ندوة الشيوعي    "المركز الثالث".. دي بروين ينجو بمانشستر سيتي من كمين وولفرهامبتون    منتخب الضعين شمال يودع بطولة الصداقة للمحليات    الإعيسر: قادة المليشيا المتمردة ومنتسبوها والدول التي دعمتها سينالون أشد العقاب    "قطعة أرض بمدينة دنقلا ومبلغ مالي".. تكريم النابغة إسراء أحمد حيدر الأولى في الشهادة السودانية    د. عبد اللطيف البوني يكتب: لا هذا ولا ذاك    الرئاسة السورية: القصف الإسرائيلي قرب القصر الرئاسي تصعيد خطير    سقطت مدينة النهود .. استباحتها مليشيات وعصابات التمرد    الهلال يواجه اسنيم في لقاء مؤجل    تكوين روابط محبي ومشجعي هلال كوستي بالخارج    عثمان ميرغني يكتب: هل رئيس الوزراء "كوز"؟    كم تبلغ ثروة لامين جمال؟    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء الشاشة نورهان نجيب تحتفل بزفافها على أنغام الفنان عثمان بشة وتدخل في وصلة رقص مؤثرة مع والدها    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    شاهد بالفيديو.. في مشهد نال إعجاب الجمهور والمتابعون.. شباب سعوديون يقفون لحظة رفع العلم السوداني بإحدى الفعاليات    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    من رئاسة المحلية.. الناطق الرسمي باسم قوات الدعم السريع يعلن تحرير النهود (فيديو)    شاهد بالصور والفيديو.. بوصلة رقص مثيرة.. الفنانة هدى عربي تشعل حفل غنائي بالدوحة    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    إعلان نتيجة الشهادة السودانية الدفعة المؤجلة 2023 بنسبة نجاح عامة 69%    والد لامين يامال: لم تشاهدوا 10% من قدراته    الحسم يتأجل.. 6 أهداف ترسم قمة مجنونة بين برشلونة وإنتر    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    إيقاف مدافع ريال مدريد روديغر 6 مباريات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    ارتفاع التضخم في السودان    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    بيان مجمع الفقه الإسلامي حول القدر الواجب إخراجه في زكاة الفطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دكتور غازي صلاح الدين: هنالك مصالح أمريكية تحققت من النظام الحالي..التدخل الدولي في الشأن الداخلي خطأ تتحمَّله الحكومة
نشر في الراكوبة يوم 22 - 08 - 2016

حمَّل رئيس تحالف "قوى المستقبل للتغيير" ورئيس حركة "الإصلاح الآن" دكتور غازي صلاح الدين الحكومة مسؤولية تدويل الملف السوداني لتقصيرها وتفريطها فيه كما قال، مضيفاً أن التقصير والتفريط الذي دفع بهذه المشكلة لتتولاها القوى الدولية هو خطأ تتحمله الحكومة في المقام الأول، لأنه كقاعدة ليس هنالك أفضل من الحلول الداخلية والحلول الخارجية تأتي بحمولاتها التي قد لا تكون متوافقة مع المصلحة الوطنية. وحذر غازي في حواره مع (الصيحة) من مغبة فشل التفاوض بين الأطراف السودانية، مضيفاً بأن ما تحقق في الجولة الأخيرة يمثل تراكمات ومعطيات إيجابية تلبي ما هو مطلوب سياسياً لتحقيق الإصلاح السياسي وبالتالي إذا أخفقت المحاولة الأخيرة هذه في تحقيق تلك المطلوبات سيكون من الصعب أن تنشئ عملية سياسية ذات فعل ومصداقية وذات نتائج واضحة في المستقبل، وأوضح غازي أنه لا يعوِّل على الإرادة الخارجية لإحداث تقدم في الملف السوداني، مشيراً إلى أن التعويل ينبغي أن يكون في الأساس وبصورة غالبة على الإرادة المحلية مضيفاً بقوله: (إذا وحدت الجبهة الداخلية من خلال مشروع وطني جديد فلن تحتاج إلى تدخل خارجي).
