عام على الحرب فى السودان.. لا غالب ولا مغلوب    يمضي بخطوات واثقة في البناء..كواسي أبياه يعمل بإجتهاد لبناء منتخبين على مستوى عال    الخطوة التالية    السيارات الكهربائية.. والتنافس القادم!    واشنطن توافق على سحب قواتها من النيجر    اللواء 43مشاة باروما يكرم المتفوقين بشهادة الاساس بالمحلية    ملف السعودية لاستضافة «مونديال 2034» في «كونجرس الفيفا»    سوق الابيض يصدر اكثر من عشرين الف طنا من المحاصيل    الأكاديمية خطوة في الطريق الصحيح    شاهد بالصورة.. المذيعة السودانية الحسناء فاطمة كباشي تلفت أنظار المتابعين وتخطف الأضواء بإطلالة مثيرة ب"البنطلون" المحذق    شاهد بالصور.. الفنانة مروة الدولية تكتسح "الترند" بلقطات رومانسية مع زوجها الضابط الشاب وساخرون: (دي اسمها لمن القطر يفوتك وتشتري القطر بقروشك)    شاهد بالصور.. الفنانة مروة الدولية تكتسح "الترند" بلقطات رومانسية مع زوجها الضابط الشاب وساخرون: (دي اسمها لمن القطر يفوتك وتشتري القطر بقروشك)    شاهد بالصورة.. زواج الفنانة الشهيرة مروة الدولية من ضابط شاب يقيم بالقاهرة يشعل مواقع التواصل السودانية    القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح: بدأت قواتكم المشتركة الباسلة لحركات الكفاح المسلح بجانب القوات المسلحة معركة حاسمة لتحرير مصفاة الجيلي    مصطفى بكري يكشف مفاجآت التعديل الوزاري الجديد 2024.. هؤلاء مرشحون للرحيل!    شاهد مجندات بالحركات المسلحة الداعمة للجيش في الخطوط الأمامية للدفاع عن مدينة الفاشر    إجتماع مهم للإتحاد السوداني مع الكاف بخصوص إيقاف الرخص الإفريقية للمدربين السودانيين    وكيل الحكم الاتحادى يشيد بتجربةمحلية بحرى في خدمة المواطنين    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان        ضياء الدين بلال يكتب: نحن نزرع الشوك    غوتيريش: الشرق الأوسط على شفير الانزلاق إلى نزاع إقليمي شامل    أنشيلوتي: ريال مدريد لا يموت أبدا.. وهذا ما قاله لي جوارديولا    غوارديولا يعلّق بعد الإقصاء أمام ريال مدريد    محاصرة مليوني هاتف في السوق السوداء وخلق 5 آلاف منصب عمل    نوير يبصم على إنجاز أوروبي غير مسبوق    تسلا تطالب المساهمين بالموافقة على صرف 56 مليار دولار لرئيسها التنفيذي    بايرن ميونخ يطيح بآرسنال من الأبطال    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    مباحث المستهلك تضبط 110 الف كرتونة شاي مخالفة للمواصفات    قرار عاجل من النيابة بشأن حريق مول تجاري بأسوان    الرئيس الإيراني: القوات المسلحة جاهزة ومستعدة لأي خطوة للدفاع عن حماية أمن البلاد    خلال ساعات.. الشرطة المغربية توقع بسارقي مجوهرات    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    إنهيارالقطاع المصرفي خسائر تقدر ب (150) مليار دولار    أحمد داش: ««محمد رمضان تلقائي وكلامه في المشاهد واقعي»    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    إيلون ماسك: نتوقع تفوق الذكاء الاصطناعي على أذكى إنسان العام المقبل    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    ما بين أهلا ووداعا رمضان    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    الجيش السوداني يعلن ضبط شبكة خطيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مولانا سيف الدولة حمدناالله : مايو كانت "نزهة" مقارنة بالنظام الذي يحكم السودان الآن..! وزير العدل لا يستطيع تصحيح الأوضاع في وجود نظام سياسي هكذا..!
نشر في الراكوبة يوم 14 - 11 - 2015

حاكمت بعض رموز "مايو" وكنت مشاركاً في انتفاضة "ابريل"..!
