مليشيا التمرد تواجه نقصاً حاداً في الوقود في مواقعها حول مدينة الفاشر    ضربة موجعة لمليشيا التمرد داخل معسكر كشلنقو جنوب مدينة نيالا    مدير مستشفي الشرطة دنقلا يلتقي وزير الصحة المكلف بالولاية الشمالية    شاهد بالفيديو.. شاعرة سودانية ترد على فتيات الدعم السريع وتقود "تاتشر" للجيش: (سودانا جاري في الوريد وجيشنا صامد جيش حديد دبل ليهو في يوم العيد قول ليهو نقطة سطر جديد)        ضياء الدين بلال يكتب: نحن نزرع الشوك    بالصور.. اجتماع الفريق أول ياسر العطا مساعد القائد العام للقوات المسلحة و عضو مجلس السيادة بقيادات القوة المشتركة    أقرع: مزايدات و"مطاعنات" ذكورية من نساء    وزير خارجية السودان الأسبق: علي ماذا يتفاوض الجيش والدعم السريع    محلية حلفا توكد على زيادة الايرادات لتقديم خدمات جيدة    شاهد بالفيديو.. خلال حفل حاشد بجوبا.. الفنانة عشة الجبل تغني لقادة الجيش (البرهان والعطا وكباشي) وتحذر الجمهور الكبير الحاضر: (مافي زول يقول لي أرفعي بلاغ دعم سريع)    شاهد بالفيديو.. سودانيون في فرنسا يحاصرون مريم الصادق المهدي ويهتفون في وجهها بعد خروجها من مؤتمر باريس والقيادية بحزب الأمة ترد عليهم: (والله ما بعتكم)    غوتيريش: الشرق الأوسط على شفير الانزلاق إلى نزاع إقليمي شامل    أنشيلوتي: ريال مدريد لا يموت أبدا.. وهذا ما قاله لي جوارديولا    سوداني أضرم النار بمسلمين في بريطانيا يحتجز لأجل غير مسمى بمستشفى    محاصرة مليوني هاتف في السوق السوداء وخلق 5 آلاف منصب عمل    غوارديولا يعلّق بعد الإقصاء أمام ريال مدريد    امين حكومة غرب كردفان يتفقد سير العمل بديوان الزكاة    نوير يبصم على إنجاز أوروبي غير مسبوق    تسلا تطالب المساهمين بالموافقة على صرف 56 مليار دولار لرئيسها التنفيذي    محافظ بنك إنجلترا : المملكة المتحدة تواجه خطر تضخم أقل من الولايات المتحدة    منتخبنا يواصل تدريباته بنجاح..أسامة والشاعر الى الإمارات ..الأولمبي يبدأ تحضيراته بقوة..باشري يتجاوز الأحزان ويعود للتدريبات    بايرن ميونخ يطيح بآرسنال من الأبطال    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    العين يهزم الهلال في قمة ركلات الجزاء بدوري أبطال آسيا    مباحث المستهلك تضبط 110 الف كرتونة شاي مخالفة للمواصفات    قرار عاجل من النيابة بشأن حريق مول تجاري بأسوان    العليقي وماادراك ماالعليقي!!؟؟    الرئيس الإيراني: القوات المسلحة جاهزة ومستعدة لأي خطوة للدفاع عن حماية أمن البلاد    بعد سحق برشلونة..مبابي يغرق في السعادة    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    خلال ساعات.. الشرطة المغربية توقع بسارقي مجوهرات    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    وزير الخارجية السعودي: المنطقة لا تحتمل مزيداً من الصراعات    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    إنهيارالقطاع المصرفي خسائر تقدر ب (150) مليار دولار    أحمد داش: ««محمد رمضان تلقائي وكلامه في المشاهد واقعي»    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تقرير: روسيا بدأت تصدير وقود الديزل للسودان    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    إيلون ماسك: نتوقع تفوق الذكاء الاصطناعي على أذكى إنسان العام المقبل    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    ما بين أهلا ووداعا رمضان    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    الجيش السوداني يعلن ضبط شبكة خطيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مؤسسات التمويل الدولية مكانيزمات لزيادة الأفقار وتمكين الرأسمالية الطفيلية
