الثامنة صباحًا برودة في الطقس، وهدوء يخيم على برج الأمل لا يتناهى إلى السمع سوى وقع الخطوات على الممرات وصوت الأسانسير في حراطه الدؤوب. الصمت يحكي مرارة وجعهم، ساعتان مرت دون ضجيج وبعدها أصوات المرافقين تعلو لماذا الانتظار ولماذا لا يوجد من يرد على الاستفسارات . شيخ مكتهل أو صبي صغير أو امرأة في منتصف العمر جميعهم يبدون وقد انهكهم علاج الكيماوي فأصبحوا بلا قوة أو حول يجادلون به إدارة المستشفى والمدير الطبي ذاك اليوم ، بعدها ابتدر البعض احتجاجات تصاعدت حتى احتد النقاش وأصر المرافقون على أن يحل الأمر باسرع فرصة حتى ولو تكسر أقفال الصيدلية. هاتف المسؤولون رئيس قسم الأورام بالمستشفى فما كان منه سوى أن يطلب قائمة مفصلة بالحالات المتواجدة وأخيراً تم تأجيل مواعيد الجرعة إلى يوم الأحد وعليه يتم فتح عنابر الطواري والاصابات الجديدة لمدة يوم لحل الضائقة وبعده يتم عقد اجتماع بحضور المدير العام والمدير الطبي ولفيف من المديري الأقسام بالمستشفى لمناقشة القرار الصادر دون دراسة. إستياء واضح ظهر على المرضى والمرافقين بالمستشفى بعد القرار الصادر من إدارتها ممثلاً في مديرها العام الدكتور دفع الله عمر أبو ادريس والذي طلب تقريراً مفصلاً لورديات عمل الصيادلة يومي الجمعة والسبت وعليه قام بتوقيف العمل باستثناء الممرضين والمعمل. المدير الطبي بعد اجتهاد وافق على عمل الصيادلة وصدر قرار منه شفاهة بعد الثالثة عصرًا من مساء يوم الخميس إلا أن الصيدلية رفضت العمل إلا بقرار مكتوب من الإدارة وعليه تخلفت الصيدليات الثلاث التابعة للمستشفى عن العمل مما أدى الى توقف الجرعات تمامًا. كشف مصدر مقرب من المستشفى أنه ومنذ أن تسلم الدكتور دفع الله عمر العمل بالمستشفى منذ شهرين فقط أصدر عدة قرارات رآها غير موفقة أولها نقل بعض الكوادر المؤهلة الى الأطراف لم ينته الأمر بذلك فأصدر مؤخرًا قرار بعدم عمل الصيدلية لذا يعيش المرضى تلك الايام أوضاعاً استثنائية فهم يعانون من مرض يسمى القاتل الصامت الذي يفقدهم مناعتهم وقبل أن يوقف العلاج الكيماوي فإن نصف العلاج هو نفسي لذا كان من الأصح أن يخطر المرضى تحوطًا، وواصل ذات المصدر عن أن هناك اجتماعاً كان من المقرر عقده صباح الأحد بحضور المدير العام ورئيس قسم الأورام والمدير الطبي مع الصيدلية لحل الأزمة ومايترتب عليها، وأشار إلى أن المعلومات الوارده من مستشفى الذرة تؤكد وجود عطل في المعمل الذي شهد هو الآخر قبل ثلاثة أسابيع تعطلاً لجهاز الدم، وأقر بأن هناك ضغطاً كبيراً على المعمل لأن الفحص مخفض مقارنه مع المعامل الخارجية. وواصل الحديث بالقول هناك مشكلة أخرى وهي متابعة العلاج مع الطبيب لان هناك مرضى تختلف جرعاتهم حسب خطة العلاج مثلاً الجرعة الطويلة مقسمة على ثلاثة أو أربعة أيام هل يرجع المريض إلى أخصائي الوحدة أم يواصل العلاج وما هو قرار الطبيب المعالج كما أن هناك مرضى يتناولون أدوية ما قبل الجرعة كيف سيتم الحل هنا ولا ننسى بأن هناك أطفالاً يتناولون أيضاً حقن المناعة والتى لم يتم صرفها يوم الجمعه علمًا بأنها غير متوفرة في الصيدليات الخارجية بشكل كبير، وأشار إلى أن مشكلة الأطفال ربما تكون أقل بحيث يزيد عدد الجرعات المقررة بحسب حاجة العددية، وكشف