سكان هذه المناطق أتت بهم ظروف الحياة القاسية من مناطق مختلفة للبحث عن لقمة العيش التي استعصت على الكثيرين منهم وبدأوا في البحث عن مناطق للسكن وشكلوا العديد من القرى والامتدادت التي تقع في نهاية محلية كرري وتجاور الحدود الغربية لمحلية أمبدة وبداية الولاية الشمالية، وهذه القرى التي تبدأ من شارع دنقلا أقرب منطقة لهم بعد سوق ليبيا هو سجن الهدى والكيلو خمسة وسبعين وهناك كان تجوالنا في قرى الفتح (1) والفتح (2) والفتح (3) والتي ما أن يحل المساء تعيش المنطقة في ظلام دامس اللهم إلا من أنوار هنا وهناك محدودة لمواطنين يقومون بتشغيل وابورات للإضاءة وأنوار مدينة الهدى على مقربة منها، أما بقية المنطقة التي تضم أكثر من 27 قرية، وهي قرى الحماداب والإخلاص والجخيس والعامرية وطيبة الخلاوي والصداقة والمنصوري والخليفاب والقليعة والفتح بامتدادها ومربعات ال105 و41 و80 وال90 جميعاً تعيش ظلاماً دامساً تتخلله أشعة النجوم في السماء فقط والتي توحي بأن المنطقة مازالت ريفية، رغم أنها في الخرطوم ويعيش غالبية السكان في هذه المنطقة، رغم المهددات في موسم الخريف لأنها منطقة مجاري للمياه وانعدام الخدمات من مياه وكهرباء ومستشفيات وأغلب السكان يلجأون الى مستشفى أمبدة النموذجي للعلاج الذي يبعد مسافة ساعتين من المنطقة. "الجريدة" عاشت الوضع على الأرض، حينما انطفأت بطارية التلفون والتي لم نجد لها حلاً نسبة للعطل الذي أصاب المولد لشحن الموبايل ومرت ساعتان وباءت كل المحاولات بالفشل". في البداية لمعرفة الأوضاع بالمنطقة التقينا بالعديد من المواطنين للحديث عن المعاناة ابتداءً من معاناة المواصلات من ليبيا والى القرى لأجل التسوق والتعلم والعمل ومن ثم عدم وجود مواصلات داخلية للزيارات بين الأسر من (ركشات) (وأمجادات) بسبب الرمال والمياه والكهرباء والنفايات التي تكدست ولم تشاهد فيها عربة للنظافة بالمنطقة. مشكلة المياه في البداية أكدت لنا نور الشام موسى أن انعدام المياه مشكلة رئيسة بالمنطقة في قرى الفتح والتي يبلغ سعرها 12 جنيه للبرميل الدبل، وذكرت أن الصهريج الخاص بالمياه معطل منذ فترة طويلة لأنه تم اكتشاف ملوحة مياهه، أما عن الكهرباء فلا توجد ولم تصل إلينا بعد بسبب التخطيط الذي تأخر، وأضافت أنها تسكن هنا منذ منذ سنوات طويلة وغالبية الأهالي يعتمدون على البطاطير اليدوية في الإضاءة، وأبدت استياءها من الأوضاع بسب انعدام الخدمات خاصة، الأوضاع الطارئة من المرض والولادة لا يمكن معالجتها بسهولة لبعد المنطقة الى المشافي القربية التي تبعد عنها بمئات الكيلومترات، بالإضافة الى انعدام المواصلات نهائياً، وطالب المواطنون بإدخال الكهرباء في أسرع وقتٍ ممكن وحل مشكلة المياه. مجرى مياه وتذهب مكة عيسى التي تعمل أستاذه أن عربة النفايات لا وجود لها في المنطقة منذ عشر سنوات وأن مجاري المياه تهدد المنطقة بأكملها في الخريف والمواطنون دائماً في حالة عدم استقرار لتهدم المنازل وضرورة