حظيت المصارعة السودانية في الآون الأخيرة بشعبية كبيرة وأصبح لها جمهور كبيرة يوازي جماهيرية كرة القدم، حيث يتوجه الكثيرون أسبوعياً صوب استاد شرق النيل بالحاج يوسف ليحجزوا مقاعدهم مبكرا للمشاهدة والاستمتاع بالعروض التي يقدمها المصارعون السودانيون. وهي تعكس ثقافات لمناطق من مختلف أصقاع البلاد، بالإضافة إلى الفنون الشعبية المتمثلة في الرقصات وأغاني التراث. وفي السياق، برز سليمان الله جابو مشجع عشق المصارعة حتى وصل إلى منصب إداري كبير، حيث شغل رئاسة اتحاد اللعبة بالإنابة منذ عام 2009 وحتى 2012م حقق من خلالها العديد من الإنجازات والمكاسب التي عادت بالفائدة على المصارعة السودانية. شهرة واسعة أسس سليمان بيئة صالحة للمصارعة، حتى ذاع صيتها وباتت معروفة على نطاق واسع تعدى حدود الوطن ووصل إلى العالمية. وفي عهده كانت أول مشاركة للمنتخب الوطني للعبة، وحصل على الميدالية البرونزية في دورة الألعاب العربية بقطر، ومن ثم الاتفاقية المشتركة مع دولة تركيا التي بموجبها أقام المنتخب معسكره الإعدادي بالعاصمة التركية إسنطبول للتاهب للاستحقاقات القادمة المتمثلة في البطولة العالم المقامة بالسنغال، ومن ثمرات الاتفاقية حضور المدرب التركي ليتولى مهام تدريب المنتخب، وكانت كافة نفقاته على حساب دولته، وعن ترشحه لدورة قادمة باعتبار أن المجلس الحالي انتهت فترته قال سليمان لم أحسم حتى هذه اللحظة أمر مشاركتي في انتخابات المجلس القادمة، وكل شيء سابق لأوانه. المصارع أشبه بالعريس في ذات السياق، تحدث ل (اليوم التالي) المعلق الأول للمصارعة أروكا وسرد لنا كيفية وصوله إلى هذا المنصب، خاصة وأنه لاعب كرة قدم ومن ثم اعتزل اللعبة. وأصبح من كبار مشجعي المصارعة ثم انتقل إلى التعليق، حيث حظي بشعبية كبيرة. ويقول أروكا: جذبتني المصارعة حتى أصبحت من المشجعين المعروفين لها. وأضاف: في ذات مرة طلب مني التعليق على إحدى المباريات بسبب غياب المعلق الأساسي، وجدت الدعم من الجمهور بالمواصلة، وبعدها فكرت جاداً في المواصلة، وبذلت الجهد لتطوير قدراتي من أجل التميز، وقمت بجولة على نطاق واسع تعرفت من خلالها على ثقافة القبائل من حيث النشأة والتطور، لكي أكون معلقاً ملماً بأدق التفاصيل خاصة المناطق التي تعد منبعاً للعبة، وعلى رأسها منطقتا جبال النوبة وجنوب كردفان اللتان كانتا تحتفلان بنهاية موسم الحصاد، حيث قدمت كل مجموعة ثقافية فارسها لكي يتبارى مع الفارس الآخر، مضيفا بأن المصارع أشبه بالعريس في يوم عرسه من واقع الزفة التي تتم عن طريق بنات عمومته، وتشتمل الأغاني والزغاريد والرشق بالريحة، وهناك حركات لبث الحماس يقوم بها المصارع قبل نزوله للحلبة. وعن التفاصيل الدقيقة للمصارعة، قال أروكا الجولة تستغرق من أربع إلى خمس دقائق، وتختلف من فصل إلى آخر، وفي الشتاء تنطلق المباريات عند الرابعة عصراً، وفي فصل الصيف تبدأ عند الخامسة. من الجبال إلى الحاج يوسف سرد لنا أروكا قصة إقامة استاد شرق النيل بمنطقة الحاج يوسف، حيث قال: المصارعة في الأساس كانت ثقافة لمنطقتي جبال النوبة وجنوب كردفان، تتمثل في احتفال المجموعات الثقافية بنهاية موسم الحصاد. ويضيف: مع هجرة أبناء المنطقة إلى الخرطوم تحولت اللعبة إلى العاصمة وكانت البداية في أمبدة حمد النيل، ومن ثم انتقلت فعالياتها إلى منطقة شمبات، وأخيراً إلى الحاج يوسف بشرق النيل. وأردف: هنا وجدت اللعبة رواجاً كبيراً وجذبت الكثير من الجمهور السوداني بجانب الأجانب والسواح وموظفي المنظمات والسفارات. وكشف أروكا عن اهتمام رسمي من الحكومة باللعبة، حيث تكفل عبد الرحمن الخضر والي ولاية الخرطوم بتشييد استاد للمصارعة بلغت تكلفته مليار جنيه. وأردف: تطورت اللعبة وانتقلت من المجموعات الثقافية إلى الأندية ثم المنتخبات، وأصبح هناك تمثيل خارجي. تذاكر معقولة وعن الدخول لمشاهدة المباريات من داخل الملعب، قال أروكا إن الاتحاد وضع قيمة ثابتة للتذاكر مثلها ومثل مباريات كرة القدم، حيث حددت المساطب الشعبية بعشرين جنيهاً فيما بلغت المقصورة ثلاثين جنيهاً. معينات الفوز وألقاب الأبطال مصطفى محمد حماد الشهير ب (تنقع) قال إنه كان يمثل منطقته في أعياد الحصاد، وتغلب على جميع الخصوم مما ذاع صيته في ولاية جنوب كردفان، وسهل طريق انتقاله إلى نادي صقر الباز، وعن كيفية الاستعداد للمباريات، قال تنقع: هناك معسكر مقفول يتم فيه تناول وجبات معينة مثل مديدة البلح والدخن، السمسم، الدكوة بالإضافة إلى لحوم الضأن وحول الألقاب التي يطلقونها على المصارعين قال مصطفى يطلق اللقب في كثير من الأحيان من قبل الجمهور، وهذا يعتمد على أداء المصارع داخل الحلبة، فمثلا على سبيل المثال (الخط السريع) دلالة على سرعة ومهارة المصارع بالإضافة إلى (رئاسة)، وهي تعني أنه لا يُفرِّط في أي نقطة، لذا أطلق عليها الجمهور لقب رئاسة بجانب (أنفلونز) و(إسعاف)، (دقاقة)، (عيشة عيشتين)، (دكشنري)، (الراكوبة)، (كتمت)، وغيرها من الألقاب. اليوم التالي