لم يتوقع المدون شهاب ان يثير كما من الاسئلة المحيرة حول غيابه وهو يخطو عبر الشارع الموارب لمنزله الذي يقع في منطقة بانت غرب بضاحية امدرمان للوصول الي المكتبة القريبة لشراء بعض حاجياته من صحف يومية يمكنها ان تسير بوقت نهار رمضان الغائظ الي مغاربه ، وحدث بالفعل ان غاب شهاب وهو لا يحمل بين جيوب بيجامته غير مائة جنيه لاغير. ومنذ تلك اللحظة ظلت اسرته تبحث عنه، في كل الاتجاهات، يقول والد شهاب اللواء معاش محمد عبدالرحمن كرار (بانه فشل في طرق كل الابواب للوصول الي ابنه ) وبأنه لازال في انتظار جهود اجهزة الدولة المختلفة لانها الاعلي والاهم . اختفاء مهندس اتصالات حتي اللحظة ما زال رفقاء شهاب في موقع التواصل الاجتماعي يبحثون عن اجابات لأسئلة سطرها لهم رفيقهم بين (بوستات) الصفحة ، يقول احد اصدقائه الذي يصفه في اخلاقه بانه (وطني قح ويفكر بطريقة مختلفة ، وهو واضح جدا وصريح وشجاع كلامو مليان، لا مغتغت لافاضي لا خمجان)، ويعتبر شهاب من المدونين الناشطين في عدة مواقع الكترونيه من خلال نشر مقالات تعمل علي تحليل قضايا دولية مهمة ، حيث درس شهاب الهندسة المدنية بجامعة الخرطوم وبعد تخرجه شارك في تأسيس بنك السودان المركزي ومدرسة بشير محمد سعيد بام درمان ، بعدها سافر الي دولة مالي بغرب افريقيا ليعمل فيها متعاقدا مع شركة وطنية سودانية ، كما عمل في مجال ربط ابراج الاتصالات بين دولتي اثيوبيا والسودان ومن ثم تعاقد مع شركة لصيانة احد افرع بنك الخرطوم ، وظل عاطلا عن العمل لاكثر من عامين متفرغا للكتابة في المواقع الاسفيرية . تيم شرطة المباحث بتاريخ 7/7/ 2015 دون على القسم الجنوبي لشرطة بانت غرب بلاغا عن اختفاء شاب في عمر السابع والثلاثين، كان يرتدي بنطالا اخضر و(تي شيرت) ابيض، حينها حرر القسم نشرة وزعت علي جميع اقسام الشرطة بولاية الخرطوم، لتصفه بانه متوسط القامة ونحيف الحجم واسمر اللون ذو شعر كثيف ويكتسي وجهه بلحية ، ومع ذلك لم يجدي الامر نفعا لتبدأ اسرته بالبحث في كل الاتجاهات ، بدءا من زملاء والدة العسكريين وانتهاءا بوسائل الاعلام المختلفة والمشارح والمستشفيات وكل الجهات التي من المتوقع ان تصل الية بشكل رسمي وقانوني الي جانب المنافذ التي يمكن ان يغادر عبرها شهاب . يقول والد شهاب بأنه تم تشكيل تيّم من المباحث بقيادة رائد شرطة للبحث عن المفقود غير انه توقف عن العمل بحجة انه تم نقله الي منطقة النزاع بين الجموعية والهواير. لم تتوقف جهود اسرة شهاب في البحث حيث طرق والده كل الاجهزة الرسمية لكن دون اجابة ولعل اهمها لقائه بقيادة جهاز الأمن التي تمثلت في نائب المدير ألعام الذي ذكر لهم ان شهاب غير معتقل لديهم ، بعدها تقدم الوالد بخطاب لنائب رئيس الجمهورية بكري حسن صالح واخر لوزير الداخلية يبلغهم فيه عن فقدان ولده شهاب ويطلب منهم الدعم وتقديم اقصي ما يمكن من مساعدة، غير ان الرئاسة لم تخاطبه حتي اللحظة . خلافات اسرية نقلت وسائل الاعلام المحليه تلميحا علي صفحاتها معلومات تتحدث عن اختفاء احد الشباب الناشطين عبر الانترنت، وقالت ان خلافات فكرية ومذهبية بينه واسرته التي تمتد اصولها لشمال كردفان والتي تسكن بامدرمان ، ادت الي نقاش حاد وخروجه واختفائه. ورغم عدم حدوث تأكيد او نفي لصحة المعلومات المتداوله عبر وسائل الاعلام ، في حين طلب والده من الجهات التي نشرت المعلومات معرفة ان كان ابنه هو المقصود ام لا ، الا ان وسائل الاعلام فتحت اسئلة محيرة امام القضية حول السبب وراء اختفائه ، يجيب اللواء كرار ان العلاقة بين شهاب وأسرته ليس فيها اي خلاف بل وصفها بالودودة جدا ، وواصل مجيبا ان ابنه ومنذ إصابة والدته بمرض الشلل النصفي ظل ملازما لها ويعمل علي خدمتها الي اخر يوم من اختفائه. حزب المؤتمر الوطني اخر التعليقات التي نشرها شهاب كانت قبل غيابه بايام، وهو (بوست) كان يتحدث في لحظتها عن نيته في الانضمام الي حزب المؤتمر الوطني، حينها طلب منه احد (البورداب) وهو المسمي الذي يطلقه الناشطين بموقع التواصل الاجتماعي علي اصدقائهم ويدعى الشفيع وراق ، بمساعدته وايصاله الي مركز القرار في الحزب بالمركز العام، وتسجيل