في وقت أعلن فيه بنك السودان المركزي شطب اسم السودان من قائمة الدول التي لديها قصور في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب من قبل مجموعة العمل المالي الدولية الأمر الذي يتيح للبنك المركزي والبنوك السودانية سهولة إجراء التحويلات المالية من وإلى السودان بدون قيود، ظهرت إلى السطح أول حالة في البلاد بإدانة رجل أعمال مشهور بتهمة غسل الأموال، استناداً إلى قانون غسل الأموال تحت المادتين «31» و «32» بالغرامة مليار ونصف المليار جنيه، وفي حالة عدم الدفع السجن «6» أشهر، وقد تعاظم الاهتمام في السودان بقضية غسيل الأموال في منتصف التسعينيات بعد ارتباط السودان برعاية الإرهاب الأمر الذي قاد الدولة الى اتخاذ عدة اجراءات لمكافحة الظاهرة بإنشاء اللجنة الإدارية لمكافحة جرائم غسيل الأموال وتمويل الإرهاب وحددت اختصاصاتها وسلطاتها بأنها السلطة الإدارية العليا في مكافحة جرائم غسيل الأموال وتختص بوضع السياسة العامة والخطط والبرامج وغيرها من المهام ذات الصلة بما فيها التحري الإداري فيما يشتبه في أنها عمليات غسيل أموال. ويرى مراقبون أن مكافحة غسيل الأموال تحتاج الى ضرورة التنسيق بين الأجهزة العدلية والأمنية المحلية والإقليمية والدولية والتعاون في مجال تبادل المعلومات والتحقيقات المشتركة وإنفاذ القرارات القضائية لمكافحة جرائم غسيل الأموال وحماية الاقتصاد القومي ومكافحة دخول أموال مشبوهة للاقتصاد وحركة النظام المصرفي بالبلاد. وزير الدولة بوزارة المالية عز الدين إبراهيم أوضح أن السودان عندما كان موضوعاً في قائمة الدول التي لديها قصور في مكافحة غسيل الأموال ليس بسبب غسيل الأموال وإنما لوجود ثغرات في قانون مكافحة غسيل الأموال الذي كان غير مواكب ومحكم إلا أن الدولة عملت على تدارك الثغرات وتعديل القانون بإجازته من قبل المجلس الوطني، وقال ل(الصيحة) إن غسيل الأموال نابع من نشاط غير قانوني يتمثل في المخدرات وعمليات الإرهاب والاختطاف الأمر الذي يوفر لهم أموالا كثيرة تجعلهم يرغبون في إدخالها في النظام المصرفي وتحويلها من بلد الى آخر عبر النظام المصرفي العالمي، ووصف تلك الأموال بالقذرة، وأكد عدم ضررها على الاقتصاد الكلي للبلاد وخروج الاقتصاد منها تماماً، واعتبر أن غسيل الأموال يدخل في التشريعات، وقال إن مكافحتها تعتبر نوعاً من التحكم في الجرائم وإيقاف العمليات غير القانونية مثل المخدرات والدعارة والإرهاب والقمار، وأضاف أن أثر غسيل الأموال اجتماعي أكثر منه اقتصادي باعتبار أنها ضارة بالأمن والمجتمع. الخبير الاقتصادي دكتورهيثم فتحي قال إن غسيل الأموال من الجرائم الاقتصادية التي يعاقب عليها القانون وهو إعادة تدوير الأموال الناتجة عن الأعمال غير المشروعة قانونياً في مجالات وقنوات استثمار شرعية لإخفاء المصدر الحقيقي لهذه الأموال مثل التي تتحصل من الاتجار بالممنوعات والمخدرات والرشوة وبيع الأعضاء البشرية وتجارة الأسلحة غير الشرعية وعمليات استخراج المعادن النفيسة والآثار وبيعها بطرق غير شرعية وأي أموال تتحصل عليها من طرق يعاقب عليها القانون، مشيرًا إلى وجود عدة آليات وطرق يتم إخفاء مصدر هذه الأموال وإضفاء الشرعية والقانونية على هذه الأموال، وشدد على أهمية مكافحة غسيل الأموال للحد من انتشار الجريمة ومنع مثل هذه الجماعات من الحصول على الأموال وبالتالي التوسع في عملياتها المخالفة للقانون، وأوضح أن هنالك تأثيرات اقتصادية مهمة قد تصيب اقتصاد البلد التي يتم فيها غسيل الأموال من أهمها تدهور القيمة الشرائية للعملة المحلية الناتج عن زيادة السيولة وبالتالي ازدياد الطلب الذي يعمل على زيادة نسبة التضخم وبالتالي رفع المستوى العام للأسعار لافتاً إلى أن طريقة غسيل الأموال تمر بثلاث مراحل أجملها في الإيداع ويتم في هذه المرحلة تحويل الأموال المشبوهة إلى البنوك بعملات أجنبية أو شراء أصول بها وتعد هذه المراحل من أصعب مراحل غسيل الأموال بالنسبة لجماعات الغسيل إضافة إلى التمويه والتي يمكن أن يتم فيها تحويل الأموال من بنك إلى آخر ليصعب تتبعها وتسمى أيضاً بعملية (تفريق الأموال)، فضلاً عن مرحلة الاندماج وهي المرحلة الأخيرة في عملية غسيل الأموال والتي يتم فيها دمج الأموال المغسولة في الدورة الاقتصادية لتظهر وكأنها نتاج أرباح عمليات تجارية عادية، وفي هذه المرحلة تكون التفرقة بين الأموال المشروعة وغير المشروعة عملية صعبة نسبياً. الصيحة