إعادة تشييدها مما يرهق الأسر والأمهات سنوياً في ارتفاع تكاليف البناء، وأكدت أن نصف السكان هنا لا يملكون أراضٍ، بل يعتمدون على الإيجار. قلة الأساتذة وألمحت الى قلة المعلمين في المدارس وانعدام المدارس الثانوية عدا مدرسة واحدة تبعد عن القرى بمئات الكيلومترات، وذكرت أن غالبية الأساتذة الذين يتم نقلهم الى العمل هنا يفضلون عدم الاستقرار بالمنطقة ويعودون الى مدارسهم السابقة بسبب عدم توفر الخدمات الأساسية ومشكلة المواصلات الى داخل الخرطوم. وشكت من انعدام الخدمات الأساسية من اللحوم والخضروات والخبز وغالبية السكان يشترون من سوق ليبيا، وأضافت أن شراء المستلزمات الأساسية يتطلب توفير مبلغ يومي للذهاب والإياب، مما يكلف الأسر ويرهق اقتصادها ونفسياً. انعدام المستشفيات وشكت فاطمة أحمد من عدم وجود مستشفيات ومراكز صحية بالمنطقة وذهبت الى أن أغلب الأمهات أثناء الولادة يمتن أو يموت الطفل، وقالت إن غالبية النساء المقبلات على الولادة يفضلن أن يضعن مولودهن خارج المنطقه لعدم توفر أدنى أسباب الرعاية وبعد المشافي منها مما يشكل خطورة على حياتهن وحياة الطفل القادم، وقالت إن قرية الفتح (2) هي آخر مربع في محلية كرري وموازية للريف الغربي لأمبدة ومجاري المياه تمر من هنا ولذا السكان هنا مهددون بالفيضان كل عام ولكنها استدركت أن ظروف الحياة أجبرتهم على ذلك لصعوبة الحياة والغلاء، وقالت إن معاناة المواطنين تصل أبعد من ذلك في أنه من الممكن أن تنعدم وسائل التواصل من تلفونات ووصلت المعاناة الى أن السكان يلجأون الى شحن موبايلاتهم من سوق ليبيا، وقد تظل بدون شحن إلا بعد تشغيل الوابورات. الكنبابي أفضل حالاً وأبدت سعاد يحيى استياءها من الوضع بقرى الفتح، التي يطلق عليها الجخيس، وأشارت الى أن الكنابي بالجزيرة أفضل منا حالاً، وبها كل الخدمات من مياه وكهرباء.. وتساءلت: وكيف يقال لنا نحن في الخرطوم؟ وأبانت أن ظروف ابنتها أجبرتها على العمل في مشروع البطاطس بالقرب من مدينة الهدى والذي يبعد كثيراً عن المنطقة. وقالت: "في الخريف نضطر الى السير على أرجلنا من أجل أطفالنا" وحكت أن لديها ابنة مشلولة تبلغ من العمر 4 سنوات وهي تحتاج لإجراء عملية ولكن نسبة للظروف لم نتمكن من ذلك، وقالت إن أيام الانتخابات قدمت لنا وعود من المسؤولين بتوفير المياه والكهرباء والتخطيط بعد ترشيح الرئيس البشير وقرى الفتح (1) والفتح (2) والفتح (3) بزيارة لنا ليرى معاناتا على أرض الواقع أو لسنا جزءاً من رعيته التي يسأل عنها يوم القيامة في مربعات الفتح و81 و41 و40 26 و82، وقالت إن أزمة المواصلات تسببت في تحويل العديد من الطلاب إلى المدارس الأخرى لأن المدرسة الثانوية بمربع 90 وهي مدرسة الكفاح ويعاني الأساتذة من الوصول اليها ناهيك عن الطلاب. انعدام الأسواق وتؤكد رقية عيد التي تعاني من ورم في البطن أقعدها عن العمل أنه لا يوجد سوق قريب للقرية، مما يخلق معاناة أكبر للنساء خاصة، وأضافت أن غالبية المواطنين