شهود عيان يؤكدون عبور مئات السيارات للعاصمة أنجمينا قادمة من الكاميرون ومتجهة نحو غرب دارفور – فيديو    الغرب "يضغط" على الإمارات واحتمال فرض عقوبات عليها    دورتموند يسقط باريس بهدف فولكروج.. ويؤجل الحسم لحديقة الأمراء    وزارة الخارجية تنعي السفير عثمان درار    العقاد والمسيح والحب    واشنطن: دول في المنطقة تحاول صب الزيت على النار في السودان    شاهد بالفيديو.. حسناء السوشيال ميديا السودانية "لوشي" تغني أغنية الفنان محمد حماقي و "اللوايشة" يتغزلون فيها ويشبهونها بالممثلة المصرية ياسمين عبد العزيز    شاهد بالصور.. المودل والممثلة السودانية الحسناء هديل إسماعيل تشعل مواقع التواصل بإطلالة مثيرة بأزياء قوات العمل الخاص    شاهد بالصورة والفيديو.. نجم "التيك توك" السوداني وأحد مناصري قوات الدعم السريع نادر الهلباوي يخطف الأضواء بمقطع مثير مع حسناء "هندية" فائقة الجمال    شاهد بالفيديو.. الناشط السوداني الشهير "الشكري": (كنت بحب واحدة قريبتنا تشبه لوشي لمن كانت سمحة لكن شميتها وكرهتها بسبب هذا الموقف)    محمد وداعة يكتب: الروس .. فى السودان    مؤسس باينانس.. الملياردير «سي زي» يدخل التاريخ من بوابة السجن الأمريكي    «الذكاء الاصطناعي» بصياغة أمريكية إماراتية!    الموارد المعدنية وحكومة سنار تبحثان استخراج المعادن بالولاية    طبيب مصري يحسم الجدل ويكشف السبب الحقيقي لوفاة الرئيس المخلوع محمد مرسي    "الجنائية الدولية" و"العدل الدولية".. ما الفرق بين المحكمتين؟    الى قيادة الدولة، وزير الخارجية، مندوب السودان الحارث    السودان..اعتقال"آدم إسحق"    فلوران لم يخلق من فسيخ النهضة شربات    رئيس نادي المريخ : وقوفنا خلف القوات المسلحة وقائدها أمر طبيعي وواجب وطني    المنتخب يتدرب وياسر مزمل ينضم للمعسكر    عائشة الماجدي: دارفور عروس السودان    لأول مرة منذ 10 أعوام.. اجتماع لجنة التعاون الاقتصادي بين الإمارات وإيران    فينيسيوس يقود ريال مدريد لتعادل ثمين أمام البايرن    والي الخرطوم يدشن استئناف البنك الزراعي    دولة إفريقية تصدر "أحدث عملة في العالم"    أول حكم على ترامب في قضية "الممثلة الإباحية"    بعد اتهام أطباء بوفاته.. تقرير طبي يفجر مفاجأة عن مارادونا    تعويضاً لرجل سبّته امرأة.. 2000 درهم    الحراك الطلابي الأمريكي    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الثلاثاء    أنشيلوتي: لا للانتقام.. وهذا رأيي في توخيل    بعد فضيحة وفيات لقاح أسترازينيكا الصادمة..الصحة المصرية تدخل على الخط بتصريحات رسمية    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    بعد أزمة كلوب.. صلاح يصدم الأندية السعودية    تعلية خزان الرصيرص 2013م وإسقاط الإنقاذ 2019م وإخلاء وتهجير شعب الجزيرة 2024م    شاهد بالفيديو.. الفنانة ندى القلعة تواصل دعمها للجيش وتحمس الجنود بأغنية جديدة (أمن يا جن) وجمهورها يشيد ويتغزل: (سيدة الغناء ومطربة الوطن الأولى بدون منازع)    سرقة أمتعة عضو في «الكونجرس»    شاهد بالصورة.. بعد أن احتلت أغنية "وليد من الشكرية" المركز 35 ضمن أفضل 50 أغنية عربية.. بوادر خلاف بين الفنانة إيمان الشريف والشاعر أحمد كوستي بسبب تعمد الأخير تجاهل المطربة    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بعد 25 عاما للانقاذ و 15 عاما لمذكرة العشرة !!.. صراع علي و نافع .. هل يعجل بنهاية النظام !!
