يحوم كالفراشة ويلدغ كالنحلة.. هل يقتل أنشيلوتي بايرن بسلاحه المعتاد؟    حزب الأمة القومي: يجب الإسراع في تنفيذ ما اتفق عليه بين كباشي والحلو    دول عربية تؤيد قوة حفظ سلام دولية بغزة والضفة    تشاد : مخاوف من احتمال اندلاع أعمال عنف خلال العملية الانتخابية"    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    صلاح العائد يقود ليفربول إلى فوز عريض على توتنهام    الفنانة نانسي عجاج صاحبة المبادئ سقطت في تناقض أخلاقي فظيع    وزير الداخلية المكلف يقف ميدانياً على إنجازات دائرة مكافحة التهريب بعطبرة بضبطها أسلحة وأدوية ومواد غذائية متنوعة ومخلفات تعدين    جبريل ومناوي واردول في القاهرة    وزيرالخارجية يقدم خطاب السودان امام مؤتمر القمة الإسلامية ببانجول    وزير الخارجية يبحث مع نظيره المصري سبل تمتين علاقات البلدين    (لا تُلوّح للمسافر .. المسافر راح)    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الأحد    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الأحد    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الأحد    بوتين يحضر قداس عيد القيامة بموسكو    انتفاضة الجامعات الأمريكية .. انتصار للإنسان أم معاداة للسامية؟    الأمم المتحدة: آلاف اللاجئين السودانيين مازالو يعبرون الحدود يومياً    وفاة بايدن وحرب نووية.. ما صحة تنبؤات منسوبة لمسلسل سيمبسون؟    برشلونة ينهار أمام جيرونا.. ويهدي الليجا لريال مدريد    وداعاً «مهندس الكلمة»    النائب الأول لرئيس الاتحاد ورئيس لجنة المنتخبات يدلي بالمثيرأسامة عطا المنان: سنكون على قدر التحديات التي تنتظر جميع المنتخبات    الجنرال كباشي فرس رهان أم فريسة للكيزان؟    ريال مدريد يسحق قادش.. وينتظر تعثر برشلونة    الأمعاء ب2.5 مليون جنيه والرئة ب3″.. تفاصيل اعترافات المتهم بقتل طفل شبرا بمصر    شاهد.. حسناء السوشيال ميديا أمنية شهلي تنشر صورة لها مع زوجها وهما يتسامران في لحظة صفاء وساخرون: (دي محادثات جدة ولا شنو)    شاهد بالصور والفيديو.. رحلة سيدة سودانية من خبيرة تجميل في الخرطوم إلى صاحبة مقهى بلدي بالقاهرة والجمهور المصري يتعاطف معها    تمندل المليشيا بطلبة العلم    ((كل تأخيرة فيها خير))    الإتحاد السوداني لكرة القدم يشاطر رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة الأحزان برحيل نجله محمد    دراسة تكشف ما كان يأكله المغاربة قبل 15 ألف عام    مستشار سلفاكير يكشف تفاصيل بشأن زيارة" كباشي"    نانسي فكرت في المكسب المادي وإختارت تحقق أرباحها ولا يهمها الشعب السوداني    قائد السلام    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    شاهد.. حسناء السوشيال ميديا أمنية شهلي تنشر صورة حديثة تعلن بها تفويضها للجيش في إدارة شؤون البلاد: (سوف أسخر كل طاقتي وإمكانياتي وكل ما أملك في خدمة القوات المسلحة)    الأمن يُداهم أوكار تجار المخدرات في العصافرة بالإسكندرية    العقاد والمسيح والحب    الموارد المعدنية وحكومة سنار تبحثان استخراج المعادن بالولاية    بعد فضيحة وفيات لقاح أسترازينيكا الصادمة..الصحة المصرية تدخل على الخط بتصريحات رسمية    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    تعلية خزان الرصيرص 2013م وإسقاط الإنقاذ 2019م وإخلاء وتهجير شعب الجزيرة 2024م    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البشير ك(إبن بلد بسيط)!؟
نشر في الراكوبة يوم 02 - 02 - 2016


بسم الله الرحمن الرحيم