الذين يعملون خارج المنطقة يضطرون للسكن في مناطق قربية لأنه قد تصل متأخراً الى العمل بسبب المواصلات رغم أنك قد تضطر الى القيام فجراً ويمكن ألا تصل في الموعد المحدد للعمل مما يخلق لك إشكالية. أما روضة عيسى من قرية الحماداب فقالت إن قرى الجخيس تقع ما بين محلية كرري والريف الغربي لمحلية أمبدة وأغلب الأسر حالتها الاقتصادية سيئة وتعاني من الفقر المدقع وتتهدم المنازل سنوياً بسبب الفيضان مما يشكل عبئاً آخر عليهم بالإضافة الى مشكلة مياه الشرب. ظلام دامس وقال محمد نور الدائم إن الظلام الدامس دفع العديد من السر الى المغادرة بسبب انعدام الكهرباء، وأضاف أن الموضوع يحتاج لوقفة من الجهات المسؤولة في البرلمان، وشكا من بعد المستشفيات، ونوه الى أن أقرب مستشفى هو مستشفى الفتح 2 على مسافة 2 كيلو وتنقصه الكوادر الطبية ولا يقدم خدمات.. وعزا مشكلة المياه الى تعطل الآبار، بالإضافة الى قلة في طرق المواصلات وفي الخريف ينقطع الطريق ويعيش السكان عزلة، وقال إننا نأمل في قيام ردمية لأن الطريق خطر. وأوضح أن هناك مشكلة تواجه مدارس البنات الثانوية في بعدها من القرى مما يشكل خطراً عليهن بسب انعدام المواصلات بين القرى ولجوء الطالبات للسير بالأقدام للوصول للمدرسة، وطلب نور الدائم بقيام مدارس ثانوية وأشار الى جهودهم في ذلك عبر الجهات المختصة في الولاية، التي ذكرت لهم أن إنشاء مدارس ثانوية من اختصاص الوزارة الاتحادية، وأضاف أن المنطقه بها مدارس أساس غير مفعلة ويجب استثمارها لذلك، وقال إن القرى التي تحيط بجبال كرري أو بالقرب منها هي 7 مجمعات تضم (الحماداب، القليعة، الصداقة، البلولاب، الهدلاب، والخلالة وحلة موسى) وجميعها تستفيد من خدمات المدن التي حولنا بالإضافة الى أن هناك مناطق منها خططت والآخر مازال ينتظر، ونحن مصنفون لدى إدارة التخطيط العمراني في الدرجة الثالثة، وشكا من إجراءاتها التي تباطأت كثيراً والمقدمين للخطة كثيرين من كل قرى الفتح الكبيرة. وقال إن آخر إحصاء خلال موسم الفيضان بالقرى للذين تضرروا أكثر من 160 ألف مواطن، وقال إن المنطقة آمنة عدا مربع 105.... بعد أن استمعت "الجريدة" للمواطنين التقت برئيس اللجنة الشعبية بالفتح (2) العمدة ميرغيني في إفادات حول الخدمات، وذكر أنه يقيم منذ إحدى عشرة سنة بقرية الفتح والتي أطلقت عليها مجمع (7) ويضم (23) قرية وهناك قرى مخططة بها وآخرى على الطريق وكان هناك عمل في الخطة قبل الانتخابات لمنح الأراضي وتوقفت وستسأنف، مضيفاً أن السكان في تزايد مستمر للأوضاع الاقتصادية القاهرة ولذلك كانت هناك خطط لتحويل مشاريع زراعية تم نزعها لتصبح سكناً، وهي مشاريع وهمية لأشخاص وتم حل المشكلة مع الجهات المختصة وقطع بعدم حل مشكلة الخدمات من المياه والكهرباء بمعزلٍ عن التخطيط والمواطنون يعانون في العلاج وأقرب مستشفى هو مستشفى أمبدة، بالإضافة الى صعوبة المواصلات وانعدام المياه نأمل في حلها جميعاً عبر التخطيط للمنطقة. الجريدة