* (هكذا يجب أن يُوثق للتاريخ).. إنها أول جملة تتبادر إلى ذهن القارئ المُنصف الفاهم وهو يطالع كتابات الأستاذ فتحي الضو عامة؛ مهما اختلف البعض في (جزئيات)..! لكننا بصدد الاحتفاء بكتابه الجديد (بيت العنكبوت) فقد وصلتني صفحات منه..! وعلى محدوديتها يمكن أن تكون الصفحات تلخيصاً لروح الكتاب الجرئ والذي لا لبس في أمانته ودقة مادته؛ خصوصاً وأن كاتبه ليس من هواة الشهرة! فهو كاتب وصحفي اعتاد ركوب (التنين) دون مبالاة لشيء أكثر من الإفادة بمسؤولية وشفافية..! إنه يسرد أحداثاً مأساوية تدمي ضمائرنا إن لم تكن قد جفّت.. يسردها بلا خشية من (طارق!) أو (حارق!). * الكتاب وثيقة صارخة في وجه الشعب قبل أن نستصرخ بها وجوه أسر الضحايا الذين حصدهم (القرموطي) عمر البشير وتنظيمه.. ومع هذا الجهد الذي بذله الكاتب يعنُّ سؤال عميق: هل سنقرأ ونلزم الصمت؟! فقد أخلى الأستاذ فتحي الضو (طرفه) بشرفٍ باذخ؛ وبعرضٍ يستفز (النخوة فينا) ويهيئ الشعور على غرار البركان.. فإن مرت حمم فتحي الضو التي في كتاب العنكبوت دون استثمارها (بالنشر والمزيد من الكشف) على الأقل؛ فلا فائدة سوى (الشكر على المجهود!!) وأعني بالكشف والنشر أن لدى بعض (الأخفياء) ما يتمم (الفظاعات) فخير لهم وللوطن أن يقدموا ماعندهم من أسرار انحيازاً للحق والعدالة والإنسانية.. إذ لاشك مطلقاً بأن البشاعات المخفية في أنحاء وطن مستباح يمكن أن تئن بها المجلدات..! فهنالك (من بين الأكثرية السيئة) أفراد تغلب عليهم صحوة الضمائر، منهم بسطاء جرّهم الوهن والطموح المعيشي نحو عتاة المجرمين الحاكمين؛ والمتحكمين في وسائل الترهيب والترغيب..! * الأهم مما تقدّم؛ أننا لو كنا في وطن غير هذا الذي جندله (التنظيم الفاسد) لفتحت الشرطة تحقيقاتها لمجرد نزول (خبر الكتاب) ناهيك عن إجراء التحقيقات من بين صفحات الرعب والجريمة التي حواها..! لو كان (بيت العنكبوت) يواكب دولة حقيقية غير التي أسقطها البشير في بِزته لانتفضت بيوت العدل من أصغر نيابة إلى الجالس فوق الكرسي العالي..! * إن حركة التوثيق التي يطلع بها الأستاذ فتحي الضو ستحفظ له إحترام أجيال كثيرة مهما تجاهلت صحافة الخرطوم الإضاءات لسبقه المشهود؛ فقد علمتُ من غير صُدفة أن الترويج لكتاب بيت العنكبوت لا تتحمله صحافة (محروسة) على طريقة كاريكاتير (الكلب) الشهير للمبدع عمر دفع الله.. أعني مجرد (الترويج الخبري) وليس تناول الكتاب بأي أسلوب مهني عبر ضروب العمل الصحفي؛ فهذا يعد من اللا ممكن..! وحصار الكتاب على النحو الخفي أو المعلن أول بشارة لفتحي الضو بأن (حِممه) ستنتشر للداني والبعيد.. فليتنا نجد حراً ميسوراً يتولى توزيعه (على حسابه الخاص!) فإن هذه المهمة الوطنية نبيلة جليلة..! وليشرب صُناع الرعب من كأساتهم..! إن عدل الله قادم.. لكن (الحركة) نحو العدل واجبة؛ والثأر متاح إذا عجز القانون عن ردع (العناكب) الكبيرة..! الثأر خيار؛ فكلمة (ثورة) أصبحت غير مواكبة عملياً وغير منصفة (تعبيرياً) نسبة لأحجام الكوارث ومداءات الفظاعة تحت حكم مغول الخرطوم..! * بالمناسبة.. كان دِين المغول شيئاً