بتعادل جنوني.. لايبزيج يؤجل إعلان تتويج بايرن ميونخ    منظمة حقوقية: الدعم السريع تقتل 300 مدني في النهود بينهم نساء وأطفال وتمنع المواطنين من النزوح وتنهب الأسواق ومخازن الأدوية والمستشفى    التلفزيون الجزائري: الإمارات دولة مصطنعة حولت نفسها الى مصنع للشر والفتنة    السودان يقدم مرافعته الشفوية امام محكمة العدل الدولية    وزير الثقافة والإعلام يُبشر بفرح الشعب وانتصار إرادة الأمة    عقب ظهور نتيجة الشهادة السودانية: والي ولاية الجزيرة يؤكد التزام الحكومة بدعم التعليم    هل هدّد أنشيلوتي البرازيل رفضاً لتسريبات "محرجة" لريال مدريد؟    "من الجنسيتين البنجلاديشية والسودانية" .. القبض على (5) مقيمين في خميس مشيط لارتكابهم عمليات نصب واحتيال – صورة    دبابيس ودالشريف    النهود…شنب نمر    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (ألف ليلة و....)    "المركز الثالث".. دي بروين ينجو بمانشستر سيتي من كمين وولفرهامبتون    منتخب الضعين شمال يودع بطولة الصداقة للمحليات    ندوة الشيوعي    الرئاسة السورية: القصف الإسرائيلي قرب القصر الرئاسي تصعيد خطير    د. عبد اللطيف البوني يكتب: لا هذا ولا ذاك    عثمان ميرغني يكتب: هل رئيس الوزراء "كوز"؟    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء الشاشة نورهان نجيب تحتفل بزفافها على أنغام الفنان عثمان بشة وتدخل في وصلة رقص مؤثرة مع والدها    كم تبلغ ثروة لامين جمال؟    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    شاهد بالفيديو.. في مشهد نال إعجاب الجمهور والمتابعون.. شباب سعوديون يقفون لحظة رفع العلم السوداني بإحدى الفعاليات    شاهد بالصور والفيديو.. بوصلة رقص مثيرة.. الفنانة هدى عربي تشعل حفل غنائي بالدوحة    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    المرة الثالثة.. نصف النهائي الآسيوي يعاند النصر    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    ارتفاع التضخم في السودان    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كيف الخلاص؟ سؤال يطرحه الشارع ..و جميع الأجوبة خاطئة..
نشر في الراكوبة يوم 28 - 04 - 2016

لا يسعد النًاس بسماع ما يعمق جراحاتهم ويرفع ضغطهم. ..لذلك لم يعد الحديث عن أفعال النظام و فساد منسوبيه مجدياً لأنً الجميع يعرف حقيقتهم بأكثر ممًا يكفي لمعاقبتهم...ما يهم النًاس فعلاً شيء واحد " كيف الخلاص"..لا أحد داخل حفرة عميقة تلتهب فيها النيران يهمه أن تحكي له عن مضار النًار و خطورة الوقوع في الحفر الملتهبة كما هو حاله...ما يهمه في المقام الأول إنقاذه ممًا هو فيه و من يعينه على الخروج من المصيبة و يواسيه في معاناته.. ، لذلك ما يهم النًاس طرح الحلول العمليًة و ليس مجرد الحديث عن المشكلات ..و هذا للأسف غير موجود في مجتمعنا بدرجة مؤثًرة...ما يريده النًاس قوًة تخرجهم و تساعدهم على حل المشكلات.. ، أمً المشكلات التي ظلت تلازم الشارع السوداني تتمثل في غياب القيادة الثورية الموحدة، وغيبة التنظيم القوى القادر على اسقاط نظام العار وفرض إرادة الشعب السوداني الحرًة على من نكًل بهم و على القوى الخارجية التي تدعمه على حساب مصلحة الشعب السوداني..، هنالك حقائق معلومة للكل ...النظام سيئ و لا يطاق..و يجب أن يذهب..نعم لم يخمد الفعل الثوري منذ مجئ عهد الظلام، مقاومة النظام تسير بوتيرة تصاعديًة..لكن لا زال النظام موجوداً..و هنا المشكلة ، مشكلتنا لا تزال قائمة و أوضاعنا تتدهور يوماً بعد يوم على الرغم من التسليم بأنً بقاء النظام يوماً واحداً يعمق من جراحاتنا و يرفع تكلفة استئصاله...