حاوره: رمضان محجوب – محمد أبو زيد
تصوير : محمد نور محكر
*بين التوقيع على خارطة الطريق الأولى عام 2014 والثانية الأسبوع الماضي في الثامن من أغسطس الجاري جرت مياه كثيرة تحت جسر المشهد السوداني.. عطفاً على مخرجات المفاوضات الأخيرة، كيف يقرأ دكتور غازي الراهن السياسي؟
- ككثير من القرارات السياسية الكبيرة، استند القرار بقيام الحوار والالتزام بنتائجه على شرط مهم في السياسة وهو شرط المصداقية والتي بدورها ترتبط بتوفر الإرادة السياسية. ومن الممكن أن تتحدث الحكومة كما شاءت عن الحوار والوفاق ولكن أفعالها العملية هي التي تثبت ذلك أو تنفيه. لا شئ يضر بصاحب أي دعوة أو موقف كفقدان المصداقية. على هذه الخلفية ينبغي أن نفتش في المواقف والأوضاع القائمة، هل توجد عزيمة سياسية حقيقية أم أن هناك مضاربات سياسية ومراوغات لاكتساب الوقت مع القوى الدولية ثم تطمر قضية الحوار والإصلاح السياسي إلى حين مجيء النظام السياسي التالي. أنا مؤمن بأن معطيات الوضع الراهن، آخذين في الاعتبار الخبرة التي تراكمت في السودان عبر أكثر من ستين عاماً من الحركة السياسية، هي معطيات إيجابية لأن فيها علماً وحكمة وتجربة ومعرفة لأغوار ما هو مطلوب من كل الأطراف لكي نحقق الإصلاح السياسي. وإذا أخفقت هذه المحاولة الأخيرة في توفير تلك المطلوبات سيكون من الصعب أن تنشأ عملية سياسية جديدة ذات فعل ومصداقية ونتائج مرجوة وواضحة في المستقبل القريب .
*ذهبتم إلى أديس أبابا الأسبوع المنصرم كتحالف "قوى المستقبل للتغيير" تحملون آمالاً وأمنيات لتحقيق ما لم يتحقق من قبل.. والتقيتم ب"قوى نداء السودان" وغيرها من القوى السياسية، بماذا عدتم من هناك؟
- النصف الأول من الملتقى الذي جرى ساد فيه التفاؤل لأسباب موضوعية: لأن الموافقة على التوقيع على خارطة الطريق كانت في حد ذاتها النقلة المطلوبة والمنتظرة منذ وقت. الشئ الثاني كان هنالك إحساس عام لدى المشاركين بأن لحظة الاقتراب من الحلول النهائية قد وافت، ولذلك حدث التوقيع نفسه كان إيجابياً. ولكن التفاوض فيما بعد أرجأ الشأن السياسي لحكمة رآها الوسطاء، وقدم الشأن العسكري وهو من أشق الموضوعات التي من الصعب في العادة أن يتوصل فيها إلى توافق وتفاهم سريعين. أنا لا أريد أن أفرض أو أقترح ترتيباً آخر ولكن في نظرنا من الضروري البحث في كيفية رتق هذا الفتق. هل من الأولى مثلاً أن نقدم الحوار السياسي كمظلة تناقش تحتها الأمور العسكرية والأمنية؟، هذا مجرد رأي شخصي وهو ليس رأياً مُجازاً من "قوى المستقبل" ولكن هو مدفوع بالحاجة إلى تفكير جديد لأن المشكلة قد تطاولت جداً ونحن الآن في العام الستين من الاستقلال نبحث عن أشياء أساسية مثل الهوية والنظام السياسي وسلطات المؤسسات المختلفة، كأننا نسمع بها لأول مرة. هذه المسألة تنتظر الوسطاء للوصول فيها إلى اتفاق.
*وماذا عن لقائكم ب"قوى نداء السودان"؟
- نحن منفتحون بطبعنا ومنهجنا الذي اخترناه وأعلناه في مناسبات مختلفة نحو كل القوى السياسية، حتى لو اختلفنا معها سياسياً أو فكرياً. لأن المطلب الأوحد الجامع بين السودانيين الآن هو التوافق على نظام سياسي فاعل ومنصف وعادل يستطيع أن ينظم التنافس الشريف بين كل القوى السياسية ويمنحها فرصاً عادلة في انتخابات حرة شريفة. وإذا توصلنا إلى هذه الصيغة سيكون من السهل الانتقال إلى المرحلة التالية من الإصلاح السياسي والاقتصادي والثقافي والاجتماعي والتوافق على رؤية موحدة نحوه. منهجنا قائم على هذه الشروط البسيطة لذلك نسميه اتفاق الحد الأدنى. لذلك نتصل بكل القوى السياسية لنشرح لهم أفكارنا ونستمع إلى أفكارهم، أو لنتوافق على أفكار جديدة نقدمها لحل مشكلة الوطن، وبهذا الفهم التقينا ب"قوى نداء السودان" وشرحنا لهم منهجنا ومن نحن وماذا نفعل وما هي الفاعلية التي نتميز بها في الساحة السياسية الداخلية وتفاعلنا مع القوى الدولية أيضاً وكيف نوظف ذلك للحل السلمي في السودان وكيف نتفق في ذلك الحد الأدنى المطلوب مع القوى السياسية؟ مع الإدراك التام أننا وهذه القوى يمكن أن نختلف من بعد في المواقف من المسائل الموضوعية حسب أيديلوجياتهم. لكننا الآن أمام تحدٍّ خاص ومؤقت ولسنا أمام تحدي المسائل الموضوعية، لم يحن بعد وقت الخلاف حول المسائل الموضوعية. نحن الآن أمام تحديات بنيوية، كيف نقيم بنية جديدة تضع الأساس لمشروع وطني يتوافق عليه في الحد الأدنى أكبر عدد من السودانيين وبأكبر قدر من الإجماع الممكن.