يسمى الشامانية (الميزة للمغولي في هذا الدين العجيب تكون بعدد الذين يقتلهم).. كلما ارتفع مؤشر القتلى إزداد المغولي توقيراً وتقديراً..! * بذات الوتيرة المغولية القديمة يقع الحافر على السودان اليوم..! فتمعّن تشابه الليلة بالبارحة؛ ما بين البرلمان (المصفق) للمشير وألسنة (الثلج) وأحزاب (الفكة)؛ إلى آخر القائمة الموالية لمغولي القصر؛ أو الخادمة لبلاطِه..! خروج: * شكراً ل(أنبوبة الغاز) التي توغلت أكثر في فضح وزير المالية (التابع) وأظهرته بجوارها كشخص (أنبوبي) ينافس رئيسه في الكذب؛ لكن (ببلادة حجرية).. فقد انتبه الكثيرون (إنتباهة حادة) إلى أنهم يساقون سوقاً للإذلال بعد أن انكشف سيناريو (الغاز) على النحو الذي ظهرت في خواتيمه (المسرحية) بالقفز التاريخي لسعر الأنبوبة.. والإذلال حسب السياسة اللصوصية يتم بطريقتين: إما رفع أسعار تسبقه تصريحات مضللة؛ وإما تجفيف السوق بواسطة (قطاع النظام الخاص!!).. في الحقيقة لا يوجد قطاع خاص مستقل! ألم نقل مراراً إن (الإذلال) منهج حكم البشير وعامة التنظيم (المستورد)؟!! * ما يجري في السودان من تضييق على الناس ضرب نادر من (الإنتقام).. ومَلِك الإبادة لا يبالي أن يصبح حاكماً للجثث..! أنظروا ماذا قال ملك (إقطاعية السودان!) وكيف تختلط السماجة ب(البجاجة!) والسفالة بالرذالة؛ ففي آخر تصريح: (قال عمر البشير إن تحرير الغاز تمت فيه المراعاة للشرائح الضعيفة من خلال التدابير الفاعلة بوزارة الرعاية والضمان الإجتماعي؛ والأخرى التي ستعلن تباعاً خلال المرحلة المقبلة). انتهى. لا نجد لغة (مفروشة على رصيف الباعة!) تستطيع أن تعبر بدقة عن مراحل الكائن المذكور؛ ربما لغة (الغثيان) أجدى لفقراء السودان الذين (دشنتهم) هذه المراحل..! * لا (تدابير) للذي لا يرى أبعد من (الدبابير)..! التدابير تتلخص في (كيف يحمي نفسه فقط) والبلاد عارية ومنتهكة للمحتلين وللإرهابيين وتجار المخدرات والدولار.. فما سيحدث في (المرحلة المقبلة) سيكون أكثر سواداً من الآن بعد تصريحات وزارة المالية بزيادة الربط للضرائب (20%)..!! وستكون زيادات الأسعار في كافة السلع.. لن يتأثر بالكارثة الوزراء أو (المُنخمِّين) صوب مهزلة ما يسمى الحوار الوطني.. فإما نواجه الزيادات بصمت أهل القبور وإما نواجه (اللصوص) في الشوارع..! * اللازمات الكلامية من شاكلة (تدابير المرحلة المقبلة!) تذكِّرنا بلازمة (القضاء على التمرد!) المتكررة سنوياً عبر حلاقيم السلطة؛ فالتمرد سيُحسم دائماً في (العام المقبل!!) أي العام الذي (لا يأتي).. ولن يأتي؛ لأن ما يسمونه التمرد أمر طبيعي في وجود بغاة (يخرطون حق الشعب) ويشترون بهذا الحق السلاح لقتل الشعب لا غير..! * أليست (كوميديا) مضحكة بمرارة؛ أن يراعي نظام البشير للشرائح الضعيفة؟! كيف يراعيهم وهو ضمن رباعية الفساد والقهر والإستبداد والفشل عالمياً طوال سنواته..؟! كيف يراعيهم وهو ينشر السرطان (ما بين المليشيات والإشعاعات!؟) كيف يراعيهم وقد انتهى منهم (نهاية بطل)؟! * أيهما خُلق للآخر؛ لست أدري: هل خلق الكذب للبشير أم خلق الأخير للأول؟!! أعوذ بالله