مع خالص عزائي وكامل تقديري وتفهمي لمشاعر أسرة هذا الشاب الذي قتل في سوريا وهو يقاتل مع تنظيم جبهة النصرة والتي تطلق عليه لقب (بن لادن السوداني)، إلا أن نشر مثل هذا الإعلان في صفحة كاملة في صحيفة السوداني الصادرة صباح أمس الخميس له أمر جد خطير و مخل بالأمن القومي والمجتمعي ويعكس عدم المسؤولية الأخلاقية والمهنية من إدارة الصحيفة تجاه المجتمع، علماً بأن ذات الصحيفة كانت قد نشرت سابقاً خبر مقتله في حينه و وصفته بالشهيد! كما يعكس هذا الإعلان أيضاً تواطؤاً خسيساً ومفضوحاً من جهاز الأمن والمخابرات وهو الذي يمارس سلفاً رقابة قبلية على الصحف و يحدد لها ما تنشر وما لا تنشر ويصادر الأعداد الصحفية من المطبعة إن حوت ما لا يروقه..! خطورة الأمر هنا أن مثل هذا الاعلان أنه يصور أعضاء هذا التنظيم الارهابي بالكواكب والنشامى ويصف أهدافه بالسامية وهجماته بالغزوات ويصف قتلاه بالأبطال والشهداء..! هذا الاعلان يرسل رسالةً شديدة السلبية لآلاف من الشباب السودانيين اليفّع المغرر بهم ويزين لهم أمر القتال في سوريا مع هذا التنظيم الارهابي و يصوره لهم كعمل بطولي و سبب في النجاة يوم الحساب ودخول الجنان في زمرة الشهداء و الفوز بالحور العين و أنهار الخمر والعسل! هذا التنظيم المدعو بجبهة النصرة إرهابي بامتياز بايع زعيم القاعدة أيمن الظواهري.. وهو لا يختلف كثيراً عن داعش فكليهما حركات سلفية جهادية متشددة وارهابية.. تقتل و تفجر و تقطع الرؤوس.. بإمكان من أراد التأكد البحث عنها عبر محرك البحث قوقل أو اليوتوب بكتابة (جبهة النصرة تقتل، أو جبهة النصر تقطع رأس ...الخ) وسيشاهد آلاف الفيديوهات والصور عن جرائم هذه المجموعة الارهابية.. هذا وقد كانت الولاياتالمتحدةالأمريكية قد صنفت جبهة النصرة ضمن المنظمات الارهابية (التابعة لتنظيم القاعدة) في العام 2012 ، كما صنفتها أيضاً دول المنطقة في العام 2013 كجماعة ارهابة ومن أبرز تلك الدول المملكة العربية السعودية و مصر ودول الخليج العربي.. كما وضعها مجلس الأمن ضمن قائمة المنظمات الارهابية المحظورة في نفس العام.. رسالة أخيرة إلى شباب بلادي... من الآخر، ليس هناك جهاد في سوريا بل فتنة دينية وحرب مذهبية طائفية قذرة عصم الله سيوف السودانيين عنها منذ تفجر الخلاف السياسي بين الصحابة الكرام قبل أن تتحول لاحقاً إلى حرب مذهبية بفعل بعض المهووسين وتجار الحروب والمتنطعين ودعاة الشقاق.. لم يستل أجدادنا عبر التاريخ في هذا الحرب سيفاً واحداً في هذه الحرب ولم يرموا رمحاً أو يطلقوا سهماً.. و هو ما ميز إسلامنا كسودانيين بالوسطية والتسامح وتقبل الآخر ونبذ العنف.. حذاري يا شبابنا كل الحذر من كل من يحاول تزيين أمر السفر مع هذا التنظيم أو ذاك.. فما تمارسه من فظائع و قتل و تفجير و جز رؤوس وسبي للنساء و حرق للأسرى ليست من الاسلام في شيئ، ولا هكذا كان جهاد سيدنا و حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم وصحبه الكرام وليست هذه دعوته ولا رسالته السمحة.. *مرفقة صور إحداها تظهر الشاب السوداني الذي قتل في سوريا مع جبهة النصرة و هو يقف بجوار الرئيس السوداني عمر البشير ومن خلفهما عبدالرحيم محمد حسين وزير الدفاع الأسبق.. و عدد من الصور الأخرى لأفراد من التنظيم يهمون في إحداها بقتل امرأة وفي إحداها يقتلون رجلاً أسيراً لديهم.. وقد تجنبت نشر صور النحر والذبح وجز الرؤوس لفظاعتها، ومن أراد أن يشاهدها فليبحث عنها في جوجل الذي يعج بالآلاف منها.. وحسبنا الله ونعم الوكيل..