فيما يتعلق بموقف العالم من النظام...الحقيقة أنًنا نعيش في عالم لا تسيره الأخلاقيات إنما تتحكم فيه النفعيًة المحضة حتى و ان تعارضت مع أبجديًات الانسانيًة و تعاليم الأديان السماويًة...، فهذا هو الواقع الماثل أمامنا و علينا التعامل معه....حتًى إن سلًمنا بأنً تغيير النظام مسؤوليًتنا نحن الشعب السوداني..، هذا لا يعني عدم أهمية الدور الخارجي ، لكنًه يظل دوراً ثانويًاً نحن من نتحكم فيه- حتًى في الأنظمة الديكتاتوريًة القميئة التي تلبي متطلبات القوى الامبرياليًة - التاريخ يعلمنا بأنً القوى الشريرة في النهاية تجد نفسها مجبرة على الرضوخ لتطلعات الشعوب لأنً نفس مصالحها التي كانت تتعامل مع الأنظمة البغيضة خشيةً عليها ستكون معرضة لمخاطر أكبر من ذي قبل لأنً الشعوب لن تنسى لها النكبات التي حدثت بفعل دعمها لمن نكًلوا بها و أذاقوها طعم البؤس..و لدينا الكثير من الأمثلة في ذلك مثل نظام شاه إيران ..بينوشيه في تشيلي و نظام ماركوس في الفلبين حيث كانت هذه الأنظمة مدعومة بالكامل إمًا من المعسكر الرأسمالي أو الشيوعي في ذلك الوقت.. لكن في نهاية المطاف فازت إرادة الشعوب..هذا يثبت ما هو مثبت عندنا في السودان من ذي قبل.."ً إرادة الشعوب لا تقهر رغم أنف الامبرياليًة البغيضة"..
إذاً ما ينقصنا حقًاً هو هذه الإرادة التي طالما ظلت محور كتاباتنا ... اكتملت كل العوامل الموضوعيًة لقيام ثورة تقتلع نظام الاخوان المسلمين منذ أمد بعيد... سوء النظام و ضرورة ذهابه و سوء الأوضاع و ضرورة تغييرها مسائل لا جدال فيها... لكنًه (نظام الخزي و العار) ظل موجوداً لأنً الجانب الذاتي الذي يمثل الشق الثاني من المعادلة لم ينضج بعد..
قناعة كل فرد منًا بضرورة التغيير و العمل عليه بنفسه لم تبلغ المستوى الكافي بعد..أي الإرادة بذات المعنى... إدراك كل منا لسوء النظام مع استعداده للعمل على تغييره غاية مهمًة ندركها جميعاً لكنًنا لا نعمل عليها ، و هذا ما أعنيه....بالنتيجة ظل النظام موجوداً لأنً الكثير من الآذان لا تصغي و الكثير من العقول لا تفتكر في حجم الكارثة بموضوعيًة..، إذاَ واجبنا مخاطبة الجانب الذاتي و إفراد مساحة أكبر له..هذا يتطلب فيمن يتولون أمر قيادة التغيير أن يرتقوا أولاً إلى درجة إدراك الناس العاديين..، علينا أولاً الوصول إلى ما وصل إليه النًاس العاديين بأنً التغيير مطلَب أساسي لأنً بقاء النظام يهدد بقاءنا أحياء..و يهدد وجود وطن يأوينا. ..على قيادات التغيير أن تدرك أن كل شيء انحرف عن مساره الطبيعي بفعل النظام ولا سبيلَ لاستعادته إلا بتغيير طريقة عملهم التي ثبت فشلها،..و هم (الحركات الثوريًة) بوضعهم الحالي أبعد ما يكونوا عن بلوغ هذا الهدف لأنً الشًارع يتفوًق عليها...
هنالك مشكلة الاعلام لم تحل بعد و السبب فيها يرجع لما أشرت إليه بدايةً..حلم الشًارع وجود منبر مسموع و متاح للفقراء في أصقاع السودان المختلفة حتًى يساهم في تقوية الجانب الذاتي الذي أشرت إليه ، عندها يكون المد الثوري قد اكتمل..، و كما أشرت، لا يرغب النًاس في سماع قصص الفساد إنًما يريدون أن يشعروا بأنً هنالك قيادة تنبع منهم و تعبر عنهم..تخاطب آلامهم و تطرح عليهم الحلول..تقف أمامهم و يرونها و يلمسون عملها..
