شهدت الفترة الماضية صراعاً تناولته الصحف بين الجهات المختصة وشركة النيل للأعشاب ولسبر أغوار هذه القضية "الجريدة" أجرت تحقيق من حلقتين تناولت من خلالهما طبيعة الصراع وما تبع ذلك من إجراءات وصلت لسوح القضاء وأخرى لم تصل لجهة أن أمر الأمراض التي تعالجها الشركة ينظر اليها المجتمع بحرج مثل الأمراض "التناسلية" لدى الرجال وهذه الأمراض كلفت أصحابها مليارات الجنيهات والنتيجة صفر كبير على الشمال. وحصلت الصحيفة على مستندات رسمية كشفت عن تدوين بلاغات ضد الشركة، بينما شنت الجمعية السودانية لحماية المستهلك هجوماً واسعاً على التلاعب في صحة المواطنين وذلك من خلال التهاون في العقوبات الرادعة للمخالفات القانونية، وأشارت الجمعية الى وجود نافذين خلف الشركة، التي لم توقف نشاطها إلا موخراً عقب إغلاقها بالقوة الجبرية. ومن أبرز البلاغات بلاغ مجلس الأدوية والسموم تحت المواد (16و18) والمادة (31) من قانون المجلس القومي للأدوية وقانون المواصفات، ووصل عدد البلاغات خلال الثلاثة أشهر المنصرمة 19 بلاغاً حسب متابعات "الجريدة" اثنان من البلاغات متعلقة بحالتي وفاة، وقد أثارت هذه الشركة كثيراً من الجدل حولها من خلال الطرق التي تتبعها للعلاج وتأكيد العاملين فيها مقدرتهم على علاج كافة الأمراض بما فيها الشلل والفشل الكلوي وخلافها من الأمراض. ولكن قالت جمعية حماية المستهلك بعدم وجود أبحاث أثبتت علاج الشلل والفشل الكلوي بالأعشاب الأمر الذي جعل إدارة المؤسسات العلاجية الخاصة بصحة الخرطوم تدخل مع الشركة في صراعات من أجل تطبيق القانون وتكشف عن تعرض مديرها للعديد من التهديدات لرفضه تمرير أجندة الشركة مما طرح عدداً من التساؤلات؟ "الجريدة" بحثت عن أسباب الصراع وحاولت الإجابة على العديد من الأسئلة، وتردد محررها على مقر رئاسة الشركة للاستماع للمسؤولين حول كل المخالفات المذكورة ولكن لم تحصل على إفادات. مدخل: في الأسبوع الثالث من الشهر الماضي أصدرت نيابة حماية المستهلك قراراً قضى بإغلاق شركة النيل للأعشاب بسبب مخالفات متعددة أبرزها حدوث حالتي وفاة بسبب إخضاعهم لعلاجات من الشركة وتقدم العديد من المواطنين للجمعية السودانية لحماية المستهلك بشكاوى ضد ذات الشركة وكانت إدارة المؤسسات العلاجية الخاصة بوزارة الصحة ولاية الخرطوم، قد تقدمت بفتح بلاغات في الشركة وفي مواجهة قناتي (قوون) و(النيل الأزرق) الفضائيتين بسبب استمرارهما في الإعلان عن شركة النيل للأعشاب بالرغم من إغلاق جميع أفرع الشركة بقرار من نيابة حماية المستهلك، الأمر الذي جعل الجمعية السودانية لحماية المستهلك تشن هجوماً عنيفاً على الشركة لتلاعبها بصحة المستهلكين ووتتهم نافذين بالوقوف خلفها، لعدم مراعاة ضوابط وزارة الصحة، وأعلنت إدارة المؤسسات العلاجية الخاصة إغلاق 13 شركة أعشاب بالخرطوم. وقال مدير إدارة المؤسسات العلاجية الخاصة بوزارة الصحة ولاية الخرطوم عباس فوراوي ل"الجريدة" إنهم أنذروا القناتين بعدم بث إعلانات شركة النيل للأعشاب، وأضاف "عندما لم تستجب القناتان اتجهنا الى فتح البلاغ"، وأشار الى التزام قناة النيل الأزرق في بادئ الأمر غير أنها عاودت بث الإعلان. وأوضح أن البلاغ في مواجهة القناتين بنيابة حماية المستهلك يحمل الرقم (253)، وأبان أن إدارة المؤسسات العلاجية بصدد تقديم طلب للنيابة لإغلاق قناتي (قوون) و(النيل الأزرق)، وذكر أن القناتين تتسببان في تضليل المواطنين بإعلانات