الكشف عن المرشحين للفوز بجائزة الكرة الذهبية 2025    عزيمة وصمود .. كيف صمدت "الفاشر" في مواجهة الهجوم والحصار؟    مناوي يُعفي ثلاثة من كبار معاونيه دفعة واحدة    المريخ يختار ملعب بنينا لمبارياته الافريقية    تجمع قدامي لاعبي المريخ يصدر بيانا مهما    بالصور.. تعرف على معلومات هامة عن مدرب الهلال السوداني الجديد.. مسيرة متقلبة وامرأة مثيرة للجدل وفيروس أنهى مسيرته كلاعب.. خسر نهائي أبطال آسيا مع الهلال السعودي والترجي التونسي آخر محطاته التدريبية    شاهد بالفيديو.. بالموسيقى والأهازيج جماهير الهلال السوداني تخرج في استقبال مدرب الفريق الجديد بمطار بورتسودان    بالفيديو.. شاهد بالخطوات.. الطريقة الصحيحة لعمل وصنع "الجبنة" السودانية الشهيرة    شاهد بالصورة والفيديو.. سيدة سودانية تطلق "الزغاريد" وتبكي فرحاً بعد عودتها من مصر إلى منزلها ببحري    حادث مرورى بص سفرى وشاحنة يؤدى الى وفاة وإصابة عدد(36) مواطن    بالفيديو.. شاهد بالخطوات.. الطريقة الصحيحة لعمل وصنع "الجبنة" السودانية الشهيرة    رئيس الوزراء السوداني كامل إدريس يصل مطار القاهرة الدولي    شاهد بالفيديو.. بعد عودتهم لمباشرة الدراسة.. طلاب جامعة الخرطوم يتفاجأون بوجود "قرود" الجامعة ما زالت على قيد الحياة ومتابعون: (ما شاء الله مصنددين)    الشهر الماضي ثالث أكثر شهور يوليو حرارة على الأرض    شاهد.. الفنانة إيلاف عبد العزيز تفاجئ الجميع بعودتها من الإعتزال وتطلق أغنيتها الترند "أمانة أمانة"    شاهد بالفيديو.. بعد عودتهم لمباشرة الدراسة.. طلاب جامعة الخرطوم يتفاجأون بوجود "قرود" الجامعة ما زالت على قيد الحياة ومتابعون: (ما شاء الله مصنددين)    يؤدي إلى أزمة نفسية.. إليك ما يجب معرفته عن "ذهان الذكاء الاصطناعي"    شاهد.. الفنانة إيلاف عبد العزيز تفاجئ الجميع بعودتها من الإعتزال وتطلق أغنيتها الترند "أمانة أمانة"    عمر بخيت مديراً فنياً لنادي الفلاح عطبرة    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (روحوا عن القلوب)    الجمارك تُبيد (77) طنا من السلع المحظورة والمنتهية الصلاحية ببورتسودان    12 يومًا تحسم أزمة ريال مدريد    الدعم السريع: الخروج من الفاشر متاح    التفاصيل الكاملة لإيقاف الرحلات الجوية بين الإمارات وبورتسودان    بيان من سلطة الطيران المدني بالسودان حول تعليق الرحلات الجوية بين السودان والإمارات    الطوف المشترك لمحلية أمدرمان يقوم بحملة إزالة واسعة للمخالفات    السودان يتصدر العالم في البطالة: 62% من شعبنا بلا عمل!    نجوم الدوري الإنجليزي في "سباق عاطفي" للفوز بقلب نجمة هوليوود    يامال يثير الجدل مجدداً مع مغنية أرجنتينية    رواندا تتوصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة لاستقبال ما يصل إلى 250 مهاجرًا    تقارير تكشف خسائر مشغلّي خدمات الاتصالات في السودان    توجيه الاتهام إلى 16 من قادة المليشيا المتمردة في قضية مقتل والي غرب دارفور السابق خميس ابكر    السودان..