عضويته هناك وترك له رقم هاتفه ، غير ان حديث احد رفقائه القدامى داخل الحزب الليبرالي يفيد عن تعرضه للتهديد بالقتل قبل عدة سنوات من جهات لم يحددها يثير العديد من الاسئله حول الجهة التي تتبني الامر ، مع العلم بان شهاب انضم للحزب الليبرالي في العام (2007) ، ومن ثم توقف عن العمل السياسي منذ عامين، يقول رفيقه في الحزب (لقد اخطرنا لحظتها بذلك وهو حاليا انسان مستقل) ، ويضيف لكن عندما علم الحزب بإختفائه تواصلنا مع اسرته بشكل شخصي وتحدثت مع زوجته ماريل اسماعيل، واشار الي انهم في الحزب بذلوا جهدهم في البحث عنه داخل السودان وخارجه دون جدوى، وواصل في حديثه الذي خطه علي مواق التواصل الاجتماعي بأن ( المعلومات المؤكدة الآن ان هناك شبهة كبيرة لإعتقال شهاب كرار، حيث انه لا يوجد في اي مستشفي أو مشرحة وليس عند اي من اصدقائه، واضاف هناك تقاعس في التعامل مع القضية ؛ وطالب ببذل مزيد من الجهود حتى يتم الكشف عن مصير شهاب المختفي في ظروف غامضه ) ، وكشف عن تعرض شهاب قبل عدة سنوات لتهديد بالقتل بسبب مواقفه الفكرية. اتهام داعش احد الاحتمالات التي ساقها بعض المهتمين تشير الي تورط احد الجهات الاسلامية المتشدده في امر اختفاء شهاب كرار ، وتحدث الينا حينها المفوض بمفوضية حقوق الانسان ابو القاسم قور من خلال تحليله عن الحالة النفسية للمهندس ، ان احدي مقالاته التي نشرها تحدثت عن زيارة رئيس الولاياتالمتحدةالامريكية باراك اوباما الي مصر ومستقبل الاخوان المسلمين هنالك ، واضاف ان ذلك يرجح احتمالية تورط جهات دولية في اختفائه ، وافق تحليل قور حديث بعض المراقبين الذين ربطوا مسألة نشره لبوست علي مواقع التواصل الاجتماعي انتقد فيه الاسلاميين وبين الخلايا الاسلامية المراقبة للانترنت ، وتوقعوا ان يكون ذلك سببا في اثارة غضب تلك الجهات ، ومن خلال بحثي عن مقالاته التي نشرها كان البعض منها يتركز حول الحزب الليبرالي والتعريف به وبافكاره ، الي جانب تعليقه علي قضايا دولية مختلفة وقضايا محلية. مفوضية حقوق الانسان بعد اربعة اشهر من غياب المدون شهاب والبحث دون جدوي انضمت المستقلة الي والد شهاب لمساعدته في فك طلاسم الغياب قصدنا معه مفوضية حقوق الانسان التي كونتها رئاسة الجمهورية للنظر في مثل هذة الامور، تمسك والد شهاب بحقه في اعلام كل الجهات والبحث بالسبل الرسمية بدلا عن اللجوء الي اية جهة يمكنها ان تعمل علي تحويل القضية الي اتجاه اخر، التقينا برئيس لجنة الرصد والمراقبة بالمفوضية د.ابو القاسم قور والذي طمأن والد شهاب بالتقدم الملحوظ في ملف ابنه، واكد ان الدولة اعلنت عن عدم وجود شهاب لديها، واضاف قائلا ( لكننا لم ناخذ بهذا وبدأنا فعليا بالبحث عنه داخل السودان وخارجه)، وقال بأنه رفع الملف الي رئيس المفوضية ، وطلب رئيس المفوضية البحث عنه مجددا. طفلتي شهاب شهاب ومنذ مرض والدته بالشلل النصفي لم يبارح المنزل وظل عاطلا عن العمل لفترة ليست بالقصيرة حاول قبل ان تمرض والدتة ان يجد عملا خارج السودان وبالفعل ذهب الي اخيه الذي يعمل بالامارات العربية المتحدة غير انه لم يجد فيها عملا في تخصصه في الهندسة المدنية ، وبحسب تحليل قور بأن شهاب كان يعاني من الاحباط في ايامه الاخيرة وأنجلي ذلك في تدويناته علي الموقع، واشار الي ان طلب انضمامه الي المؤتمر الوطني كان نتيجة لاحباطاته الاخيرة ، لكنه استبعد ان يكون مصابا بحالة (التخشب) وهي اخفاء نفسه عن اسرته واصدقائه وبرر ذلك بأنه خرج دون اي مستندات او نقود يمكن ان يعيش عليها ، كذلك ذهب قور في تحليله الي استبعاد فكرة الانتحار لانه يعيش في جو اسري جيد ومتزوج وله طفلتان ، وخلص الي ان شهاب محلل سياسي ممتاز ويكتب عن قضايا اقليمية ودولية مما قد تتورط جهات خارجية في امر غيابه. من المحرر لازال الغموض يكتنف حالة غياب المهندس شهاب محمد عبدالرحمن كرار ، والد شهاب يعقد العزم علي وجود ابنه يبحث حتي داخل (خشم البقرة) حسب تعبيره للوصول اليه ، ولازالت والدته تتقلب علي الفراش الابيض تعاني الامرين ، بينما تواصل ماريل زوجة شهاب في بحثها الدؤوب عن عمل من اجل اعالة طفلتيها والمعاناة من الغياب الموجع .