نشر في الراكوبة يوم 12 - 06 - 2016

دعا رئيس بعثة صندوق النقد الدولي للسودان( إيرك موتو) الحكومة لمواصلة الإصلاحات الإقتصادية، وتعزيز التعاون مع الشركاء الدوليين، لإعفاء ديون السودان ورفع العقوبات عنه لتمهيد الطريق نحو مزيد من الإستثمارات والقضاء على الفقر، عقب لقائه النائب الأول لرئيس الجمهورية الفريق اول ركن بكري حسن صالح أمس، وأبان أن الاصلاحات الطموحة التى اضطلع بها السودان في إطار البرنامج الخماسي أسهمت في زيادة النمو وخفض معدل التضخم
وأضاف ‘‘ان عدم إعفاء الديون وفرض العقوبات على السودان يؤثر على التنمية''.فيما أكد وزير المالية، بدرالدين محمود، أن اللقاء تناول التعاون المستمر مع الصندوق في إطار تقييم السياسات الكلية والإصلاحية ضمن البرنامج الخماسي، ومدى استفادة السودان من مبادرات إعفاء الديون عبر الاشتراطات الفنية التي وضعها الصندوق في هذا الصدد.وتابع أن اللقاء تطرق كذلك إلى أهمية مساعدة السودان من قبل الصندوق في جانب السياسات والجوانب التقنية والمؤسسية بما يسهم في إنفاذ البرامج الإصلاحية في الجانب الإقتصادي.وقد حضرت اللقاء الرئيس التنفيذي للمجموعة الافريقية الأولى، شيليشيا كابوبوي، والتي شدّدت على أهمية التزام السودان فيما يتعلق بتعاملاته مع صندوق النقد الدولي، ودعت لمواصلة التقدم الذي أحرزه السودان، وضرورة الاستفادة من المشورة التي تقدمها بعثات صندوق النقد الدولي.(وكالة السودان للأنباء)5/6/2016
ولكن ما الذي يدفع رئيس بعثة صندوق النقد الدولي بالسودان الي اطلاق النداء اعلاه للحكومة السودانية....!ملزما اياها بتنفيذ جملة من الشروط منها الاصلاحات الاقتصادية , لولا ان الحكومة السودانية هي من بادرت بطلب التمويل, والحكومة السودانية نفسها كانت قد طلبت قبل اعوام من البنك الدولي ان يراقب الاداء الاقتصادي لحكومة السودان....! وهي تتعلق بذات الاسباب الموجهة من رئيس بعثة صندوق النقد الدولي تجاه الحكومة السودانية للألتزام بشروطها, فما الذي يدفع النظام الحاكم باللجوء لهذه المؤسسات التمويلية التي تختلف مع ايدلوجياتها الاسلامية.
أنشأت المؤسستان البنك الدولي وصندوق النقد, فى الأساس للنهوض بمستويات التنمية الاقتصادية للدول النامية عن طريق القروض والدعم الفنى ,إضافة إلى برامج أخرى تهدف إلى مكافحة الفقر . ولكنهما بحسب رأيي الشخصي أن المؤسستان هما مخلب قط لامتصاص اموال الدول الفقيرة بشروط مجحفة ,ولكن رغما عن ذلك يسعي نظام الانقاذ لطلب القروض من هاتين المؤسستان مقابل تطبيق شروطها القاسية التي اكتوت بها الشعوب السودانية منها سياسة التحرير الاقتصادي , ولكن السؤال لماذا يسعي نظام الانقاذ لتلك المؤسسات التي تفرض اشتراطات قاسية اضافة لكونها تنتهج العمل بالنظام الراسمالي وسعر الفائدة التي تتنافي مع مقاصد الدين الاسلامي كما أسلفنا, فالقروض التى تقدمها تلك المؤسسات المالية تتطلب تنفيذ الاشتراطات التى تهدف فى المقام الأول إلى ربط إتمام التحويلات المالية إلى الدولة المعنية بقيامها بتنفيذ سياسات أساسية ,كما طالب بذلك مدير بعثة صندوق النقد الدولي بالخرطوم بالاسراع في تنفيذ تلك الشروط....! ومن المدهش أن هناك بعض الدول التى تستمر فى الحصول على القروض بالرغم عدم قدرتها على الوفاء بالشروط الأصلية التى تم الاقتراض بموجبها.