المصدر عن أن المشكلة ليست في الصيدلية التى رفضت توجيهاً مذيلاً بتوقع من دكتور زاهر كما يزعم البعض لأن هناك من أعرب عن حزنة ووافق بالعمل دون أجر من أجل خدمة المريض ولكن ليس هناك من يسمع، وعليه فأنه حتى تم فتح عنابر الطواريء لأصحاب الجرعات المؤجلة ستكون هناك ازمة حقيقة بين الصيدلية والادارة والكوادر العاملة من ممرضين حيال تجهيز الجرعة ومتابعتها مع المرضى حتى لأن عدد (7) مرضى مقابل ممرض واحد يعتبر كبيراً واذ ما تم توفير العدد هل هم كفاءة في خلط الجرعة نفسها، إضافة إلى أن تجهيز الجرعة في حد ذاته يستغرق زمناً طويلاً من تضريب وخلط وتوفير أدوية ما قبل الجرعة وبعدها إلى آخره، وفي السياق كشف عن أن القرار الصادر لم يرض الصيادلة الذين يرون أنه أصدر القرار بعد تقرير كامل ومفصل منهم فهو يرى في ذلك توفيراً للأجر الإضافي فقط لأن المدير العام لم يبرر سبب إصدار القرار حتى الآن حتى في ظل وجود معلومة بأن نسبة الوفيات قد تبلغ (57) يومياً و كان عليه أن يراعي حالات المرضى ويبدأ اتخاذ إجراءات القرار من بداية الاسبوع. هذا ما يعيشه مرضى الجرعات العابرون للعنابر لكن هناك معاناة من قرار آخر؛ أوضاع صحية متردية يعيشها الذين سيطر المرض على مناعتهم وأفقدهم أمل الحياة مرضى مستشفى الذرة يمرون بأقسى أنواع الالم يومي الجمعة فالصيدلية هي من توفر لهم بعض الراحة من أدوية مسكنة ومعالجة ولو كانت مؤقته حتى اكتمال عافيتهم في بيئة غير صحية عنابر غير صحية تفوح منها رائحة العقاقير وقطط تجول بين الأسرة وحمامات مختلطة بمواسير مكسورة تتدفق منها المياة التى قد تصيبهم بكسور حال تعرضهم للإنزلاق وهو أمر وارد الحدوث. في قسماته يبدو ألم مكتوم يفشل في كبته أحياناً فيئن بين الفينة والأخرى وما أن تم إبلاغهم بأن الجرعات أجلت إلى يوم الأحد صاح متفجعاً (خافوا الله فينا)، محمد الأمين الذي يأتي من القطينة ليتناول علاجة بالخرطوم اوضح أنه مرت أشهر على إصابته بسرطان والسنوات التى رافق فيها شقيقة لم يسمع بمثل هذه القرارات المجحفة في حق المرضى، تضاف إلى معاناته من المرض معاناته جراء ارتفاع أسعار الترحيل من وإلى القطينة ، تقول أخرى ، فضلت حجب اسمها، أنها تعاني من سرطان الرحم و تتناول أدوية منتظمة كما أن جرعتها طويلة تحقن على أربع جرعات يوميًا تناولت الأولى يوم الخميس فهل غياب يومي الجمعة والسبت سيؤثر عليها لتبدأ من الصفر أم ستواصل وهل سيقبل الاخصائي مقابلتها خصوصاً أن عيادة الأخصائي في العادة تكون مزدحمة وفوق كل تلك أنها تاتي من مدينة الفاشر لتلقي العلاج في الخرطوم تنزل باستراحة تدفع عليها مبلغاً وقدرة فلماذا لم يراع المدير بقراره ذاك أحوال المرضى وان لم يكن هناك مشكلة صحية فهناك مشاكل نفسية ومادية تقع على اكتافنا نحن. رغم تعهد دكتور زاهر للمرافقين واعتذاره للمرضى بان العددية المقرر حقنها بالكيماوي يومي الجمعة والسبت بانها ستاخذ علاجها صباح يوم الأحد وانه سيشرع في فتح عنابر الطواري والإصابات وسيقوم بتجهيز كادر من الممرضين وأن الأمور ستجري مجراها بإذن الله، هل ستتكرر الأزمة مرة أخرى أم أن مخرجات الاجتماع ستكون حاسمة من أجل راحة المريض وصحتة أم أن المرضى سيعيشون هذا الألم مرة أخرى.. اليوم التالي