أمًا إن سألتم عن أكبر مشكلاتنا فهي ليس ببعيد عمًا أشرت إليه أعلاه – في رأيي المتواضع-كثرة الأجسام الثوريًة الموجودة على السًاحة جعل كل منها يسير باتجاه مغاير لطريق اسقاط النظام، و يختلف مع الآخر جوهريًاً لذلك أصبحت بهذا العدد المهول، بل بعضها لا يتجاوز عدد عضويًتها حملة المناصب فيها....و الأسوأ من ذلك أنًهم ليسوا على وفاق .. لذلك من الطبيعي أن يتناسب عدد الأجسام الثوريًة عكسيًاً مع الفعل الثوري على الأرض...، و من الطبيعي أن تكون متخلفة عن اللحاق بالمستوى الذي وصل إليه الشًارع...، أثبتت هبًة سبتمبر هذا الأمر..و من بعدها مقاطعة مسرحية النظام التي أسماها انتخابات قبل عام...، و طالما أنًني اشرت إلى الدور الخارجي و ثانويًته نفس الاتحاد الأوروبي الذي سبق و أن ألقم النظام حجراً و قال أنً انتخاباته باطله قبل عام واحد فقط عاد اليوم و غيًر مواقفه منه و أصبح داعماً رئيسياً يغض الطرف عن انتهاكاته و قتله للنًاس ..بل و يدعمه ماليًاً ...،النظام يقتلنا و العالم يدعمه، و من يفترض أن يتخذوا منه موقفاً صارماً أصبحوا اليوم أكبر داعم عسكري له....، إذاً لا سبيل أمامنا غيرالاعتماد على أنفسنا و مقدراتنا..و طالما أنً مقدراتنا كما نراها الآن لا بدً من الارتقاء بها..الأمر ليس صعباً إن توفرت الإرادة..
كل منًا لديه وجهة نظر وإجابات ورؤى مستقلًة، لكنًنا جميعاً نتفق على ضعف الأداء الثوري وكثرة الأجسام الموجودة واختلاف رؤاها وتطلعاتها رغم أنًها جميعاً تتفق حول ضرورة اسقاط النظام حتى يستطيع كل تنفيذ رؤاه وبلوغ تطلعاته.
الملاحظة التي يكاد يراها الكل..جميع التنظيمات الثوريًة وضعت برامجاً جيدة لفترة ما بعد اسقاط النظام..و هي متفقة بنسبة تفوق ال 90% في كيف يحكم السودان بعد ذهاب النظام..لكنًها مختلفة بنسبة مماثلة أو تزيد حول من سيحكم السودان..على الرغم من أنً آليًات الديمقراطية التي أرتضتها جميعها ستحسم هذه النقطة الخلافيًة..، و بالعمل وحده يستطيع كل من هذه الأجسام أن يكون هو صاحب الأغلبيًة التي تؤهله للحكم بعد إسقاط النظام..، في هذا الجانب يجب الإشارة إلى أنً حرية التنظيم يجب أن تكون مكفولة للجميع و لا حجر على أي جسم ثوري طالما أنًه مع اسقاط النظام و يريد التغيير فعلاً...، لكن إلى أين ستوصلنا كثرة الأجسام الموجودة في الساحة بصورة مخيفة دون إنجاز على الأرض؟ لماذا لا تتحد جميع هذه الأجسام ..أو نقل تكون إثنان فقط إن كانت هنالك استحالة في أن تكون جسماً واحداً؟ لا أعتقد بأنً هنالك ما يمنع سوى غياب الإرادة...و قطعاً تعلمون أيًها المجموعات الثوريًة الكثيرة عدم إرادتكم هذا يطيل من عمر النظام و يعمق من جراحات الشعب السوداني و يهدد وجود وطن أصبح يحتاج إلى معجزة لإخراجه من الهاوية التي وقع فيها بسبب النظام الذي سيكون اسقاطه أسهل ما يكون ان اتحدتم جميعاً و تجاوزتم صغائر الأمور..ليس هذا فحسب، ان حسبتم المسألة بمنظور الربح و الخسارة البسيط..ستجدون أنًه مهما كانت النتيجة و مهما كانت درجة الخلاف..إلاً أنًه من الأفضل اتحادكم لإسقاط هذا النظام و تجاوز كل خلافاتكم التي لن تقود الوطن و الشعب الذي أنتم جزء منه إلاً نحو الدرك السحيق من الهاوية التي وقع فيها..
بهذه المعطيات ما نريده فعلاً هو الارتقاء بالجانب الذاتي و البداية من حركات المقاومة الثوريًة لأنًنا ببساطة لا يمكننا أن نطالب الجماهير أن تنخرط في برنامجنا التغييري و تخرج لمنازلة النظام و نحن من يفترض أنًنا قيادات لا نعمل عليه و لم ينضج فينا الجانب الذاتي ...ففاقد الشئ لا يعطيه.