نشر في الراكوبة يوم 01 - 07 - 2015


() حتي لا يصبح البديل ديكتاتورية عسكرية جديدة !!
() الشباب والطلاب ضحايا استقطاب المتصارعين !!
() الصراع الداخلي انعكاس لازمة النظام !!
كتب / حسن وراق
تمر علينا هذه الايام الذكري الخامسة والعشرين لانقلاب الانقاذ الذي دبرته ونفذته الجبهة الاسلامية القومية الحزب السياسي لحركة الاسلام السياسي في السودان ويتزامن ذلك مع الذكري الخامسة عشر لمذكرة الرابع من رمضان التي قسمت ولاء الاسلاميين الحاكمين بين القصر الحاكم وبين المنشية مقر زعيم الاسلاميين ومرشدهم وعراب الانقلاب الذي أطاح به تلامذته لتشهد البلاد بعد ذلك تطور سياسي يتقاسم فيه الاسلاميون الحكم والمعارضة في آن واحد في الوقت الذي تقف فيه بقية القوي السياسية والحزبية التقليدية في موقفها الثابت من النظام الحاكم الذي فشل في استقطاب قوة سياسية مؤثرة في المسرح السياسي سوي بعض الافراد والأحزاب المصنوعة و تحالفات فاشلة لم تعمل علي استقرار الاوضاع بالبلاد ويظل المشهد السياسي الراهن تسيطر عليه ملامح الازمة التي افتضحها شهر رمضان عبر العديد من التصريحات للنافذين في النظام ومن خلال حراك واسع للاستقطاب وسط قيادات الشباب و الطلاب التي تشهد صعود و هيمنة لهذا القطاع بعد التشكيل الوزاري الاخير بالاضافة الي التعديل الأول الذي أطاح بالحرس القديم ودفع بالشباب و بعض قيادات الصف الثالث ضمن التشكيلة الحاكمة . محور الصراع المرتبط بالنظام ما يزال قائم علي قيادات المؤتمر الوطني و وسط شيوخ الحركة الاسلامية وتحديدا بين شيخ علي عثمان محمد طه النائب الاول السابق وغريمه الدكتور نافع علي نافع هذا الصراع عجل باجراء التعديل الوزاري الذي اعقب استقالة الشيخ علي عثمان طه وابعاد الدكتور نافع من منصبه كمساعد لرئيس الجمهورية لشئون الحزب وما يزال هذا الصراع يترك في آثاره علي المشهد السياسي الداخلي .
علي الرغم من أن تبرير الرئاسة لضرورات التغيير هو الدفع بالشباب لقيادة التغيير وتجديد القيادة روحا وفعلا إلا أن الحقيقة التي لا يختلف حولها شخصان وفاضت عنها الاوعية الاعلامية هي أن صراع الصقور هو الذي ارهق الرئاسة علي الرغم من نفي الشيخان انه لا يوجد صراع بينهما و لكن الواقع يقول غير ذلك لدرجة أن كل كوادر الانقاذ في الحزب و في الحركة الاسلامية أصبح يتقاسمها الولاء بين علي وبين نافع . شعبية الاستاذ علي عثمان استمدها من مواقفه( الشجاعة) والواضحة وهو يقف ضد شيخه بوضوح في الوقت الذي كان لا يجرأ أحد أن يقف ندا للشيخ أو يعص له أمراً ولكن طه استطاع أن يصبح وراء هندسة المذكرة التي أطاحت بنفوذ شيخه الترابي و أبعدته من السلطة لتفتح الباب و المجال لقيادات كانت تتنفس بصعوبة تحت عباءة الشيخ حسن من بينها الدكتور نافع الذي استمد قوته في مرحلة التمكين عند توليه جهاز الامن في فترة ارتكبت فيها الكثير من الفظاعات و المخالفات التي كانت سببا في إبعاده إلا أن نفوذه ما يزال قائما بعد أن أصبح المسئول التنظيمي لحزب المؤتمر الوطني وكان دوره ملحوظا في إختياره وسيطرته علي ولاة الولايات باعتبارهم رؤساء الحزب في الولايات في دائرة إختصاصة كمسئول التنظيم .