يطربني صوت نادر خضر.. أنا مريخابي بهوية أهلي .. وهذا التعبير سخيف ومفلس..!
* قرأت كثيراً لمولانا سيف الدولة حمدناالله وسمعت عنه من أصدقائه وزملائه، والمثل المتداول في بعض أغنياتنا وشوارعنا يقول (مصيرو الحي يلاقي).. وتشاء الأقدار أن تكون أول مقابلة لي معه في مناسبة حزينة حينما حضر للوطن بعد غياب طويل في مناسبة وفاة والده الكاتب المسرحي حمدناالله عبدالقادر.. وأن يكون الرجل في الخرطوم فذلك كافٍ "للأمثال النظيرة" وكافٍ للهواجس والتساؤلات؛ وقطعاً الأحزان.. فالحزن على رحيل والده له من الأبعاد ما يعتصر القلب ويزيد.. ثم الحزن على "سيف الدولة نفسه" وكثير من أمثاله ابتلعتهم أمكنة وأزمنة الاغتراب وهم يحترقون شوقاً وأمنيات؛ بعضها يتعلق بالوطن وبعضها ذي صلة بالأسرة والأهل والأحباب والبيوت..!
* التقينا به في أوج "التعازي" والناس في "بيت البكاء" من شتى الطيوف.. وافق مولانا سيف الدولة على "الدردشة" بعد أن خفّ المعزون رغم ما يحمله من المشاغل والهموم، ورغم اعتذاره للبعض عن أي حديث، إلاّ أنه لم يبد غير "الرحابة" والتجاوب معنا.. اقتطع لنا من لحيظاته؛ فكان استغلال الزمن ضرورياً في وجوده "النادر" للخروج بإجابات لهذه الحصيلة المتواضعة من الأسئلة.
* مولانا سيف الدولة الذي عرفناه من خلال الكتابة بحد "السيف" يمتلئ لطفاً وظرفاً؛ وجسارة يحاول الإرهاق "دسها" فتستبين.. وخلال الجلسة لمسنا فيه توقاً الى "سودان" غير هذا الممدد أمامنا بالموت والمنكدات.. كما لمسنا فيه أسفاً حاراً لحال البلاد عامة وناسها وهي تدخل حيز البوس من أوسع أبواب المتسلطين الحاكمين الآن.
حاوره: عثمان شبونة والرشيد حبيب الله
سمعتك وكأنك تعتب على الرسميين أنهم لم يشاركوا في مأتم والدك الراحل حمدناالله.. وقد كنت شاهداً في يوم رحيله على مفارقة ذكرتها لك أول ما التقيت بك في الخرطوم؛ وهي مشهد تكالب الرئيس ومحسوبيه وجماعته وكذلك الإعلام الرسمي على جنازة الوزير الذي توفى ودفن في نفس يوم رحيل الوالد.. السؤال: هل غضبت لعدم حضور الرئيس والمسئولين الرسميين للعزاء؟ وفي رأيك لماذا يكون السياسيون في مجتمعنا مقياساً لرسم صورة تفاخرية في أفراح وأتراح الناس أكثر من غيرهم؟!
* لا أعتب على المسئولين الحكوميين في عدم مشاركتهم في عزاء الوالد، فالذي تعتب عليه هو من ترغب في حضوره، وأنا غير راغب في أن أتنفس هواء واحد مع من ذكرتهم لا أن أصافحهم وأتلقى منهم العزاء، فهذا نظام سخّر نفسه لخدمة أنصاره أحياء أو أموات وهو غير معني ببقية الشعب، وقد يكون ما سمعته قد جاء في معرض حديث تم تداوله حول تجاهل وزارة الثقافة وإدارة المسرح والإذاعة للمشاركة في عزاء الفقيد بحكم علاقته بالثقافة والمسرح.
مولانا سيف الدولة حينما هبطت الطائرة في مطار الخرطوم ورأيت تراب الوطن.. أسألك بعيداً عن مشاعر الفقد والأسى.. ما الشيء الآخر الذي خالجك.. أو ما هي التفاصيل التي دارت في ذهنك؟!
