القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح: بدأت قواتكم المشتركة الباسلة لحركات الكفاح المسلح بجانب القوات المسلحة معركة حاسمة لتحرير مصفاة الجيلي    مصطفى بكري يكشف مفاجآت التعديل الوزاري الجديد 2024.. هؤلاء مرشحون للرحيل!    شاهد مجندات بالحركات المسلحة الداعمة للجيش في الخطوط الأمامية للدفاع عن مدينة الفاشر    وزير الصحة: فرق التحصين استطاعت ايصال ادوية لدارفور تكفى لشهرين    إجتماع مهم للإتحاد السوداني مع الكاف بخصوص إيقاف الرخص الإفريقية للمدربين السودانيين    وكيل الحكم الاتحادى يشيد بتجربةمحلية بحرى في خدمة المواطنين    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    ضربة موجعة لمليشيا التمرد داخل معسكر كشلنقو جنوب مدينة نيالا    مدير مستشفي الشرطة دنقلا يلتقي وزير الصحة المكلف بالولاية الشمالية    شاهد بالفيديو.. شاعرة سودانية ترد على فتيات الدعم السريع وتقود "تاتشر" للجيش: (سودانا جاري في الوريد وجيشنا صامد جيش حديد دبل ليهو في يوم العيد قول ليهو نقطة سطر جديد)        ضياء الدين بلال يكتب: نحن نزرع الشوك    وزير خارجية السودان الأسبق: علي ماذا يتفاوض الجيش والدعم السريع    شاهد بالفيديو.. خلال حفل حاشد بجوبا.. الفنانة عشة الجبل تغني لقادة الجيش (البرهان والعطا وكباشي) وتحذر الجمهور الكبير الحاضر: (مافي زول يقول لي أرفعي بلاغ دعم سريع)    شاهد بالفيديو.. سودانيون في فرنسا يحاصرون مريم الصادق المهدي ويهتفون في وجهها بعد خروجها من مؤتمر باريس والقيادية بحزب الأمة ترد عليهم: (والله ما بعتكم)    غوتيريش: الشرق الأوسط على شفير الانزلاق إلى نزاع إقليمي شامل    أنشيلوتي: ريال مدريد لا يموت أبدا.. وهذا ما قاله لي جوارديولا    غوارديولا يعلّق بعد الإقصاء أمام ريال مدريد    محاصرة مليوني هاتف في السوق السوداء وخلق 5 آلاف منصب عمل    امين حكومة غرب كردفان يتفقد سير العمل بديوان الزكاة    نوير يبصم على إنجاز أوروبي غير مسبوق    تسلا تطالب المساهمين بالموافقة على صرف 56 مليار دولار لرئيسها التنفيذي    محافظ بنك إنجلترا : المملكة المتحدة تواجه خطر تضخم أقل من الولايات المتحدة    منتخبنا يواصل تدريباته بنجاح..أسامة والشاعر الى الإمارات ..الأولمبي يبدأ تحضيراته بقوة..باشري يتجاوز الأحزان ويعود للتدريبات    بايرن ميونخ يطيح بآرسنال من الأبطال    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    العين يهزم الهلال في قمة ركلات الجزاء بدوري أبطال آسيا    مباحث المستهلك تضبط 110 الف كرتونة شاي مخالفة للمواصفات    قرار عاجل من النيابة بشأن حريق مول تجاري بأسوان    الرئيس الإيراني: القوات المسلحة جاهزة ومستعدة لأي خطوة للدفاع عن حماية أمن البلاد    بعد سحق برشلونة..مبابي يغرق في السعادة    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    خلال ساعات.. الشرطة المغربية توقع بسارقي مجوهرات    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    وزير الخارجية السعودي: المنطقة لا تحتمل مزيداً من الصراعات    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    إنهيارالقطاع المصرفي خسائر تقدر ب (150) مليار دولار    أحمد داش: ««محمد رمضان تلقائي وكلامه في المشاهد واقعي»    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    إيلون ماسك: نتوقع تفوق الذكاء الاصطناعي على أذكى إنسان العام المقبل    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    ما بين أهلا ووداعا رمضان    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    الجيش السوداني يعلن ضبط شبكة خطيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