كيف نرتقي بالجانب الذاتي؟
أول ما نريده هو تطوير رؤيتنا و إعادة تقييم آليًاتنا لاسقاط النظام..ثم استخدام الوسائل التي ستسقط النظام فعلاً حسب رؤية الأغلبية، الأغلبيًة لا يمكن أن تكون على خطأ ..أياً كانت الوسيلة التي تريدها الأغلبيًة – مثلاً عصيان مدني – ثم التي تليها مثلاً عمل مباشر..و هكذا تطوير رؤانا و أهدافنا ...فحجم الكارثة الذي نعيشه اليوم و ما صار إليه الوطن و المواطن يتطلب أن تكون هنالك قيادة واعية و مدرًبة لإنجاز التغيير ..تخطط له و تديره و تجيب على أسئلة المواطن البسيط..و تستمع للناس و تفهم طريقة تفكيرهم ..، المواطن البسيط يريد القيادة التي تعبر عن متطلباته الفعليًة و تشاركه همومه و تحل مشكلاته..، قيادة تمتلك رؤى واضحة و مشروع تغيير مقنع في شتًى المجالات و ليس فقط مجرد اسقاط النظام.. يجب أن يكون رواد التغيير مدركون جيداً للقضايا الأساسيًة ذات الصِّلة بالمجتمع و المواطن العادي.
هذا يتطلًب أولاً الاعتراف بالمشكلة التي ألمًت بالقوى الثورية ، علينا أن نعترف بأنً مشروع النظام نجح نجاحاً منقطع النظير (مقالي السابق ، فيروسات المشروع الحضاري...كيف نقاومها)...علينا إن فعلاً أردنا التغيير تحديد أساس المشكلة..، ليس بالضرورة أن يكون قادة التغيير لدينا أنبياء أو خارقون حتى يستطيعون تحديد مكمن الخلل فيهم أوًلاً...الخلل واضح و يراه الجميع بالعين المجردة...ثم بعد ذلك سيكونون مؤهلون لرؤية و اصلاح الخلل الموجود بالشارع...، و لنا في الشرائع السماوية قدوة في ذلك حيث انطلق التغيير الأوًل على يد أبو الأنبياء سيدنا إبراهيم عليه السلام عندما بدأ التغيير أولاً بحرق الأصنام التي كان يعبدها قومه...، و كذلك نبينا الكريم – صلى الله عليه و سلم - حيث حدَّد مكمن الخلل المسيطر على عقول الناس والمتمثِّل في عبادة الأصنام أيضاً فكان أوَّل ما فعَل أنه حدَّد المشكلةَ ثم انطلق في التغيير...
لا توجد لدينا أصنام يعبدها النًاس إنًما مفسدون يجب تحطيمهم و صلبهم في الشوارع...و تركة ثقيلة نتاج 27 عاماً من الفساد و الانحطاط الذي لم يشهد له التاريخ مثيلاً ....لذلك من الطبيعي حاجتنا الماسًة لقيادة تغيير مؤهًلة تدرك أهدافها جيداً..، المواطن العادي يعي هذا الأمر جيداً لذلك تجد الشًارع دوماً يسبق القيادات بمراحل و ما يثبت هذا فعلاً نجاح مقاطعة انتخابات النظام العام الماضي و استعداد الجماهير للمضي في مقاطعة النظام لكنًها لم تجد القيادة ...، لن ينجحَ أيُّ مشروع تغييرٍ دون قيادة مؤهلة و مسؤولة تتولَّى الإشرافَ عليه مِن مختلف النواحي والمجالات، فالهزيمة التي مُنِينَا بها في مجالِ التغيير مردُّها إلى الأسباب التي ذكرتها لأنً نتاجها الطبيعي هو غِياب التخطيط وسوء التوجيه، و لا ينكر هذا الاً مكابر أو جاهل.