* كنت أفكر في المفارقة التي جعلتني في المرة الأولى أعود للسودان بعد تسعة سنوات متصلة في مناسبة وفاة والدتي ثم أعود هذه المرة بعد غياب ستة سنوات في وفاة والدي، كنت أفكر في حالي وقد تركت وطني وأنا شاب في بداية الثلاثينات وأمضيت كل هذه السنوات بعيداً عن أهلي وفقدت خلال هذه الفترة والديّ وكثير من الأهل والأصدقاء ثم يأتي من يصف من يعيشون بالخارج ويعارضون النظام بأهم يُقيمون بالفنادق.
وأنت في الوطن.. هَب أنه وُجهت إليك دعوة للمشاركة في الحوار السياسي الذي يجري الآن كيف يكون ردك؟
* هذه دعوة لا تستحق الرد عليها، ولكنها ستجعلني أتساءل ما الذي رآه فيني النظام حتى يعتقد أنني مثل الذين سقطوا تحت نعاله حتى يقدم لي مثل هذه الدعوة.
كيف وجدت الوطن بعد غيابك الطويل؟
* لم أخرج بأي مشاهدات من زيارتي للوطن، وقد لا تصدق لو قلت لك أنني لم أعتب حتى داخل منزل الوالد، فقد توجهت من المطار إلى خيمة العزاء التي بقيت فيها حتى لحظة توجهي للمطار... في العزاء إلتقيت بكل شخص خطر على بالي من الأهل وزملاء الدراسة والزملاء في عملي السابق والأصدقاء.
هل إلتقيت بأهل الصحافة ؟
* جاءوا للعزاء، والتقيت بعدد من الصحفيين من بينهم محمد لطيف وفيصل محمد صالح وعثمان شبونة وعبدالباقي الظافر وحيدر خير الله ود. الباقر أحمد عبداالله وعادل الباز ومحمد محمد خير وحسن وراق.
ما الذي لا يجعلك تبقى في البلاد مثل كثير من المعارضين؟
* جربت ذلك مرة بعد توقيع إتفاقية السلام، كنت متفائل بحدوث انفراج في أزمة الوطن بعد توقيع إتفاقية السلام، فأدخلت أولادي المدارس في الخرطوم وحاولت الإستقرار نهائياً في السودان، ولكن ما حدث أنني ظللت أدور حول نفسي ووجدت نفسي وكأنني سائح أجنبي، والصحيح أنني وجدت الشعب كله مُتغرّب في وطنه، فهناك تنظيم تقاسم أفراده فيما بينهم العمل والوظائف والتجارة وبقية الخلق تتفرج عليهم، وقد إستمر وجودي بالسودان حوالي عام أخذت بعده أولادي وخرجت من جديد.
إذن.. متى تستقر نهائياً بين النهرين؟
* ليس هناك شخص لا يتمنى العيش في بلده ووسط أهله، وغاية ما يتمناه ملايين السودانيين الذين هاجروا من الوطن هو أن يعودوا لعيشوا بين أهلهم وأصدقائهم مثل بقية خلق الله، فهم لم يفعلوا ذلك برغبة منهم، فهؤلاء ضحايا لهذا النظام، معظمهم مفصولين وآخرين ضُيّق عليهم رزقهم بالضرائب وضحايا لسوء إدارة موارد الدولة التي إنتهت بإنعدام فرص العمل وسبل كسب العيش الكريم. ولا تصدق ما يقول به النظام بدعوته للطيور المهاجرة للوطن للمشاركة في بنائه، فهؤلاء هدموا الدولة ولا يريدون التفريط حتى في السيطرة على الأنقاض
.