وزير يرحب بمبادرة لحزب شهير    السودان.."الشبكة المتخصّصة" في قبضة السلطات    مسؤول سوداني يردّ على"شائعة" بشأن اتّفاقية سعودية    غنوا للصحافة… وانصتوا لندائها    توضيح من نادي المريخ    حرام شرعًا.. حملة ضد جبّادات الكهرباء في كسلا    شاهد بالفيديو.. بأزياء مثيرة وعلى أنغام "ولا يا ولا".. الفنانة عشة الجبل تظهر حافية القدمين في "كليب" جديد من شاطئ البحر وساخرون: (جواهر برو ماكس)    امرأة على رأس قيادة بنك الخرطوم..!!    وحدة الانقاذ البري بالدفاع المدني تنجح في إنتشال طفل حديث الولادة من داخل مرحاض في بالإسكان الثورة 75 بولاية الخرطوم    أنقذ المئات.. تفاصيل "الوفاة البطولية" لضحية حفل محمد رمضان    الخرطوم تحت رحمة السلاح.. فوضى أمنية تهدد حياة المدنيين    "الحبيبة الافتراضية".. دراسة تكشف مخاطر اعتماد المراهقين على الذكاء الاصطناعي    انتظام النوم أهم من عدد ساعاته.. دراسة تكشف المخاطر    خبر صادم في أمدرمان    اقتسام السلطة واحتساب الشعب    إلى بُرمة المهدية ودقلو التيجانية وابراهيم الختمية    وفاة 18 مهاجرًا وفقدان 50 بعد غرق قارب شرق ليبيا    احتجاجات لمرضى الكٌلى ببورتسودان    السيسي لترامب: ضع كل جهدك لإنهاء حرب غزة    تقرير يسلّط الضوء على تفاصيل جديدة بشأن حظر واتساب في السودان    مقتل شاب ب 4 رصاصات على يد فرد من الجيش بالدويم    أفريقيا ومحلها في خارطة الأمن السيبراني العالمي    السودان.. مجمّع الفقه الإسلامي ينعي"العلامة"    ترامب: "كوكاكولا" وافقت .. منذ اليوم سيصنعون مشروبهم حسب "وصفتي" !    عَودة شريف    لماذا نستغفر 3 مرات بعد التسليم من الصلاة .. احرص عليه باستمرار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



توطين الفساد ,القضاء هو المضغة التي في الجسد اذا فسدت فسد الجسد كله
نشر في الراكوبة يوم 05 - 11 - 2015

في قضية مكتب والي الخرطوم الشهيرة التي أستغل فيها المتهمون نفوذهم لنهب اموال الدولة عبر بيع ارضي
استثمارية بلغت ارقام فلكية, وقالت اللجنة آنذاك إنه إذا ذهبت القضية للمحكمة سيصعب إثباتها ......! لذلك طبقت اللجنة ما عرف بالتحلل وهو ارجاع المبالغ التي تم الاستيلاء عليها مقابل إخلاء طرف المتهمين وذلك وفقاً لأحكام المادة (13) من القانون المذكور،وهي سابقة خطيرة تفتح الباب علي مصراعيه للنهب (المصلح) , فحتي اذا تم اكتشاف الجريمة فما علي
المتهمين (سوي) ان( يتحللوا) هكذا بكل سهولة, فكلها مصطلحات فصلت لمساعدة الانقاذيين علي النهب , مثل التحلل وفقه السترة للتلاعب بالدين والقانون في هذه البلاد التي اذ سرق فيها الضعيف بضعة جنيهات ليروي بها
(عطشه) طبق عليه القانون ,فهذه هي القضايا التي يجب ان يتناولها د عبدالحي يوسف مع هيئة اعضاء المسلمين في حينها بفتوي صارمة ليست بالقطاعي علي غرار التصريح الذي خرج به علينا د عبد الحي لانه يمثله وحده , خشية التلاعب بالدين والقانون لصالح العصبة الحاكمة.
