أمام أكثر من 600 شاب وشابة ينتمون إلى حزب المؤتمر الوطني تحدث رئيس الحزب ربما ليجيب على أسئلتهم، كانت النقطة الأبرز أن تحدى رئيس الحزب كل من يزعم أن مسؤولاً استلم رشوة في محاولة لتبرئة الساحة من قضايا الفساد التي تكشفت بما يكفي. هذا الحديث يأتي بعد أيام معدودة من وعد قطع به الرئيس بتشكيل هيئة عليا للشفافية ومكافحة الفساد بعد أن فشلت مفوضية أبو قناية التي لم تنجز قضية واحدة. الفساد الذي تمثله الرشوة والمحسوبية وإهدار المال العام لم يعد يحتاج إلى أكثر مما هو متوفر، هي لا تحتاج إلى عصا موسى لتكشف إن كانت حقيقة أو إدعاء.. التحصيل المالي خارج أورنيك 15 هو وحده خير دليل، وطالما أن الحديث ركز على الرشوة، فشهادات المستثمرين خير دليل، مستمثر سعودي أراد أن ينفذ بعض المشروعات في إحدى ولايات السودان، تعرقلت إجراءاته بشكل متعمد حتى أخبره أحدهم أنه لا بد من أن يُخصص مبلغاً لمسئول كبير في الولاية حتى يُكمل الإجراءات، ثم شهادة مستثمر آخر نقلها القيادي بالمؤتمر الشعبي بشير آدم رحمة، مستثمر سعودي و قبل أن يبدأ مشروعه الذي جاء لأجله اعترض طريقه مسؤولان رفيعان، ودون أقل درجات الحياء طالبا بنصيبهما حتى تسير الإجراءات بيسر، الأمر لا يقتصر على المستثمرين فيما يتصل بالرشوة بل بقطاعات واسعة في الخدمة المدنية. حسناً.. ليكن أنه لا يوجد مسؤول استلم رشوة لتسيير إجراءات.. ماذا عمّا هو أخطر من الرشوة، ماذا عن إهدار المال العام، ماذا عن استغلال النفوذ للمصلحة الشخصية جداً، ماذا عن تحويل المال العام إلى ضيعة خاصة، ومن ثم تحويل الوطن إلى حيازة يسيطر عليها أصحاب المخالب الأكثر شراسة، فالقضية ليست رشوة تم استلامها أو لم يتم، القضية الأولى هي غياب المحاسبة والرقابة لدرجة التواطؤ، والقضية أن القضاء ذاته بات عاجزاً أن يوصل قضية فساد إلى نهاياتها.. لنترك ملفات الفساد التي تفضحها مستنداتها، أمامنا سنوياً تقرير المراجع العام الذي يُبين كل مرة أن هذا المال لم يعد عاماً، هل تتم محاسبة المتورطين في هذه التقارير، ما فائدة أن يُذيع المراجع العام تقريره أمام البرلمان ويعلن الأرقام الكبيرة عن حجم الاعتداء والأرقام الصغيرة حجم استرداد ما نُهب.. ما فائدة ذلك إن كان كل هؤلاء الفاسدون يرفلون في نعيم السلطة ويترقون إلى أعلى المراتب؟ أهي شفافية أن يُذيع المراجع العام تقريره أمام كل الإعلام. حسناً إن كانت الحكومة متأكدة لدرجة التحدي ما بالها تُرهق نفسها بتشكيل مفوضية لمكافحة الفساد. التيار