يُسأل صحافي سعودي مبتعث إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية عن أسامة بن لادن في مواقف متكررة، ويتجنب الإجابة عن الأسئلة بطريقة دبلوماسية دائما، فيعلق "رأيي في الموضوع من رأي أمريكا". يحكي فيصل الغيث عن تردده وزملائه حتى في نطق اسم ابن لادن في أي مكان، العيون تواجههم كسعوديين والأسئلة تحاصرهم عن الرجل الذي غير صورة السعوديين لوقت طويل، وكلّف العالم في ملاحقته ما يقارب 3000 مليار دولار في السنوات العشر التي كان فيها الرجلَ الأول على قائمة الإرهاب العالمي. صدمة حتى في الولاياتالمتحدة وبسبب طول الفترة والأحداث المتلاحقة في المنطقة العربية التي ولد فيها ابن لادن، لا يزال الكثير في صدمة حتى في الولاياتالمتحدةالأمريكية نفسها، وبحسب الصحافي فيصل الغيث فإن الأمريكيين لم يعودوا يصدقون إعلامهم بسبب تصدر قصة ابن لادن للأخبار الإرهابية في العالم لفترة طويلة، ومرور كمية من الأخبار المزورة طوال تلك الفترة عن القبض على ابن لادن. يحكي فيصل "سألني أميركي ما رأيك في مقتل أسامة بن لادن؟، قلت رأيي أنه يستحق الذي حدث له، سألني لماذا؟ قلت لأنه ضرنا في السعودية قبل أن يضر العالم". وكانت نهاية الحوار تعليق من الأمريكي "أنا لا أصدق الإعلام الأمريكي.. وإلى الآن لا أصدق أن أمريكا قضت عليه.. وكيف قتلوه فجأة بعد بحث استمر لعقد كامل.. وقتل آلاف الجنود الأمريكيين من أجل القبص على شخص واحد". إعجاب بفكرة "الجهاد" الكاتبة الشابة سمر الموسى قالت إنها كانت "في البداية معجبة بجهاده كون السائد وقتها بين كل الناس أن هناك من يجاهد لنصرة الدين، ولكن حين حدثت عدة حوادث داخل السعودية تغيرت نظرتي تمامًا". تحكي أنها كانت تسير مرة في شارع في مدينة كولشستر ببريطانيا حيث تدرس "وإذا بشخص ثمل يصرخ ويشير إلي بأني إرهابية! هربت منه لمحل تظاهرت بشراء بعض الحاجات منه حتى اختفى".. وهذا مالم يكن يحدث قبل أسامة بن لادن. لم تكن الدول الغربية "تشدد علينا كطلبة في الإجراءات الاحترازية والتخوف منا!"، حتى في مدينة مانشستر هناك الكثير من الأجانب الذين ينظرون لأي محجبة كإرهابية من أتباع بن لادن، وهذا ما أصبح رمزا يهددنا في كل مكان سواء في داخل المملكة أو في خارجها. وتمنت سمر أن تكون هذه الصفحة طويت للأبد، وحكت كيف أنها كانت في الخامسة عشر من عمرها حين وقعت هجمات الحادي عشر من سبتمبر، ولم تكن تفهم ماذا يعني هذا الحدث في المستقبل، تضيف "تيقنت بأنه أكبر حدث سلبي مؤثر على الإسلام والمسلمين والسعودية بعد أن تبنى أسامة بن لادن الحادثة، وقبل ذلك كنت أظن ابن لادن مجاهدا يدعم الحق، ولكني لم أر في سيرته وتفكيره سيرة مجاهد حقيقي، لأنه أول ما وجهت مؤسسته نارها وجهتها على السعودية" ووصفت سمر تأثرها حين تابعت عبر الإعلام صور التفجيرات بالسعودية، والمفجرين والجثث والتفحم، وكيف كانت تشكل لها كمراهقة كابوسا مخيفا، وأصبحت بسبب ذلك تعيش فترات خوف وقلق. ولا تستطيع سمر أن تنزع من ذهنها صور المفجرين متفحمين رغم مرور أكثر من عقد على تلك الأعمال التخريبية، مشيرة إلى أن الأعمال الإرهابية نزعت من عينها صورة البطولة التي كانت ترسمها لابن لادن. وتضيف سمر "الألم وخسارة الناس لأهلهم وأقاربهم وتضحيات رجال الأمن، كانت كلها من المؤثرات النفسية القوية، لذلك