الصراع بين علي و نافع كان من مصلحة المؤسسة العسكرية والتي ظفرت بموقع النائب الاول لرئيس الجمهورية والذي كان من نصيب الفريق بكري حسن صالح وهو الوحيد الذي بقي من مجلس قيادة ثورة الإنقاذ ، جاء تعيينه كرسالة قوية للحزب ولأطراف الصراع بأن البديل هو النظام الرئاسي المطلق المدعوم بالمؤسسة العسكرية والامنية ولهذا شهد الصراع الذي احتدم بعد خروج طرفيه من دائرة الحكم ، استكانة و هدوء عقب تعيين الفريق بكري وكان طرفا الصراع قد وصلتهم رسالة الرئيس بتعيين الفريق بكري نائبا له كأتجاه تصحيحي تم التفريط فيه عقب استشهاد اللواءالزبير محمد صالح النائب الاول السابق ولكن مالبث ان تجدد الصراع بشكل آخر في ظاهره الحرص علي دعم سياسة الحكومة وخطها السياسي في ما يتعلق بالحكم والحوار والأزمات التي تحاصر الحكومة وكل طرف يحاول ابداء استعداده لتقديم (أي) فروض ولاء و طاعة و (تكسير التلج) بغية الاقتراب مرة أخري من النفوذ و السلطة ولكن جوهر الصراع هو من أجل البقاء في السلطة التي لها بريق لا يمكن الاستغناء عنها خاصا بالطريقة التي أخرجوا بها .
مؤسسة الرئاسة ضاقت ذرعا من صراع الشيوخ و ما سببه ذلك من إضعاف لهيبة السلطة خاصة رأي الشعب السوداني الواضح والصريح في شخصية نافع والذي تعرض للكثير من المواجهات داخليا و خارجيا و ابرزها ما حدث له في اجتماع الجالية ببريطانيا عندما هوجم بالكراسي وفي السودان عندما قذفه احد الشباب في مدينة الهلالية بحذاء المركوب و ما حدث عند طرده من صيوان عزاء السنهوري أحد شهداء انتفاضة سبتمبر غير التجاهل الذي تم له مع زميله غندور عند حضورهم حفل تأبين الاستاذ محمد ابراهيم نقد عقب وفاته مما أضطرهم المغادرة سريعا إتقاء نظرات الشيخ الترابي الشامتة وهو في مقدمة الحضور . طريقة دكتور نافع و تشدد خطابه لا يعبر عن حكمة السياسي الرصين لذلك جر عليه سخط كل القوي و التنظيمات السياسية فضلا عن دوره ابان توليه جهاز الامن والاتهامات التي تناولته شخصيا بممارسة التعذيب كما جاء في مذكرة البروفيسور فاروق محمد ابراهيم الذي اتهم تلميذه نافع بتعذيبه . حرص الدكتور نافع علي بقاء الانقاذ نابع من مواقف شخصية بحتة وهو مواجه بالكثير الاتهامات وكلها مرتبطة بفترته في جهاز الامن . كان علي الحكومة أبعاد نافع من منطلقات عديدة غير ما ذكرت فهو شخص غير مناسب لمرحلة الحوار التي تعتمد عليها الحكومة للخروج من عنق زجاجة الحكم وكان بالضرورة أيضا إبعاد الاستاذ علي عثمان.
