الجمعية العمومية للحوار الوطني كانت أقرب إلى (المؤتمر الصحفي) من كونها لجنة مناط بها دراسة واقع الحوار الوطني المشاكل والحلول ورفع توصيات (ملزمة) يقننها رئيس الجمهورية بقرارات تنفذ فوراً.! لماذا يرأس رئيس الجمهورية جلسة الجمعية العمومية.. ولماذا يمتد أجل الجمعية العمومية لثلاثة اجتماعات وبقائها حتى الآن من الأصل..؟؟ الموضوع ليس شركة مساهمة محدودة أو عامة لمشروع طويل الأجل.. هي لجنة ذات مهمة محددة ينتهي أجلها بانتهاء المهمة وإن تعددت لجانها.. المفروض أن مجمل هذه اللجان الست هم (الجمعية العمومية) كل لجنة تحسم مهامها في أقصر مدة ثم تجتمع اللجان الست في (مائدة مستديرة) لتعمل على صياغة التوصيات الأخيرة الموحدة المأخوذة من توصيات كل لجنة من اللجان الست.. ثم تصدر قرارات رئيس الجمهورية مبنية على هذه التوصيات.. لماذا المطاولة غير المجدية التي تستهلك الوقت ولا تستطيع التوصل لأي نتائج بهذا الشكل.. في ذات الاجتماع (غريب الشكل والمضمون) احتج أحد الأعضاء علي ضرورة وجودهم كجزء من هذه اللجان لمعرفة ما يدور وحتى تكون المشاركة فعلية.. الرئيس نفسه لم يستطع الاستماع لكل الحضور واكتفى ب(samples') من الحضور.! معظم قيادات المعارضة المحتجين على التماطل في الحوار قرأوا (الخطاب من عنوانه).. أكثر من عام مضى على هذه الآلية (ولم نسمع جعجعة ولم نرَ طحين) وقد أدهشتني تصريحات الأمين العام للمؤتمر الشعبي الدكتور حسن الترابي بارتياحه لمخرجات الجمعية العمومية للحوار الوطني ووصفه لها بالخطوة قي طريق إنهاء الأزمة السودانية.. عن أية مخرجات يتحدث الترابي.. ما حدث بالجمعية العمومية عبارة عن (عصف ذهني) ليس إلا.. حتى قرارات الرئيس (السابقة لتوصيات الآلية) لن تكون ذات قيمة إن لم تطبق فور إعلان القرار.. وكان على الرئيس الانتظار حتى رفع التوصيات لتخرج القرارات دفعة واحدة لتأخذ الشكل المؤسسي حتى لا يبدو الأمر مجرد انفعال و(تسخين) بلغة أهل الكورة.. فاذا كان ذاك الوقت للقرارات لماذا قفز الرئيس على قضية الحريات الصحفية ومنع الرقابة القبلية بقرارات تعتمد مخرجات الجمعية العمومية أسوة بالقرارات التي أصدرها حينها.. حتى أعضاء الآلية خرجوا من الاجتماع كل يدلي بتصريحات مختلفة على الرغم من وجود ناطق رسمي للآلية.! في تقديري إن هذه الآلية كانت تحتاج أن يسند أمرها إلى خبراء مختصين في الشأن الإداري للتحكم في زمن الحوار وشكله وإدارته.. ربما يكون العصف الذهني لأعضاء الآلية تطرق إلى قضايا هامة وحمل مقترحات جيدة ولكننا.. وعلى مستوى الحكومة لدينا مشكلة إدارة.. لذلك دائماً تفشل الخطط والمشاريع على المستوى التخطيطي والتنفيذي ونصبح مثل (البلف المحلوج) يدور دون الوصول إلى نقطة النهاية.. لا تضيعوا زمن البلاد ولا تعبثوا بمشاعر الشعب أكثر من ذلك.. الأمر لا يحتاج إلى لجان وأعوام متعددة (لا تصل) فيها هذه اللجان إلى نتائج.. يستطيع الرئيس وحده حسم هذا الأمر إن هو أراد ذلك وإلا على الوطن السلام. الجريدة