(بقالات) التعليم العالي
نشر في الراكوبة يوم 06 - 02 - 2016

لأهمية شريحة الشباب في المجتمع كشريحة فاعلة,كانت من اولويات أجندة العصبة الحاكمة قبل استيلائها علي السلطة استهداف هذه الشريحة عبر برنامج يستهدف (هدرهم) عن طرق تدمير التعليم باهمال الجودة والتركيز علي الكم لانتاج اجيال فاقدة للتركيز , وبالتالي اصبحت الحياة التعليمية في عهد الانقاذ تمضي في تضخم خالية من اي محتوي قيمي, كل هذا العبث من اجل انتاج اجيال غير مؤهلة اكاديميا بالشكل الكافي, لست ضد التوسع في سياسة التعليم العالي,ولكن بطريقة علمية تتناسب مع حوجة المجتمع, فالتعليم برمته يمثل حاليا قمة المأساة التي تعبر عن حال الوطن المنكوب, بفعل سلوك هذه العصبة التي استهدفت الوطن ضمن سلسلة من المناهج تهدف لاثقال كاهل المواطن السوداني المغلوب علي امره, عبر افقاره وادلجة مناهج التعليم بطريقة تخدم توجهاتهم الحقيرة....! وكيف ان التعليم انهار علي نحو يدعو للشفقة, يشهد عليه تدني مستوي الخريجين حتي صارت بعض دول الخليج لا تقبل خريجي الجامعات السودانية للعمل في مؤسساتها المختلفة, بجانب كثرة الاخطاء الطبية نتيجة لضعف القدرات لدي الكوادر الطبية التي تخرجت من جامعات ومعاهد ثورة التعليم العالي المدعاة من عصبة الجبهة الاسلامية,فالجامعات كانت منابر ومنارات لتكوين الوعي,وقبول الرأي الاخر, اذ لا بد ان يتعرف الطالب علي الاخر وينفتح علي العالم حتي علي المختلفين معه ثقافيا وسياسيا وحتي علي المستوي ودينيا, لكي يختبر العقل بمعرفة الافكار المختلفة معه ويقبل ان يناقشها ويحاورها, ولكن بكل اسف اصبحت ثورة التعليم العالي مصنعا لأنتاج انسان الانقاذ المؤدلج, فلا يوجد اي اهتمام بالجودة ,وبالتالي الحياة العامة اصبحت في تضخم فنذكر عشرات الجامعات , في كذا وكذا, وكل يوم نشهد افتتاح جامعة فهي في الواقع زيادة اصفار فقط, فكلها مسألة كمية لا تعمل اي اضافات حقيقية .و لكن السؤال, هل (هؤلاء) مؤهلين علميا ولهم ثقافة واسعة ولديهم قدرة علي التفكير المستقل.......؟ هل مؤسسات التعليم العاليالتي يقولون انها انشأت لغرض تطوير وتنمية هذا الوطن قد نجحت في مسعاها.....؟
جامعة البحر الاحمر نموذجا لافرازات ثورة التعليم العالي...! فقد قررت الجامعة انشاء كلية للزراعة بمدينة طوكر, وبناء علي هذا القرار تم الشروع في تنفيذ متطلبات المشروع,فأنشاء كلية جامعية علمية يتطلب امكانيات مادية عالية, خصوصا في منطقة بعيدة كمدينة طوكر , بخلاف الهيكل الوظيفي الذي يتكون من الاساتذة والموظفين والعمال ,والي هنا والامر عادي جدا, ولكن المدهش انه بعد كل هذا المجهود لم يقدم لهذه الكلية غير عدد خمسة طلاب فقط...! بحسب افادة موظف العرض في المعرض المقام ضمن احتفاليات مهرجان السياحة , وبحكم النظ واللوائح التي تحكم الجامعة لا يمكن ان تستمر الدراسة بهذا العدد الذي لا يتخطي اصابع اليد الواحدة...! ولهذا قررت ادارة الجامعة ان تجمد دراسة الكلية المعنية للعام القادم ليروا ما ذا هم فاعلين.......! (قمة) الفوضي والعشوائية (ليري) الجميع العقلية التي تدار بها جامعات ومعاهد التعليم العالي في هذا الوطن المنكوب......! فراعي الضان في الخلا لو (تمت) استشارته بخصوص انشاء كلية للزراعة في ظل الوضع الراهن لأجابهم بكل وضوح عن نسبة معدلات النجاح أو الفشل في ظل وفرة كليات الزراعة بما تفيض عن حاجة البلاد, و في ظل هذه الظروف المأساوية التي يشهدها قطاع الزراعة, اضافة الي حال خريجين كليات الزراعة الذي يغني عن السؤال...! ثم النقطة الاهم هل نحن حقيقة في حوجة لكلية زراعية....؟ فكيف فكر أولي الامر في انشاء كلية للزراعة وهي خاسرة بكل المقاييس....؟ ام ان الامر مجرد مجاملة لدواعي سياسية او جهوية كما هو شائع في أتون الوطن المنكوب.