الاستاذ علي عثمان محمد طه الذي لمع نجمه سريعا بعد أن أصبح زعيما للمعارضة في الديمقراطية الثالثة كان رصيده يعتمد علي خلفية تمتد من فترة الجامعة عندما كان رئيسا لاتحاد الطلاب ودخوله سلك القضاء واحترافه للمحاماة وهي المهنة التي قدمت ابرز السياسيين علي مستوي العالم والسودان الي جانب قربه الشديد من شيخه الترابي كل هذه الميزات تضعه في دائرة (العين والحسد) وتجر عليه غيرة ابناء يعقوب. بعد مذكرة العاشر من رمضان أصبح طه الرجل الاول بلا منازع بعد أن أثبت المكر والدهاء وهو (ينقذ الانقاذ) من سطوة و سيطرة الشيخ والذي لا أحد يصدق أنه خرج سريعا من السلطة وهو عرابها و مؤسسها والرمز التاريخي لحركة الاسلام السياسي في السودان واحد الرموز الاسلامية في العالم العربي والإسلامي . صعود الاستاذ علي عثمان طه بعد إقصاء شيخه أصبح صاروخي خاصة بعد نيفاشا وكل المؤشرات تؤكد بأنه الرئيس القادم في حالة حدوث أي ظرف آخر وكان بعد نيفاشا اصبح طه خيار الامريكان المرتقب لحكم السودان عبر عن ذلك صراحة كبير المفاوضين ، الامريكي في أبوجا روبرت زوليك الذي (خبط) التربيزة بكل قوته عندما طالب وفد دارفور بمنصب النائب الاول قائلا لهم No way, Mr. Taha is our Man(طه هو زولنا) وكان لابد من تحجيمه فبدأت بوادر الصراع تأخذ ابعاد جهوية و قبلية انتقلت الي داخل مؤسسة الحزب والأمانة العامة التي تقاسمتها الشلليات وبدأ الصراع الذي يعتمل في الداخل يظهر الي السطح رغم السرية المطبقة واصبح وجود طرفي هذا الصراع داخل المؤسسة الحاكمة مضرا وكان لابد أن يذهبا سويا خارج المنظومة الحاكمة.
خروج أطراف الصراع من المنظومة الحاكمة لم ينهي المشكلة ليتجدد مرة أخري بشكل بارد بعيد حرارة السلطة والحكم وبعيدا أيضا عن عين الرئيس وأصبحت قنوات الصراع تمتد داخل المنظومة الحاكمة وكل طرف له اتباعه و مؤيديه بمختلف أطر الولاء ، جهوية أو قبلية أو التزامات سابقة وفي هذا الصراع دخلت أطراف أخري كانت تري أن إبعاد علي و نافع سيغير المشهد وينتقل الي قوة ثالثة بدأت تظهر من خلال الازمة الدارفورية و ظهرت في التشكيلة الوزارية الأخيرة وتمثلت في رموز و ممثلين لكيانات وشخصيات داخل الحزب و الحركة الاسلامية و من رموز القيادات الانقاذية والتي تعمل الان بمبدأ الختمية (أشغل أعدائي بأنفسهم وعجل بالنصر وبالفرج) ولعل هذا ما دفع بالدكتور غازي صلاح الدين يطلق تحذيرا قويا و خطيرا لا يمكن تجاهله "إذا فشلت الحكومة في أداء وظائفها ومواجهة أزماتها، واختارت في نفس الوقت قمع المعارضة، فهي بلا شك تعد البلاد لاختلال أمني كبير". ازمة الحكومة هي أزمة الحكم وليس ازمة الصراع الداخلي للاشخاص والكيانات القبلية والجهوية التي تأخذ الآن بتلابيب النظام .