السيد الصادق المهدي، قد يكون أكثر القادة إشكالية، لا لشئ إلا لكونه متعدد الطموحات ومركب الرغبات، او ذو نزوع للسيطرة والقيادة علي كل بيئة يتواجد فيها، وبغض النظر عن التباينات وفروقات الوقت والطبيعة بين كل مرحلة او مجال او نشاط. بمعني، السيد الصادق المهدي يطرح نفسه كرجل كل المراحل والقضايا، أي كقائد سياسي وكزعيم حزبي وكأمام للطائفة وكمفكر للنخبة المثقفة وكأب للجماهير وكرئيس سابق للوزراء وكوصي علي الدولة بصفة عامة! ومؤكد دور كهذا فوق إستحالته، إلا أنه يضع السيد الصادق المهدي، في كثير من المآزق والتناقضات، وذلك ليس في القضايا المتباينة او الحوارات المختلفة فقط! ولكن يمكن أن يحدث ذلك، في ذات القضية او نفس الحوار، دون أن يطرف له جفن! وكيف يتأتي ذلك، وهو المرجع الموثوق في كل قضية او حادثة او مبادرة للعمل او الحركة في الداخل او الخارج. والأستاذ المدقق الكاتب بكري الصائغ وفي تعليق بسيط، رصد عديد الأمثلة لنماذج من تقلبات وتناقضات إكتنفت مسيرة السيد الصادق المهدي خلال فترة وجيزة، ناهيك عن تقصي هكذا مسيرة لولبية منذ ولوجه ساحة العمل العام! ولكن تظل أظهر ملامح هذه المسيرة، أنه يصر علي وضع العمامة الديمقراطية، علي رأس يبدو أنه لم يبارح مضارب الحق العائلي المقدس، او الإيمان بخرافات من شاكلة الولي الفقيه والأمام الغائب، والتي أثبتت التجارب التاريخية أنها لا تحمل المن والعسل كما تروج كتبها الصفراء؟ ولكن المؤكد أنها تحمل الكثير من الإرهاب الديني والبطش الطائفي والإستبداد السياسي، مرورا بفرض الإعتقال القسري علي الشعوب، وليس إنتهاءً بنهب ثروات البلاد والعباد، وإهدار مستقبلهم وكرامتهم وإستقرارهم، في مغامرات إمبراطورية وهمية، تجهل طبيعة اللحظة الحضارية التي تحاصرها وتفرض قوانينها.
وبعيدا عن أهوال الإبحار في ظلامات التاريخ وأمواجها المتلاطمة بالمغالطات والتفسيرات المصلحية! يمكن ملاحظة كل ذلك بوضوح، ليس في مسيرة السيد الصادق المهدي السياسية والوطنية الحديثة فقط، ولكن في آخر حواراته المنشورة والمنقولة عن لقاء تلفزيوني والتي تجسدها عبارة( تشكيل لجنة عليا للإشراف علي عودته للبلاد) وكأنها عودة الجنرال ديغول من منفاه وهو من أشرف علي تحرير الجمهورية الفرنسية من فساد السلطة النازية والغلاغل الداخلية! فتعبير كهذا يكشف عن رؤية السيد الصادق المهدي لنفسه ودوره ومكانته! وكأنه يعيِّد إستنساخ دور المهدي المنتظر الذي أداه جده ببراعة، وهو يستفيد من نقص المعرفة والتنمية وشيوع الدجل والخرافات وقبلها سيادة الظلم والإستبداد التركي! والراجح أن النموذج الجد(عقدته!) لم يبارح خيال الحفيد السيد الصادق المهدي، ليصبح مصدر أزمة للسيد الصادق المهدي، بقدر ما يعتقده أصل شرعيته وميراثه للدولة السودانية. وبقول ثانٍ، تتشرف القضايا والمواقف وردات الفعل، بإصطفاف السيد الصادق المهدي في صفها، وليس العكس؟ وتاليا، يصبح خروج السيد الصادق المهدي من البلاد، هو تكتيك وخدعة بارعة لأجهزة الأمن او ضربة معلم موجعة ضد النظام في الخرطوم، بقدر ما هي مكسب عظيم للمعارضة في الخارج. وكذلك رجوعه في أي وقت وبأي كيفية، هو نصر للديمقراطية ودفع للحوار وذروة سنام الجهاد المدني! وهكذا ما من مسلك او موقف او قول يصدر عن السيد الصادق المهدي، إلا ويصب في مجري البناء الوطني والمقصد الديني والنهوض الحضاري!
وعليه فهو يجسد محور رعاية مصالح المواطنين، إضافة الي كونه العمود الي يحمل خيمة مصالح الوطن العليا، كواجب وطني او كرسالة دينية كتبت عليه منذ الأزل. والحال هكذا، يكون السيد الصادق المهدي وبتحليقه في فضائه السوبري او ثقته المفرطة في قدراته السحرية؟ قد أهدر علي وطنه فرصة أن يتواضع ويكتفي بدور القائد الوطني، الذي يعلي من شأن مصالح الوطن الحقيقة، والمتمثلة في إنجاز تحول ديمقراطي حقيقي، ينأي بنفسه عن فقه الثنائيات(مقابلة الإستبداد بإستبداد مقابل)، وإنجاز صفقات خاصة من خلف ظهر الجماهير؟ ليتفاجأ السيد الصادق المهدي قبل الجماهير، أنه لم يستطع قنص فأر مريض، ناهيك عن ممارسة هوايته في ترويض الأفيال! وكذلك فوت السيد الصادق المهدي علي نفسه وحزبه، فرصة أن يؤدي دور القائد الحزبي النموذجي، ومن ثم إحتلال مكانة خاصة ومستحقة، في وجدان الأمة السودانية، قبل وجدان وعقول أعضاء حزب الأمة! من خلال إحداث تحولات جذرية داخل حزب الأمة، بحيث تعيد له العافية الديمقراطية كرؤية وكممارسة، علي أن تتجسد تلك المحاولة الجريئة في تظهيِّر روح الديمقراطية او مضمونها، الذي يتخطي الإجراءات الإنتخابية الشكلية؟ وذلك عبر التنحي الطوعي للسيد الصادق المهدي وعائلته من قيادة حزب الأمة!
