أكدت مصادر مطلعة أن تأييد دول عربية منتجة للنفط كان حاسما في تعزيز خطط الصين لتغيير النظام المالي العالمي، وأنها كانت تعاني من عدم الثقة حين فكرت للمرة الأولى بإنشاء البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية بسبب المخاوف من عدم جمع التمويل الكافي، والقلق من أن الدول الأخرى لن تدعم المشروع. العرب كوه جوي تشينغ بكين – يعد بنك التنمية الصيني الجديد أحد أكبر نجاحات السياسة العالمية لبكين، رغم أن خططه كادت تتجمد قبل عامين بسبب الشكوك التي ساورت كبار صناع السياسات. لكن تعهد بعض حكومات الشرق الأوسط بتقديم السيولة ودعم دول أوروبية مهمة، وهو ما فوجئت به بكين وجاء على الرغم من المعارضة الأميركية، أصبحا نقطة تحول في خطط الصين لتغيير البنية المالية العالمية. وبفضل التأكيدات الخارجية ودعم شخصيات مهمة مثل رئيس الوزراء الصيني السابق والرئيس المقبل لبنك البنية التحتية جين لي تشون، الرئيس السابق لصندوق الثروة السيادي مؤسسة الاستثمار الصينية، استطاعت الصين تحويل الفكرة إلى حقيقة. ومن المرجح أن يعزز التأسيس الناجح للبنك ثقة بكين في قدرتها على الاضطلاع بدور رائد في المؤسسات المالية العالمية، رغم الرياح الاقتصادية المعاكسة التي تواجهها في الداخل. وقال أحد المصدرين عن خطط بكين لبنك الاستثمار في البنية التحتية "في البداية لم تكن الصين واثقة جدا... مبعث القلق كان عدم توافر المال". وأكد أن وفدا من وزارة المالية حاول جس نبض دول جنوب شرق آسيا بخصوص دعم البنك، لم يفرز نتائج مشجعة. فقد أيدت الحكومات الفكرة غير أنها لم تكن تملك الموارد الكافية للمساهمة بقوة في التمويل. لكنه أضاف أن زيارات لاحقة إلى الشرق الأوسط جلبت النجاح، حيث أخطرت حكومات المنطقة الصين بأنها بحاجة إلى بنية تحتية جديدة وأنها -وهذا هو المهم- قادرة على الدفع مقابل ذلك. وكشف أن تلك الدول المؤيدة "جميعها دول منتجة للنفط وتملك العملة الصعبة ويحدوها تفاؤل كبير وبوسعها تقديم السيولة... عندئذ فكرنا بأن الأمر قابل للتنفيذ". وأحجم البنك الآسيوي لاستثمارات البنية التحتية عن التعليق على هذا التقرير، وأحال الأسئلة إلى وزارة المالية الصينية التي لم ترد على طلب للتعقيب. ومن المنتظر أن ينافس البنك الجديد الذي وقعت 57 دولة للانضمام إليه كلا من البنك الدولي والبنك الآسيوي للتنمية، وأن يزيد النفوذ الصيني في تمويل مشاريع التنمية العالمية. وبحسب موقع البنك على الإنترنت، فإن نسبة مهمة من البلدان التي وقعت في يونيو لتصبح من الأعضاء المؤسسين هي من الشرق الأوسط، ومن بينها الإمارات والسعودية وقطر ومصر والأردن، إضافة إلى إيران وإسرائيل. وقال المصدران إن النقاشات الحكومية بخصوص البنك دامت 6 أشهر منذ ربيع 2013، وشملت وزارة المالية ووزارة التجارة ومركز الصين للتبادلات الاقتصادية الدولية وهو مركز أبحاث حكومي. وأضافا أن جهات حكومية شككت في قدرة الصين على إدارة بنك دولي نظرا لانعدام الخبرة، مبدية تخوفها من أن تتكبد المؤسسة الجديدة خسائر، وأنها اقترحت أن تنشئ الصين صندوق استثمار حكوميا لتمويل صفقات البنية التحتية الخارجية. وشكك آخرون في حاجة الصين إلى إطلاق بنك جديد، نظرا لعضويتها في بنك التنمية لمجموعة بريكس مع البرازيلوروسيا والهند وجنوب أفريقيا وإجرائها محادثات مع روسيا للمشاركة في إنشاء بنك آخر. لكن أحد المصدرين أكد أن مقترح إقامة صندوق استثمار قوبل بالرفض، من منطلق أن جهدا أحاديا من جانب الصين قد يثير شكوك الحكومات الأخرى بشأن دوافعه. وجادل مؤيدو بنك البنية التحتية بأن الأعضاء الآخرين في بنك بريكس سيهرعون إلى المشاركة في البنك الجديد، وأن روسيا تبدي فتورا إزاء فكرة إقامة بنك تنمية مع الصين. وأحجمت وزارة المالية الروسية عن التعليق على هذا التقرير. وذكر أحد المصدرين أن بنك البنية التحتية سيكون الوحيد القادر على توفير منصة عالمية للصين لإشهار نفوذها المالي. وقال إن "بنك البنية التحتية سيسمح للصين بتلقي 100 رد إيجابي عندما ترفع سماعة الهاتف". وأكد المصدران أن بعض المسؤولين بمن فيهم الرئيس القادم للبنك الجديد، دأبوا منذ سنوات على دعوة بكين إلى تدشين بنك تنمية جديد، لكن الفكرة لم تكتسب قوة دفع في ظل الحكومات الصينية السابقة. وتغير ذلك عندما تولى الرئيس الصيني شي جين بينغ مهام منصبه ربيع 2013، حيث ألقى بثقله خلف استراتيجية البنية التحتية والتصدير الصينية الجريئة "حزام واحد وطريق واحد"، في إشارة إلى إقامة حزام اقتصادي على طريق الحرير القديم. فقد شجعت إمكانية أن يدعم البنك خطة "الحزام والطريق" كبار المسؤولين الصينيين على الموافقة على مقترح يرجع إلى عام 2013 لإنشاء البنك كان قد تقدم به تشنغ بي يان نائب رئيس الوزراء السابق، الذي يرأس مركز الصين للتبادلات الاقتصادية الدولية. وقال المصدران إن تشنغ كتب المقترح بدعم من المركز الذي عقد عدة مشاورات مع الرئيس القادم للبنك الجديد. وأكد مصدر أن جين لي تشون الذي سبق أن ترأس البنك الآسيوي للتنمية، ويجيد التحدث بالإنكليزية والفرنسية، كان المرشح الصيني الواضح لرئاسة بنك البنية التحتية نظرا لخبرته الخارجية. وذكر أحد المصدرين أنه "لم يتخيل أحد أن يحرز البنك الآسيوي للاستثمار كل هذا النجاح وأن يتجاوب كل هذا العدد من الدول معه."