علي سبيل المثال موريتانيا ونيجريا كونهما تقارابان واقعنا الأقتصادي والأجتماعي, فموريتانيا سعت منذ ثمانينات القرن الماضي الي تطبيق وصفة البنك الدولي ,مع التنفيذ الكامل لتلك التوصيات المتعلقة بتحرير الاقتصاد، فأصبحت هناك نتيجة واحدة مؤكدة، وهي أن الاقتصاد الموريتاني صار يعتمد بشكل شبه كامل، على الدعم الخارجي، والتبرعات.وصفات المؤسسات الدولية الاقتصادية، التي أمليت على موريتانيا، يرى عديد من الخبراء أنها كلما طبقت في دولة، لا تفعل شيئا ، سوى أن يزداد معها الأغنياء غنى، ويزداد الفقراء فقرًا....! في تلك الدولة التي تعاني من الفقر المدقع، وإلغاء الدعم على السلع الأساسية، وخصخصة القطاع العام، في ظل هشاشة الطبقة الرأسمالية الموريتانية؛ مما يعني أن الكعكة ستقسم على الشركات الرأسمالية الأجنبية,فموريتانيا بالرغم من وعود البنك الدولي بالازدهار بعد اتباع سياساته، والتي لم تتحق منذ أكثر من ثلاثين عامًا، الا ان حكومتها لا زالت متحمسة لها، إلى الحد الذي جعل الحكومة تقول أرقامًا مشكوكًا بشدة في صحتها حول نسبة البطالة في البلاد، التي تقدرها بنسبة 10%، في حين تقدرها المنظمات غير الرسمية بنسب تصل إلى 30%، حتى تؤكد على أن الطريق الذي تسير عليه موريتانيا اقتصاديًا هو الطريق الصحيح.
وكذلك دولة نيجيريا بالرغم من ثقلها الاقتصادي بأعتبارها من الدول المنتجة للبترول، اضافة الي انها وجدت العناية المتزايدة من البنك الدولى، من إدخال تحسين ملحوظ على أدائها الاقتصادي، الا انها ظلت أكثر اعتمادا على قروض البنك الدولى, بينما أخذت المنح المقدمة من المانحين الدوليين تتضاءل مع مرور السنين.وظلت نيجيريا مرارا وتكرارا تطلب المساعدة من صندوق النقد الدولى ومن البنك الدولى، ولكنها فى الغالب كانت تعلق المفاوضات على القرض بسبب كثرة الشروط المفروضة عليه. وقد بلغ متوسط الشروط التى فرضها البنك الدولى وصندوق النقد الدولى سنة 1999 على 13 دولة أفريقية جنوب الصحراء 114 شرطا لكل دولة. وكان لتنزانيا النصيب الأكبر من هذه الشروط حيث بلغ عددها 150 شرطا وثبت أنه من المستحيل أن تتمكن هذه الدول الأفريقية من تلبية هذا العدد من الشروط وأن تنجح فى نفس الوقت فى تحسين مستوى معيشة شعوبها بكفاءة.
شروط الإقراض المفصلة تجعل القروض عبء على الدول النامية , و بالتالي زيادة مخاطرة الدول التى تعجز عن الوفاء بتلك الشروط مما أدى إلى عزوف الحكومات الواعية عن التفاوض بشأن القروض, ومن اهم الشروط المفروضة , اعادة هيكلة مؤسسات الدولة ,والتوسع في الخصخصة , ورفع الدعم عن المحروقات,وسياسة التحرير الاقتصادي, ورغما عن هذه الشروط المجحفة , الا ان نظام الأنقاذ يمضي قدما نحو تطبيق ما يرنو اليه ,ولكن قد يتساءل الكثيرون عن السبب الذي يجعل حكومة الانقاذ تمضي في تطبيق تلك السياسات, التي بدأت فعليا بتطبيق سياسات تحرير الاسعار , و رفع الدعم عن المحروقات ,وخصخصة المرافق العامة , فالسبب الجوهري ان هذه واحدة من اشتراطات المؤسسات الدولية مقابل التمويل من تلك المؤسسات ....! ولكن ما ذا تستفيد حكومة الجبهة الاسلامية وهي تسعي الي تطبيق تلك الاشتراطات التي أثقلت كاهل الشعوب السودانية....! لأن حكومة الجبهة الاسلامية يهمها انها تسعي الي ان تطبق سياسة الخصخصة لاسباب لا تحتاج الي شرح , فالنظام الحاكم يمكنه ان يصدر قرارات من تلقاء نفسها تقضي بخصخصة المرافق العامة , ولكنه وجد ضالته في تلك المؤسسات الدولية حتي يبعد نفسه شبهة اي مساءلة تتهمه بتصفية مرافق القطاع العام وبالتالي القاء اللائمة علي عوامل خارجية, تماما كقضية انفصال الجنوب فهي مسألة موجودة في اجندتها منذ قديم الزمان, ولكن لا بعاد الجريمة النكراء عنهم قضي تكنيكهم بانشاء منبر السلام العادل الذي نشط في مسألة دعم الانفصال كي لا تلقي اللائمة علي الجبهة الاسلامية ,ولكنها في النهاية صنيعة انقاذية ,فالمكر والدهاء صنيعة انقاذية, ومن اجل ذلك سعت لا بعاد شبهة خصخصة المرافق العامة عن نفسها والقائها علي تلك المؤسسات باعتبار انهم يطبقون شروطه,والاستفادة من التمويل .
