قال دبلوماسي غربي أمس إن الخطة السياسية لحل الأزمة في ليبيا، التي تبحثها الجامعة العربية مع الأممالمتحدة وبلدان أفريقية وغيرها، يجب أن تتضمن رحيل العقيد معمر القذافي. وأضاف الدبلوماسي ردا على سؤال ل«الشرق الأوسط» أمس، أن «العنصر الأساسي في العملية هو أن على القذافي الرحيل، وهذا أمر مفروغ منه». وكان أحمد بن حلي، نائب الأمين العام للجامعة العربية، كشف عن وجود خطة سياسية لفرض الحل السلمي في ليبيا، يتم وضعها بالتنسيق مع الأممالمتحدة والجامعة العربية والاتحاد الأفريقي ومنظمة المؤتمر الإسلامي والاتحاد الأفريقي، إضافة إلى مصر والجزائر. ورغم توعد القذافي باستمرار القتال، فإن الدبلوماسيين والمسؤولين الغربيين بدأوا يتحدثون عن اليوم الأول ما بعد رحيل العقيد، مؤكدين أنهم تعلموا من «التجارب السابقة». إلا أنهم ينفون إمكانية إرسال وحدات عسكرية على الأرض في مرحلة ما بعد سقوط القذافي، ويؤكدون على ثقتهم بالمجلس الانتقال الليبي لتأدية المهمة. وقال مسؤول كبير في الخارجية البريطانية أمس «المجلس الانتقالي وبريطانيا يحضرون بعناية للأيام والأسابيع والأشهر التي ستلي رحيل القذافي». وأضاف: «لدينا فريق متفان يعمل على ذلك، ولقد تعلمنا الدروس من الصراعات السابقة». ولكنه شدد على أن عمل بريطانيا هو «دعم» الجهود الليبية التي يقودها المجلس الانتقالي. ورفض الدبلوماسي الذي تحدث أمس شرط عدم الكشف عن اسمه، تحديد مهلة زمنية لانتهاء العمليات العسكرية التي تنفذها قوات حلف شمالي الأطلسي (الناتو) في ليبيا، وأكد أن قوات الحلف ستبقى تتابع مهامها «ما دام هناك حاجة إليها». وقال: «لا نعرف كم سنبقى، ولكن هناك تقدم عسكري على الأرض، ليس سريعا بقدر ما يريده البعض أن يرى». وأضاف: «القذافي قد يرحل بين عشية وضحاها، ولكننا نرى أعدادا متزايدة من البلدان، وخاصة الأفريقية، تقدم دعمها للمجلس الانتقالي، بينما القذافي يخسر دعما ولا نرى أحدا جديدا يقدم له الدعم». وتمسك مصدر عسكري كبير في وزارة الدفاع البريطانية بأن الثوار، مدعومين من الناتو، يحققون مكاسب على الأرض، وقال «إنه من الصعب رؤيتها، ولكنها موجودة». ورغم تذمر الثوار من حاجاتهم إلى أسلحة وتدريب، أصر المسؤول العسكري على ضرورة التقيد بالقرار 1973 الصادر عن الأممالمتحدة، والذي يقضي بحماية المدنيين وتنفيذ ضربات جوية، من دون الحديث عن تسليح الثوار. ويثق البريطانيون بأن القذافي يعي مستوى الضغوط التي يتعرض لها، وبأن خطة الناتو تنجح، ولكن المطلوب هو القليل من الصبر. وقد تحدث رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون أمس في هذا الإطار، عندما قال من بروكسل بعد انتهاء اجتماعات قادة أوروبا: «علينا أن نتحلى بالصبر والثبات، ضغط الوقت هو على الكولونيل قذافي ونظامه وليس علينا». وقال مسؤول كبير في الخارجية البريطانية، في لقاء مع الصحافيين في لندن أمس، إن «تصرف القذافي غير المنتظم يظهر أنه يعي الضغوط التي يرزح تحتها». وأضاف: «ما زال يتعين عليه الرحيل، ولكن الكثيرين حوله