إذا صحّ ما أوردته المسؤولة المصرفية في فرع بنك "هابوعاليم" الإسرائيلي في سويسرا من تفاصيل مثيرة، عن عمليّة تهريب غير مسبوقة لمليارات من الدولارات جمعتها عائلة الرئيس المصري قبل أن تُتَّخذ في شأنها إجراءات تجميد أرصدتها في البلدان الأوروبية، فإنّ الحديث عن مصداقيّة هذه الدول التي تتاجر بحقوق الإنسان، وتتشدّق بالشفافية الماليّة ليس إلّا وهما تعلّق به بعض الحالمين، فتساقط أمام إغراءات المال وبريق الذهب. ويزداد الخبر غرابة عندما نكتشف "السيناريو الهوليوديّ" الذي تمّت به العمليّة، فقد جرت عملية التهريب -حسب المسؤولة الإسرائيليّة- إلى بنوك خليجية ليلة السبت 12 مارس عندما كانت كلّ البنوك في عطلة أسبوعيّة، بعد أن اتصل الرئيس المصري السابق بزعيمي دولتين خليجيتين طالبا مساعدتهما على نقل أرصدة العائلة من البنوك السويسريّة. وقد أكّد "حسني مبارك" للزعيميْن أنّ واشنطن تدبّر انقلابا ضدّه بتعاون مع المشير "محمّد حسين طنطاوي" ورئيس الأركان "سامي عنان". ويبدو أنّ الزعيمين قد استجابا لطلب حليفهما، وأمرا على الفور المسؤولين في بلديهما بتنفيذ العملية. وتمّ تحويل الأموال في وقت قياسيّ بتنسيق مع البنوك السويسريّة، وبعض رجال المخابرات في أوروبا الذين نجح "عمر سليمان" في إقناعهم بحكم تعامله معهم طيلة السنوات التي كان فيها يرأس جهاز المخابرات المصريّة، ويساهم من موقعه في مكافحة الإرهاب. وتمّ تحويل عشرين مليار دولار من أرصدة عائلة "مبارك" إلى بنوك الدولتين الخليجيتين. ويتأكّد من خلال هذا الخبر وغيره أنّ إعلان الدول الأوروبيّة استعدادها لمساعدة الشعوب العربيّة الثائرة على استرجاع الأموال التي جمعها حكّام الصدفة العرب، وسلاطين الاستعباد، ما هي إلا لعبة جديدة/ قديمة للضحك على كثير من الواهمين في إمكانيّة أن يتحوّل المستغِلّ إلى حليف. لقد راهن كثير من تجار "شنطة" "حقوق الإنسان" على أوروبا كي تحميهم من جلاديهم لكنّهم اكتشفوا أنّ أوروبا التي تستقبلهم في منابرها هي نفسها التي تنعش جلّاديهم وتزوّدهم بآلات القمع والموت. ألم تهب فرنسا- ساركوزي لنجدة "بن علي" في محنته؟ ألم تشحن له قنابل مسيلة للدموع كي يوقف التمرّد الشعبي الذي بدأ يتفاقم؟ وأوروبا التي تعدّ طائراتها لضرب العقيد هي أوروبا نفسها التي اشتراها الزعيم الليبي بماله ونصب فيها خيمته وخطب في حكمائها ورجالها. ولم يكن العقيد كاذبا عندما أشار إلى مال منحه نقدا إلى "ساركوزي" وإلى خدمات جليلة قدّمها لزوجته السابقة "سيسيليا" عندما مكنها من الممرضات البلغاريات. وما يثير الدهشة فيما جرى- هذه المرّة- هو اقتصار الحضور على زعيمين فقط، وغياب آخرين تعوّدوا على قتل الإنسان وتنظيم جنازة مهيبة له تنقلها الشاشات المحايدة. العرب اونلاين