الصراعات خارج المنظومة الحاكمة أخطر من صراعها عندما كانت داخل الحكومة لجهة أن الصراع هنا يتم بعيدا عن مشاغل الحكم وحركته اليومية ويتيح مساحات كبيرة للتفكير الهادئ والتآمر السريع فضلا عن كون أن أطراف الصراع تمثل ملاذات آمنة لمن هم في السلطة عندما يحتدم التناقض الداخلي ويبلغ حدا لا يمكن التعايش معه و من هنا ينشط الاستقطاب ويتبلور الي مراكز قوي و مجموعات ضغط تتصارع مثل ابو القدح الذي يعرف المكان الذي يعض فيه رفيقه .الشكل العام لعملية الاستقطاب لطرفي الصراع يعتمد علي قطاع الشباب والطلاب (المادة الخام ) وهم مستقبل الحكم الذي اعتمدت عليه المنظومة الرئاسية الحاكمة وبدأ الركض الآن من قبل اطراف الصراع (نافع و علي) نحو قطاع الشباب والطلاب لتجيير مجموعاتهم وهو القطاع الذي تعتمد عليه الحكومة في رفد كوادر الحكم و الامن والاعباء و المسئوليات التنظيمية الاخري . طرفا الصراع بعد ابعادهما من الحكم اوكلت اليهم مهمة البناء الحزبي ولكن هذه المهمة بالنسبة لهما مسألة إنصرافية تبعدهم أكثر من المسرح السياسي الفاعل . هنالك بعد آخر يعكسه الصراع الدائر باتخاذ التخذيل وسيلة لتحقيق مكاسب لأحد الاطراف و تأكيدا علي ذلك ما اوردته صحيفة التغيير بأن مجموعة نافع علي نافع التي ابقي عليها غندور عملت علي إضعافه و من ثم الاطاحة به
في هذه الأيام الرمضانية تكثر التصريحات خاصة من قبل اطراف الصراع والتي تحمل الكثير من الرسائل التي لا تستعصي علي الفهم ، في حديثه لصحيفة السوداني هذا الاسبوع جاء علي لسان الاستاذ علي عثمان محمد طه في حفل الافطار الذي اقامته أمانة الشباب و الطلاب بمنزله بان الحكومة لن تسطيع أن تؤمِّن للناس "قفة الملاح" خلال السنوات الخمسة المقبلة ولا حتى الخمسين سنة المقبلة. وطالب الذين يقودون تحالفات داخل حزب البشير، بان يعتزلوا لانهم فشلوا في تحقيق غايتهم، في إشارة واضحة لا تحتاج الي شرح او تبيان الى غريمه نافع علي نافع . وحذر طه من مغبة تحول الاختلافات في الرؤى الى صراعات تقود الى تكتلات داخل حزب البشير، لتحقيق أجندة أو مطامع شخصية. ذهب الاستاذ طه في حديثه ابعد من ذلك ليقطع الطريق أمام تشدد نافع تجاه القوي السياسية مطالبا الشباب أن يستصحبوا في مسيرتهم نحو البناء المجتمعي كل مكونات وشرائح الوطن مبينا ضرورة أن تكون هنالك قاعدة مشتركة بين المؤتمر الوطني والكيانات السياسية الأخرى مشيراً إلى أنه على أمانة الشباب (بحزب البشير )أن تسعى إلى البناء المنظم والمتين الذي يلتف حوله كل ألوان الطيف السوداني حتى لا تتعرض البلاد مستقبلاً إلى مخاطر التفكك .
