"دسيس مان" يتغرض لضرب مبرح وكسر في يديه على يد عناصر من قوات الدعم السريع    البشاعة والوضاعة تعتذران للنهود    وزير الداخلية ومدير عام الشرطة يتفقدان مركزي ترخيص أبو آدم وشرق النيل    (مليشيا البيع العشوائي من الرصيف للأمن القومي)    قواعد اشتباك جديدة : الإمارات تنقل الحرب إلى ميدان الاقتصاد.    وزير الداخلية ومدير عام الشرطة يتفقدان مركزي ترخيص أبو آدم وشرق النيل    توقُّف تكية الفاشر عن استقبال التبرعات نسبةً لانعدام السلع الأساسية في أسواق المدينة    نقل جمارك حاويات سوبا الى منطقة قري شمال بحري    قرعة بطولة دوري أبطال إفريقيا .. المريخ يبدأ المشوار من الكونغو والهلال من جنوب السودان    قرعة أبطال افريقيا..الهلال السوداني في مواجهة سهلة نسبيًا أمام جاموس جنوب السودان.. والمريخ في اختبار صعب أمام وصيف الكونغو    ثنائي ريال مدريد مطلوب في الدوري السعودي    عدد من الوزراء يؤدون القسم أمام رئيس مجلس السيادة    شاهد بالفيديو.. والي نهر النيل: (سنهتم بالسياحة ونجعل الولاية مثل جزر المالديف)    يعني شنو البروف المنصوري في طريقه الى السودان، عبر السعودية، وياخد أيام    مجلس الإتحاد المحلي الدمازين الرصيرص يجتمع ويصدر عددا من القرارات    موسى حسين (السودان): "المشاركة في بطولة "شان" توتال إنيرجيز حُلم طفولتي وسأسعى للتتويج بلقب فردي بقوة"    شاهد بالفيديو.. في تصرف غريب.. فتاة سودانية تقتحم حفل رجالي وتجلد نفسها ب"السوط" بعد أن رفض الحاضرون الإستجابة لطلبها بجلدها أسوة بالرجال    شاهد بالصور والفيديو.. وسط حضور جماهيري مقدر العافية تعود لشيخ الإستادات السودانية.. إستاد الخرطوم يشهد مباراة كرة قدم لأول مرة منذ إنلاع الحرب    شاهد بالفيديو.. ردد: "شكراً مصر".. طفل سوداني يودع القاهرة بالدموع ويثير تعاطف الجمهور المصري: (ما تعيطش يا حبيبي مصر بلدك وتجي في أي وقت)    شاهد بالفيديو.. القيادي بالدعم السريع إبراهيم بقال يهرب إلى تشاد ويظهر وهو يتجول في شوارعها والجمهور يسخر: (مرق لا زوجة لا أطفال حليلي أنا المآساتي ما بتتقال)    شاهد بالصور والفيديو.. وسط حضور جماهيري مقدر العافية تعود لشيخ الإستادات السودانية.. إستاد الخرطوم يشهد مباراة كرة قدم لأول مرة منذ إنلاع الحرب    "باشات" يكشف عن دلالات سياسية واستراتيجية لزيارة رئيس الوزراء السوداني لمصر    "الكتائب الثورية" .. إقامة أول مباراة كرة قدم في استاد الخرطوم الدولي منذ اندلاع الحرب    النيابة المصرية تصدر قرارات جديدة بشأن 8 من مشاهير «تيك توك»    تقرير أممي: «داعش» يُدرب «مسلحين» في السودان لنشرهم بأفريقيا    كارثة تحت الرماد    رئيس المخابرات حمل رسالة ساخنة.. أديس أبابا تهدد بورتسودان    رافق عادل إمام في التجربة الدنماركية .. وفاة الفنان سيد صادق عن عمر يناهز 80 عامًا    ضبط عدد 12 سبيكة ذهبية وأربعة كيلو من الذهب المشغول وتوقف متهم يستغل عربة دفار محملة بمنهوبات المواطنين بجسر عطبرة    والي النيل الأبيض يزور نادي الرابطة كوستي ويتبرع لتشييّد مباني النادي    لجنة أمن ولاية الخرطوم تشيد باستجابة قادة التشكيلات العسكرية لإخلائها من المظاهر العسكرية    بالفيديو.. شاهد بالخطوات.. الطريقة الصحيحة لعمل وصنع "الجبنة" السودانية الشهيرة    حادث مرورى بص سفرى وشاحنة يؤدى الى وفاة وإصابة عدد(36) مواطن    بالفيديو.. شاهد بالخطوات.. الطريقة الصحيحة لعمل وصنع "الجبنة" السودانية الشهيرة    الشهر الماضي ثالث أكثر شهور يوليو حرارة على الأرض    يؤدي إلى أزمة نفسية.. إليك ما يجب معرفته عن "ذهان الذكاء الاصطناعي"    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (روحوا عن القلوب)    الجمارك تُبيد (77) طنا من السلع المحظورة والمنتهية الصلاحية ببورتسودان    السودان يتصدر العالم في البطالة: 62% من شعبنا بلا عمل!    