وهكذا مسلك لا يمثل نوع من السمو السياسي والنبل الديمقراطي فقط، ولكن الأهم من ذلك، أن سلوك كهذا يخلص الأتباع من سطوة القائد الملهم او وصاية الأب الروحي، والتي بدورها تقتل فيهم روح المبادرة وتتطلعات المنافسة، اللذان بدورهما يشكلان مدار بناء الثقة بالنفس التنظيمية! أي غيابهما يؤديان الي جمود هذه الثقة وكبح جماح نموها وتتطورها! وذلك في الوقت الذي تؤثر فيه(الوصاية!) سلبا علي روح المسؤولية او القدرة علي تحمل الأعباء! وما يستتبع ذلك من قصور ذاتي وعدم أهلية تكرس نفسها بين الأتباع! وتاليا، يستحيل في هكذا بيئة الحصول علي إنسان حر، ناهيك عن توافر مواطن كامل الأهلية، يستطيع تغيير سلطة مستبدة او بناء وطن ديمقراطي!؟ بل العكس هو الصحيح، أي عدم الأهلية الحزبية التي يكرسها القائد الملهم والزعيم الأبدي، هي مدعاة لجلب الإستبداد! وذلك من خلال حاجة الأتباع، الي أب او كبير يتحمل المسؤولية عنهم، مع إعطاءه كامل الصلاحيات؟ بما فيها صلاحية إستغلالهم وتوظيفهم كأدوات او أشياء تلبي رغباته المتعاظمة او طموحاته المجنونة!
وهو ما يعني بدوره، أن الإستبداد لكي ينمو ويزدهر، لابد من وجود تجاوب معه من الوسط المحيط؟ أي توطُن ثقافة القابلية للإستبداد بين المحكومين. وإذا صح ذلك، يصبح من أهم عوامل نجاح الحكومات الإستبدادية في السيطرة علي السلطة والإستمرار فيها، هي البنية الطائفية لكثير من مكونات المجتمع السوداني! بمعني، وبما أنها بنية تشكلت علي السمع والطاعة وعدم الإعتراض والإحترام الفائق(تلطيف لمسلك التقديس) للزعيم! فتاليا، تصبح الطائفة هي الحاضنة الطبيعية لتقبل نهج الإستبداد، الذي ظل يحكم او يتحكم في الحكومات والشعوب علي مر الأجيال! وهو ما يفسر بدوره أيضا، لماذا كانت الطائفية سند للعسكرية من طريقين مختلفين وأحيانا يحملان التناقض داخلهما؟
أولهما، أن العسكرية فرضت سلطتها كمؤسسة حديثة رافضة للتبعية الطائفية وتحجر قياداتها، أي كبديل حداثي عنهما! وثانيهما، إستفادت من تدجين الطائفية لأنصارها، ومن ثم حيَّدت جمهور الطائفة، من خلال السيطرة علي قيادتها، ترهيبا او ترغيبا! او في الغالب وعند إشتداد أزمات النظم العسكرية، تلجأ لشغل القيادات الطائفية، بمبادرات سياسية، فارغة المضمون ومفتوحة علي اللانهاية واللاحلول! والأسوأ من هذين العاملين، أن العسكرية والطائفية كلاهما مدخله الي السلطة من طريق غير شرعي(إنقلاب/حق عائلي)، فوق أنه يجرد السلطة والسياسة من وظيفتهما! وذلك بتحول السلطة الي إمتياز مجاني، بدلا عن مسؤولياتها تجاه الجمهور المحكوم، بالقدر الذي تكون فيه مسؤولة أمامه؟ وكذلك، تتحول السياسة من مبادرات تنطلق من حقائق الواقع وتتحرك وفق متطلباته، عبر إزالة عقباته وتعظيِّم فرصه المتاحة، الي أوامر عسكرية وشطحات دينية، أبعد ما تكون عن الواقع وحاجات الجماهير! وهذا في حالة لم تنكر حقائق الواقع وتتنكر لإحتياجات المواطنين! قبل أن تتسبب نتائج أعمالها في كوارث علي الواقع وبصورة أخص علي مصالح المواطنين. أي بدل أن تتحول حكوماتها الي حلول عملية لمشاكل الواقع، كما تبشر خطاباتها وتعلن شعاراتها ليل نهار؟ نجدها وقد تحولت هي نفسها الي مشكلات جديدة، لا تعقد من الواقع الذي إدعت معالجته فقط، ولكنها تخلق واقع جديد أكثر قتامة وكارثية وتعقيد! والأسوأ من ذلك، هو محاولاتها المستميتة للتغطية علي الأخطاء المتفاقمة والحجب للحقائق المتفلتة، او المتمظهرة في رداءة المآلات وفساد البيئة الشامل، غصبا عن الإستعرضات العنفية والبدائل السحرية المطروحة! والسبب في ذلك بسيط، وهو أن قوانين الواقع وأحكامه، أقوي من سيطرة العسكر وعنفهم، وخلاص الملهمين ودعاويهم، سواء كانت دينية او عقائدية وضعية جامدة.