أخيرا وبعد ان استهلك قانون (التحلل) خرج الينا د عبدالحي يوسف عضو هيئة علماء المسلمين بتصريح منفصل يخصه , ليحفظ ماء وجه هيئة علماء المسلمين التي ينتمي اليها بطريقة غير مباشرة ,فقد جاء في صحيفة الانتباهة31/10/2015 : جزم إمام وخطيب مجمع خاتم المرسلين الشيخ عبدالحي يوسف بعدم وجود أي( تحلل )من المال العام في دين الله، وقال: شاع في الآونة الأخيرة ما يسمونة (تحللاً )وهذا لا أصل له في دين الله. وأضاف من يفتي بمثل هذه القانون ومن يقوم بتحليله؟. وقال إنسان سرق وأكل المال العام وثبتت عليه البينة, وأخذ بجرمة, كيف نقول له تحلل من هذا المال لا لك ولا عليك؟. وأكد في خطبة الجمعة الاخيرة أن مثل هذه القانون يشجع الناس على السرقة والاختلاس. وقال «كأننا نقول للناس أسرقوا واختلسوا فإن لم يعلم بكم أحد فهو حلال لكم, وأن علم بكم وانكشفتم ردوا ما أخذتم وأنتم أحرار في أمن وأمان حتي تتحينوا فرصة أخرى للسرقة». ونوه إلى تداول الصحف لقضايا الاعتداء على المال العام، وقال لا نسمع بعدها نفياً أو إثبات، وأكد أن الناس لا تعلم ما حدث فيها والى أين تسير، وهل عوقب المعتدي بجرمة؟. وقال من يأكل المال العام من أجل أن يبني عمارة ويركب سيارة ويأكل أطيب الطعام، فهو يسمن في بدنه للنار.
تصريحات معبرة عن الاحوال الراهنة وان جاءت متأخرة من د عبدالحي يوسف في خطبة الجمعة الاخيرة بخصوص اكلي المال الحرام وناهبي المال العام, ولكن المدهش في تصريحاته الاستفهامات الاستنكارية التي تفيد التعجب!! بقوله: من يفتي بمثل هذا القانون ومن يقوم بتحليله....؟ اذا كان د عبد الحي لا يدري من الذي يفتي ومن الذي يقوم بالتحليل فتلك هي المصيبة الكبري ........ لأنهم معروفين لدي كافة الشعوب السودانية ,ولكن السؤال اين د عبدالحي كل هذا الوقت, بمعني انه لم يتناول قضايا فساد الدولة وفساد مسؤليها , وقضية قانون التحلل منذ حينها وقضايا اخري مثل التعاملات الربوية للنظام الحاكم,, ولكن دعبدالحي اطلق هذا التصريح لتبييض ماء وجه هيئة علماء المسلمين التي ينتمي اليها وهي تغض الطرف عن عورات فساد النظام الحاكم , ولكن الفتوي او التصريح ليست به فائدة ما لم تخرج من جهة رسمية مثل هيئة علماء المسلمين,ومن هنا خرجت تصريحات عبدالحي يوسف لتحقيق التوازن, فاذا ارادنا عبدالحي ان نصدقه فيما يقول , فليلزم بتصريحه هيئة اعضاء المسلمين التي ينتمي لها او يكون له منها رأي اخر .
ولكن في ظل الوضع الراهن لن يتوقع اسوأ المتشائمين بأن تصدر هيئة علماء المسلمين فتوي تنحاز للمواطن البسيط, فالفتوي ليس الا سلسلة من فتاوي سياسية مفصلة علي رغبات السلطان, ومن تلك الفتاوي تجويز الربا بحسب رأيهم من اجل بناء سد مروي بأعتبار ان تلك ضرورة ملجئة شرعا يخشي بعدم اتيانها الهلاك, فأذا كانت الحضارة المروية قد قامت منذ سبعةالاف عام وامتدت الحياة في السودان منذئذ بدون سد مروي ويمكن ان تمتد حقبا من الدهر بدونه فأي ضرورة ملجئة بدونه لولا انها السيباسة .....! ومن الفتاوي المضحكة لهيئة علماء السلطان فتوي عدم جواز سفر الرئيس الي قطر فتوي عدم جواز سفر الرئيس الي قطر التي اراد بها فقهاء السلطان توفيرغطاء شرعي لعدم سفر الرئيس الي قطر عندما ظنوا ان تلك هي رغبته , فأن كان كان لاعضاء الهيئة كرامة شخصية واحترام للذات لكانوا فضوا سامرهم ومضي كل الي حال سبيله منذ ان ضرب رئيس الجمهورية عرض الحائط بفتواهم بعدم السفر الي قطر لحضور مؤتمر القمة الاسلامي حينذاك بعد صدور قرار محكمة الجمايات الدولية, ولكن لأن الامر أمر دين وانما اتجار به لأغراض سياسية فقد صمتت الهيئة ولم تقل ان رئيس الجمهورية يخالف بسفره حكما شرعيا ضمن ذا الذي تستلزمه فتاويها التي تلزم من يفترض انه ولي امر المسلمين حسب فقهها الابتر.