الغيرة على مهنتك واضحة وقد جعلتك تقدم كتابات قوية في خصوص ما حدث من خراب في شأن العدالة، هل تقصد أن لديك أمل في أن يحقق القضاء السوداني شيئاً مرجواً في ظل وضع البلاد الحالي؟
* لا أعتقد أن القضاء سوف يعود إلى "سيرته الأولى" في هذا العهد أو حتى بعد مرور عشرين سنة من زواله، فالقضاء مهنة تقوم على التقاليد التي يستفرق بناؤها عقود طويلة يتوارثها القضاة جيلاً بعد جيل، وقد تسببت الإنقاذ في قطع تواصل الأجيال مما إنتهى إلى مسح كل تجربة القضاء السوداني وتاريخه بجرة قلم، فما إرتكبه النظام في حق القضاء يعتبر جناية لا تُغتفر، فأول ما فعلته الإنقاذ أنها قامت بتصفية المحكمة العليا من شرّاح وصنّاع القانون من أمثال هنري رياض سكلا وحكيم الطيب وعبدالله أبوعاقلة أبوسن والصادق سلمان ..الخ، ثم جاءت بقضاة بمعرفتها إنصرفوا إلى ما تراه اليوم من إنشغال بكل شيئ سوى تجويد الأداء المهني، مثل الحصول على الإمتيازات والمباني والسيارات وجوازات السفر الديبلوماسية، بل أن القضاء دخل دنيا التجارة والإستثمار كما هو معلوم، ولذلك لم أستغرب لنشوء مثل ظاهرة القاضي الذي يُطلق عليه "الموبايل"، أو الذي يقوم بتنفيذ عقوبة الجلد بتلك الطريقة الوحشية التي ظهرت في الفيديو المعروف أو جنوح القضاة لإهانة الخصوم السياسيين بتوقيع عقوبة الجلد عليهم بغير مقتضى.
مشكلة إعادة بناء السلطة القضائية أن الذي كان يدرس بمرحلة الأساس عند قيام الإنقاذ من أبناء التنظيم أصبح اليوم قاضي بمحكمة الإستئناف، وقد نتج عن ذلك حدوث تدهور مريع في المستوى المهني للقضاة بإعتراف النظام الذي لجأ خلال الخمسة عشر سنة الأخيرة للإستعانة بأرباب المعاشات من القانونيين للجلوس في دوائر المحكمة العليا بكتابة الأحكام من منازلهم نظير مبلغ مقطوع يدفع لهم سنوياً بموجب عقود عمل فردية، دون أن يكونوا مقيدين في جدول القضاة.
كنت أول من كتب عن وزير العدل الجديد مولانا عوض النور وقلت أنه سوف يكون مختلف عن وزراء العدل السابقين في عهد الإنقاذ، وقد تسبب رأيك في تقديم الرجل بصورة إيجابية ومتفائلة حتى لدى كثير من المعارضين، هل لازلت عند رأيك في وزير العدل؟
* قلت ذلك من واقع معرفتي الشخصية بمولانا عوض النور، وقد تعرّض هو الآخر للظلم والتآمر خلال فترة عمله بالقضاء، ولكنني لم أذهب للتفاؤل إلى حد مقدرته بتصحيح أوضاع العدالة بما يشتهي، فهذا أمر لا يقدر عليه عوض وحده في ظل وجود نظام سياسي لا يؤمن بدور العدالة بشكلها الصحيح والمطلوب، وقد إلتقيت بالأخ عوض أكثر من مرة خلال فترة وجودي بالسودان، وأرى أنه رجل مجتهد وسيسجل له التاريخ أنه حقق حلم كل المشتغلين بالعدالة بفصل ديوان النائب العام من وزارة العدل بما يحقق للنيابة العامة (قدراً) من الإستقلال عن جهاز الدولة، وأعتقد أن الجميع متفقون الآن على أن مولانا عوض قد أحدث حراكاً في بركة العدالة التي كانت ساكنة بالكامل برغم أنني قد أحبطت من بعض المعالجات التي قام بها في قضية سودانير وموضوع التحلل في قضايا فساد الأراضي، برغم أن مولانا عوض النور له تفسير لمعالجاته قد يكون مقبولاً لآخرين.
هل لديك إنتماء لأي حزب سياسي؟
* لا، لم يحدث ذلك لا الآن ولا في السابق.
هل هذا نتيجة لترفُّع أم تأفف أم زهد؟
* لست وحدي في ذلك، تسعون بالمائة من الشعب لم يعثروا على حزب يستوعب ما يصبون إلى تحقيقه.
مؤكد أن الوطن لم يغب عن ضميرك (من فاجعة لأخرى) ما هي أم الفواجع في رأيك؟
* كل أفعال النظام فواجع، ولكن بلا شك يبقى فصل الجنوب وإشتعال الحروب في ربوع الوطن هما أم الفاجعتين.
