الناحيتين الجسدية والعقلية. وعلاوة على ذلك فإن أفضليات الألوان لا تكون ثابتة بالضرورة وأنها قد تتغير في نفس اليوم استنادا إلى مزاج الشخص. تجدر الإشارة إلى أنه يتم استخدام الألوان لمعالجة المرضى والمصابين بالاكتئاب. وقد عرف الإنسان أشعة الشمس وقوتها الهائلة في العلاج ويمكن تمرير أشعة الشمس من خلال مجال معين مما يوفر ألوانا لها خصائص تشفي بعض الأمراض والإصابات. ويقول الخبراء النفسيون إن خلفية الشخص وتقاليده تؤثر على درجة استجابته للألوان ويعتبر العديد من البلدان في الشرق الأوسط أن اللون الأزرق يحمي بيوتهم ولذا فإنهم يطلونها من الخارج بهذا اللون في محاولة لطرد الأرواح الشريرة.