قصة الكاتبة كاسك تنتمي إلى روايات السيرة الذاتية التي تعتمد على خلط عناصر من حياة المؤلف بأحداث هي من بنات خياله فهي تسير ضمن خطّها الروائي. العرب تحسين الخطيب لم يكد يمضي سوى أقلّ من يومين على اختيار رواية راتشل كاسك، "خلاصة"، لتتنافس، ضمن القائمة النهائية، على جائزة "غيلر"، وهي واحدة من الجوائز الرئيسية في كندا، والتي يقدمها بنك سكوتيا، تكريما للصحفية الأدبيّة دوريس غيلر، حتى تم ترشيح الرواية ذاتها، وفي الأسبوع الأول من شهر أكتوبر الحالي، لفئة القَصّ الإنكليزي ضمن "الجوائز الأدبيّة للحاكم العام"، أعرق الجوائز الأدبية في كندا. لم تكن روايتها هذه قد ترشّحت لهاتين الجائزتين فحسب، وإنما سبق لها أن تنافست على جوائز بريطانية عريقة أخرى، فقد وصلت إلى القائمتين النهائيتين لجائزة فوليو وجائزة بيليز للأدب القَصصيّ النسوي، والتي كانت تعرف سابقا باسم جائزة أورانج، على حدّ سواء. تنتمي رواية كاسك الأخيرة، هذه، والتي نشرت أول مرة عام 2014 عن دار النشر البريطانية العريقة "فايبر آند فايبر"، ثم أعيد إصدارها في 13 يناير من هذا العام، عن دار النشر الأميركية العملاقة "فيرر، ستراوس وجيرو"، في 256 صفحة، إلى روايات السيرة الذاتية التي تعتمد على خلط عناصر من حياة المؤلف بأحداث هي من بنات خياله. فهي تسير، ضمن خطّها الروائي وتقنيات سرده المراوغة، على منوال روايات شهيرة أخرى، كرواية "صورة الفنان في شبابه" لجيمس جويس، ورواية "البحث عن الزمن الضائع″ لمارسيل بروست. تتحدث الرواية عن كاتبة تذهب إلى أثينا في عز الصيف لإعطاء دروس في الكتابة. وعلى الرغم من أنّ تفاصيل حياتها والظروف التي تحيط بها تظل غائمة في طيّات السرد وفي طبقاته العميقة، إلّا أنها تجد نفسها منهمكة في تعاقبات سرديّات الناس الذين تقابلهم، سرديّات عن أحبّتهم وأوجاعهم ومشاعر القلق التي تسبتدّ بهم وعن طرائق عيشهم اليوميّة. وفي قيظ المدينة وضجيجها الصاخب، تتعالى الأصوات، أصوات الرواة في السرد الأفقي لتلك الحيوات، حتى تكشف لنا الكاتبة، وهي تعيد تشكيل تلك الحكايات، عن الثيمات التي تحاول الرواية عرضها: الخسارة والفقدان ومخاضات الألفة والمعاشرة وعذاباتهما، كما تكشف لنا، في طيّات أعمق، عن أسرار العملية الإبداعية ذاتها. إنها رواية عن "الكتابة والكلام، عن محو الذات والتعبير عنها، عن الرغبة في الإبداع، وعن فن تصوير الذات على نحو إنسانيّ إلى الحدّ الذي تعثر فيه تلك الرغبة عن شكلها الكونيّ". راتشل كاسك روائية كندية المولد، بريطانية الإقامة. ولدت عام 1967، قضت جزءا كبيرا من طفولتها في لوس أنجليس بالولايات المتحدة الأميركية، ثم انتقلت للعيش في المملكة المتحدة سنة 1974. درست الإنكليزية بالكلية الجديدة في جامعة أكسفورد. وفي عام 2003، اختارتها مجلة "غرانتا" الأدبية العريقة بوصفها واحدة من أفضل عشرين روائيا شابّا في بريطانيا. لها في الرواية ثماني روايات: إنقاذ آغنس (1993)، والتي فازت بجائزة "وايتبريد" لأول رواية منشورة، والعابر (1997)، والحياة الريفيّة (1997)، التي نالت جائزة سمرست موم، والمحظوظون (2003)، التي تنافست ضمن القائمة النهائية لجائزة وايتبريد للرواية، وفي الحظيرة (2005)، التي كانت ضمن القائمة الأوليّة لجائزة البوكر، ومتنزه آرلينغتون (2006)، والتي اختيرت ضمن القائمة النهائية لجائزة أورانج، واختلافات برادشو (2009). فهل تنال راتشل كاسك الجائزة التي سوف يُعلن عن نتائجها في أواخر الشهر الحالي، أم تقتنصها هيلين ميرفيز عن روايتها "الجوقة المسائيّة"، والتي تدور أحداثها في معسكر ألمانيّ خلال الحرب العالميّة الثانية، أم ينالها غاي فاندرهيغ عن مجموعته القصصية "أبي لينين وقصص أخرى"، أم كليفورد جاكمن عن روايته "عائلة الشتاء"، والتي تحكي عن عصابة خارجين عن القانون إبان الحرب الأهلية الأميركية، أم تراها تذهب إلى الشاعرة والمسرحيّة كيت كايلي عن مجموعتها القصصيّة "كيف ولدت"، وهي المجموعة التي فازت بجائزة "تريليوم للكتاب" في وقت سابق من هذا العام؟