من جانب أخر بدأ الدكتور نافع اكثر تشدد من ذي قبل و أكثر ميكافيلية لأن كل وسائله تبرر غايته وهي الرجوع لكرسي الحكم و (ما أحلي الرجوع إليه) . المعارضة لا لن تجد فيه شخصا مقبولا ومناسبا للدخول معه في حوار أو إتفاق وهو خارج المنظومة الحاكمة صار أكثر تشددا (ملكي أكثر من الملك) و لم تغيره فترة بقاءه بعيدا عن الحكم و مؤسساته .في جلسة الهيئة التشريعية القومية التي خصصت لمناقشة خطاب رئيس الجمهورية الذي أودع منضدة البرلمان مطلع الشهر الجاري، انبرى نافع علي نافع لانتقاد انتظار حزبه لقوى المعارضة للمشاركة في الحوار. وقال: (المعارضة لن تنال هدفها بإسقاط النظام وقد فشلت في نيله سابقاً). وزاد: (هذه القوى يجب أن لا ننتظرها، لأنها تحاول إسقاط أجندتها الذاتية والحزبية). وبرر "نافع" بأن المعارضة ما زالت تحاول إسقاط النظام عبر الحوار بأجندتها الذاتية، مشدداً على أنه يجب أن لا نقيد أنفسنا بانتظارها لأنها تمثل جزءاً ضئيلاً من أهل السودان، ويجب أن ينطلق الحوار بالراغبين فيه. أصبح أسقاط النظام (هاجس) و (فوبيا ) يسيطر علي تفكير دكتور نافع حرصا علي بقائه آمنا من المساءلة .تناقض الافكار والمواقف تجاه المعارضة وسط طرفي الصراع اصبحت في تمايز ، نافع يريد الحوار بعقلية آحادية سلطوية بينما يري طه ضرورة تكوين قاعدة مشتركة من المؤتمر الوطني والكيانات السياسية الاخري .
تصاعد أزمة الحكم أجبرت الكثيرين تغيير مواقفهم السابقة المتشددة والتي لا تخل من الغطرسة والاعتداد بالذات و تجهيل و ازدراء الآخر . في شهر رمضان شهر( التوبة والغفران ) بدأت الاحاديث تتري في الصحف وفي وسائل الميديا ولعل ابرزها ما جاء علي لسان الدكتور مهدي إبراهيم رئيس الكتلة البرلمانية لنواب حزب المؤتمر الوطني والذي بدأ يمثل طرفا لمجموعة ثالثا للصراع القائم ، بأن الشعب السوداني يئن تحت وطأة الفقر، وطالب البرلمان بمباشرة دوره بالتنسيق مع وزارات الجهاز التنفيذي الاقتصادية لتحسين الأوضاع المعيشية وألا يترك الأمر لوزير المالية وحده. هذا التحول في رؤية مهدي أبراهيم جاءت متسقة جدا مع طبيعة الصراع الدائر وهو الذي قال قولته الشهيرة التي لن ينساها له الشعب السودان عند رفع الدعم عن المحروقات " رفع الدعم كان يجب تطبيقه قبل (11)عاماً ولكننا صبرنا، و أن أهل السودان نسوا أنهم تمتعوا بأوضاعٍ جيدة ومعتدلة في السنوات الماضية، ونحن آثرنا أن نصبر على ذلك " .تنتقل الازمة الي داخل المؤسسة التشريعيىة عبّر عنها النواب بشكل خجول لا جديد فيها ، بأن معاناة الشعب السوداني بلغت شأواً عظيماً فزاد الفقراء فقراً، و أن الأثرياء زادوا ثراءً، وانتقدوا أسعار (رطل اللبن والسكر وكيلو اللحم) ووصفوها بغير المبررة، ورأوا أنها تفوق طاقة ألأسر وطالبوا بتقليد الشعب السوداني (نياشين وأوسمة الجدارة( هؤلاء هم نواب المؤتمر الوطني الذين يطلق عليهم مجازا ، نواب الشعب يريدون أن يمنحوا الشعب نياشين و أوسمة لن تحل ازمة الحكم والتي لا تحتاج لتوصيف مبتسر من هؤلاء النواب دون ايجاد حلول عملية لان ما يدور من صراع داخل المنظومة وخارجها مرتبط بأزمة الحكم والتي لها ربع قرن منذ مجيئ الانقاذ التي تحتفي (في سرها ) بالذكري 25 لانتزاع السلطة في انقلاب عسكري كانت محصلة الخمسة وعشرون عاما من عمر الشعب السوداني هي الفشل الكبير والذي يجب أن تعترف به الحكومة قبل الدعوة للحوار الذي لابد أن يقم علي ارضية القواسم المشتركة وأهمها المكاشفة والوضوح (القلاسنوست ) قبل الوصول الي إعادة البناء (بريسترويكا ) النظام علي الاسس المتفق حولها !!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.