لماذا إخترت دراسة القانون دون غيره من العلوم والتخصصات؟
* منذ الثانوية جعلني الوالد أصدق نفسي بأنني مشروع محامي، وخيراً فعل، فلو أصريت على دراسة الطب أو الهندسة بحسب الموجة التي كانت منتشرة بين أبناء جيلي في ذلك الوقت، لإنتهيت إلى عاطل، لأنني كنت "ماسِح" في الرياضيات والعلوم، فقد كانت خياراتي محدودة ومع ذلك لا أتصور كيف كانت تكون حياتي لو أنني درست شيئاً بخلاف القانون.
هل يمكننا القول أن إحالتك للصالح العام هي التي جعلتك بهذه العداوة مع نظام الإنقاذ، وهل كان موقفك من النظام يتغير لو أنك إستمريت بالخدمة؟
* إجابة الشق الأخير من السؤال تُغني عن الأول، ذلك أنه حتى لو لم يشملني الصالح العام، لتقدمت بإستقالتي من نفسي ولما إستمريت في العمل ليوم واحد بعد فصل زملائي وتغول النظام على السلطة القضائية، وهذا ما فعله عشرات من الزملاء القضاة الأحرار الذين إستقالوا من أنفسهم فور صدور الكشف بعد أسابيع قليلة من حدوث الإنقلاب، فالذي يجعلني أتخذ هذا الموقف من النظام هو الإنقلاب على الديمقراطية وفرض مشروع سياسي على كل أبناء الوطن وإقصائه للآخرين وعواره الذي أفضى إلى إنفصال الجنوب وإشتعال الحروب وإنهيار جهاز الدولة والمؤسسات والمشاريع.
كيف ومتى أصبحت عضواً في لجنة قضاة السودان؟
* أصبحت عضواً في لجنة قضاة السودان بالإنتخاب في العام 1982 بعد سنة واحدة من عملي بالقضاء، وقد تسببت عضويتي في فصلي للصالح العام مع عدد من زملائي باللجنة في زمن النميري "1983"، قبل أن يتراجع النميري عن قرار الفصل بسبب الضغط الذي تعرض له بتقديم جميع قضاة السودان إستقالاتهم إحتجاجاً على ذلك القرار، وقد إستمرت عضويتي في لجنة قضاة السودان حتى تم فصلي للصالح العام مرة أخرى مع مجيئ الإنقاذ.
إذا كنت في موقع القاضي الآن.. مَن تحاكم؟
لو أنني إخترت من يستحقون المحاكمة لما جاز لي الجلوس على كرسي القضاء لمحاكمتهم، فهذا يقود إلى التشفّي الذي لا يجوز من قاضٍ، وفي زمننا بالقضاء لم نكن نُدخِل أي إعتبارات سياسية في المحاكمات التي نجريها، فقد حاكمت عدد من رموز مايو بعد قيام الإنتفاضة من بينهم عمر محمد الطيب وضباط جيش وشرطة كبار ومدراء بنوك وقد خرج كثير منهم بالبراءة برغم أنني كنت مشاركاً في إنتفاضة أبريل التي أسقطت مايو.
هُنالك من يحِن إلى العهد المايوي.. هل تعتقد أنه أحسن حالاً بكثير من حال "الإنقاذ"؟
* مايو كان نظاماً عسكرياً وديكتاتورياً وأرتكبت فيه كثير من الأخطاء في حق الوطن والأفراد، ولكن ما حدث فيه يُعتبر نزهة مقارنة بنظام الإنقاذ، فقد حافظت مايو على شكل الدولة وترابها وحدودها السياسية، كما حافظ نظام مايو على المشاريع الزراعية والصناعات التي كانت قائمة وزاد عليها أخرى مثل مشاريع السكر (كنانة وأخواتها) ومشروع الرهد الزراعي والتوسع في صناعة النسيج.. الخ.
بما أنك من الأقلام المُعارضة التي يقرأ لها كثير من أبناء الشعب السوداني داخل الوطن و خارجه، ما الذي يمنع كتابتك من داخل الوطن فهناك أقلام تكتب بحرية وهي مناهضة للنظام؟
* حرية الكتابة في الصحف مسألة نسبية وتخضع لتقديرات الرقيب الذي يحدد مساحة الحرية ويرسم الخطوط الحمراء، ولا أعتقد أن هناك جهة يمكن أن تعرض نفسها للخسارة بنشر ما أكتبه.