خطت السياسة العامة في عهدالنبي والخلفاء الراشدين نهجا منحازا للعامة من الفقراء وكانت امراواضحا .ورأينا كيف كانت العلاقة بين المال والقيادة , فما بالادعياء الحكم بشرع الله اليوم في وطن المشروع الحضاري, فكيف جاز للقيادات ومحاسبيهم ان يثروا من السلطة في عهد التمكين الا من رحم ربي , فاذا كان عمر الفاروق رضي الله عنه قد اضطر ان يوضح للصحابة من اين جاء بقماش يكفي لقامته الطويلة فمن اين جاء القوم واقاربهم بفارهات والعمارات الشاهقات الا من رحم ربي وقد جاء جلهم الي السلطة فقراء ....؟ من اين استمد هذا التساندبين السلطة والقوي المسيطرة اقتصاديا مشروعيته
.............؟ فخيرمثال للافساد في الارض ما جري وما يجري في السودان خلال الخمس وعشرون عاما الماضية, فالتدين ورع يمنع الانسان من اسباحة الدماء واكل اموال الناس بالباطل والوقوع في الظلم اكبر الكبائر بعد الشرك بالله , لكن تخلي المتدينون عن الانقاذ بعد ان اتضح لهم انها للسلطة وللمال والنفوذ وليست لله كما يزعمون, وانها حركة عنصرية تتخفي في عباءة الاسلام,ويحاول دعاة الاسلام السياسي في العالم العربي التعتيم علي تجربتهم المأساوية في السودان تماديا في الباطل, لانها ليست لله وخير البلاد والعباد , ولولا ذلك لاعترفوا بمازقهم التاريخي,وقد رفض الاخوان المسلمين في مصر ايام حكم الرئيس الاسبق مرسي المباديء فوق الدستورية التي تحكم الدستور ولا تحكمها وهي الحقوق الطبيعية المنصوص عليها في مواثيق حقوق الانسان لكنها في الحقيقة حقوق رانية تنزل بها القران قبل اربعة عشر قرنا
لقد استهلك الاسلام في السودان في الصراع حول السلطة ,فنحن الان نمر بنفس التجربة الاوروبية, في عصر الكنيسة التي كانت تبيع صكوك الغفران وتتحالف مع الملوك والاقطاع لقهر الشعوب واستعبادها, و كيف كان رجال الدين المسيحي يستغلون الدين لمصلحتهم الشخصية ويتمرغون في تعيم الدنيا الزائلة الي جانب الحكام وفي مقابل ذلك يعدوا البسطاء بالجنة اذا هم خضعوا للملوك, كما فعلت هيئة علماء المسلمين وجماعة انصار السنة في الانتخابات , وهكذا حتي يحكموا قبضتهم علي رقاب العباد , فالحديث عن العلاقة بين السلطة والثروة ما ينبغي له في ظل هذه الظروف التي نعايشها ان تكون طرحا تجريديد او تهويميا او فلسفيا بل يجب ان يلامس الواقع بما فيه من تجليات مريرة لهذه العلاقة التي اعتراها انحراف عسير ادت لهذا الانحراف الخطير افرزت مفارقات اقتصادية اكتوي بها المواطن السوداني , فالقوانين تشرع وترفع الشعارات , ولكن كل ذلك لا يجدي مالم يستبطن دعاة الاسلام السياسي ورجال الدين قيم الاسلام الجوهرية ويعيشوها في انفسهم ويلزموا بها محاسيبهم ولو بالحد الادني علي غرار ما يجري في الغرب الرأسمالي من شفافية وعدم استغلال للنفوذ حتي لا تكون قصور مشيدة لاصحاب الجاه ,ومعطلة للعامة الذين اصاب غالبهم الفقر المدقع في عهد المشروع الحضاري.