*هناك قراران أصدرهما الاتحاد الإفريقي (456-539) حول الحوار السوداني، بعض قوى المعارضة الممانعة للحوار تراهما يمثلان رؤية المؤتمر الوطني ومطلوباته للحوار.. كيف ترى الأمر؟
-أولاً دعنا نثبت هنا أن التقصير والتفريط الذي دفع بهذه المشكلة لتتولاها القوى الدولية هو خطأ تتحمله الحكومة في المقام الأول، لأنه كقاعدة ليس هنالك أفضل من الحلول الداخلية، فالحلول الخارجية تأتي بحمولاتها وروابطها التي قد لا تكون متوافقة مع المصلحة الوطنية، وبالتالي كان من الأفضل (وقد كتبت مطالباً بذلك عام 2012) أن يُطلق مشروع مصالحة وطنية شاملة يضع قواعد البنية السياسية بما يُصلح حال السياسة في السودان، وأظن أن هذا هو مطلب القوى السياسية جمعاء ومطلب الجمهور الذي يرى أوضاعه الاقتصادية تتردَّى بسبب فشل الحكومة والقيادة السياسية في ترسيخ التوافق على إجماع وطني جديد. لكن تلك الفرصة ضُيِّعت وأخذت تزحف إلينا الإرادة الدولية شيئاً فشيئاً وتتدخل في أمورنا بحيث لم يعد هنالك مناص من التعاطي معها بما يحفظ الحقوق الوطنية ويحفظ النسيج الوطني بقدر الإمكان. مشكلة الحكومة أنها ظلت مترددة في التلاقي مع هذا الدفع وهذا الخيار وصارت في كل مرة تُفرض عليها قرارات جديدة تُوغل في تشبيك الشأن الوطني مع الشأن الدولي، والآن هنالك أكثر من خارطة طريق: الأولى كانت بإرادة وطنية لا أرى فيها ما ذهبت أنت إليه في أنها تمثل مصالح المؤتمر الوطني والحكومة، وبالعكس تماماً فخارطة الطريق هي التي أثبتت ضرورة تهئية المناخ وفرضت على الحكومة الالتزام بشمولية الحوار. والشمولية التي نتحدث عنها هي شمولية المشاركين، وهذا مطلب صحيح طبعاً لأنك إن كنت تريد إقامة نظام يتفق عليه الناس فلابد أن تشرك فيه أكبر قدر منهم، وصحيح أن هنالك من سيرفض الإشتراك ولكن في السياسة أنت تبني على الإجماع الممكن وليس الإجماع المطلق. لكن خارطة الطريق الأولى لم تطبق كما صدرت وكما وقعت عليها الحكومة. وما تزال هناك تصرفات تقوم بها الحكومة تقدح في التزامها بخارطة الطريق. هنالك أشياء تمارس الآن ضد خارطة الطريق وضد مبدأ الإصلاح السياسي وضد الحريات وضد الدستور القائم، وهي تصرفات تضر بالمناخ السياسي وتدمر المصداقية. انظر إلى ما يجري في الصحافة حيث تصادر الصحف بعد الطباعة بقصد الإضرار، ثم يقوم أحد "الحلاقِمة" بالحديث عن الشريعة. القاعدة الشرعية تقول: "لا ضرر ولا ضرار". والذي يقصد إلى الإضرار بمصالح أناس لا يستحق أن يقودهم. والحكومة تمارس هذا الاستبداد وكأنه حالة طبيعية وهي ليست مستعدة للنظر في هذه الإجراءات دفعاً للحوار الوطني ولكن تفعلها بصورة طبيعية ويومية وكأنه حق مكفول لها لا مناقشة فيه. وهذا يعود بنا إلى نقطة المصداقية التى ذكرتها في بداية حديثي، والإصلاح بطبيعته يرتبط بالإرادة وكما قال الله تعالى: (إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحاً يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا ....). فبدون إرادة حقيقية لن تستطيع أن تصلح بين الناس.
