في العدد الصادر يوم الثلاثاء الماضي من صحيفة الشرق الأوسط تصريحان لأمين عام جامعة الدول العربية السيد عمرو موسى، يكشفان مدى المأزق الذي تعيشه الجامعة العربية، وأمينها العام، نتيجة للأحداث الجارية في العالم العربي، وهو مأزق تعاني منه دول عربية عديدة، ترى أن من الصعوبة بمكان تحديد موقفها تجاه هذه الأحداث، خاصة ما يجري في سوريا حاليا. ففي الصفحة الرابعة من صحيفة الشرق الأوسط، تحدث موسى عن الوضع الخطير في سوريا، وحرص على ألا يتحدث باسمه شخصياً، أو باسم الجامعة العربية، فجاءت تصريحاته ضبابية، لا تحمل أي موقف محدد من الأحداث، وحمل الخبر عنوان ''موسى: الوضع في سوريا خطير وقرار الجامعة العربية حيالها يتوقف على ما تقرره الدول العربية ''وقال موسى: '' إن قرار الجامعة العربية بشأن الوضع في سوريا يعتمد على موقف هذه الدول، مثلما اعتمد القرار الخاص بالأزمة في ليبيا التي تقرر فيها اللجوء إلى مجلس الأمن وفقا للتصويت الجماعي للدول العربية، ودعا إلى أن يكون هناك موقف عربي جماعي ليطرح للنقاش مع سوريا. هذا الموقف مما يحدث في سوريا ليس مثل موقف الجامعة العربية من أحداث ليبيا، فالجامعة العربية من خلال تحركاتها، وتصريحات أمينها العام، كانا أكثر وضوحاً مع أحداث ليبيا، وقرار مجلس الأمن بُني على ما صدر عن الجامعة العربية، في حين يدعو موسى الآن أن يكون هناك موقف عربي ''للنقاش مع سوريا''. ورغم حذر موسى الشديد وحرصه على اختيار الكلمات، إلا أن وصفه الوضع في سوريا بالخطير، أدى إلى تعرضه لهجوم سوري عنيف، تمثل في اتهامه بأن تصريحه يخدم طموحاته الخاصة. أما إذا انتقلنا إلى الصفحة السادسة من صحيفة الشرق الأوسط، فنجد أن عمرو موسى تحدث عن الوضع في السودان، وعن الاعتراف بدولة جنوب السودان، بجرأة ووضوح شديدين، ونجد أن الضبابية والاتكاء على القرار العربي قد زالا، بحيث اتخذ عمرو موسى القرار دون انتظار سماع مواقف الدول العربية. ليأتي عنوان الخبر ''موسى: الدول العربية ستكون أول من يعترف بدولة جنوب السودان'' ثم تحدث عمرو موسى عن خطة الجامعة العربية في التعامل مع الجنوب السوداني بعد الانفصال المقرر الشهر المقبل، فقال: إن الدول العربية ستكون أول من يعترف بدولة جنوب السودان التي ستعلن في 9 يوليو المقبل، باعتبار الجنوب دولة شقيقة، وليست غريبة وهذا ما سيشكل الأساس في العلاقات العربية معها''. وهذا التصريح قد يكون تمهيداً لانضمام دولة جنوب السودان إلى الجامعة العربية. عمرو موسى لم يُخف في تصريحات أخرى لقناة روسيا اليوم أن ''الجامعة العربية تمر الآن بمرحلة غريبة جداً لأن العالم يتغير جذرياً، وبالتالي فإن العالم العربي الذي عرفناه حتى اليوم، ليس هو الذي سيكون في السنوات الأربع، أو الخمس المقبلة''، مشدداً على أن ''الجامعة العربية يجب أن تواكب هذا التغيير وألا تتخلف عنه''. إذاً الجامعة العربية تمر بمأزق، لا يقل عن المأزق الذي تمر به عديد من الدول العربية، ولهذا فالتغيير الذي تحدث عنه عمرو موسى، ولم تتضح معالمه بعد، لا ندري هل سيكون في صالح عالمنا العربي؟ أم سيتم عبره تحويل الجامعة العربية إلى منظمة إقليمية، تلعب فيها بعض الأطراف الإقليمية دوراً مؤثرا؟ الاقتصادية