وهمية، وقال "مع العلم أن المؤسسات التي تعلن لها تم إغلاقها بالقوة الجبرية من نيابة حماية المستهلك"، وأبان أن هناك إجراءات قانونية ضد قناتي "طيبة وأنغام" لبثهما إعلانات للشركة الموقوفة بأمر النيابة. وأعلن فوراوي عن إغلاق 13 شركة أعشاب بولاية الخرطوم لعدم حصولها على رخصة، ووجود كوادر غير مسجلة، ووجود عشرات البلاغات بالنيابة ضد تلك الشركات تتعلق بالضرر، وأشار الى حدوث حالتي وفاة، ونبه الى أن (9) من تلك الشركات سجلت في مواجهتها بلاغات منذ العام الماضي اعتبر شركة النيل للأعشاب الأبرز من حيث عدد البلاغات. حكايات: البلاغ رقم (243) دونته منال محمد يوسف شقيقة الضحية ابتسام محمد يوسف ضد شركة النيل للأعشاب فرع العمارات شارع 15 عمارة عبدالقادر مدثر وتعود تفاصيل القضية الى أن المرحومة فارقت الحياة بسبب علاج ب"الحجامة"، التي تمت بواسطة طبيب بتاريخ 24/8/2014 عندما قصدت المرحومة شركة النيل للأعشاب لتلقي العلاج، وذكرت شقيقة المرحومة أن العملية سببت لها جرح مما نتج عنه تسمم في الدم أدى الى هبوط حاد في الدورة الدموية وذلك حسب تقرير الطبيب دخلت بموجبه لمستشفى فضيل وتوفت بعد يومين من دخولها للمستشفى بتاريخ 27/8/2014، الأمر الذي جعل أسرتها تدون بلاغاً في نيابة حماية المستهلك. وفي ذات السياق قال حسين أحمد خليفة إن لديه ابنة تعاني من الروماتيزم ذهب بها الى عيادة شركة النيل للأعشاب وتعرضت لعدد من الجلسات وعقب ذلك توفت وقام والدها بفتح بلاغ ضد الشركة لدى نيابة المستهلك. وصمة اجتماعية: وفضل أغلب الذين قصدوا شركة النيل لتلقي علاجات لأمراض "التناسلية" المسكوت عنها في المجتمع السوداني –حجب أسمائهم أن الأمراض التي يعانون منها مسكوت عنها في المجتمع ومن ضمنها الضعف الجنسي وعدم الإنجاب وضعف الانتصاب وإنخفاض الخصوبة وعدم وجود حيوانات منوية كافية لعملية التلقيح ويقول المريض الذي فضل تسميته ب"ن" أنه قصد الشركة بغرض العلاج من مرض الضعف الجنسي وانحفاض الخصوبة، وذكر أنه لأجل العلاج دفع أكتر من ألف جنيه، لكن دون جدوى، وأوضح أن المأساة تمثلت في وجود عشرات المرضى الذين خدعتهم الشركة ودفعوا مليارات الجنيهات ولم يشفوا ولم يتقدموا لفتح بلاغات لجهة أن أمراضهم مسكوت عنها وتم استغلالهم، وطالب "ن" بإغلاق الشركة لجهة أن كل من قصدها قبض الريح. وقصة أخرى: صلاح حسن عبدالقادر مصاب بجرح سكري في الأصبع وذهب للشركة وأُجريت له عملية غيار لمدة أسبوع مما تسبب له في تسمم مما اضطر الأطباء الى إجراء عملية بتر في الأصبع وفتح بلاغ لدى نيابة حماية المستهلك. تحدي: بالرغم من صدور قرارات المحكمة القاضية بإغلاق الشركة إلا أن "الجريدة" كشفت من خلال ترددها على مقر الشركة التي ظلت تمارس نشاطها غير آبهة بقرارات المحكمة التي أصدرت قرار إغلاق أبواب الشركة الواقعة شرق شارع الحرية وغرب موقف شروني عبر القوة الجبرية، وجدت الشركة تمارس نشاطها من خلال استخدام العاملين بالشارع من أصحاب المحلات والباعة لاصطياد المرضى والعمل على إدخالهم للشركة الصادر بأمرها الحكم وذلك في شكل مجموعات وعقب إدخالهم يغلق باب الشركة لمقابلة العاملين وتلقي العلاج ومن ثم يخرجون لتدخل مجموعة جديدة وهكذا ظلت الشركة تمارس نشاطها بالرغم من تسببها في العديد من الإشكالات للعديد من المرضى وملفات التحريات بنيابة المستهلك تشهد على ذلك إذ استقبلت نيبابة حماية المستهلك (19) بلاغاً في غضون الثلاثة