قسم دراسات النقل البحري هو احد التخصصات بكلية الاقتصاد بجامعة البحر الاحمر , هو الاخر قرار انشائه لم يستند الي معايير علمية ...! فهذا القسم بحالته الراهنة كان من الاولي ان يدرج ضمن مناهج كليات الاقتصاد الاخري كمعلومات يستفيد منها طالب الاقتصاد, فالمشكلة الحاضرة أن الطلاب الذين تخرجوا من هذا القسم (جذبهم) أسم التخصص فأنخدعوا له خاضعين...! وهم الان يعضون بنان الندم (لولوجهم) ذاك التخصص.....! فالمدهش ان التخصص كان الغرض منه أن يلبي حوجة الوطن فيما يتعلق بدراسات النقل البحري والموانئ والجمارك, ولكن غالب المؤسسات المعنيه لا تهتم بخريجين النقل البحري......! فقد حكي لي احد الخريجين الذين تخرجوا من قسم النقل البحري بأن مؤسسة الخطوط البحرية السودانية (سودان لاين) كانت قد اعلنت عن وظائف, ليس من بينها من تخصصوا في النقل البحري...! وعندما أحتج الخريجين المتقدمين في هذا الامر اشار لهم المسؤلون بأنهم التخصص ليس من ضمن خياراتهم....! ومجموعة من خريجين قسم درسات النقل البحري كانوا قد قدموا الي وظائف أعلنت عنها مؤسسة الجمارك ,فكان المدهش في رد المسؤلين انهم لم يجدوا لهم تصنيفا....! وفي النهاية تم تصنيفهم مع المتقدمين لوظائف قسم الحسابات....! وحاليا غالبية العاملين في شركات الملاحة البحرية لا علاقة لهم بتخصص النقل البحري , اضافة الي ان الوظائف التي تتاح لاساتذة التعليم العالي في دول الخليج ليس من بينها من تخصصوا في دراسات النقل البحري....! بمعني ان أساتذة قسم دراسات النقل البحري الوحيدون الذين لم ينالوا حظهم من الاغتراب مثل رفقائهم في التخصصات الأخري....! اذن علي اساس انشأت هذه الكلية لولا الفوضي والعشوائية التي تدار بها مرافق التعليم العالي....!
في العام2014 اعلنت جامعة البحر الاحمر عن وظائف اساتذة ومساعدي تدريس , احد الاشخاص الذين اعرفهم يحمل درجة الدكتوراة في الفيزياء البحرية نرمز اليه ب(م ص), وتخصصه من الوظائف التي اعلنت عنها الجامعة, وكانت فرصتة كبيرة لنيل الوظيفة بالاضافة الي عدم وجود منافسين يحملون درجته العلمية , وبعد ان قدم مستنداته ومن ثم اجري المعاينات كان مزهوا للحد البعيد , وهيأ نفسه لتلك الوظيفة بأعتبار ان أمر توظيفه اصبحت مسألة وقت فقط....! وذهب لاكثر من ذلك عندما اخطر صاحب المنزل بالخرطوم الذي يسكنه بأنه سيخلي المنزل ليبحث له عن مستأجر جديد...! ولكني كنت اردد عليه بأستمرار بأن لا يطلق العنان لتفائله ,واردد عليه : (لا تنسي نحن في السودان ,حتي ولو كنت وحيدا لا ينافسك شخص اخر في هذه الوظائف ) لأن ما يحدث من محن في عهد حكومة الانقاذ, تجعلنا ان لا نستطيع مجرد ان نتكهن بنتيجة اي منافسة مهما بلغت درجة استقرائاتنا....! وبالفعل عندما ظهرت النتيجة تم استبعاده ....! وعندما استفسر عن السبب كان العذر اقبح من الذنب...!