المهم، هذه المساحة الضبابية بين العسكر والطائفية، هي ما تجعل قادة الطائفية أقل جذرية في تعاملهم مع النظم العسكرية التدميرية، بالقدر الذي يجعل العسكر أنفسهم أميل لأولئك القادة، مقارنة بغيرهم من قادة الأحزاب السياسية الأخري او قادة الحركات المسلحة! وكلنا شاهد علي العلاقة الحزازية من جانب البشير تجاه المناضل ياسر عرمان مثلا! او قبولهم علي مضض مشاركة الحركة الشعبية لهم فضاء السلطة العامة، وإن بشكل غير مؤثر. وهذا الرفض الفطري من جانب العسكر لكل من يحمل مشروع تغيير حقيقي، أي يستهدف بنية السلطة وهيكلة الدولة ومكانة المواطن الفرد، هو في حقيقته مسلك غريزي، أي نابع من إرادة الديمومة والبقاء! وتاليا، ليس هنالك مجال للمساومة في هذا الإتجاه. وعليه، يصبح موضوع الحوار المارثوني الجاري الآن برعاية سلطة الإنقاذ، هو في حقيقته محاولة أخري من محاولات الإلتفاف علي إيجاد الحلول الأصلية للأزمة السودانية! أي الهروب الي الأمام من مواجهة سؤال الديمقراطية وحقوق الجماهير وشرعية السلطة؟ وما يؤكد ذلك، مكونات الحوار القائم الآن والذي لا يُدعي له، إلا من يملك رؤية مشابهة للنظام! أو أقلاه لا يحمل مشروع مناهض لمشروع الإنقاذ الإستبدادي الفاشي! وتاليا، هو أقرب لإستقطاب القوي الطائفية والزعامات القبلية والنخب البيروقراطية الإنتهازية او سليلة النظم الإستبدادية والأصح عكازتها علي الإستقامة(إكمال مظاهر السلطة المنقوصة او شرعنة السلطة المغتصبة!) وفي رواية أخري مخادعة تسمي الشخصيات القومية، والتي لا تتعدي قوميتها رضا البشير او تنفك من إسار الصمت علي عنف وإجرام العسكر والحرامية! أي يندر أن نجد فيها صاحب مواقف مشهودة في مناهضة العسكر والتصدي للحرامية، لأن هذا الصنف إن وجد فهو مغضوب عليه سلفا، ومن ثم فهو يتدحرج مباشرة الي خانة العملاء والمأجورين، حسب لغة قاموس العسكر الضحل او مدي أفقهم الأشد ضحالة! بمعني آخر، الأنظمة العسكرية لا تحاور إلا أشباهها، او لا تفهم إلا لغة بعضها! وتاليا، تغيب عنها قيمة الحوار كمعني وكمبني، أي ثقافة الحوار كوسيلة حضارية لحل الخلافات والنزعات! أي بوصفها لغة غير مفهومة أساس لدي مستقبلات الوعي العسكري خصوصا الإنقلابي منه! فوق أنه أسلوب رخو(مدني/ملكي) لا يلاءم نهج الظبط والربط او الصرامة والحزم العسكري! الشئ الذي جعل الحوار الحالي ليس لعبة عبثية فقط، ولكنه جعل أهم أجندته، هي الجدل حول نثريات الأعضاء المشاركين! قبل أن يحرف مفهوم الحوار من كونه خطوة تجاه الحلول التوافقية، الي متاهة دائرية تقود نهايتها الي نفس نقطة البداية! او في أحس تقدير، هو حوار يهتم بتعظيِّم التوافه وتفاصيل الهوامش بقصد تغييب المتن او تسفيه جوهر القضايا وأمهات المشاكل وجذور الأزمات.