افتي من قبل مجلس البحوث الاسلامية بالازهر الشريف بان الفوائد المصرفية المعمول بها في النظام الراسمالي ليست حراما ,ولكن كهنة النظام افتوا بان الفوائد المستحقة علي ودائع الحكومة بالبنوك الاجنبية مالا حراما ولا يجوز ان تتلوث به ميزانية الدولة الاسلامية المزعومة , ولكن لا يعرف اين تذهب هذه الاموال التي تقدر بمليارات الدولارات.....! وكانت ولا تزال الحكومة تقترض علي اساس ربوي, فقد كنا عشرين عاما حقلا للتجارب وفيرانا للمختبرات , اما البنوك الاسلامية فقدنشأت وترعرعت في احضان السلطة في السودان , وقامت علي تخزين واحتكار السلع الضرورية, وقد كانت جماهير الانتفاضة تتهمها بافقار الناس وتجويعهم وتهاجم دورها بالطوب والحجارة. وتختلف عمليات المرابحة عن الفوائد المصرفية في الشكل وليس المضمون لان السلطة قيمة نقدية, ووصلت نسبة الفائدة المسموح بها في عمليات المرابحة الي 30% لتمويل النشاط الزراعي و35%لتمويل النشاط الصناعي و80% لتمويل النشاط التجاري ,مقابل 10% في النظام الربوي المزعوم, وتعد شركات توظيف الاموال عن طرق الاذاعة والتلفزيون بربح حلال طيب مقداره 100%. ولم يعد الدين في عصرنا علاقة هذا علاقة بين الدائن والمدين فقد اصبح المستهلك المغلوب علي امره طرفا ثالثا وهو الذي يتحمل اعباء الدين.
في اسرائيل اتهم اولمرت رئيس الوزراء بالفساد عندما كان رئيسا لبلدية القدس واجبر علي الاستقالة , وظل الاتهام قائما تحت التحقيق, ولا تستطيع قوة مهما كانت ان توقف التحقيق وتقديم القضية الي العدالة مثلما سحبت قضية شركة الرازي من امام المحكمة وامتنعت السلطة عن قبول بلاغ من اولياء الدم ضد المكاشفي طه الكباشي واخرين حول اعدام محمود محمد طه وكان ذلك في عهد حكومة الصادق المهدي, فكيف يكون الحال في عهد الانقاذ, ولولا المرض لما افلت شارون من قضاء بقية عمره في السجن ,فالفساد من طبيعة الفاشية لان الغاية عندها تبرر الوسيلة بحكم توجهاتها الاحادية ومنظورها الشمولي , وكان التقصير جريمة اجبرت توني بلير علي الاستقالة بسبب فضيحة نثريات النواب ,واستقال معه الوزراء المعنيون والنواب الذين استفادوا من تلك النثريات وهي لا تزيد في اقصاها عن 500جنيه, اما في السودان فقد اسفر التحقيق في قضية عمارة الشرطة عن اتهامات تتعلق باستغلال النفوذ وانتهي الامر الي التسوية ونقل الوزير الي منصب اخر اكثر اهمية, وتقوم التسويات علي ان المال( تلتو ولا كتلتو) وذلك مدخلا للفساد والافلات من العقاب.