فقد تم اختيار شخص يحمل درجة الماجستير, والادهي من ذلك ان الذي تم اختياره متخصص في الفيزياء البحرية في مرحلة الماجستير, وليس متخصصا منذ مرحلة البكلاريوس, بعكس (م ص) الذي تخصص في الفيزياء البحرية منذ مرحلة البكلاريوس, وحتي الدكتوراة بتقدير يؤهله للوظيفة المطلوبة , وكانت المفارقة المدهشة في رد الجامعة بأنهم لا يريدون في هذا التخصص من يحمل درجة الدكتوراة.....! فكون الجامعة تعين استاذا بدرجة الدكتوراة فمعني هذا انه لن يكلفها اي عناء لتأهيله اكاديميا بعكس طالب الماجستير الذي ستتكفل الجالمعة بنفقات تأهيله لدرجة الدكتوراة , اضافة الي انه سيكون في فترة اجازة طوال فترة الدراسة, والاهم في ان المقارنة معدومة بينهما كون(م ص) متخصص, بعكس الشخص الذي تم اختياره حامل شهادة الماجستير يحمل تخصص مغاير في مرحلة البكلاريوس , وبالتالي تنعدم المقارنة بينهما من حيث الجودة ,واتقان التخصص في الوظيفة المطلوبة.فالفوضي التي تمارس في اختيار المتقدمين لا تخضع لأي معايير مهنية , وبالتالي تجوز كل الممارسات الخاطئة في جوهر الدين من اجل الانتصار للاسلام والحفاظ علي دولة الاسلام وبأي ثمن , وذلك وفقا لمفهومهم القاصر للاسلام, ولذلك تجوز كل الممارسات اللا اخلاقية.
كلية التربية بجامعة البحر الاحمر انشأت في مدينة (جبيت) النائية التي تنعدم فيها الكثير من مقومات الحياة الاساسية ....! يقولون ان الغرض الاساسي للمساعدة في تنمية المنطقة...! ولكن ايهما الافيد ان تقيم مؤسسة اقتصادية تفيد الناس في شؤون معاشهم وبالتالي تساهم في التنمية في المجالات الاخري ,ام مؤسسة تعليمية ينقصها الكثير للأرتقاء بما هو مطلوب ....! فهناك كليات كثيرة انشأت في مناطق تفتقد لابسط مقومات الحياة وعلي سبيل المثال لا الحصر(حبيت) و(دار مالي) ( رومي البكري)(طيبة الخواض) تشكل عبئأ ومتطلبات مادية , في ظل هذ الظروف التي لا تساهم الحكومة بأي نفقات تساعد علي تطوير الجامعات او لترقية الاستاذ الجامعي وتطوير البحث العلمي وتطوير المناهج , و هناك كلية للسياحة سيتم انشائها في سنكات.....! فمن الطبيعي في ظل هذه الظروف ان تهتم الجامعة بالكم وتهمل الكيف....! فقد حكت لي أحدي الموجهات التربويات الكثير من المحن التي افرزتها ثورة التعليم العالي من خلال اشرافها علي المدارس : احدي المعلمات وهي (خريجة) من كلية التربية كتبت علي السبورة في حصة للتربية الاسلامية(صورة.......) بدلا من ان تكتب (سورة .......) واحداهن هي ايضا خريجة كلية التربية جامعة البحر الاحمر في (درس) الرياضيات تكتب (مسألة) الرياضيات من الكتاب اضافة الي (حل) المسألة ايضا يتم نقله من الكتاب علي السبورة....! فالجامعة اصبح (جل) حرصها علي جمع المال من طلاب الدبلومات , وطلاب القبول الخاص الذين يتم قبولهم دون اي معايير علمية....!
