على الرغم من مضي أكثر من ستة أعوام على توقيع اتفاقية الحريات الأربع بين السودان ومصر، فإن تنفيذها لا يزال محل تساؤلات كثيرة خاصة بالنسبة للسودانيين الذين يرون عدم الاستفادة الكاملة مما جاء فيها. وفيما تبنت القمة السودانية المصرية -التي عقدت في 18 يناير/كانون الثاني 2004 بين الرئيسين المصري السابق محمد حسني مبارك والسوداني عمر البشير- إنجاح الاتفاقية التي وصفت بأنها حاسمة لكثير من القضايا والملفات التي كانت عالقة بين الدولتين الجارتين خاصة الأمني منها، اعتبر متابعون أن تنفيذ الاتفاقية لم يكن بالكفاءة المطلوبة. يذكر أن اتفاقية الحريات الأربع نصت على حرية التنقل، وحرية الإقامة، وحرية العمل، وحرية التملك بين البلدين. غير أن ما شهدته الخرطوموالقاهرة -في عهد مبارك– من هواجس، بجانب ما برز من تخوف مصري عقب تدفق لاجئي السودان من دارفور والجنوب وجهات أخرى على القاهرة، هو من عطل حالة التفاؤل التي سادت مناخ العلاقات الثنائية بعد توقيع الاتفاقية. تطبيق الاتفاقية ولم يكن طلب السودان للحكومة المصرية الجديدة ضرورة تطبيق اتفاقية الحريات الأربع الموقعة بين البلدين إلا محاولة للكشف عن ما كان مخفيا ولم يساعد على الأقل الجانب المصري من تنفيذ ما عليه من التزامات في ظل حكومة تضع العلاقة مع السودان ضمن ملفات مخابراتها العسكرية وليس وزارة الخارجية. فقد أكد الخبير الكاتب الصحفي محجوب محمد صالح أن شيئا واحدا لم تتمكن الحكومة المصرية السابقة من تنفيذه "أو الاقتراب منه وهو حرية التنقل بين البلدين"، مشيرا إلى عدم تمكن السودانيين من الاستفادة من حق حرية العمل بالشكل المطلوب، عازيا ذلك لظروف موضوعية كثيرة في مصر. وقال للجزيرة نت إن هناك عقبات "ربما تكون إدارية" من الجانب المصري في كافة المجالات المتفق عليها "مما يتطلب ضرورة تجاوزها من قبل الحكومة الجديدة". ودعا إلي ضرورة تطوير العلاقات الاقتصادية والاستثمار المشترك لإيجاد صيغة لتحقيق التكامل الاقتصادي لجهة استفادة كل طرف من موارد الآخر، معتبرا أن الانتقال من مرحلة الحريات الأربع إلى التكامل الاقتصادي المدروس "من أهم أولويات المرحلة المقبلة". ظروف أما الخبير الدبلوماسي السفير الأمين عبد اللطيف فاعتبر أن الاتفاقية لم تجد الظروف التي يمكن أن تنطلق فيها "مما شكل أكبر خطأ لأنها تمت في أسوأ فترة للعلاقات بين الحكومة السودانية والمجتمع الدولي عموما". وقال إن الظروف الموضوعية أجبرت الاتفاقية على "الانتهاء" دون أن تحقق المرجو منها، لأنها لم تخضع للدراسة الكاملة حتى تخدم مصالح البلدين. وأشار إلى أن الاتفاقية لم تقم على مبدأ التكافؤ والندية الحقيقيين، لأن مصر في عهد مبارك ظلت ترعى مصالحها دون أن يدري السودان كيف يتعامل مع مصالحه. وأضاف في حديثه للجزيرة نت إنه "ربما بعد التحول الديمقراطي في مصر يمكن أن تكون هناك علاقات صحيحة تنفذ من خلالها كافة بنود الاتفاقية" مشككا في الوقت ذاته بإمكانية صمود الاتفاقية في وجه كثير من الرغبات غير المعلنة. المصدر: الجزيرة