الفرد اصبح بانتمائح للنظام الحاكم وقدرته علي التملق يحقق مكاسبه الذاتية, وهنا يبرز الانهيار الاخلاقي واختلال سلم القيم الذي اصبح معكوس بتفشي الرشوة وخلافه وغياب القدوة في واقعنا كما قال د حيدر ابراهيم , مثل علاء الدين والمصباح السحري , رأسماليتنا الجديدة اغلبها رأسمالية طفيلية في السابق كانت الرأسمالية معروفة شخصيات بدأت حياتها من الصفر مثل الشيخ مصطفي الامين وابو العلا ولكن الان هناك ظاهرة محيرة يقال لك فجأة فلان اصبح غني او رجل اعمال,ولكن كيف (الله اعلم) بل حتي العلم والمعرفة خطت في ذات المنحي هناك شخص لا يجيد لغة اجنبية بل حتي يتب او يقرأ بطريقة جيدة وفقا لشروط الكتابة العلمية وتسمع انه اصبح دكتورا او بروفيسرا وهذا لديه ماجستير, وبالتالي الحياة العامة اصبحت تمضي في تضخم الاهتمام بالكم وليس الكيف اي لا يوجد اهتمام بالمعرفة العلمية او الجودة ولكنها في الواقع زيادة اصفار, فلذلك نحن في مرحلة انهيار كامل قياسا علي حديث بن خلدون عن مظاهر انهيار الامم بذات الوتيرة التي نمضي عليها من اختلال سلم القيم والاخلاق, فالتمسك بالشعارات لا تجدي مثل المماليك والايوبيين هذه كلها ممالك فيها سلطان وملك الي زوال فمرات الدولة ظالمو ولو كانت تقيم الدين تسقط, فالظلم هو السوس الذي ينخر في دولة ويعجل بنهايتها
شكلت الانقاذ الكثير من الاليات لمحاربة الفساد, ولكنها مهما فعلت فهي في النهاية صنيعة انقاذية ومؤسسة صورية مثل نيابة الثراء الحرام وقانونها , ولا نحتاج لقانون جديد او تكوين اليات لمحاربة الفساد ,ففي القانون الجنائي ما يكفي لاجتثاث الفساد ويقصد بذلك تمييع قضايا الفساد باختلاسها في الفساد والمختلسون, وهم اللصوص الصغار وهم لصوص اغبياء لانهم عهدتهم او يتركون خلفهم اثارا تدل عليهم , فالمختلسون ادوات والات تنفيذية لا يشاركون في صنع القراررات المالية فليس الصراف والمحاسب وامين المخازن من صناع القرار, ولكنهم يعرفون الكثير عن عورات الكبار فهم اهل الدار الذين من شيمتهم الرقص واعوان السلطان الذين قال ارسطوا انهم شر لا بد منه , وكان مسجل عام الشركات قد رفض الاستجابة لطلب من مراسل جريدة الاضواء للحصول علي معلومات تتعلق بالشركة التي فازت بعطاء الاتصالات الشهير, فمن حق الشعب السوداني ان يعرف كافة التفاصيل المتعلقة بالشركات والبنوك المسجلة في السودان كرأس المال التأسيسي والاصول الثابتة والمنقولة وحملة الاسهم, فقد تكون لذلك علاقة برموز السلطة,فقد توجد شركات تأسست في دول اجنبية ككوريا والصين وماليزيا برؤوس اموال سودانية وشركاء اجانب للعمل في السودان, وقد تعود الاموال المهربة الي هذه الدول في شكل اسهم وسندات واستثمارات في شركات اجنبية, وقد تكون لذلك علاقة بغسيل الاموال, فالانقاذ حزمة من الفساد والتورط والمصالح الخاصة ولا يمكن كسرها مجتمعة الا بقطع الحبل الذي يربطها.