"*قوى المستقبل" كانت ترى إشراك الأطراف الأربعة الموقعة على "نداء السودان" إضافة إلى المشاركين في الحوار في توقيع خارطة الطريق هو الحد الأدنى لشمولية الحوار.. ألا يعني هذا تهميشاً لبقية القوى السياسية؟
- "قوى المستقبل" نفسها لم تذكر في خارطة الطريق وهذا التقصير الذي وقع على الآخرين وقع علينا نحن في الأساس ونحن لم ننظر للأمر من هذه الناحية. نحن قلنا إن كلمة شمولية هي مثل كلمة شجاعة ليس لها حد واحد معلوم. ومن الممكن نظرياً أن تكون الشمولية شاملة حتى آخر شخص في السودان لكن هذا عملياً غير ممكن، ونحن نريد أن نحقق ماهو ممكن ثم نبني عليه. لذلك نحن اختياراً وتقديراً من عندنا رأينا أن موافقة الجهات الأربع على التوقيع على خارطة الطريق تمثل الحد الأدنى الضروري لتحقيق الشمولية، وهذه المسألة تقديرية وقد يأتي أحد ويقول لك إن الجهة الفلانية لم تُمثَّل وسنقول له إننا نحن في قوى المستقبل أيضاً لم نُمثَّل ولم ندع إلى التوقيع على خارطة الطريق، المهم بالنسبة لنا هل هذا التقدير الذي اخترناه يمثل الحد الأدنى من الشمول ويحقق الحد الأدنى من الاستقرار النفسي والإطمئنان بأن الأمور تمضي بالصورة الصحيحة. نعلم أن هناك من احتج على هذا الوصف وقال إنه لم يشمل كل القوى السياسية، لكنني لا أرى أن هناك وصفاً سيشمل كل القوى السياسية. وكما قلت لك حتى نحن أنفسنا لم نكن من الموقعين على خارطة الطريق ولكننا ارتضينا أن يكون هذا التوقيع خطوة ضرورية لاجتياز العقبة القائمة حتى نمضي إلى الأمام.
*كيف ترى التدخل الأجنبي في إجراء التوقيع على خارطة الطريق، خاصة حديث المبعوث الأمريكي دونالد بوث وتصريحاته بقرب انتهاء الأزمة السودانية وهل تراه تدخلاً إيجابياً؟
- للغرابة طبعاً أن جهود المبعوث الأمريكي قرئت هذه المرة على أنها لمصلحة الحكومة وأنه هو الذي مارس ضغوطاً على الحركات حتى توقع على حسب ما قيل وهذا جاء في مصلحة الحكومة. ومع ذلك أنا لا أعوِّل على إرادة خارجية. تعويلنا ينبغي أن يكون في الأساس وبصورة غالبة على الإرادة المحلية. وإذا وُحِّدت الجبهة الداخلية من خلال مشروع وطني جديد فلن تحتاج الى تدخل خارجي، وكما قلت لك إننا الآن نحتفل بالعام الستين للاستقلال ولم نحسم قضايا مبدئية في الحكم وهذا مما يغري بالتدخل الأجنبي فضلاً عن عوامل أخرى متعلقة بوضعية السودان في المنطقة وتأثيره على جواره، وكلها عوامل تجعل من السودان حالة معقدة ومع ذلك تُكسبه أهمية كبرى على الأصعدة الإقليمية والدولية. والحد من التدخلات الخارجية يتطلب أن نتبنى سوياً برنامجاً ومشروعاً إصلاحياً وطنياً بإرادة وطنية كاملة ونتحلى بالمصداقية اللازمة للوفاء به من كل طرف على حسب دوره فيه ونعبر إلى الضفة الأخرى بدلاً من المكوث في هذه الضفة إلى الأبد وانتظار المدد الذي يأتينا من الخارج. بالعودة إلى الدور الأمريكي كما قلت لك إنه وللغرابة جاء لمصلحة الحكومة لأنه دفع في اتجاه التوقيع على خارطة الطريق ولكن ليس مضموناً أن يستمر هكذا ومن الممكن أن يتغير إلى دور ضاغط على الحكومة. الرائج بين المحللين والمراقبين هو أن هنالك رغبة للإدارة الأمريكية الحالية أن تخلف تراثاً إيجابياً بما صنعته إدارة الرئيس أوباما في العالم ومن بين ذلك التوصل لحل المشكلة القائمة في السودان. وإذا صح هذا التحليل فسيغلب احتمال أن تعمل أمريكا لمصلحة الوصول إلى إتفاق. هذا ما يقوله المنطق. لا أدري ماذا ستكون الخطوة التالية للمبعوث الأمريكي فهذا الشئ هو أدرى به، ولكن فيما يبدو اختلطت الخيوط ما بين الدفع الأمريكي الجديد مع جهود الوساطة التي يقودها الرئيس أمبيكي مع معطيات الواقع نفسه والخلاف على المسائل الأمنية والسياسية وهذا يجعل المهمة على درجة من العسر والتعقيد. الأرجح لدي هو أن الدور الأمريكي سيسعى للوصول إلى حل المشكلة قبل نهاية دورة الرئيس أوباما التي ستنتهي في منتصف يناير من العام القادم، ولكن هذا يتطلب أن تظل الإدارة الأمريكية متحمسة وملتزمة بمواصلة جهود إيجابية وبناءة حتى النهائية. وكما ذكر لي بعض المراقبين ساخراً فإنه إذا ذهبت هذه الإدارة دون المساهمة في الحل فإن الإدارة الجديدة ستمكث عامين قبل أن تقرر البحث عن موقع السودان في الأطلس. رغم كل ذلك يبقى العامل الأهم هو ما يفعله السودانيون لحل مشكلاتهم لا ما يفعله الأمريكان.
