بالله أقرؤوا معي هذه التصريحات الرسمية لبعض كبار المسؤولين في الدولة.. وزير المالية السيد بدر الدين محمود قال في البرلمان: (اتهم الموظفين المستفيدين من النظام الورقي بمحاربة التحصيل الإلكتروني، واختلاق ادّعاءات عنه على شاكلة "الشبكة طاشة والنظام واقف"، واتهم محمود مؤسسات اتحادية بتزوير آرانيك مالية واستخدامها في تحصيل إيرادات غير قانونية، وأضاف "كم واحد بجيء بدق ليك الباب بتحصل منك بورقة ساكت)- هذا حسب ما ورد في الصحف أمس. البروفيسور إبراهيم أحمد عمر رئيس البرلمان قال: (في كثير من الموظفين بياكلو وبدوا الحكومة.. ما داير ديل يعملوا لي تظاهرة هنا ويقولوا كنا بناكل وبندي الحكومة)، وأضاف (بعد شوية حياكلو كلو وما يجيبو ليك منو حاجة). السيدة بدرية سليمان قالت: إن بعض الإدارات الحكومية (بجيبو القروش بالشوالات وأنا شفتها بعيني). مثل هذا الحديث لو قيل في (ونسة) على كوب شاي في سرادق عزاء أو صالون فرح لما أدهش أحداً ولما احتاج إلى تعليق.. لأن الذي يقال على نواصي الشارع العام أكثر من ذلك بكثير. لكن أن ينطق به كبار رجالات ونساء الدولة.. فهذا خطير للغاية.. ليس في كونه اعترافاً (والاعتراف سيد الأدلة) فحسب.. بل بسبب ضمير الجماعة في (يأكلوا كلو) و(بجيبوا القروش بالشوالات) وغيرها. إلى من يعود ضمير الجماعة (الغائب)؟.. بكل تأكيد يقصد به جماعات الموظفين في الدولة المناط بهم التعامل مع المال العام.. حسناً لا يمكننا أن نجادل عنهم ما دام أن الذين يتهمونهم ويقدمون هذه المرافعات هم رؤساؤهم المسؤولون عنهم.. فأهل مكة أدرى بشعابها، لكن يجدر الحصول على إجابة حتمية للسؤال التلقائي.. من يدير هؤلاء الموظفين؟، من المسؤول عنهم؟؟. وإذا كان هذا المسؤول يعلم أنهم لصوص يسرقون المال العام بمختلف الحجج.. أو يبددونه بالشوالات.. وأنهم (بياكوا ويدوا الحكومة).. إذا كان كل ذلك معلوم لرؤسائهم فماذا فعلوا لحماية المال العام؟. هل كل ما في يدهم حزمة تصريحات في برنامج (مؤتمر إذاعي) في إذاعة أم درمان أو جلسات نقاش في البرلمان.. وتصريحات للصحف؟. يُقبل من وزير المالية أو أي مسؤول آخر أن يتهم أي موظف تحت إدارته بالتزوير وسرقة المال العام.. لكن ليس في تصريحات أما في (بلاغ) إلى النائب العام.. أو في سياق استقالة مسببة يتقدم بها، ويعلنها للشعب ليقول إنه عاجز عن مكافحة هذه السرقات والتزوير والتلاعب (بالشوالات).. بدرية سليمان قالت إنها (شافت بعينها) الأموال (في الشولات).. حسناً ثم ماذا فعلت؟، اكتفت بالحسرة مثلنا نحن الشعب المحسور دائماً.. هي شاهد على جريمة فهل أبلغت السلطات رسمياً؟.. هل استخدمت سلطتها النيابية في البرلمان (الرقيب على السلطة التنفيذية)؛ لمحاسبة أصحاب (الشوالات) التي تغرف من المال العام؟؟. والله العظيم لو نطق أي مسؤول في دولة أخرى بمثل ما ينطق به مسؤولينا لاستقالت الحكومة كلها.. لكنهم هنا يسلوننا بفواجعنا..!!. التيار