ما قولك في من يصفونكم بمعارضي الكيبورد؟
* هذا تعبير سخيف ومُفلِس، ثم من قال أن الخصم عليه أن يختار سلاح غريمه!
أنت، ماشاء الله، تعيش في نعيم الدُنيا و حسب علمي أنك حصلت على الجنسية النيوزلندية، ألا توافق البعض بأنك تحرض أبناء جلدتك على نظام يفتك بهم وأنت بعيد في راحةٍ ومأمَن؟
* أولاً، من قال لك أنني أعيش في نعيم وأنا خارج الوطن!! فجودي خارج الوطن ليس بإختياري، فأنا أعيش في حالة منفى قسري، وبحساب الربح والخسارة ليس هناك خسارة أكثر من وجودي خارج الوطن، فقد حُرمت من العيش في وطني وسط أهلي وإخواني. ثم أنني لم أحصل على الجنسية النيوزيلندية كما تعتقد ولم أتقدم حتى للحصول عليها، فلا زلت سودانياً بالجواز الأخضر.
ثم.. لكل إنسان دور يقوم به نحو تحقيق أهدافه وقناعاته، ولا أعتقد أن هناك دور يمكن أن أقوم به أكثر مما أفعله الآن، ولو شعرت أن وجودي بالداخل يتيح لي ما أقوم به بأفضل مما أفعله الآن لما ترددت في العودة مهما كان ثمن ذلك
.
هل من عودة متوقعة لمولانا سيف للوطن الكبير..؟
* حتماً سوف أعود، وكم أتمنى أن يتحقق ذلك وأنا أسير على قدمين وليس داخل صندوق، فأحمل شوقاً لا يوصف للأهل والأصدقاء وتراب الوطن، ولا تدري كم أتألم لعجزي عن الحضور للوقوف إلى جانب الوالد خلال فترة مرضه الأخير... أتمنى أن تزول الأسباب لنعود فنمضي ما تبقى لنا من أيام في ربوع الوطن.
يقول المثل (ود الفار حفار).. هل تقتفي أثر الوالد (الكاتب المسرحي) في منحى (ما) مما يكتب..؟ وهل لديك محاولات للكتابة في مجالات أخرى بعيداً عن السياسة؟
* في الأصل لم تكن عندي أي محاولات في الكتابة السياسية أو غيرها، والقلم الذي أحمله مسخّر لقضية محددة، وسوف أضعه جانباً وأستريح من الكتابة بنهاية السبب الذي حملني عليها، ولذلك لم أحاول الكتابة في مجالات أخرى ولا أعتقد أنني سأفعل.
الأبناء يزينون وجودنا.. كم لكم من البنين والبنات وكيف تنظر لعلاقتك بهم؟
* أبنائي هم ما خرجت به من هذه الحياة وسبب تمسكي بها، لدي بنت واحدة وصبيين، البنت أكملت دراستها الجامعية هذا العام وهي تعيش معي حالياً في قطر، والصبيين لا يزالان يدرسان في الجامعات بنيوزيلنده.
ما علاقتك بفن الغناء وهل تستمع للمطربين الحاليين؟
* أستمع بشغف للأغاني، ومن مطربي هذا الجيل يُطربني صوت نادر خضر.
والرياضة؟
* اهتمامي بالرياضة ضعيف، فأنا مريخابي بهوية أهلي في الحصاحيصا، لا أغضب إذا هُزم ولا أفرح إذا انتصر.
أكثر ما يشغلك؟
* يشغلني مستقبل البلد، فأنا أرى قطار الوطن يسير نحو هاوية وأهل النظام لا يدركون حجم الكارثة ويتصرفون وكأن القطار يسير نحو حديقة.
أخيراً.. من أين جاء إسم "سيف الدولة" وهل له قصة أو دلالة؟
* الاسم إختاره الوالد وفاءً لصديقه وزميل دراسته سيف الدولة عبد الرحمن علي طه "رحمهما الله"، والاسم لا يزال يسير في متوالية داخل العائلة، فقد أطلق على كل من ابن خالتي وإبن شقيقي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.