*هل من الممكن أن يُحدث الوسيط الإفريقي أمبيكي إختراقاً كبيراً في القضية من واقع ما اكتسبه من خبرة امتدت لسنوات في الشأن السوداني؟
- بالنسبة لي هذا السؤال علمه في الغيب، ولكن بقاء أمبيكي معنا لسبع سنوات لا شك أكسبه خبرة في الشأن السوداني ومطلوبات الإصلاح السياسي، ولكن بالطبع واجهته صعوبات كبيرة حتى الآن لم يتمكن من حل كل الصعوبات التي قابلته والاختبار القادم هو اختبار مفصلي وجوهري بالنسبة له، لأن ما توصلنا له الآن من انسداد في الأفق السياسي يتطلب جهوداً أكبر من الوساطة لإزاحته. وإذا كانت الوقفات الماضية صعبة وقاسية بالنسبة للوسيط أمبيكي فإن هذا الموقف الآن هو الأصعب ويتطلب منه، ليس فقط أن يفرز رؤية جديدة، وإنما أن يوفر لها الإرادة السياسية من كل الذين يؤثرون في الواقع السوداني.
*كيف لأمبيكي أن يحقق ذلك في ظل اتهام بعض قوى المعارضة له بالانحياز للحكومة؟
- هذا شئ طبيعي وأنا لم أسمع عن وساطة لم تتعرض لمثل هذه الاتهامات. هذه حكمة لخصتها العبقرية السودانية في قولة: "الحجّاز ليهو عكاز" وفي هذا تعزية للمتبرعين بالوساطة. أي جهود تفاوضية تستدعي بنسبة عالية الاتهامات.
يواصل رئيس تحالف قوى المستقبل للتغيير ورئيس الإصلاح الآن، دكتور غازي صلاح الدين إفاداته عبر الجزء الثاني من حواره للصيحة حيث أشار فيه إلى أن هنالك مصالح أمريكية تحققت من النظام الحالي كما لم يحدث مع أي حكومة سابقة. ذلك لأنه أصبح أكثر طواعية من ذي قبل ومستعد للتعاون في قضية الإرهاب والمهاجرين وربما مستعد للتعاون في قضايا أخرى كثيرة.
وقال غازي إن الموافقة غير المشروطة التي فرضت على قادة نداء السودان من الوساطة الأفريقية بأن يوقعوا أو أن تفرض عليهم عقوبات لم تكن مقبولة ولا عملية. مضيفاً بأنه في نهاية الأمر هذا التأخير الذي استغرق خمسة أشهر لم يكن ضرورياً وكان حول قضية تكتيكية جزئية ما كان ينبغي أن تأخذ كل هذا الوقت. مشيراً إلى أنه وبعد التوقيع برزت القضايا الحقيقية وفي مقدمتها القضايا الأمنية، وحتى الآن لم نلج إلى الشأن السياسي - لب القضية - وهو وحده كفيل بأن يأخذ منا وقتاً كبيراً وإرادة سياسية غير منقوصة.
إلى مضابط الجزء الثاني من الحوار
* في اعتقادك هل توجد إرادة حقيقية أمريكية للمساهمة في حل المشكلة السودانية؟
- غالبية المراقبين يجيبون على هذا السؤال بنعم بنسبة أكثر من 50% بدليل ما رأوه من مبادرات أمريكية مؤخرًا فيما يخص التوقيع على خارطة الطريق. أمريكا بلد تحكمه الفلسفة البراغماتية ولذلك هم يتحدثون دائماً عن الاستثناء الأمريكي، بمعنى أن ما ينطبق على بقية الخلق لا ينطبق عليهم. ولذلك هم يختارون المعايير والقوانين والمواصفات التى يعملون بمقتضاها. وبالتالي فإن الموقف الحقيقي لهم سيكون قياسه ممكناً بقياس المصالح الأمريكية، فهل توجد مصالح أمريكية مع النظام الحالي أم لا؟ وأظن أن هنالك مصالح أمريكية تحققت من النظام الحالي كما لم يحدث مع أي حكومة سابقة. ذلك لأنه أصبح أكثر طواعية من ذي قبل ومستعد للتعاون في قضية الإرهاب والمهاجرين وربما مستعد للتعاون في قضايا أخرى كثيرة. أو بقول آخر من حكمة السودانيين هم يحتفون بهذه الحكومة على قاعدة "جناًّ تعرفو ولا جناًّ ما تعرفو".
