* تبخيس الأشياء عادة ذميمة للغاية، وهي عادة درج عليها بنو البشر وخاصة في السودان، ولكن الملاحظ إنها تكثر بشدة بين أبناء المؤتمر الوطني عندما يفشلون في الوصول لغاياتهم أو تتم زحزحتهم من مواقعهم. * وكم من وزير ومسؤول عقب إقالته أو عدم التجديد له، فتح نيرانه في جميع الإتجاهات وفتح صندوق الأسرار ليخرج الكثير منها والتي كانت في فترة وجوده من المحظورات وكُتب عليها بالبنط العريض (ممنوع الإقتراب والتصوير). * هذ الحال إنطبق على معتمد أمدرمان الأسبق ورئيس البرلمان السابق (الفاتح عز الدين)، عندما فتح بلف الإتهامات ضد حزبه والنظام الذي منحه الكثير جداً وغير المتوقع في فترة (شهر العسل) بينهما والتي إنتهت على ما يبدو بإنتهاء دورة البرلمان التي أتت بما لا تشتهي سفنه. * الفاتح عز الدين إنتقد الواقع الاقتصادي بالبلاد، بقوله (لو قعدنا 200 سنة بهذه الطريقة لن نستطيع أن نعالج هذا الواقع)، ولا أدري لماذا صمت كل هذا الوقت على هذا الواقع المرير من وجهة نظره والذي بات يراه الآن من زاوية (المواطن الغلبان) بعد أن كان ينظر إليه بعين الرضا في السابق، عزالدين لم ينس أن يعلن غضبه على النظام وينادي بالثورة عليه بعد أشهر فقط من إبتعاده عن دائرة الضوء وقفل بلف المرتبات والنثريات والبدلات والسفريات والحوافز، ناسياً انه ذات النظام الذي ظل يمارس أبشع أنواع الممارسات ضد الوطن والمواطن تحت سمعه وبصره وهو معتمداً لأمدرمان ورئيساً للبرلمان. * عز الدين وصف الظرف الاقتصادي بالاستثنائي، وقال إنه يحتاج الى تدابير استثنائية، وانتقد ضعف الصادرات الزراعية وسخر من قطاع الثروة الحيوانية وأكد أن السودان لن يستطيع المنافسة في سوق الصادر الدولي للحوم، وأن الإنتاجية المتوقعة من الزراعة متواضعة. * لك عزيزي القارئ أن تتصور أن كل ما ذكره الدكتور الفاتح عز الدين حدث بين ليلة وضحاها، ولم يكن هذا نتاج تراكم سياسات هشة ومهلكة لكل القطاعات التي ذكرها سيادته، ولك أن تخمن هل كان سيخرج كل هذا الحديث ويرى النور لو كان سيادته لا زال متمتعاً بالمنصب ومخصصاته؟* للأسف الوضع الذي يتباكي عليه الفاتح عز الدين ليس بجديد، وكان يعلم بكل صغيرة وكبيرة فيه لسنوات طوال، ولكن لم يفتح عليه الله بكلمة حق واحدة وقتها خوفاً من زوال النعمة. * شئ أخير جداً، حتى لا ننسى ولا ينسى سيادته، نذكره بالحديث الذي توثقه الاسافير ولن تنساه ذاكرة المواطن إبان رئاسته للرلمان: (البرلمان يدرس سن قانون جديد يحرم على كل معارض اساء إلى البلاد، الدفن في تراب الوطن)، واليوم الفاتح عز الدين يسير في ذات إتجاه المعارضين والحردانين، فهل سيصمد ويبقى عند كلمته، أم سينتهي به المطاف إلى تسوية داخل حزبه ومنصب جديد؟ الجريدة