الغاية تبرر الوسيلة هو الشعار الايدلوجي لنظام الجبهة الاسلامية, وفقا لبند فقه الضرورة طالما انها ستحقق لهم ما يبتغون ,فلا يهم ان كانت مؤسسات ربوية , وقد افتت هيئة علماء المسلمين من قبل بجواز الربا لانشاء سد مروي , وقد كان تبريرهم بتجويز الربا بحسب رأيهم من اجل بناء سد مروي بأعتبار ان تلك ضرورة ملجئة شرعا يخشي بعدم اتيانها الهلاك, فأذا كانت الحضارة المروية قد قامت منذ سبعة الاف عام وامتدت الحياة في السودان منذئذ بدون سد مروي ويمكن ان تمتد حقبا من الدهر بدونه فأي ضرورة ملجئة بدونه لولا انها السياسة ....!وبالتالي رأي نظام الجبهة الاسلامية ان تلك المؤسسات التمويلية الدولية ستمكنه من تحقيق غاياتها التي تستهدف تفكيك المؤسسات الاقتصادية الكبري لصالح الرأس المالية الطفيلية وبالتالي تحكمهم في السيطرة علي الاقتصاد الوطني.
من قبل كما اشرنا طلب نظام الانقاذ من البنك الدولي ان يراقب الاداء الاقتصادي لحكومة السودان ,بأعتبار اكتمال اهليته لنيل القروض من خلال تنفيذه وصفة الصندوق الدولي, ومعلوم جيدا النتائج التي تنجم عن اقتصادات الدول النامية التي يراقب الصندوق ادائها الاقتصادي , وان مفعول الوصفة الصندوقية بدأ في الظهور فعليا عبر سياسة التحرير الاقتصادي , ومن خلال خصخصة المؤسسات العامة ,التي سيتم بيع اصولها وممتلكاتها الي شركات تتبع للرأسمالية الطفيلية علي اعتبار انهم قطاع خاص ,وقد رأينا كيف ان الشعوب السودانية قد اكتوت من تطبيق هذه الوصفات المجحفة, من خلال سياسات تحرير الاسعار , والتشريد من قطاعات الخدمة المدنية التي طالتها الخصخصة , الي قرار رفع الدعم عن المحروقات في العام في العام 2013 الذي افضي لنتائج كارثية , وقبل البدء في الخصخصة كان تكنيك النظام يهدف الي افشال تلك المؤسسات اقتصاديا واداريا حتي تأتي قرارات الطالبة بالخصخصة علي طبق من ذهب , وقد اصدر ت وزارة المالية في العام 2005 قانون يهدف الي خصخصة مؤسسات اقتصادية , فالسياسات الاقتصادية التي يتبعها نظام المؤتمر الوطني هي في الاساس تنفيذا لسياسة البنك الدولي وصندوق النقد, وهي سياسات مجحفة لا تتناسب مع مجتمعات الدول النامية ,فهذه هي مؤشرات واضحة لا تحتاج الي توضيح لهذا النظام الذي يدعي خلاف الظاهر لنبدو للعالم الخارجي المطلع علي ازماتنا السياسية مثالا للتدين بالطرق الشكلانية الساذجة التي يعيها ويفهمها عن الدين في فصامية عالية ,وعدم وعي بمألات المشروع الحضاري الذي نفض سدنته يدهم عنه حين تأزم واغرق في الازمة.
