* (قالت لجنة التشريع والعدل بالمجلس الوطني إنها تنتظر الكيفية التي سيتم بها تأسيس مفوضية مكافحة الفساد التي أعلن عنها رئيس الجمهورية المشير عمر البشير، وأشارت إلى أن البرلمان لم يجد مصوغاً لتعديل مادة التحلل من خلال النظر في قانون الثراء الحرام كونها مادة وضعت لمعالجة القضايا التي لا توجد لها بينات كافية للإدانة). انتهى الخبر... * ويبقى ما وراء الخبر، وهو أن برلمان الشعب المنتخب (أياً كان الرأي في انتخابه)، قد أقرّ ضمناً السير في اتجاه اللاعودة بالوقوف خلف من امتهنوا استغلال المواطن البسيط، ونهب المال العام نهاراً، بعد أن عبدوا لهم الطريق بقبول ما يسمى بفقه (التحلل). * فإن كانت لجنة التشريع بالبرلمان أقرّت بشكل غير مباشر بأهمية وجود مادة التحلل في قانون الثراء الحرام لمعالجة القضايا التي لا توجد لها بينات كافية للإدانة، فهذا يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك بأن البرلمان هو الوجه الآخر للحكومة. * ماذا نسمي إذن اعتراف السارق وإعادته للمال المسروق تحت مسمى التحلل؟؟!! * أليس ذلك (إدانة) واضحة تستوجب إعمال القانون؟! أم إنه وبشكل غير مباشر يعتبر حصانة مقننة للسارق، وحماية للفساد بكافة أشكاله وحماية لمن لا يجوز أن يكون في موضع الشبهات حتى وإن كتب على جبينه (حرامي). * تقنين الفساد وإتلاف مؤسسات الدولة بهذا الشكل يؤكد شئ واحد فقط لا ثاني له، وهو أننا بتنا ننظر لما يحدث لمؤسسات الدولة من نهب ودمار بعين الرضا، ولا نجيد مقابل ذلك سوى (لطم الخدود وشق الجيوب) دون أن يكون لنا دور في إيقاف هذا العبث والتواطؤ على المواطن البسيط. * معروف أن البينة متى ما توفرت إما أن تتم تبرئة المتهم في حال كانت ضعيفة أو أن تتم محاكمته إذا ما ثبتت إدانته، ولكن أن يتم التلاعب بالقانون لصالح جهات بعينها وأفراد يعتبرون (منطقة محظورة) مهما ارتكبوا من جرائم فهذا هو (عين) الفساد وأذنه وأنفه كمان. * مجرد إنشاء مفوضية لمكافحة الفساد فهذا يعني أن الفساد استشرى وأزكمت رائحته الأنوف، ورغم ذلك تظل هذه المفوضية عبئاً إضافياً على ميزانية الدولة دون أن يكون لها دور واضح في كشف الفساد والمفسدين وتقديمهم للعدالة، وتظل أيضاً مجرد مفوضية (للملمة) عناصر لم يستوعبها التشكيل الجديد في المؤسسات الحكومية. * ينادون بتطبيق الشريعة الإسلامية ولكنه يصعب عليهم فعلها، لأنها بلا شك ستجعل أرتالاً من الفاسدين يسيرون بساق واحدة ويدٍ واحدة، ويقال قديما إن الفضيحة والسترة متباريات. * قضايا فساد كثيرة، وقضايا فيها شبهة فساد تم التستر عليها، المدينة الرياضية خير مثال، (بيع) ولن نقول سرقة أراضي ولاية الخرطوم التي صرح بها والي الخرطوم الجديد أيضاً مثال. * مشروع سندس، مشروع الجزيرة، شركة الأقطان، سودانير، الخطوط البحرية السودانية، سكك حديد السودان، خط هيثرو، وغيرها من عشرات القضايا ظلت عالقة أمام التحقيق والعدالة لسنوات، وبالجانب الآخر ما زالت عالقة في ذهن المواطن بكل بؤسها وقبحها دون أن ننتظر رداً على الأسئلة التي أنهكت ذهن المواطن. * كشف الفساد وتعرية الفاسدين، لا يحتاج لمفوضية وميزانية إضافية تنهك كاهل الدولة والمواطن، تحتاج فقط (مخافة الخالق أكثر من خوفه مخافة المخلوق). الجريدة