المشاهد اعلاه توضح واقع التعليم العالي في هذا الوطن المنكوب , فقد كان البريطانيون يفاخرون بأنهم خلفوا افضل الجامعات خارج بريطانيا في السودان , وكانت جامعة الخرطوم تعرف بأكسفورد افريقيا, ولكنها الان تدهورت الي القاع ,وفارقت عهدها الزاهي ,لتمكين القلة المتنفذة ومحاسيبها بعد ان اصبح الاختيار يتم لاقل الناس كفاءة, وتقدم الانتهازيين وانصاف الكفاءات الصفوف , واصبح الفرد بانتمائه للحزب الحاكم ومحاسيبه , اوبقدرته علي التملق التسلق علي اكتاف الاخرين , فمن الطبيعي ان تتدهور الجامعات علي نحو لم تشهده من قبل ,و من المفارقات المدهشة ان هذا النظام الذي (دشن) سدنته ثورة التعليم العالي ولا يزالوا يتباهون بها ,ما يدهش ان غالبية ابناؤهم يدرسون في جامعات بالخارج .....! وهذا دليل علي فشلهم يقدمونه بانفسهم....! ولكنهم رغما عن هذا لا يعترفون بالفشل.
فمنذ العام 1989 تعاقبت علي الجامعات السودانية ادارات (مسيسة) تناست احتياجات التعليم العالي الاساسية في بلد نامي كالسودان وركزت جهودها علي تضخيم ثورة التعليم العالي المتوهمة,وتكريس عقلية النظام الحاكم الاقصائية داخل الجامعات عبر الاستهداف والفصل التعسفي لاسباب سياسية, والتواطؤ المكشوف مع منسوبي الحزب الحاكم في انتخابات الروابط والاتحادات الجامعية, وانشاء الوحدات الجهادية كي تمارس عنفها المنظم ضد الطلاب وتنظيم امتحانات المجاهدين التي يتنافي اجرائها مع معايير النزاهة العلمية المتفق عليها عالميا , وتبدي السلوك الانتهازي الواضح للنظام من خلال الاستثمار في التعليم وفتح ابواب القبول الخاص علي مصراعيه الامر الذي ادي الي تراجع الجامعات السودانية في التصنيف العالمي لسبب التركيز علي مناهج التلقين النظري وانعدام برامج التدريب والتأهيل العملي ,وفي المحصلة غابت جامعاتنا عن طوال الفترة الماضية عن المساهمة في اعداد البحوث الاكاديمية الجادة والاكتشافات العلمية المميزة باستثناء البحث الشاق والتدقيق الممعن في علوم الحيض والنفاس التي اذدهرت وتطورت كثيرا في عهد الانقاذ.
كل من يريد أن يستثمر امواله ما عليه الا يستثمرها في انشاء كلية او جمعة,فبحسب الاحصائيات السودان الان يمتلك اكبر رصيد من الجامعات والمعاهد العليا في افريقيا والوطن العربي, وانتشرت الكليات والمعاهد العليا حتي في داخل الاحياء وأصبحت مثل ( السوبر ماركت والبقالات) فمن الطبيعي ان يتدهور التعليم العالي يبلغ مرحلة من السوء لا توجد في دولة في العالم , وكما أشار د عمر القراي في احدي مقالاته" صارت الشهادات العليا والشهادات العلمية من الماجستير والدكتوراة توزع بلا حساب علي عناصر المؤتمر الوطني ,يمنحون الدرجات العلمية من قمة الجامعات ,والذين يمنحونهم هذه الدرجات هم الذين عينوا سياسيا في قمة الجامعات ليقوموا بهذا الغرض من ضمن اغراض اخري, فأعضاء المؤتمر الوطني حين يمنحون بعضهم الشهادات العليا يعتبرون ذلك من ضمن سياسة( التمكين) التي طردوا بها الالاف الموظفين من اصحاب المهنية العالية واحتلوا مكانهم دون اي كفاءة " فهناك متاجرة سياسية بالتعليم العالي في السودان الذي لم يشهد طوال تاريخه انهيارا كالذي يشهده الان,فلدينا حوالي 50 كلية طب في عشرة سنوات , هذا لم يحدث في اي دولة , ,فجامعة الخرطوم ام الجامعات عاجزة عن توفير احتياجاتها ما عندا بند الاجور , فلا يوجد اي تطوير والاستاذ يعاني والطالب يعاني ومع ذلك نتكلم عن انشاء كليات طب وجامعات جديدة.....!فمن مصلحة الوطن ان تكون هناك كوادر مؤهلة, ولكن كل المعاينات واختبارات القدرات التي اجريت في مؤسسات القطاع العام والخاص وامتحانات مهنة الطب او القانون يكشف عن حجم الخلل البائن....! فعلي سبيل في الخارجية قبل اعوام لم يجتاز الامتحان سوي خمسة فقط من بين الالاف المتقدمين...! فليست لديهم مهارات او معرفة باللغات هذا علي مستوي اللغة العربية ناهيك عن اللغات الاجنبية وهذا مؤشر غاية في الخطورة فنسبة فشل الخريجين عالية جدا الا من رحم الله.