ثمة ملاحظة ابديها وهي ان الصندوق الدولي ينتهج النظام الرأسمالي الذي يتناقض مع اقتصاديات الدول النامية ,ناهيك عن الدول الاقتصادية الكبري ممثلة في دول العالم الاول التي غالبيتها لا تطبق النظام الرأسمالي , وثمة ملاحظة مهمة ايضا ان تدخلات البنك الدولي في الشأن السوداني, كانت كلها من خلال الانظمة الشمولية التي حكمت البلاد , فعلي سبيل المثال أول تدخل للبنك الدولي في شأن مشروع الجزيرة كان في عهد النظام العسكري الاول نظام الفريق ابراهيم عبود في العام1964 بطلب من النظام نفسه وتمخض ذلك التدخل عن تقرير صادر من البنك الدولي عرفه التاريخ الاقتصادي لولاية الجزيرة بتقرير لجنة (ريتس) التي كانت من اهم اهتماماتها التعامل مع مسألة الحساب المشترك الذي كان يطبق في المشروع انذاك وكيفية الغائه....!وهذا هو النمط السائد الذي وضعه الانجليز , ولم يصل التقرير لنهايته المرجوة لأن اللجنة عندما انتهت من عملها وقدمته للجهات الرسمية في العام 1066 صادفت ذهاب نظام عبود الديكتاتوري بعد ثورة 1964 ليحل بدلا عن نظام ديمقراطي وكان من الطبيعي ان يرفض هذه المسألة برمتها من الاساس, لأن للانظمة الديمقراطية رأي مغاير لمثل هذه الفوضي التي تحدث في الانظمة الشمولية ,فقد كان للمزارعين ولقياداتهم التاريخية المعروفة دور مشهود في رفض هذا المشروع.
اشرت في اعلي المقال أن النظام يسعي لأفشال المؤسسات الأقتصادية الكبري لتأتي المطالبة بخصخصتها علي طبق من ذهب , علي سبيل المثال سودانير والخطوط البحرية,وحاليا هيئة المواني البحرية تعاني في حركة النقل والتشغيل ليست بالمستوي المطلوب مقارنة بالموانيء العالمية, واما مشروع الجزيرة فحد ث ولا حرج, فسياسة نظام الجبهة الاسلامية تجاه مشروع الجزيرة يمكن ان نلخصها بأيجاز في تصريح رئيس الجمهورية في ديسمبر العام 2014 بأن وصف مشروع الجزيرة بالخسران منذ نهاية الستينيات , وانه عالة علي الدولة التي كانت تصرف عليه, وتجدول مديونات المزارعين وتعفيها في النهاية, مؤكدا ان مزارعي الجزيرة (مسيسين) وانهم تربية شيوعيين, مردفا بأنه محتاج الي ضبط من جديد.....! ومن هذه النقطة توضح نظرة الانقاذ تجاه مشروع الجزيرة لتغيير بنيته الاجتماعية في المقام الاول ثم الاقتصادية .
خصخصة مشروع الجزيرة هي ما ستمكن الانقاذيين في التحكم في اكبر دعامات الاقتصاد الوطني , وخصخصة المشروع سيؤثر سلبا علي المزارعين الذين يشكلون النسيج الاجتماعي ويقدرون الي قرابة المليون ونصف, سيذهبون في مهب ريح حفنة من الرأسمالية المحتكرة للسلطة والثروة, فالاسباب التي يدعي الانقاذيين من اجلها خصخصة مشروع الجزيرة غير مقنعة, فقد ظل هذا المشروع وطوال عهد المستعمر والي وقت خروجه يعمل علي احسن ما يكون , فمن اين اتي الخلل....؟ وما هو ضمان النجاح اذا تمت الخصخصة وفي البال مشاريع كثيرة بعد الخصخصة تراجعت الي الخلف.