توصلوا إلى الخلاصة التي لا مفر منها، وقفزوا من الباخرة التي تغرق». وقال إن نظامه «يشهد انشقاقات متزايدة، من سفراء ووزراء وأكثر من 120 مسؤولا عسكريا بينهم 5 جنرالات، هؤلاء تركوا البلاد في شهر مايو (أيار) فقط». وأضاف المسؤول البريطاني أن من تبقى إلى جانب القذافي قليلون، وهم يبقون خوفا منه. وأشار إلى تقارير الأسبوع الماضي تشير إلى أن القذافي يهدد بقتل الجنرالات الذين لا ينفذون أوامره. وتابع يقول: «رغم أن طرابلس لم تثر ضده بعد، فإن الغضب تجاهه يكبر. ولذا السؤال ليس إذا كان سيرحل، بل متى». مسؤولان في تنظيم سري بطرابلس: سكان العاصمة ينتظرون ساعة الصفر رغم القبضة الأمنية القوية التي يحكم بها نظام العقيد الليبي معمر القذافي العاصمة الليبية، طرابلس، فإن ثوار ليبيا استطاعوا إنشاء تنظيم سري، أطلق عليه «مجلس طرابلس»، ويعمل من داخل العاصمة، بهدف الإسراع بعملية إسقاط القذافي. والتقت «الشرق الأوسط» عضوين في المجلس، عبر الهاتف، وهما المنسق العام للمجلس، الذي يقيم حاليا في طرابلس، (رفض ذكر اسمه لأسباب أمنية)، بالإضافة إلى محمد قنيوة، الناطق الرسمي باسم المجلس، الذي تمكن من الهرب مؤخرا إلى خارج طرابلس. وكشف المسؤولان في إجاباتهما عن أسئلة «الشرق الأوسط» النقاب عن تفاصيل جديدة حول طريقة عمل الكتائب الأمنية، ويوميات الحياة في طرابلس التي تضم نحو مليون ونصف المليون نسمة. وقال مسؤولا المجلس، الذي تأسس في أبريل (نيسان) الماضي كحركة سرية مناوئة للقذافي، من داخل طرابلس، إن المعارضة الليبية تتحضر للانقضاض على النظام عندما تحين ساعة الصفر، وقالا إن معركة طرابلس الحاسمة على الأبواب. وكشفا النقاب عن أزمة وقود خانقة تعيشها المدينة، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية، كما أكدا أن شعبية النظام بين سكان طرابلس متدنية للغاية. ولفتا إلى أن الكتائب الأمنية الموالية للقذافي تعمل على مدى 24 ساعة يوميا لملاحقة أي مظاهر معارضة للقذافي، وقالا إن النظام يستعين بالمجرمين و«البلطجية» لإظهار تأييد السكان للقذافي خلافا للحقيقة. وقد اشترك المسؤولان في الإجابة عن أسئلة «الشرق الأوسط». * ما هو «مجلس طرابلس»، وكيف أنشئ، ومن هم أبرز أعضائه؟ - تشكل «مجلس طرابلس» منذ بداية الثورة في فبراير (شباط) الماضي، في ظروف يعرفها الجميع، حيث واجهنا آلة القتل القمعية من قبل مرتزقة القذافي، ونظمنا مظاهرات سلمية في عدة مناطق في طرابلس، وقوبل ذلك بالرصاص الحي والاعتقالات. وانتفاضة طرابلس مستمرة منذ اليوم الأول للثورة، عندما قصف القذافي المدنيين بأسلحة مضادة للطائرات، وأصدر الشيخ صادق الغرياني فتواه المعروفة بأن «النزول للشارع فرض عين». وعليه قررت حرائر طرابلس المشاركة في الثورة. ونعمل في السر بسبب الظروف الأمنية ولعدم إمكانية البوح بهذا المجلس، وبعدها استطعنا الإعلان عنه، لإظهار الصورة الحقيقية لهذه المدينة المجاهدة ولإظهار ما يحدث من اليوم الأول، رغم أن الحصار يشتد على العاصمة. * كم شخصا في المجلس وكيف تم انتخابه؟ - يضم الكثير من الشباب من ثوار وحرائر طرابلس وجميع شرائح المجتمع، والعدد يقارب 200 شخص من بينهم أشخاص داخل وخارج طرابلس. * وكيف يتم التواصل في ظل الحصار الأمني الذي تتعرض له طرابلس؟ - نعم نعيش في ظل الحصار الذي يقوم به القذافي ومرتزقته، ولكن بفضل الله وتوفيقه استطعنا التواصل مع العالم الخارجي، سواء داخل المدينة أو خارجها، بإمكانيات بسيطة عبر تقنية لا يستطيع القذافي ومرتزقته اكتشافها، وهناك سيارات تحوم حول المدينة لالتقاط الترددات ولكن الله معنا والرب يحمينا. * هل تتلقون دعما لهذا الصراع التقني خارجيا؟ - هناك كثير من الوطنيين المخلصين يحاولون مساعدة المدينة الصامدة، وأنا من هذا المنبر أود أن أشكر كل الليبيين الوطنيين المجاهدين الذين يحاولون مساعدة أهلهم والثوار في طرابلس. * على ذكر المعتقلين في طرابلس؛ كم ليبيا في معتقل القذافي؟ - العدد يقارب 30 ألفا، ولا ندري حقيقة أين هم، ولدينا معلومات أن هناك مقابر جماعية قام بها النظام الفاسد، كما يقوم باختطاف الشباب ووضعهم في صفوف أمامية لمواجهة إخوانهم في المناطق الأخرى لمحاربة إخوانهم، وإن عادوا يقتلهم. * في رأيك كم نسبة شعبية القذافي في طرابلس؟ - لا يوجد أحد معه، هو (القذافي) يجلب بعض المرتزقة وأفرادا من أنصاره لتشويه صورة طرابلس، كما جلب البعض من السجون. * اعذرني.. ما دليلك على هذا؟ - خرج الثوار منذ اليوم الأول بالأعلام، ومنذ اليوم الأول أخرج القذافي المجرمين من السجون بالأعلام الخضراء. والدليل الآخر أن المرتزقة الذين أعطاهم المال يقتلون أهالينا في طرابلس والمدن الأخرى. * ما طبيعة العلاقة بينكم وبين المجلس الانتقالي؟ - نعمل في ظله وبدعمه، ونحن أيضا دعمناه، وهو الممثل الوحيد والشرعي في ليبيا. المجلس الانتقالي يتواصل مع مجلس طرابلس رغم الحصار. * كيف ترون الحديث عن أن معركة طرابلس أصبحت وشيكة؟ - هذا واقعي جدا، وأيام الديكتاتور القذافي أصبحت وشيكة، النظام يحتضر ونحن نعمل ليل نهار للتجهيز لهذه المعركة، وثوارنا في طرابلس يرصدون تحركات المرتزقة المشبوهة.. نريد معرفة أي جحر موجود فيه للقبض عليه هو وأزلامه، نجهز كل المجموعات في طرابلس من ناحية السلاح لأن النظام يواجه المدنيين بالسلاح، وأن تكون الإمكانيات متوافرة لنضربه ضربة رجل واحد، ولكننا نريده حيا لنسلمه للمحاكمة. * على الرغم من مرور 4 أشهر على الانتفاضة فإن النظام لا يزال باقيا على الأرض.. - ما زال باقيا.. ولكنه ضعيف، فهو اليوم ليس بنفس قوته في شهر فبراير (شباط) الماضي، ولكن عليك أن تعلم أن عائلة القذافي كانت تستولي على كل مقدرات ليبيا النفطية والمالية، وبالتالي يستطيعون شراء الذمم ويتعاملون مع الإرهابيين والمرتزقة لكي يبقى على الكرسي ويظل يحكم ليبيا، ولكن الآن النظام ضعيف وليس لديه نفس الإمكانيات في السابق، ولديه مشكلة سيولة، وبعض المرتزقة تخلوا عنه. * هل لا يزال القذافي قويا؟ - القذافي يستخدم كل الإمكانيات الأمنية والمخابراتية والأسلحة وكل شيء ويركزه في هذه المدينة، لأنه موجود فيها، وبالتالي وقتما تسقط المدينة يسقط القذافي، والعاصمة صعب سقوطها لأن القذافي يستخدم كل إمكانياته للبقاء بها، ونحن نقوم بكل ما علينا بالتنسيق مع المجلس الانتقالي استعدادا لمعركة الحسم مع هذا الطاغية وهو ضعيف الآن وأيامه كانت معدودة. * حسنا.. أين هو القذافي وعائلته؟ - إنهم يختبئون في مكان ما في مدينة طرابلس، القذافي لا يظهر في شوارع طرابلس ليصول ويجول كما كان يفعل في البداية، وهو يقوم بمحاولات بائسة لكي يستجدي الجميع من أجل البقاء في السلطة، وآخرها محاولة ابنه، سيف الإسلام، حينما اقترح انتخابات وبقاء والده في الحكم، والجميع يرفض ذلك تماما. * أين يختبئ القذافي في اعتقادك؟ - هناك أخبار تصلنا من أكثر جهة من مجموعات ثوارنا، وهناك عدة أماكن محتملة لاختبائه؛ منها مستشفى طرابلس الطبي، ومستشفى علي عسكر في منطقة سبيعة، ومنزل في حي الأندلس لقريب له أخ لقذاف الدم المقيم في مصر الشقيقة التي تحظى باحترام الثوار لوقوف شعبها بجانبنا. * هل أهل طرابلس ينتظرون اقتراب حشود الثوار؟ - الآن نحن في مرحلة التنسيق وتوحيد الصف، وطرابلس مدينة كبيرة ولديها الكثير من المجموعات، والتنسيق مع المدن المتحررة وعندما تأتي ساعة الصفر سوف ينقض الثوار على القذافي ومرتزقته. * لكن العالم يرى الكثيرين في الساحة الخضراء يؤيدون القذافي ويهتفون بحياته؟ - من تراهم في الساحة الخضراء معظمهم من المجرمين الذين أخرجهم القذافي من سجونه، وهذا شيء معلوم للجميع. * هناك تخوف من أن يتم اتهام أهل طرابلس بتأييد نظام القذافي عندما يسقط؟ - المؤيدون له من قبيلته وكذلك من المرتزقة الأفارقة، ولكن أهل طرابلس معروفون وكلنا يعرف بعضنا بعضا، وأهل طرابلس يهتفون «بالروح بالدم نفديك يا بنغازي»، ونحن لا يراودنا أي شك في أن يحدث ذلك، كلنا أسرة واحدة وأهل. * ما هي رسالتكم؟ - الرسالة لأهلنا في طرابلس أن يلتزموا الصبر والثبات، فأيام هذا الطاغية باتت معدودة، والآن نقوم بالتنسيق مع بقية المجموعات للتجهيز للمعركة الحاسمة لهذا الطاغية، أبطال طرابلس يقومون بعمليات نوعية شبه يومية بمختلف المناطق بالتنسيق مع كل المجموعات بما يمكننا من ضرب الطاغية ضربة رجل واحد والقبض عليه ومحاكمته، وأريد أن أبشر أهلنا في طرابلس أن أيام الطاغية باتت معدودة. * ما هي أوضاع الجالية المصرية في طرابلس؛ فهناك أقاويل عن اعتقال مصريين؟ - هناك مجموعة فرت عبر مدينة جربا التونسية، وهناك مجموعة يضغط عليهم الطاغية المجرم باختطافهم ورميهم في السجون، ولكنني أعرف أحد الإخوة المصريين كان يساعد المصابين في أحداث الثورة الأولى. * البعض يرى أن استمرار القصف سيؤدي إلى انهيار النظام في النهاية؟ - نهاية النظام ستكون على أيادينا نحن، وبسواعدنا، وكل ما ينقصنا حاليا هو السلاح فقط. * لكن حلف «الناتو» لا يريد تسليحكم وإعطاءكم السلاح الكافي؟ - المجلس الوطني الانتقالي هو الذي يتعامل مع «الناتو»، ومهمتنا هي التنظيم معهم للانقضاض على القذافي بسواعدنا وأيدينا، حتى وإن طالت المدة.