ما يدهش انه وفي ظل هذه الظروف المأساوية ,عندما يطالب الطلاب بجزء من حقوقهم المهضومة , يكون الردع عقابا لهم....!وعلي سبيل المثال طلاب كلية الطب جامعة الفاشر رفعوا من قبل مزكرة احتوت علي مطال محددة لهدف تحسين البيئة الجامعية ومعالجة النقص الكبير في الاستاذة وتقليص الفترة المفترضة للتخرج التي امتدت الي ثمانية سنوات بخلاف المعتاد بالاضافة الي تكوين اجسامهم النقابية المصادرة منذ عشرة سنوات وعندما تجاهلت الادارة المزكرة بالرغم من انهم سلكوا طريقا مشروعا ,نفذ الطلاب اعتصاما وهو سلوك حضاري ردت عليهم الادارة بتعليق الدراسة الي اجل غير مسمي وتوجيه الحرس الجامعي باخلاء الداخليات من الطلاب والطالبات في خلال24ساعة منذ ساعة صدور القرار......! فالاجراء عقابي الغرض منه تخويف الطلاب وهو احد سلوك الانقاذ تجاه الطلاب نراه كثيرا في الجامعات السودانية ثم تعلن بعد ذلك الادارة المعنية بعد استئناف الدراسة شروط من ضمنها الالتزام بلوائح الجامعة التي تمنح من ممارسة اي نشاط سياسي او ثقافي في وطن يتحدث فيه هؤلاء صباحا ومساءا عن شعارات التحول الديمقراطي التي لا تجد طريقها للتطبيق علي ارض الواقع.
من المحن التي لا تحدث الا في هذا الوطن المنكوب ,وقد حدث هذا المشهد في احدي الجامعات الولائية ,ان قامت الادارة بفصل د محمد علي حمد (اجراس الحرية عدد55)استاذ علوم المناهج في كلية التربية عن العمل, وذلك بدعوي تحريضه للطلاب علي الادارة ,هذا وقد درج د محمد علي حمد علي اشراك الطلاب في النقاش اثناء محاضراته مع لجوءه لاساليب مبتكرة في التدريس تعتمد علي تشجيع ملكة التحليل والمقارنة والاستنباط والاسقاط العملي علي الواقع المعاش واتاحته الفرصة للطلاب كي يعبروا عن ارائهم بحرية تجاه الاوضاع في الجامعة, استطلعت الصحيفة ادارة الجامعة ممثلة في عميد شؤون الطلاب, الذي صراح بان المشكلة يمكن ان تعالج ببساطة لولا عناد د محمد علي ورفضه تقديم استرحام لمدير الجامعة.....ّ! ومن جهته رفض الدكتور المقال تقديم اعتذار عن جريمة لم يرتكبها اصلا.....! كما ادان مسلك الادارة الغير تربوي فيما يتعلق بتحريض بعض الطلاب علي التجسس وكتابة التقارير عن اساتذتهم.....! فبدلا من يتم الاشادة به علي ما يقوم به من جهد تجاه طلابه لتنمية مهاراتهم في الاستيعاب, يتم طرده من التدريس بالجامعة....!