محاولة البنك الدولي الثانية بشأن مشروع الجزيرة كانت ايضا من خلال حقبة نظام شمولي في العام 1983 (حقبة مايو) لخصها تقرير البنك الدولي , وتم عليه تأمين قروض لتأهيل مشروع الجزيرة من البنك الدولي وصندوق التنمية العربي ,و نجح البنك الدولي في مسعاه فيما يتعلق بتعليق الغاء الحساب المشترك حيث وضعت الالغاء كشرط لتسيير القروض من قبل المانحين, وبالفعل تم ونتيجة لذلك تم تطبيق النظام الفردي بدلا عن المشترك في عام 1984 في ظل نظام شمولي مما سيفتح الباب لامكانية طرد اكبر عدد من المزارعين لم تحدث منذ انشاؤه تحت دعوي تدهور الانتاج وبالتالي عدم فعاليتهم, وهذا ما حدث فعلا بعد صياغة قانون 2005 الصادر من وزارة المالية لخصخصة مؤسسات القطاع العام امتثالا لتوجيهات البنك الدولي , والملاحظ انه طوال مرحلة الديمقراطية الثالثة لم يتقدم الصندوق الدولي بتقارير جديدة تجاه مشروع الجزيرة الا بعد انقلاب الجبهة الاسلامية علي السلطة واحكام قبضتها علي رقاب العباد , وقد استغل البنك الدولي هذه الفرصة الثمينة , فالاقتصاد السوداني اصبح في تلك الحقبة في وضع لا يحسد عليه اثر استنزافه لموارد البلاد لتموين سياسات التمكين والصرف البذخي للاجهزة الامنية لبقاء النظام اطول فترة ممكنة.
وفي ظل هذه الظروف التي نتجت عن اهدار المال العام بافراط لن يستطيع نظام الانقاذ ان يفي بالتزاماته المالية تجاه تلك المؤسسات التمويلية الدولية , وهذا ما حدث بالفعل من قبل مع البنك الدولي عند وصول الازمة المالية اعلي معدلاتها , وبالتالي انقطعت العلاقة بينهما للعجز عن السداد في منتصف تسعينيات القرن الماضي,فما بالنا حاليا والبلاد تشهد اعلي ضائقة مالية لها منذ انشاء الدولة السودانية, وثمة ملاحظة اخري ابديها تضمنها تقرير البنك الدولي في العام 2000 الذي بين بوضوح جشعه واطماعه المتكررة تجاه مشروع الجزيرة وهو يحث النظام بالاسراع في تنفيذ التحولات التي تم اقتراحها بشأن المشروع في اقرب وقت ممكن, بأعتبار السياسة وتوازناتها في بلد مثل السودان غير ثابتة , وبالتالي هذه النقطة توضح ان البنك الدولي يخشي زوال هذه النظام الشمولي واحلال نظام ديمقراطي سيكون حجر عثرة امام تحقيق طوحاته التي لن يحققها الا عبر الانظمة القمعية , فمشروع الجزيرة وكما اشرنا ومرورا بكل الحقب التي حكمت البلاد يوضح انه (صيد ثمين) جدا للبنك الدولي لن يتمكن من نيل مبتغاه الا عبر الانظمة الشمولية.
رأينا كضرورة ان ننبه لمقصد النظام الحاكم بلجوءه لتلك المؤسسات التمويلية الدولية لتحقيق اكبر اغراضه المتمثلة في الخصخصة والنظام هو المستفيد الأساسي, وهذه المسائل المهمة التي ينبغي الحديث عنها في المنابر التفاوضية للكيانات المعارضة في مقدمة أجندتها ,ينبغي للحادبين علي مصلحة الوطن مجابهة هذه الاشكالات التي تعوق نمونا الاقتصادي خاصة في ظل هذه الظروف التي يعيشها الوطن. فالسودان غني بموارده الغنية لو احسن توظيفها لقفز الي صدارة الدول الغنية كما توقع له الخبراء منذ قديم الزمان بأن يصبح سلة غذاء العالم, ولكن في ظل الاوضاع الراهنة التي فرضها نظام الجبهة الاسلامية بمغامراته السياسية لا تشجع علي التطور او الاستثمار وتنمية الاقتصاد الوطني ,فبالارقام حاليا رؤس الاموال الوطنية في الخارج لو عادات الي الوطن فهي كفيلة بأستعدال الوضع الاقتصادي المائل في زمن وجيز جدا , ولكن الوضع الراهن والظروف الحالية لا تشجع ابدا, فبألارقام حجم استثمار رؤوس الاموال السودانية في الخارج وفي دول بالتحديد مثل تشاد والصين والامارات وجنوب السودان وغرب افريقيا واثيوبيا تأتي في المراتب الأولي , كتأكيد ما ذهبنا اليه لنغني عن المجادلات .
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.