أشهر المنصرمة وغالبية الضحايا كانوا يعانون من الاستفراغ والإسهال وتوجد حاليان وفاة. قال مدير المؤسسات العلاجية الخاصة إن للشركة (9) شركات تعمل في مجال الأعشاب من بين (13) شركة تم فتح بلاغات في مواجهتهم منذ العام 2014 ولم تتم محاكمتهم حتى الآن، موضحاً أن هناك عشرات البلاغات مقدمة من قبل مواطنين متضررين من تلقيهم علاجاً من شركة النيل للأعشاب وقالت موظفة تعمل بمحلية الخرطوم فضلت حجب اسمها ل"الجريدة" إن لديها ابنه تعاني من إعاقة جسدية وذهبت بها لشركة النيل للأعشاب وتم إعطاؤها وصفتين عشبيتن ودفعت مبلغ "800" جنيه وعندما ذهبت الى المنزل اكتشفت أن إحدى العلاجات عبارة عن "قرض" وتناولت ابنتها الدواء ولكنها لم تشفَ وقررت عدم العودة للشركة. "ضنب الخروف" ذكر والد الطفل "ن" الذي فضل حجب اسمه أن ابنه من ذوي الإعاقة "أبكم" وقال الده طرقت كل الأبواب لعلاج ابني ولكن دون جدوى، وأشار الى أنه سمع بشركة النيل للأعشاب ورأى مجموعة من الإعلانات على الفضائيات وذهب للشركة وكشف عن جملة المبالغ المدفوعة للعلاج والتي وصلت الى (26) مليون جنيه لعلاج الطفل، وذكر أن الشركة أعطته وصفة لعلاج ابنه تسمى "ضنب الخروف"، ورغماً عن صرفه كل هذه المبالغ لم يشفَ ابنه بالرغم من تأكيد المعالجين بالشركة على الشفاء العاجل مما اضطره للتقدم لإدارة المؤسسات العلاجية الخاصة بشكوى ودون بلاغ لدى نيابة المستهلك. عاملة نظافة تعمل فراشة بإحدى مدارس الأساس بمنطقة الصالحة فضلت حجب اسمها قالت ل"الجريدة" كنت أعاني من ألم متكرر بالبطن، لكن نسبة لظروفي الأسرية إذ أنني أعول إحفادي بعد وفاة أبي، وقالت صرفت راتبي البالغ 300 جنيه وذهبت للشركة ودفعت كل راتبي وأعطوني سفوفة وبعد تناولها أحستت بألمٍ مبرح دخلت على إثره المستشفى وأُجريت لها عملية غسيل معدة، وطالبت هذه السيدة البسيطة عبر "الجريدة" الشركة بإعادة المبلغ لأنها في حوجة ماسة لمقابلة المتطلبات اليومية. شكوى تنجح في إغلاق الشركة: نيابة حماية المستهلك توضح شكوى تقدم بها مواطن بتاريخ 19/ أكتوبر/2015 ويحمل الخطاب حسب المستند النمرة /وع/ن ح م/ مكاتبات البلاغ بالرقم 202 للعام 2015 تحت المواد 12+14 والمواد من قانون المؤسسات العلاجية الخاصة والمواد 15+16 من قانون الأدوية والسموم، الشاكي محمد موسى عباس المشكو ضده شركة النيل للأعشاب القرار: إعمالاً بنص المادة (130) من قانون الإجراءات الجنائية لسنة 1991 يتم إغلاق جميع فروع شركة النيل للأعشاب لحين انتهاء الدعوى أو صدور قرار آخر. قانون الصيدلة والسموم يوضح قانون الصيدلة والسموم في الفصل الثالث بعنوان المنشآت الصيدلانية عن التراخيص المادة (15) لا يجوز لأي شخصٍ أن يقوم بتصنيع أو تحضير أو تجهيز أو استيراد أو توزيع أو بيع أو عرض للبيع أو نقل أو تدوال أي مستحضر صيدلاني أو أي من السموم المنصوص عليها في هذا القانون ما لم يكن مرخصاً له بذلك وفقاً لأحكام هذا القانون، ويعاقب من يخالف هذا العقوبتين معاً. وجوب تسجيل الأدوية والمستحضرات الصيدلانية في المادة (16) وحسب نص القانون لا يجوز لأي شخص تصنيع أو تحضير أو تجهيز أو استيراد أو توزيع أو بيع أو عرض للبيع أو تسليم لإعادة البيع أي دواء أو مستحضر صيدلاني أو مستلزم طبي أو مستحضر تجميل إلا بعد تسجيله وفقاً لأحكام هذا القانون واللوائح الصادرة بموجبه ويعاقب القانون السجن لمدة عام أو الغرامة أو العقوبتين معاً. الجريدة ______