الأسبوع قبل الماضي، قدم ديوان المظالم العامة تقرير أداء 2015، التقرير سمّى شخصيات بعينها تورطت في قضايا فساد، من بينها شخصيات على رأس عملها في وزارة العدل، وكان ينبغي أن تحرس المال العام وتحميه بدلاً عن ابتلاعه..التقرير الذي قدمه الديوان للبرلمان في صورته العامة، ليس فيه جديد يجعله مختلفاً عن بقية التقارير التي تعكس حجم الفساد في مؤسسات الدولة، وإن كان ثمة جديد هو ورود قائمة طويلة من الأسماء، رغم أن تقارير تحدثت عن فساد في وقت سابق، وردت فيها أسماء ذات وزن ضمن ملفات كثيرة لكن ظلت القضايا محل خلاف فلا ثبتت التهم ولا تمت تبرئة المتورطين، ولا عاد المال العام، كما حدث في قضية مكتب والي الخرطوم السابق، كما أن حجم المال العام المنتهك والذي ورد في تقرير الديوان أكبر بكثير من تلك الأرقام التي ترد في تقارير المراجع العام سنوياً. ما أن قدم ديوان المظالم تقريره، أصدر وزير العدل قراراً يقضي بتشكيل لجنة للتقصي حول ما جاء في تقرير الديوان، ولم نسمع من قبل أن تقارير رسمية تُشكل لها لجان تقصي حول ما جاء فيها، فلم تُشكل لجنة تقصي لتقارير المراجع العام الدورية، ولا تقارير الديوان السابقة، فلماذا لجنة تقصي في تقرير أبو وزيد؟ أمس تحدث أبوزيد عن عدم أحقية وزارة العدل في تشكيل لجنة لتتقصى في تقريره، وبحسب "الانتباهة" في عددها الصادر أمس، فإن سلطة الديوان أعلى من أية سلطة وزارية ومن حقه النظر في تقارير المراجع العام ومراجعة الأحكام القضائية، كما أن الديوان لا يرفع تقاريره لوزارة العدل حتى تنظر فيها، فتقارير ديوان المظالم تُرفع لرئاسة الجمهورية والمجلس الوطني فقط.. وسبق أن تمسك أبو زيد في حواره مع "السوداني" بكل ما جاء في تقريره، ولم يتراجع، لماذا إذن تدخلت وزارة العدل دون وجه حق، هل لتحمي منسوبيها الحاليين والسابقين؟ أم أن الصراع أكبر من وزارة العدل، المؤكد وبعد حديث أبو زيد الأخير عقب رفعه التقرير، فالرجل يبدو أنه واثق من أن ظهراً ما يحميه، وإلا لما أورد التقرير بكل هذه التفاصيل المزرية، لكن على مدى السنوات القليلة الماضية فأغلبية قضايا الفساد ذات الصيت تنتهي إلى لا شيء، لأنها في الأصل خرجت نتيجة صراع محدد، خرجت بهدف التصفية..المؤكد أن تقرير ديوان المظالم ولو قوي سنده، فمصيره مصير كل ملفات الفساد التي قُبرت دون متهم، ببساطة، لأن ليس هناك من هو مؤهل لمحاسبة الآخر داخل هذه المنظومة..تقرير الديوان فقط، أكد المؤكد. [email protected]