ولكن هل يعني ذلك، أن السيد الصادق المهدي يحب العسكر؟ بالقطع لا! ولكن كرهه للقوي الديمقراطية الحديثة يفوق كرهه للعسكر! فأقلاه العسكر ينازعونه سلطة يستحقها كإرث عائلي او كبصمة تاريخية عائلية في مسيرة الوطن! ولكن القوي الديمقراطية الحديثة، لا تشكك في هذه الشرعية فقط، ولكنها تخرجها بالمرة من سباق الحصول علي السلطة! والذي يبني في هذه الحالة الأخيرة، علي معايير الكفاءة الشخصية وقدرة البرامج المطروحة علي إقناع الجماهير المستقلة. وبكلمة محددة، مقاربة المشروع الديمقراطي الحداثي، تتنافي مع أي طرح طائفي او حق عائلي او سند إلهي! بل هي لم تولد إلا لمحاربة هذه النزعة الفوق وطنية او البدعة المزيحة للعقلانية! وهذا الفضح الحداثي او التصدي الحداثي لنوازع التسلط والتملك الفردية البدائية، لمسألة السلطة، أي كوظيفة حساسة لها تبعات خطيرة علي الدولة والمجتمع من ناحية، ولجسامة مسؤولياتها من الناحية المقابلة، هو ما خلق ما يمكن وصفه بموضعة (مأسسة) قضية السلطة وذلك بعد إخراجها من حيز الذاتية والمزاجية.
في هذا المعني، يصبح السيد الصادق المهدي، مجبر علي المراوحة ما بين مهادنة العسكر وملاطفة التيارات الإسلاموية! في الوقت الذي يعلن فيه ظاهريا، مولاته للجبهة المعارضة. وعليه تصبح معارضة السيد الصادق المهدي، هي معارضة سلطوية بأمتياز، أي تتحري مسألة الوصول الي السلطة، وليس تغيير طبيعة السلطة، وبما يصب في صالح رد حقوق ومصالح الجماهير من طاغوت السلطوية، الذي حكم تاريخنا منذ الإستقلال ومازال يرغب في ملازمتنا مدي الحياة! والحال كذلك، يصبح حديث السيد الصادق المهدي الأخير عن بساطة البشير، لا يخرج كثيرا عن سيناريو الرسائل الودية المتبادلة، ما بين السيد الصادق المهدي والجنرال البشير كممثلة للمؤسسة العسكرية الحاكمة. ولكن يظل مصدر الفاجعة في هذه الرسائل(المواقف/الزيارات/التكريمات؟) وغير شقها لصف الموقف الموحد او الرسالة الموحدة للمعارضة ضد النظام، ومن ثم إعطاء النظام مهلة من الوقت لإلتقاط الأنفاس وترتيب الأوضاع، او أقلاه إتاحة مخرج لتسريب المناورات السياسية الكلامية التي يجيد حياكتها النظام في الظلام، لتأجيل إستحقاقات الحلول الي أجل غير مسمي! أي منحه الرخصة الزمانية لممارس لعبة المماطة في تنفيذ الإلتزامات المعلنة! إلا أنها تأتي بصيغة إستفزازية، مما يجعل الرد عليها مقدم علي كشف أباطيل النظام وفساد مكوناته وإنحلال أعضاءه وسقوط شرعيته، ومن ثم التفكير في سبيل التخلص من هذا الكابوس المزعج او الخراب المستعجل. ولكن أن تنحدر مستوي هذه الرسائل لمرحلة تغبيش الوعي العام، وبناء شرعية جماهيرية وإن شئت إعتذارية للجنرال البشير، من خلال وصف البشير كإبن بلد وكإنسان بسيط!؟ وبكل ماتحملهما هذه التعبيرات في الوعي الشعبي، من إيحاءات تحيل مباشرة الي الإصالة والتواضع والقرب او الإلتصاق بالجماهير، والنفور من هالة الرئاسة وفخامة المنصب وحياة البذخ وترف القصور وضخامة الحاشية وسطوة الأتباع! فهذا ما يدعو للدهشة إن لم يرقَ لمستوي الغضب! خصوصا كونه يصدر من شخصية بوزن السيد الصادق المهدي، لها أتباع كثر وإحترام لدي قاعدة كبيرة من الجماهير، إن لم نقل مصداقية لدي قطاع عريض في المجتمع، وبالأخص تلك الشريحة التي ما زالت تتمسك بإيجابيات السيد الصادق المهدي، وتتعشم في أداء مقنع يبادر به، مما أجبرها علي غض الطرف عن سلبياته، او أقلاه من أجل تماسك الجبهة المعارضة، وعدم ظهورها بمظهر التفكك والتشرذم! وهي تواجه نظام بكل هذه الشراسة والقدرة علي شرعنة كل الوسائل وممارسة كل الحيل وتحليل كل الكبائر الوطنية، من أجل البقاء علي سدة السلطة! أي لا يتورع عن تهديد سلامة البلاد وتعريض أمن المواطنين للخطر، إذا ما تعارضت مع مصالحه! والمؤكد أنها متعارضة، والأكثر تأكيد أنه يراهن علي هذه المجازفات محفوفة المخاطر!؟ وإلا ما الداعي لعسكرة الدولة وأمنجة المؤسسات والأنشطة الإجتماعية!؟