* توقيع نداء السودان على الخارطة بعد التمنع الذي أبدته في الفترة الأولى تم عن قناعة أم لضغط؟
- كان رأينا واضحاً وهو أن توقع المعارضة على خارطة الطريق حتى نتمكن من التقدم في المسار السياسي، وتبنينا هذا الموقف برغم المبررات المعقولة التي ساقتها المعارضة، لكننا تمسكنا بأن الأفضلية كانت للتوقيع، وظللنا نجهر بذلك الرأي حتى حدث التوقيع. لكن شياطين التفاصيل أطلت بقرونها من بعد وأخذت تتحكم في الوضع. لكننا تفهمنا ما كانوا يقولونه، وهم في نهاية الأمر معارضة مجتمعة في تنظيم جبهوي واتخاذ القرار عندهم ليس كما عند الحكومة، وكان على الوساطة أن تأخذ هذه الحقائق في حساباتها. الموافقة غير المشروطة التي فرضت عليهم من الوساطة بأن يوقعوا أو تُفرض عليهم عقوبات لم تكن مقبولة ولا عملية. لكن في نهاية الأمر هذا التأخير الذي استغرق خمسة أشهر لم يكن ضرورياً، وكان حول قضية تكتيكية جزئية ما كان ينبغي أن تأخذ كل هذا الوقت. بعد التوقيع برزت القضايا الحقيقية وفي مقدمتها القضايا الأمنية، وحتى الآن لم نلج إلى الشأن السياسي - لب القضية - وهو وحده كفيل بأن يأخذ منا وقتاً كبيراً وإرادة سياسية غير منقوصة. البداية كانت بالشأن العسكري الذي يمثل أهمية كبيرة للحركات لأنه مصدر نفوذها السياسي، وهو بالطبع أهم بالنسبة للحكومة لأنه مصدر الخطر والتهديد لاستقرارها، واحتمال تشابك المواقف التفاوضية وارد بشدة في القضايا الأمنية والعسكرية أكثر من أي موضوع آخر كالمواضيع السياسية التي توجد بها مساحة حرية وطلاقة أكبر.
* المسارات الإنسانية كانت قاصمة الظهر في المفاوضات ما بين مطالبات الحكومة والحركات المسلحة أين ترى المخرج، في المسار الخارجي أم الداخلي؟
- نحن في العادة نتجنب الحديث في المواقف التفاوضية الخاصة بالمواضيع العسكرية والأمنية، ونتحاشى ما استطعنا الانحياز لموقف تفاوضي يحتمل الخلاف الثانوي، إلا إذا كان خلافاً حول قضية إستراتيجية يلزم الجهر فيها بالرأي صراحة. نحن بصورة عامة ننحاز للموقف الذي يخدم المصلحة العامة والتي تتلخص في الإسراع بإيجاد تسوية عادلة للنزاعات. وفي اعتقادي أن الضابط الحاكم في قضية المسارات والعون الإنساني ينبغي أن يكون في النهاية هو التحقق من دخولها وتوزيعها بصورة سليمة، هذا فيه مراعاة لانشغالات الحكومة من طرف وتوفير حق إنساني ضروري للمواطنين المتأثرين بالحرب من طرف آخر. الحل يدور حول هذين المعيارين.
* صاحبت مقاطعتك لاجتماع الجمعية العمومية الأخير ملاباسات عديدة فما هي حقيقة ما حدث؟
- نحن تلقينا دعوة من رئيس الجمهورية ذكر فيها بالنص أنها "للتشاور" حول الدفع بالحوار الوطني. وحدث بيننا في هيئة قيادة التحالف تباين كبير في جدوى المشاركة، لكن غلب الرأي بالمشاركة إبداءً لحسن النية واحتفاءً بالتوقيع على خارطة الطريق الذي كان سيجري بعد يومين. لكننا اعتباراً بتجربة سابقة منعنا فيها من الحديث في اجتماع الجمعية العمومية طلبنا أن تضمن لنا فرصة لمخاطبة الاجتماع والرأي العام لأن "التشاور" في مثل تلك المحافل لا يكون بالهمس أو بلغة الإشارة – وكنت قد أعددت كلمة طولها ثلاث دقائق ونصف بالتحديد. لكننا أخطرنا شفاهة وبرسالة نصية مكتوبة بالاعتذار عن إعطائنا أية فرصة لأن الاجتماع غير مخصص للتعقيبات والكلمات. قلنا لهم نحن لم نحضر لرحلة نيلية إذن واعتذرنا عن حضور جلسة "تشاورية" ليس فيها كلام وإبداء رأي. ثم فوجئنا بفرص الحديث تمنح بسخاء يميناً وشمالاً فحمدنا الله أن اختار لنا عدم حضور تلكم الجلسة "التشاورية" الفريدة، التي أكسبت "التشاور" معاني جديدة ملتبسة. لذلك عندما سألنا الرئيس مبيكي عن رأينا في مطلب المعارضة بأن تكون للمؤتمر رئاسة محايدة، قلنا له نحن الآن أدركنا صحة هذا المطلب، لأنه، في ظل الوضع القائم سيكون من الصعب علينا أن نضمن نظاماً عادلاً لإدارة المؤتمر. ما حدث هو طعن في مصداقية العملية السياسية الجارية وقابليتها للتطبيق. وفي التجربة الإنسانية الراشدة عموماً في مثل تلك الحالات يصدر إما اعتذار صريح عمّا حدث أو تبرير مقنع له. ولم يصدر أي منهما، ولا نتوقع أن يصدر لأن الثورة عندنا لا تراجع ولا تتراجع.