نجوم الدوري الإنجليزي في "سباق عاطفي" للفوز بقلب نجمة هوليوود    تقارير تكشف خسائر مشغلّي خدمات الاتصالات في السودان    السودان..وزير يرحب بمبادرة لحزب شهير    السودان.."الشبكة المتخصّصة" في قبضة السلطات    غنوا للصحافة… وانصتوا لندائها    أنقذ المئات.. تفاصيل "الوفاة البطولية" لضحية حفل محمد رمضان    الخرطوم تحت رحمة السلاح.. فوضى أمنية تهدد حياة المدنيين    "الحبيبة الافتراضية".. دراسة تكشف مخاطر اعتماد المراهقين على الذكاء الاصطناعي    انتظام النوم أهم من عدد ساعاته.. دراسة تكشف المخاطر    اقتسام السلطة واحتساب الشعب    إلى بُرمة المهدية ودقلو التيجانية وابراهيم الختمية    وفاة 18 مهاجرًا وفقدان 50 بعد غرق قارب شرق ليبيا    احتجاجات لمرضى الكٌلى ببورتسودان    السيسي لترامب: ضع كل جهدك لإنهاء حرب غزة    تقرير يسلّط الضوء على تفاصيل جديدة بشأن حظر واتساب في السودان    السودان.. مجمّع الفقه الإسلامي ينعي"العلامة"    ترامب: "كوكاكولا" وافقت .. منذ اليوم سيصنعون مشروبهم حسب "وصفتي" !    عَودة شريف    لماذا نستغفر 3 مرات بعد التسليم من الصلاة .. احرص عليه باستمرار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نيكولا بوسان رسام فيلسوف مزج بين المقدس والمدنس
نشر في الراكوبة يوم 22 - 05 - 2015

يقام في متحف اللوفر معرض ضخم لأكبر فنان فرنسي في القرن السابع عشر هو نيكولا بوسّان، الذي حار المؤرخون في تصنيفه، فهو على التوالي ملحد وفاجر وفيلسوف ومسيحي. ومن ثَم كان عنوان المعرض "هل كان بوسّان يؤمن بالله؟" من أجل تبين مدى إيمانه من عدمه، انطلاقا من أعماله الفنية.
العرب أبوبكر العيادي
للرسام نيكولا بوسّان (1594 - 1665) مكانة بارزة في تاريخ الفن الفرنسي، فالمؤرخون يعترفون بكونه سيده الأكبر، والرسام المبجل في بلاط لويس الثالث عشر، وصاحب "الفصول الأربعة" إحدى الروائع التي يفخر بها متحف اللوفر، ولكنهم يختلفون في ما عدا ذلك، فإذا هو مراوغ، لا يقرّ لمؤرخي الفن حوله قرار.
فهو في القرن الثامن عشر فيلسوف علاّمة متفصٍّ من الدين، بل خليع يعشق ربّات إلهامه. وفي القرن التاسع عشر هو رسام مسيحي بامتياز. وفي القرن العشرين واقعي يعطي أهمية تاريخية وتوثيقية كبيرة لكل ما يرسم، كما يرى الماركسيون الذين تبنّوه كواحد منهم، فيما يرى المعاصرون أن ذلك من مميزات العبقري إذ يتعدد النظر إليه باختلاف العصور. والثابت أنه فنان موهوب لا يقيّد نفسه بقوانين صارمة، بل يمارس فنه بحرية وشاعرية.
بعد بدايات محتشمة في مسقط رأسه بنورمانديا، التحق بوسّان عام 1612 بمشغل بباريس كان نافذته على المكتبة الملكية وما حوته من نسخ عن أعمال رافاييل وجول رومان وفن صنع التماثيل والنقوش البارزة القديمة وزخارف مدرسة فونتينبلو.
وكان للقائه بالإيطالي جان باتيستا مارينو دور في سفره إلى روما، فقد ساعده على اقتحام الأوساط الفنية والثقافية، وعرّفه على بربيني الذي قدّمه بدوره إلى خاله البابا أوربان الثامن، وأثمر اللقاء عن حِلْية منحوتة من الخشب أعدّها بوسّان لهيكل كنيسة القديس بطرس بروما، ولوحة أخرى عن القديس إيراسموس، ولكنها لم تنل رضا القساوسة لخروج بوسان عن القواعد المألوفة. مما اضطرّه إلى التعامل مع خواصّ يستهويهم فنه حتى يحافظ على حريته واستقلاله.