ولكن يظل سؤال(المليون دولار) هل البشير حقيقة (إبن بلد بسيط)!؟ وبعيدا عن إلتباس التعبير داخل الأقواس، والذي قد يصور المخالفين له كمكارين وأشرار وأبناء للشواطين! نلاحظ الآتي؟
أولا، الحديث المتداول عن بساطة البشير او أنه إبن بلد او أن البشير رجل طيب ووطني غيور ولكن من حوله هم سبب المشاكل؟ وغيره من هكذا حديث او لغة خشبية والأصح ثعبانية! لا تعبر حقيقة عن بساطة البشير، بقدر ما تعبر عن بساطة من يتداولها وبصورة أخص من يصدقها! وتاليا، يصبح هذا الحديث المبتذل والأسلوب الفج، الذي يصرف عليه الكثير من أجل ترسيخه في الوعي والوجدان الشعبي، بمساعدة بعض الحكايات والروايات الفطيرة وإستغلال بعض المظاهر الهمجية التي تؤكده! ما هو إلا مسلك قاصر وإستراتيجية فاشلة، تتوخي حرف المسؤولية المباشرة عن هذه الأوضاع الكارثية والأحوال المزرية، بعيدا عن المتسبب الأساس فيها؟ ومن ثم توجيهها ناحية جماعات وأفراد وكيانات متعددة، فوق أنها غير معلومة ويصعب الإمساك بها! أي توزيع دمها بين مكونات التنظيم، كخطوة ناحية تركها وإعتبارها كأن لم تكن، او ليس في الإمكان أبدع مما كان! وهو ما يجعل مواجهة هذه الأخطاء والكوارث والأخطار ليس من الإستحالة بمكان، لأن المتسبب فيها غير واضح الملامح والحضور فقط! ولكنها تجعل هذه الأخطاء والكوارث وأصحابها، هم الخيار الأفضل من باقي الخيارات غير المختبرة، والأهم أنها لا تستحق شرف الإختبار؟
ثانيا، وصف البساطة يحمل نوع من التلقائية والعفوية، اللتان تستحضران قيم التسامح والغفران، أي بوصف الأخطاء غير مقصودة او صدرت كخلل جانبي نتيجة لمحاولة تحقيق إنجازات أسمي! وخطورة هكذا مسلك، أنه لا يميز ما بين سلطة تترتب علي إدارتها نتائج عظيمة، وما بين سلوك إجتماعي يصدف أن يحدث من صاحبه، في نطاق ضيق من العلاقات الإجتماعية، ولو أنه قد يتسبب في أضرار بسيطة، إلا أن لها تأثير في سلامة العلاقات الإجتماعية، ولكنها لا تصل درجة تأثير ضرر الأخطاء المتعمدة! والمقصود هنا البساطة المذمومة التي تهدر الحقوق، وليس البساطة بالمطلق علي إعتبار أن البساطة التي تتجنب التعقيد هي بساطة محمودة، وهي عموما محكومة بالنسبية وطبيعة العلاقة في تقييم حجم السلوك او الضرر. بمعني، العفوية والبساطة ليست دائما وابدا سلوك محمود في العلاقات الإجتماعية او غيرها، ناهيك من أن يفاخر به؟ وهو ما يحتاج من صاحبه أن يراجع نفسه وليس التمادي في هذا السلوك وكأنه قدر مقدور لا فكاك منه؟ ويترتب علي هذا، أنه حتي ولو كان البشير إنسان بسيط بحق وحقيقة، فهذه الصفة تحديدا تستوجب من البشير أن يبتعد عن منصب كهذا، تتعارض مسؤولياته مع هكذا بساطة! أي البساطة هي سبب أساس لمغادرة المنصب وقبل ذلك عدم التعرض لإختباراته، وليس مسامحة من يرتكب مخالفة الإستيلاء علي السلطة بالقوة، ويقترف الأخطاء والجرائم بإسم البساطة في حق الدولة والشعب! لأنه ببساطة إذا كانت البساطة مدار السلطة والمسؤولية، فمرحبا بالأخطاء الكارثية ومعاشرة الأزمات المتناسلة كنصفنا الآخر في الوجود!