شخصيا اتفق مع رأي الاستاذ د محمد علي بأن ملكة الاستيعاب لدي الطلاب ضعيفة جدا ,نتيجة لضعف المناهج الدراسية علي كل مراحل السلم التعليمي وهذا بالطبع شيئ مقصود من النظام الحاكم (لحاجة في نفس يعقوب) واستدل هنا بما اشار له د الباقر العفيف مدير مركز الخاتم عدلان للاستنارة وهو يقول :من خلال الورش التي أقمناها لمجموعة كبيرة من الشباب طلاب وخريجين وبمن فيهم من منسوبي المؤتمر الوطني والمؤتمر الشعبي دون أستثناء علي ان ما يسمعونه او يتعلمونه من خلال هذه الورش والفعاليات المدنية ,لم يسمعونه او يتعلمونه او يعرفوه من قبل ....!وفي اي مكان اخر ,واعربوا عن معرفتهم بوجود اسلوب جديد في التفكير لم يعهدوه من قبل, فهنا تحليل جديد ومصطلحات جديدة ولدي نماذج عديدة لمن تغيرت افكارهم ومفاهيمهم بشكل ايجابي راديكالي ومنهم من اعترف بأن عينه قد انفتحت علي اشياء لم يكن يراهامن قبل رغم حضورها , فالنظام التعليمي القائم بمناهجه ومقرراته المحشوة بالحفظ والتلقين تعطل ملكة الفهم والنقاش.
لن تستقيم الأوضع في (ظل) وجود هذه العصبة علي السلطة,لأنها من سعت لتشوية كل الاوضاع التي كانت موجودة قبل أن تستولي علي السلطة ,و في ظل هذه الظروف المأساوية لا يسعنا الا ان نشيد , بمجهودات الدكتور (بيترادوك) وزير التعليم العالي الاسبق في حقبة اتفاقية السلام, فقد دفع بعدة مقترحات حينما كان علي سدة الوزارة,كان سيكون لها الأثر الايجابي في تطوير التعليم العالي, ابرزها واكثرها اثارة للجدال كانت التوصية بان تنتخب ادارات الجامعات من قبل مجلس الاساتذة ,وذلك تدعيما لمبدأ الاستقلالية الجامعات عن الحكومة, والمدهش ان القرار الذي دفع به خصما علي صلاحيات وزارته....! فوجود مجلس اساتذة يمكن ان يجابه القرارات التي تساعد في التطوير كما كان الحال سابقا في جامعة الخرطوم, ولكن الانقاذ لتكسيره بنقابة تضم كل العاملين في الجامعة .ولكن مقترحاته قوبلت بالرفض والانتقادات من الفئات التي تعبر عن رؤية النظام المستفيد من استمرار سياسة تعيين مدراء الجامعات السودانية وفق قرار جمهوري يستند علي معايير ليس من بينها الكفاءة الاكاديمية والقدرات العلمية والحنكة الادارية, ولكن العموم (اليد الواحدة لا تصفق) في ظل هذه الفوضي في ابشع ثوبها ,فالتعليم العالي في السودان يحتاج الي مراجعة علمية ومهنية, ولكن المهم ان د بيتر ادوك وزير التعليم العالي الاسبق نجح في تشخيص جزء من الازمة, يمكن الاستفادة بمقترحاته بعد ذهاب النظام الحاكم من السلطة بأذن الله , فالطلاب والاساتذة لوحدهم لا يمكنهم مواجهة ادارة هوجاء ومتخبطة يسندها تنظيم حاكما اكثر تخبطا منها , لذلك لا بد من فك الارتباط ما بينهما عبر تحييد رئاسة الجمهورية , التي ما فتئت تتدخل سلبا في التعيين , فمقترحات وزير التعليم العالي الاسبق كانت تهدف الي تصحيح الاختلالات الجامعية لان مستقبل السودان مبني علي التخطيط لتعليم عالي قادر علي استيعاب حاجة البلاد التنموية, الامر الذي يتطلب الي صياغة قوانين جديدة فيما يتعلق بسياسات التعليم العالي, من شأنها تدشين ثورة حقيقية للتعليم بعيدا عن التأثير الحكومي.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.