كان بوسّان يرى الرسم فنا مدينا بكل شيء للفكر، لذلك كان يُعرض عن مشاهد الحياة اليومية، لينهل من النصوص الشعرية الكبرى لأوفيد وفرجيل خاصة، محاولا نقلها بحساسية، ويستوحي من التاريخ ألوانه الجوية، الخفيفة الصافية، مستفيدا في الوقت نفسه من تجارب تيسيان وألوانه الذهبية، وخصوصا إقحامه الطبيعة بمناظرها وحيواناتها.
ثم جاءت شهرته يوم أنجز لوحة تاريخية للكردينال فرنشيسكو بربريني هي "موت جرمانيكوس″، ثم لوحة ميثولوجية هي "إيكو (ابنة الهواء والأرض) وحبيبها نرسيس″ عام 1630. بداية من 1633، تجلى في أعماله تأثير رافاييل سواء في المواضيع ذات الصبغة التاريخية أو تلك التي تصوّر مشاهد وشخصيات توراتية، كما يتبدّى في لوحتين تمثلان "رعاة أركاديا".
ولما ذاع صيته، دعاه ريشوليو وزير الملك لويس الثالث عشر عام 1640، حيث عُيّن كرسّام القصر الأول وكُلّف بأعمال زخرفية ضخمة أهمها قاعة اللوفر الكبرى، فكانت مناسبة لربط علاقات مع هواة جمع اللوحات الفنية، الذين ظل يتعامل معهم حتى موفى 1642، حيث عاد إلى روما التي غادرها مكرها، فاتخذت المناظر لديه مكانة أكبر.
في هذه المرحلة، اهتم بوسّان بالبحث عن المعيار الصحيح، والتناسق المدروس، والشكل المعتدل. والجديد في هذا "المشهد الأمثل" إدخال شخصيات وبنى معمارية، مُثلى هي الأخرى، فبدت الطبيعة تحت فرشاته تتنفس هواء الماضي، إذ كان يقحم في مشاهده أبطالا يضفون على اللوحة حركية طريفة.
وبعد "سلسلة التعميد" التي تَعُدّ سبع لوحات، اتجه بوسّان إلى مواضيع أخلاقية مستوحاة من الإنجيل (حكم سليمان، أليعازر وربيكا) وأخرى أليغورية ليصور عظمة الطبيعة إذ تفرض قانونها على الإنسان، ويجعل الأشخاص أشبه بالمنحوتات.
تتبدّى مثالية بوسّان الفنية في اختياره أكثر حلقات الميثولوجيا اليونانية الرومانية ضمورا وأقل الفصول التوراتية انتشارا ليخضعها لمعالجة تصويرية تمنح المشهد مكانة خاصة، وتولي الأفق المنظوري أهمية تبرز عمق اللوحة.
وتتجلى أيضا في ابتكاره لونا أزرق صار يعرف به كعلامة مميزة، ما يعطي للتضادّ بين الغيوم المنفوشة وزرقة السماء سمة فريدة، مع ألوان حمراء تبدو مثل شعلة أو انبجاس لون في شريط سينمائي بالأسود والأبيض. وليس غريبا أن ينعته النقاد ب"رافاييل الفرنسي" ولا أن يعتبروه سيد الفن في بلاده، وسيد الكلاسيكية التي تقوم على الربط بين التراث القديم والعقلانية.
ومع ذلك لم يظهر تأثيره في الأجيال التالية إلاّ بعد وفاته عام 1665، بفضل مؤسسة الأكاديمية الملكية للفن والنحت، فقد استندت في دروسها ونظرياتها إلى أفكاره وممارساته إلى جانب دروس عن أعمال رافاييل.
والخلاصة أن بوسّان جعل من الدين مسألة خاصة، فهو وإن كان مولعا بشخصيات التوراة والإنجيل، لم يتردد في المزاوجة بين الدينيّ والدنيوي والأسطوري، يقبل على تمثل موسى والبتول مثلما يحتفي بالعناصر الميثولوجية في العصور القديمة.
وفي رأي نيكولا ميلوفانوفيتش مفوض المعرض، أن مقاربة فن بوسّان من الزاوية الدينية يسمح بتسليط نظرة جديدة على الطاقة التخييلية لدى فنان استثنائي قادر على المزج بين المقدس والمدنس لتأمل أسرار الدين بطريقة أفضل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.