وثالثا، إذا صح وصف البساطة بالعفوية والتلقائية الإجتماعية وهو ما يناقض القصدية والتدبير المسبق وإضمار المصلحة الخاصة في السلوك والأقوال..الخ! فهل بساطة كهذه تنطبق علي شخصية البشير؟ وهو يتمتع بكل هذه الكفاءة التسلطية والقدرة علي شراء ولاء العسكر والأجهزة الأمنية، ومجاراة الإسلامويين في لعبتهم حتي يخنقهم الواحد تلو الآخر بحبل مكرهم ودسائسهم وخداعهم، أي بإستخدام إسلتحهم ضدهم؟ بمعني آخر، البشير قد يكون متدني الكفاءة علي مستوي الوعي السياسي وكيفية إدارة الدولة ومهارات القيادة، ولكن غرائزه في المحافظة علي السلطة، تمنحه مساحة أرحب او قدرة أكبر علي الإستفادة من التناقضات داخل النظام وإستثمارها لصالحه! وفي الحقيقة هذه الخاصية(إرتفاع الكفاءة التسلطية بالتوازي مع إنحدار القدرات السياسية) لا تخص البشير وحده، ولكنها سمة تميَّز بها كل الطغاة علي مر العصور، او هي ما يبيح التسلط او أقلاه تسمح بتواجده في حقل السلطة والسيطرة علي الشعوب، فيما تصدق عليها متلازمات ضعف العقل/قوة العضل ونقص المهارة السياسية/زيادة الأدوات العنفية! المهم، ما ساعد البشير علي هذه السيطرة، أنه محاط بمجموعات صاحبة مصالح إقتصادية(بغض النظر عن وظائفها عسكرية/مدنية/سياسية!)، وفر لها كل السبل والطرق لتعظيِّم مكاسبهم؟ أي سلمهم مفاتيح خزائن الدولة او مصادر ريعها ومواردها! وهم بدورهم بادلوه وفاء بوفاء والأصح مصلحة بمصلحة، ما يصح وصفه بتحالف البشير والثروة! أي معادلة أن يحكم البشير، علي أن يرتع اللصوص في الدولة بكل حرية او تحت حمايته ورعايته وحصانته!؟ وفي معادلة كهذه يمكن أن يظهر البشير مغلوب علي أمره او بمظهر الرجل البسيط لدي العامة! ولكن بالقطع ليس لدي قائد بحجم السيد الصادق المهدي، نذر عمره كله لمشروع السلطة، وهو يتبتل بخشوع في محراب المعارضة لعل وعسي تدخله جنة الحكم يوما ما!؟ أما منكهات البساطة البشيرية او دلالة شعبيته، فيمكن أن تتوافر في حديثه السوقي وقراراته الإرتجالية، وبالأخص قراءاته الساذجة للأحداث والأحوال من حوله!؟ ولكن المؤكد أن هذه ليست بساطة، إلا لمن يرغب في لي عنقها وجعلها كذلك!؟ لأنها في حقيقتها إنقطاع عن الواقع والوقائع من جهة، وضعف في التكوين المعرفي والسياسي والقيادي من جهة مقابلة! وبكلمة محددة، البشير يستفيد من ضعف قدراته في زيادة تمكين سلطاته، وذلك عبر الإعتماد علي الأجهزة الأمنية والعسكرية والشرطية من جهة، ومساندة الدجالين والمحتالين وسواقط السياسة والمجتمع وكل مجال ونشاط! والذين يوفر لهم الغطاء لتمرير مصالحهم الخاصة، بالقدر الذي يحد من تطلعاتهم السياسية او يأمن شرهم تجاه السلطة، من الجهة المقابلة.
رابعا، من دلائل التشكيك في بساطة البشير الموصوفة أعلاه، أي المرتبط بالعفوية الإجتماعية، أنه إنضم للمؤسسة العسكرية بمحض إرادته، وداخل المؤسسة العسكرية إنحاز في مخالفة صريحة للتنظيم الإسلاموي! وكل هذا لا ينسجم مع البساطة التي تمنح له بسبب وبدونه! بمعني، الإنتماء للمؤسسة العسكرية يضمر روح التسلط، أما الإنتماء للجماعة الإسلاموية فهو يكسب روح التسلط طابع ديني او إيماني، أي يضاعفها الي مصاف العقيدة، وهو ما سهل قيامه بالإنقلاب!؟ وهذا المسلك الأخير لوحده، ينفي أي وهم بساطة/عفوية يوصف بها البشير، والتي في حقيقتها تهدف لمنحه رخصة التنصل من جرائمه وأخطاءه! وإن توهم أصحاب هذه الحيلة الوصفية البساطية، أنهم بذلك يخدمون الوطن! من خلال مجاراة البشير في خداعه لذاته او تصديقه وصف البساطة الذي يطلق عليه، ليعلق عليه أخطاءه ويخفي خلفه شروره وقسوته! ومن ثم وعبر التمكن لهذه الحيلة ووقرها في نفس البشير، يمكن أن ينجر لتيارها حتي النهاية؟ لتدفعه للتخلي عن من حوله ومن ثم الإنخراط في نداء مصلحة الوطن، كرمز قومي يلتف حوله الجميع!؟؟ والحال هكذا، يصبح البسطاء الحقيقيون هم أصحاب هذا المحاولة الفطيرة وليس البشير بحال من الأحوال!؟ وعموما، هكذا مخيلة حالمة إن دلت علي شئ، فهي تدل علي الإرهاق الفكري والسياسي والنضالي الذي أصاب أصحابها، أكثر ما تدل علي طريق الخلاص الوطني كما يتوهمون؟! لا خلاص مع البساطة او في ظل وجود البشير ونظامه! فمع هؤلاء لا وجود إلا للتراجع والفساد والدمار الشامل.