لا أتذكر هذا الشخص إلا بكثير من الدموع على الدمار والتخريب والتشويه الذي كان سببه". القاعدة كلفتنا الكثير ولازلنا ندفع الثمن من الأمان والتقدم والأولويات. أشياء كثيرة أثرت علينا بسبب بن لادن ومنها الحملة المعادية على الإسلام والحجاب والنقاب. سأضع صورة أسامة على مكتبي الروائية سارة مطر عبّرت صراحة عن انطباعها عن ابن لادن حين كانت صغيرة، وكيف أثر بها بشكل عاطفي، "إذ كيف يمكن للإنسان أن يترك كل ثروته ويعيش حياة أقرب إلى الفقر.. كان هذا أكثر شيء أثر في.. لكني مرات كثيرة أتساءل عن كيف يمكن أن يقود أسامة بن لادن الشباب الصغار لكي يفجروا أنفسهم؟". تحكي سارة أنها لم تقرأ في سيرته، ولم تتابع إلا شيئا مما كانت تتوارده القنوات ووسائل الإعلام عموما، ونظراً لصغر سنها في تلك الفترة الزمنية، كان السؤال الذي يشغل بالها في كل وقت "كيف يمكن أن يترك الشباب الصغار كل تلك الحياة الجميلة جداً لكي يفكروا في قضايا لن يستطيعوا حلها بقتل أنفسهم، أو بقتل أي رجل أبيض وأمرأة شقراء؟!". كان هذا التساؤل الطاغي على سارة طوال الوقت، ولكنها لم تخف أنها شعرت بشيء من الحزن عليه، ووالديها أيضاً شعرا بالحزن عليه حين سمعوا جميعا بالخبر. وتتمنى أن تضع صورته في المكتب دون أن تهتم، كان يعجبها في ابن لادن صراحته ووضوحه، وهي تعمل بذلك في حياتها، وتحكي أنها لن تهتم بالعيون التي ستتربص بها، واحتمال اتهامها بالأصولية والإرهاب. سارة علقت بأنها ستفتقده كثيرا وتفتقد خروجه على التلفاز وهدوءه وبساطته، وشخصيته، مشيرة إلى أنه رجل وظف أفكاره بطريقة مختلفة وغريبة، ولا أتصور أن من الناس من سيظل يفكر في صناعة الموت بأنها هي صناعة التغيير. الصحافي عبدالرحمن العصيمي كانت له قصة أسماها ب "الطريفة" مع هذا "الرجل الدموي الرمزي"، يحكي عبد الرحمن أن أسامة بن لادن كان رفيق مراهقته، حين كان طالبا في المرحلة المتوسطة و"ضحية لحلقات التحفيظ المتشددة" بحسب وصفه، "حدثت وقتها أحداث الحادي عشر من سبتمبر، وكنت لا أميز بين البطولة الدموية والإنسانية، كنت مجرد مراهق يبحث عن رمز يتحدى أقوى دولة في العالم، وكان من حولي يغذوني بهذه الفكرة التي أتلقاها وأنا في حالة فقر للوعي والتأمل". ويضيف العصيمي "من شدة ولعي به أسميت أخي الذي أتاني بعد تسعة عشر عاما من الانتظار باسمه، والآن بعد مرور 6 سنوات من فعلتي هذه أنا نادم أشد الندم، لأني اكتشفت أن الإنسان هو أهم قيمة في الوجود، وليست أفكاره فقط "، ولم يخف عبدالرحمن فرحه بموت أسامة بن لادن، لأنه كره "دمويته الشنيعة وعدم تمييزه بين الخير والشر"، وتمنى أن يموت فكر بن لادن معه. أوباما قدم خدمة عظيمة للعالم الروائي مالك عبيد قدم شكره لأوباما على هذه الخدمة العظيمة التي قدمها للعالم،كان أول تأثيرات أسامة بن لادن الواضحة على حياته حين منع من دخول الولاياتالمتحدةالأمريكية في 2001. كان الشعور عارما بالانزعاج، أحس أن أحدا منعه من دخول بيته، استطاع مالك بعد ذلك أن يزور الولاياتالمتحدة عدة مرات لكنه لا يزال يتذكر شعور الرفض في ذلك الحين. مالك رأى أن الرجل بمفرده كلف العالم مبالغ طائلة كان الأجدر أن تصرف على تنمية العالم بدلا من صرفها على ملاحقته وفكرته، 3000 مليار دولار صرفت في تجهيزات الحروب التي كانت تطارده وتنظيمه بالدرجة الأولى.