نشرت صحيفة الانتباهة 2/11/2015دمغ وزير الكهرباء السابق ورئيس مجلس إدارة مؤسسة السودان أسامة عبد الله الاقتصاد بالمتدهور، وأضاف قائلاً: وستحدث كارثة في القريب إذا لم تتعامل معها الدولة والقطاع الخاص بصورة جادة».ونبه أسامة إلى أن لا جهة تحاكمهم في عملية الأداء، وقال: «مافي جهة تحاكمنا في أداء عملنا غير الله، لذلك سنكون صادقين»........فمعني هذا انه لا يخضع لقانون الدولة التي هو ملزم بمراعاته , ولا يجوز للدولة ان ترتكب ذلك الظلم لان ذلك يتنافي مع اهدافها ومبرر وجودها, فلكل سلطة سلطة توازيها وتحدها وتمنعها من الطغيان, وفي لقاء بجريدة السوداني تحدي احد صقور الانقاذ الذين يتهمون النظام بالفساد و يتهمونهم بامتلاك الارصدة في البنوك الاجنبية بتقديم الدليل, ...!ولكن هل كان الذئب مذنبا في قضية ولد بني يعقوب عندما بني الحكم علي وجود ما يكفي من الشبهات ولد مفقود واهله عنه غافلون ووسط موبوء ونفوس امارة بالسوء, والسلطة المطلقة مفسدة مطلقة. فالمواطنون يعرفون الحقيقة ولا يحتاجون الي دليل , ويحسون بالفساد جوعا وحرمانا ويرونه باعينهم ترديا وانهيارا في السكة حديد والجزيرة والرهد وطوكر ودلتا القاش ويعانونه كل يوم في المدارس والمستشفيات ,والمدهش في ذلك انه قال انهم ينطلقون من مخافة الله والامانة يوم يسألون.....! و ولكن هذه الحقيقة لا يعلمها اسامة عبدالله وزمرتهم في الجبهة الاسلامية, فالتدين علاقة بين الانسان وخالقه,ينظر فيها قاضي السماء الذي يعلم السر واخفي,فويل ثم ويل لقاضي الارض من قاضي السماء, فلو كانوا يعرفون الله حقا كما يدعون لما كان كل هذا الفساد البائن بشهادة المراجع العام, لان التدين ورع يمنع من ارتكاب المحرمات , وعلمنا كعلم يعقوب عندما اتهم الذئب واخوة يوسف, فقدبدأ بالشك وصولا الي اليقين, ولكن النتيجة ظهرت في كوالالامبور ولندن ومدريد, ونشأت منشيىة جديدة في كوالالامبور,فقد كان الشعب السوداني يتوقع عائدا من استخراج البترول وليس مزيدا من الاعباء .
كل الذي اشرنا اليه يرجع مرده للفساد الذي هو من طبيعة الانظمة الشمولية والفاشية ,لان الغاية عندها تبرر الوسيلة بحكم توجهاتها الاحادية, فلا تكلفنا الحروبات شيئا بالرغم من تكلفتها العالية قياسا بالفساد الذي اصبح سمة تميز نظام الجبهة الاسلامية, فاذا اردنا ان نتقدم فلا بد ان نقضي اولا علي الفساد, ولكن هل حكومة الانقاذ علي استعداد لذلك ..........؟ لدولة غائصة في الفساد حتي اخمص اذنيها بشهادة تقرير المراجع العام , فالانقاذ اكثر قابلية للفساد لان العدالة في منظورها صدقة يتفضل بها الاغنياء علي الفقراء, و لقد تجاوزت ديون السودان المائة مليار لسبب المغامرات السياسية وتمويل سياسات التمكين, ولا نعرف كم استدانت الانقاذ من الصين بضمان البترول فقد ينضب البترول وتبقي الديون وقد تتكشف بدائل اخري ويصبح البترول من حكايات الزمن الغابر,ولا يوجد اي نية لمحاربة الفساد حتي نستطيع ان ننهض الي الامام بدليل ان حكومة الانقاذ شكلت الكثير من المؤسسات لمحاربة الفساد ابتداء بمكافحة الثراء الحرام ونهاية بنيابة الثراء الحرام , وشكلت هيئة من نواب البرلمان لمحاربة الفساد ولكن النتيجة محلك سر ..........! ولا نحتاج الي قانون جديد لاجتثاث الفساد ,لان في القانون الجنائي ما يكفي لاجتثاث الفساد, ولكن القضاء هو المضغة التي في الجسد اذا فسدت فسد الجسد كله , ويذكرني ذلك بقول تشرشل عندما كثر الحديث عن الفساد في مؤسسات الدولة فقد تساءل؟ هل القضاء البريطاني بخير ؟ فبريطانيا بخير طالما ظل القضاء البريطاني بخير , لان القضاء هو الحارس الامين علي الحقوق العامة والخاصة, وكيف تكون الديمقراطية بلا خدمة مدنية محايدة وجيش قومي وفضاء مستقل , ولكن حسبي الله ونعم الوكيل.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.