خامسا، بساطة البشير يصح إختبارها في موقفه من توسلات أسرة الشهيد مجدي قبل مقتله، وكذلك أمام مسؤوليته عن قتل الملايين في الجنوب ومئات الألوف في دارفور وكردفان والنيل الأزرق، وضحايا العيلفون وبورتسودان وكجبار وأمري وشهداء سبتمبر وشهداء الحركة الطلابية في الجامعات، وغيرهم من الضحايا والمغيبين والجرحي والأيتام والمغتصبات، ودون نسيان ضحايا الصالح العام وتدمير مشاريع البلاد الإنتاجية والإقتصادية والتنموية والتعليمية والعلاجية والخدمية بصفة عامة، بل حتي المؤسسة العسكرية نفسها والتي لها أفضال عليه، لم تنجُ من الدمار علي مستوي مهنيتها وأهليتها ووظيفتها! وأيضا لا يمكن نسيان دور الإنقلاب البارز في قطع الطريق أمام تطوير وتنمية ونضوج التجربة السياسية والنهج الديمقراطي! ويصح أن الإسلامويين شركاء في هذه الكوارث، إلا أن البشير يمثل رأس الدولة بل ويصر علي إحتكار هذه الدور حصريا، وتاليا مسؤوليته أعظم، أي بحجم السلطات التي يملكها بين يديه، والأصح التي وظفها او تمت الإستعانة بها لإحداث كل تلك الفظائع والمحن! وعليه لا يبرر السعي لكسب ود البشير نسيان او التسامح مع كل تلك الموبقات والجرائم، او مجرد التهوين من أمرها بحجة(فرية!) بساطة البشير وأصالته كإبن بلد! وفي تعبير إبن بلد تحديدا لا نعلم مقصد السيد الصادق، ولكن إذا كانت هذه العبارة صدرت منه عفويا، فهذا دليل دامغ علي إستبطان السيد الصادق المهدي، لثقافة المركز الإجتماعية، وتراتبيتها للأفراد والقبائل والجهات، ومن ثم إحتلالها موقع الأصالة والصدارة وترك (المُنْابِتّ) او عدم الأصالة والأهلية للأطراف وأصحاب الثقافات والسحنات المغايرة لثقافة وسحنة المركز! وإذا صح هذا، فعندها يحق للبشير أن يمد رجوله السلطوية في حضرة (المهدي العصري!) او الأمام الصادق، خصوصا وأن البشير أكثر وضوح وصراحة وكفاءة، في إعلان وطرح وتنفيذ مشروعه العنصري! وتاليا، فهو الأجدر والأحق بقيادة الدولة الإسلاموية(الصهيونية) السودانية. ولذلك، وبما أن السيد الصادق المهدي، ذكر هذا الحديث في المحروسة، وكما أنه يعشق الأمثال، فعليه يكون المقام مقام تذكيِّر بالمثل الشعبي المصري(الملافظ سعد).
آخر الكلام
أعتقد أن جزء أساس من أزمة السيد الصادق المهدي، أنه يعيش حياة ووعي أرستُقراطي، في مجتمع جله من الغبش، بهموهم وحاجاتهم المُلحة! وتاليا، آخر ما يتطلعون إليه، هي الوصفات العلاجية الإمامية والدينية والسلطانية، التي تخاطب مشاعرهم وتعتقل عقولهم وتصادر حرياتهم وممكنات خلاصهم، قبل أن تسخر من طبيعة إحتياجاتهم! وعليه الأوفق للسيد الصادق المهدي، أن يتوجه بخطاباته ومشاريعه السياسية المتحضرة لمجتمعات الدول الإسكندنافية، وذلك بالطبع بعد تعديل جنسيته السودانية الغبراء الي جنسية غربية ناعمة وملساء! وطالما الأمر كذلك، فيا حبيبنا السيد الصادق المهدي، ليس المطلوب منك وصف البشير، فهذا متروك لمحاكم الشعب والتاريخ ودماء الضحايا وأنات المظلومين! وقبل ذلك، كمطلوب أمام المحاكم الدولية، كمجرم حرب متهم بجريمة الإبادة الجماعية، الشئ الذي جعله لا يتخطي عتبة دولته! وكذلك ليس المطلوب منك إزاحة البشير او تغيير النظام لوحدك، حتي ولو أستطعت! لأنها مسؤولية الجميع!؟ ولكن المطلوب منك، غير النضال المبدئي من أجل التغيير العام، هو تسمية الأشياء بمسمياتها! إن لم يكن ذلك من أجل خاطر عيون الحقيقة، فأقلاه لمنع إهانة عقولنا وتضليل الوعي العام!؟ الذي لا يشكو من قلة الوهن او التشوه، بسبب طول الإستبداد وتكاثر الأخطاء والتنكر للبديهيات، والأصح التعامل معه بلغة السلاح والإرهاب بدلا عن لغة المنطق وحرية الإختيار!! وفي الختام لا يفوتنا الإعتذار لمحبي السيد الصادق المهدي وعائلته وأنصاره علي هذه المداخلة الخشنة، والتي لا تُنقص من تقديرنا وإحترامنا للسيد الصادق المهدي. ودمتم في رعاية الله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.