* عضو الآلية عبود جابر قال إنكم كان من الممكن أن تتحدثوا من داخل الجلسة كما تحدث غيركم ولكنم استعجلتم بقرار عدم المشاركة؟
- مع احترامنا للأخ عبود، وهو بلا شك رجل حسن المقصد، لكنه ليس مطلعاً على كل خفايا هذه المشكلة وأغوارها. أقول لك نحن تلقينا القرار بحرماننا من الحديث شفاهة وكتابة، ونحن نعلم من أصدر القرار على كل حال، ونعلم إن كان قراره قابلاً للاستئناف أم لا. ثم إن الأخ الطيب مصطفى الذي ذهب للاجتماع بنية اختبار صدقية القائمين على أمر الجلسة، ظل يطلب الفرصة حتى نهاية الاجتماع ولم يُمنحها. ثم لماذا أصلاً يثور نزاع في هذه القضية حول حق سياسي طبيعي وبدهي، وإذا كنا نُمنع من هذا الحق الصغير للغاية ترى هل نطمع في عدالة فيما هو أكبر؟
*هل تجاوزتم تلك الحادثة؟
نحن تعاملنا، وما زلنا نتعامل، كراشدين لا بردود الأفعال. وصفنا الحادثة بأنها مشينة وقادحة في مصداقية الإجراءات برمتها، لكننا أكدنا استمرارية تعاطينا مع العملية السياسية بالتعاون مع القوى المعارضة الأخرى، وبالتنسيق معها توصلاً لعملية إصلاحية شاملة وذات مصداقية. نحن لن نقدم قضية حزبية على قضية قومية، رغم أن هذه الحادثة تلقي بظلال سالبة على كل قضية الحوار من حيث أنها تشكك في نوايا الداعين له، لكننا ثابرنا لمدة عامين ونصف والأجدر أن نواصل المثابرة حتى نهاية الشوط.
*بعد عام ونصف من تأسيس قوى المستقبل التقيتم بكل أطياف المعارضة، هل التقيتم بالمؤتمر الوطني؟
- التقينا بالمؤتمر الوطني، ولقاؤنا كان علنياً. وكما قلت لك نحن لا يحكمنا الغضب ولا ندين أي شخص ونغلق في وجهه باب التعامل فقط لأنه مؤتمر وطني. نحن نلتقي بالجميع ومشروعنا ليس للمعارضة وإنما للجميع ولذلك لم نستثن أحداً. قوى المستقبل لها فاعلية وأثبتت وجودها في فترة وجيزة. والقوى السياسية بالداخل والخارج تتعامل معها بجدية، ونحن نعتبر أنفسنا جزءاً أساسياً من الحل حتى وإن كنا لا نملك السلطة في إصدار القرارات. نحن نسعى لكي نسهم في تكوين ضمير سياسي جمعي يحكم الممارسة السياسية وإذا نجحنا في ذلك ليس مهماً أن نكون داخل السلطة أو خارجها وليس مهماً أن تكون في مواقع تنفيذية أو سياسية. السلطة الأخلاقية أهم عندنا من السلطة التنفيذية ولذلك نحن لا نستنكف التواصل والحوار مع أي قوة سواءً داخلية أو خارجية إذا كان ذلك مفيداً للقضية الوطنية.
* هنالك اتهام بأن مكونات قوى المستقبل تنتمي الى الاتجاه الإسلامي؟
تكوين تحالف قوى المستقبل يضم طيفاً عريضاً من القوى السياسية، فيهم الإسلامي وغير الإسلامي. الفكرة في تحالف قوى المستقبل أن يكون صورة مصغرة للسودان تحقيقاً لشعار "السودان وطن يسع الجميع". وباعتباره تحالفاً ليس وارداً في أجندة التحالف فرض مذهبيات أو إيديولوجيات معينة، فعندما ينفض اجتماع هيئة قيادة التحالف يذهب كل واحد إلى الحزب ذي الإيديولوجية التي تناسبه – هذا شأنه وهذا حقه. وإذا فقد التحالف هذه التوليفة الدقيقة فسيكون قد حطم بناءه الذي بناه بنفسه. مكمن النجاح في تجربة التحالف هي تحديداً في قدرته على جمع كل أطياف اللون السياسي في مشروع بناء وطن جديد. وبالمناسبة الرئاسة عندنا دورية وأنا أتطلع إلى اليوم الذي سأتخلى فيه عن رئاسة التحالف. والفترة هي ستة شهور قابلة للتجديد لمرة واحدة. نحن لا نمايز ضد الإسلاميين ولا لمصلحتهم ونعامل كل القوى السياسية التي تشارك معنا في هذا الجسم معاملة واحدة والفرص متساوية أمام الجميع ليصبحوا قادة في هذا الفريق الفاعل وهذا ما يكسبنا قوة في تحالفنا ويكسبنا مرونة كبيرة. نحن اخترنا نظاماً مختلفاً عن نظم التحالفات الجبهوية المشهورة والتى تكون فيها السيادة أميل للفردية لكل حزب وعادة تكون الرئاسة ضعيفة. نحن ابتدعنا نظاماً الرئاسة فيه ليست ضعيفة ولكنها ليست مهيمنة في الوقت نفسه، بدليل أن لكل حزب حق الفيتو في أي قرار وهنالك مساحة ديمقراطية واسعة داخل التحالف، وفي نفس الوقت صنعنا نظاماً متفاعلاً مع الوسط السياسي ويستطيع أن يتخذ القرارات وأعتقد أن هذا التوافق الذي أجريناه كان تدبيراً ناجحاً. قوى المستقبل فاعلة سياسياً لهذه الأسباب. بل نحن منفتحون في المستقبل القريب في إعادة تشكيل المواعين التنظيمية للتحالف فقد ننظر في المستقبل في اندماج عضوي لأجسام مشابهة لأنه ليس مفيداً وليس مدعاة للفخر أن يكون هنالك أكثر من140 حزباً سياسياً وهذا ليس دليلاً على الديمقراطية وإنما دليل على الفوضى السياسية، وبالتالي عملية الإصلاح السياسي في السودان ينبغي أن تشمل القوى السياسية باندماج الكيانات المتشابهة.