المواطن العادي لديه أسئلة بسيطة يجب الإجابة عليها أولاً ....لماذا سأغير النظام و قد يأتي أسوأ منه؟ أو قد يأتي فلان الذي هو مسؤول عن وجود النظام..لماذا أسقط ديكتاتوراً ليأتي ديكتاتوراً آخر..؟ ماذا سأستفيد من التغيير، ..المواطن لديه الحق كل الحق فيما يقوله لأنًه لا يعرف شيئاً عن المجموعات الثوريًة الموجودة لأنًها ببساطة لا تعمل في الشارع، ربُما يعرف المواطن في الخرطوم مجموعات العمل المباشر التي تعمل على مساعدة الضعفاء ونشْر العلم، ولكن هذه توقفت بسبب الخلافات..و الموجودة منها دورها محدود..، المواطن يريد حقًاً أن يعرف حركات ثوريًة تعمل في الشارع مباشرةً و تلامس قضاياه المعيشيًة ، تعمل معه على معرفة حجم مشكلاته و تضع الحلول لها... إن كانت مشاكله تتعلق بالتنمية يريدها أن تعمل معه على تحقيق التنمية، و إن كانت مشاكله تتعلق بالجوع يريدها أن تساعده على توفير الطعام و الشراب..، إن كانت مشاكله تتعلق بفساد المجتمع يريدها أن تساعده في إصلاحِ المجتمع ، و طالما أنً كل هذه المشاكل مترابطة و نتجت أساساً بفعل النظام..إذاً لا يُمكن فصل أيٍّ منها عن الآخَر لأنً السبب واحد، على الحركات الثورية أن تدرك أن حل هذه المشكلات و التغيير لا يمكن أن يحدث إلاً بجهْد جماعي، لذلك يحتاج إلى قيادة مؤهلة موحدة و هذا كله يحتاج إلى حُسن إدارة وتوجه و تضحيات...
على الحركات الثوريًة أن تدرك أنً اسقاط النظام و التغيير يشترط الوعى الكامل بالمتطلبات، وهذا يحتاج امتلاكَ القُدْرة على تحديدِ الفعل الصحيح و نقطة البداية، والأهداف، ونوعية المشاكل التي تلامس المجتمع بصورة مباشرة ، والتركيز على الأولويات لأنً المشكلات كثيرة؛ فرصة العمل لكل من يريد التغيير سانحة و هذه أهمً نقطة..، المتابع للحركات التغييريًة النًاجحة على مرً التاريخ يدرك سريعاً بأنًها تشترك في سببين للنجاح.... (1) وجود فرصة مواتية ، و (2) قيادات استفادت منها و عملت عليها وسط مجتمعاتها..، نجحت كل الثورات التغييريًة في العالم عندما توفر هذين العاملين..لدينا الفرصة أكثر من سانحة..ماذا عن القيادة؟ الأخيرة غير موجودة و يجب الاعتراف بذلك، و لا يكفينا مجرًد الاعتراف..الأمر يتطلب العمل العاجل على إيجاد قيادات تعمل وسط المجتمع حتًى إن دعا الحال إلى عودة من يمكنهم من المهاجرين إلى الدًاخل بصورة منظًمة و منسًقة لإنجاز هذه المهمًة...الأمر يحتاج تضحيات لكنًها لن تذهب هباءاً...
من المهم أيضاً للحركات الثوريًة أن تدرك بأنً أوًل متطلبات التغيير هو فَهم الأسباب المنطقية الملحًة الداعية إليه (الفرصة) ، فهو عملية تحليل ودراسة للحاضر لذلك يتطلب قيادات لديها المقدرة على تحليل المشكلات جيداً ووضع خطط قابلة للتطبيق لحلها و ضمان استمراريًة التغيير – سبق أن تحدثت عن هذا في خطة عمل المقاومة المدنيًة – هذا يضمن بلوغ الهدف المنشود بدرجة معقولة و معالجة المشكلات التي تحدث أثناء التطبيق ، حتًى يكون التغيير ناجح يجب أن يكون مبنياً على أُسس ومراحلَ وخُطط قابلةٍ للتطبيق ومُواكِبة للمستجدات، فيُحتمل ألا يُؤدي التغيير إلى النتائج المرجوَّة لأخطاءٍ في الدراسة، أو ظهور متغيرات جديدة لم تُؤخَذ بعين الاعتبار، وقد يسبِّب التغيير صداماتٍ وصراعات متباينةً؛ ولهذا فاقتناع الشًارع بأن التغيير ممكن، وسيؤدي إلى نتائجَ إيجابية تَخدم مصالح الجميع مسألةٌ مهمة تضمن النجاح.
نقطة أخيرة غاية في الأهميًة و لم تدركها معظم الحركات الثورية الموجودة على السًاحة...، لا يمكن اسقاط النظام بقوًة السلاح لأنًه (كما ذكرت سابقاً في أكثر من موضع) يتفوق في هذا الجانب..، و لا يمكن اسقاطه عن طريق المظاهرات وحدها لأنًه مستعد لقتل ثلثي الشعب السوداني كما قالها المجرم عمر البشير من قبل..، إن أردنا اسقاط النظام علينا تفكيكه أي مقاطعته و عصيانه حتًى ينهار..، ليس هذا السبيل الأوحد..لكن من يعرف طبيعة هذا النظام فعلاً سيجده الخيار الذي لا بدً منه...و هو أسهل و أفضل الخيارات المتاحة و أكثرها حقناً للدماء..
مصطفى عمر
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.