الخرطوم (رويترز) - يعلن جنوب السودان استقلاله يوم السبت في انفصال متفق عليه مع الشمال كتتويج لاتفاق السلام الشامل لعام 2005. ويقترب انقسام اكبر دول افريقيا مساحة في ظل أسئلة ما زالت بلا اجابة فبرغم المحادثات والمؤتمرات الدولية على مدى سنوات ما زال الجانبان يختلفان على سبل ادارة العائدات النفطية واقتسام الديون بل وحتى الوضع النهائي للحدود. وفيما يلي بعض التصورات للمسار الذي قد تسلكه الاحداث: * التوصل الى اتفاق في اخر لحظة: لطالما تشبث المتفائلون بالامل في أن يكون أسلوب معالجة الخلافات حتى الان مجرد اتباع لسياسة حافة الهاوية من الجانبين. وفي اطار هذا التصور سيجلس رئيس الجنوب سلفا كير والرئيس الشمالي عمر حسن البشير معا في وقت ما قبل التاسع من يوليو تموز او بعده بقليل ليوقعا اتفاقا بخصوص النفط والشؤون المالية والمناطق الحدودية المختلف عليها وغير ذلك من القضايا. ومن بين العوامل الاساسية التي تشكك في امكان تحقق هذا التصور ضيق الوقت وعدم تحقيق تقدم في المحادثات حتى الان وافتقار الجانبين الى الثقة المتبادلة بعد الحرب الطويلة وحوادث العنف الاخيرة في منطقتي أبيي وجنوب كردفان التي تشتت الانتباه عن التركيز على القضايا الخلافية الاساسية. ويقول مطلعون ان المحادثات بين الشمال والجنوب مضنية للغاية حيث يختلف المسؤولون بشأن كل كلمة. وحتى الاتفاقات المحدودة التي أعلنت مثل منح الجنوب وقتا لطرح عملة جديدة لم يوقعها رئيسا الشمال والجنوب ويمكن ان تضيع بسهولة السيناريو الارجح حتى الان هو أن ينفصل الشمال والجنوب في التاسع من يوليو تموز وتظل قائمة طويلة من القضايا المهمة معلقة لفترة طويلة. ولن يكون هذا مجرد قضية مربكة للجانبين. اذ أن هناك مخاطر حقيقية ماثلة أكثرها اثارة للقلق يتعلق بالنفط. وسوف يمتلك الجنوب كل النفط المستخرج من أراضيه لكن بموجب الترتيبات الحالية عليه أن ينقل الخام عبر خطوط أنابيب تمر بأرضي الشمال ومنها الى الميناء السوداني الوحيد على ساحل البحر الاحمر. ولم يتم التوصل الى اتفاقات بشأن المبلغ الذي سيطلبه الشمال من الجنوب مقابل استخدام خطوط الانابيب المارة بأراضيه أو كيفية ادارة حقول النفط على الحدود. وبدون التوصل لاتفاق تظل هناك فرص لحدوث نزاع واشتباكات وخاصة اذا مضى الشمال قدما في تنفيذ تهديداته بغلق الانابيب للحصول على تنازلات. والطريقة الغامضة التي ينتهجها السودان في التعامل مع مسألة نقل النفط تعني زيادة احتمالات حدوث سوء فهم وتبادل الاتهامات. ويعزى للهيئات الدولية مثل الاممالمتحدة بعض الفضل في التقدم المحدود الذي تحقق منذ اتفاق السلام عام 2005. وبعد التاسع من يوليو سيتبقى عدد قليل للغاية من هذه الهيئات وخاصة في الشمال للابلاغ عما يجري أو مد يد العون ودفع الطرفين قدما. وينتهي تفويض بعثة الاممالمتحدة في السودان التي أرسلت لمراقبة اتفاق السلام يوم اعلان الاستقلال وقالت الخرطوم بالفعل انها تريد رحيل قوة حفظ السلام المؤلفة من عشرة الاف رجل. كما تستعد لجنة التقييم والمتابعة وهي هيئة دولية أنشئت لمراقبة عملية السلام وتقديم الدعم فيما يتعلق بالامداد والتموين هي الاخرى للرحيل. وهناك مخاوف بشأن مصير مئات الالاف من المدنيين الذين حوصروا في قتال جديد بولاية جنوب كردفان اذا لم يتبق جزء من قوات حفظ السلام لمتابعة ما يجري لسكان المنطقة. وهناك علامة استفهام أيضا تحيط بمصير أكثر من مليون جنوبي بقوا في الشمال اما باختيارهم أو تقطعت بهم السبل هناك. ورغم التوصل الى اتفاقات غامضة بشأن تسوية وضعهم الا أن رئيسي الجانبين لم يوقعا عليها. *الحرب الشاملة: السيناريو الاسوأ هو انهيار كامل للعلاقات بين الشمال والجنوب والعودة الى الحرب الاهلية التي أودت بحياة نحو مليوني شخص وأجبرت أربعة ملايين اخرين على النزوح قبل التوصل لاتفاق عام 2005. هذا الامر غير مرجح على المدى القصير والمتوسط وهذا يعود غالبا لان البلدين لن يكسبا شيئا من هذه الحرب. ويحتاج اقتصاد البلدين لاستمرار تدفق النفط. كما يعاني جيشا البلدين الاجهاد بالفعل من التعامل مع المتمردين والمنشقين داخل كل بلد. الامر الاكثر ترجيحا هو نشوب قتال في الولايات المضطربة على الجانب الشمالي من الحدود. وتعج ولايتا جنوب كردفان والنيل الازرق بتجمعات عرقية قاتلت مع الجنوب أثناء الحرب الاهلية ويشعرون الان أن رفاق السلاح القدامى تخلوا عنهم وانهم عرضة للتهديد من الحكام الشماليين. ويمكن للقتال ان طال في أي من الولايتين أن ينتقل الى اقليم دارفور الذي يشهد تمردا منذ ثماني سنوات والذي يتاخم أيضا الجنوب. وهناك احتمال أن تتصاعد أعمال عنف عشوائية ومحدودة الى نزاع. وتتواجه القوات الشمالية والجنوبية على طول الحدود التي لم يتم ترسيمها بعد بسبب عدم احراز تقدم في المفاوضات. وفي وقت سابق هذا العام أعلنت حالة تأهب تام في مدينة ملكالالجنوبية عندما تسلق جندي مخمور دبابة وأطلق قذيفة. كما ان النزاع الطويل في أبيي اندلع فيما يبدو بسبب جدل بين بضعة جنود في موقع حدودي. وتعتبر أبيي أكبر نقطة ملتهبة وهي جيب يطالب الجانبان بالسيادة عليه ويحتوي على قليل من النفط لكن ينطوي على أهمية رمزية كبيرة. وفشلت مفاوضات على مدى سنوات واشتباكات في تسوية وضع المنطقة ولا يوجد أي مؤشر على تغير موقف أي من الجانبين