* الملف السوداني هل اختُطف للخارج وما هي رؤيتك لإعادته للداخل؟
- عندما بدأت إرهاصات التدخل الدولي في العام 2012 كتبت أن الحل إزاء ذلك الزحف الدولي على سيادتنا هو أن نقيم مشروعاً وطنياً شاملاً نسميه الإصلاح السياسي الشامل، وهذا لم يحدث كالعادة وضيعت الفرصة. كقاعدة عامة كلما قويت الجبهة الداخلية في بلد ما تحصنت من التدخلات الخارجية، وكلما تهلهل التماسك الداخلي زادت التدخلات الخارجية، وهذه قاعدة معروفة في تاريخ الدول والجماعات. الخلاص من التدخلات الخارجية هو أن نصل إلى مشروع وطني يتوافق عليه الجميع. ذلك شيء دعوت له عندما كنت في المؤتمر الوطني وقدمت لذلك مقترحات وأوراقاً. هذا التوغل الخارجي في الشأن السوداني تتحمل الحكومة معظم المسؤولية فيه.
* نرجع بك إلى مفاوضات أديس البعض يسمي ما توصل الناس له بالانهيار وآخرون يسمونه فشلاً فبماذا تسميه أنت؟
- أنا لدي مشكلة مع شجار المصطلحات هذا وأراه أمراً غير ضروري. الأوصاف غير مهمة، المهم هو الترددات العملية لما حدث. في نظري يجب أن نتجاوز مرحلة التشخيص (فشل - انهيار) إلى مرحلة وصف العلاج. ما الذي يمكن أن نفعله لنستنقذ العملية السياسية حتى لا نرتد إلى فوضى سياسية وإلى قتال جديد وإلى حرب أهلية وإلى تعقيد مشكلات الجيران، وهذا كله وارد إذا فشلت العملية السياسية. بهذا التعريف ما حدث في أديس هو فشل وليس انهياراً بمعنى أنه لم تذهب الفرصة بعد في استدراك ما جرى واستعادة العملية من جديد ووضعها في قضيب القطار. وسنقدم بعض المقترحات للوساطة بها لتستعين بها في تقديم حل للمشكلة القائمة.
*المقترحات ستقدمونها للوساطة فقط أم للأطراف الأخرى أيضاً؟
- نحن لسنا وسطاء، نحن معارضة، لكننا لا نجد حرجاً في أن نطرح مبادرات وأفكاراً كمقترحات من جانبنا، لأننا أحياناً نرى من تفاصيل المشهد السياسي أكثر مما يراه الوسطاء والقوى الدولية، وعندئذٍ نقدم اقتراحاتنا للوساطة.
*الواقع يقول إن خارطة الطريق تحتاج إلى خارطة طريق أخرى ماذا تقول عن ذلك؟
- هذا تعبير صحفي جميل، ولكن عملياً ماذا يعني؟ ليس لدي أفكار ناضجة تماماً فيما يتعلق بهذه القضية، لكننا نسعى لإنضاج بعض المقترحات. مثلاً هل يحسن أن نتجاوز الانسداد الجديد هذا بتقديم العملية السياسية على التفاوض الأمني – العسكري، ولو جزئياً. أو كخيار ثانٍ أن تمضي العملية التفاوضية حول الإجراءات العسكرية موازية للعملية السياسية بدلاً من الترتيب الراهن الذي يضع الترتيبات الأمنية في المقام الأول وهي أكثر الترتيبات عرضة للاختلاف حولها. هذه مجرد آراء وتساؤلات وليست مبادرة متفقاً عليها في قوى المستقبل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.