في العام 2006م وقعت حكومة السودان ممثلة في وزارة الزراعة عقد اتفاق مع شركة (سابينا) لزراعة (250) ألف فدان، وهي إحدى شركات القلعة المصرية العاملة في القطاع الزراعي بالسودان بتكلفة إجمالية بلغت (900) مليون دولار كأكبر مشروع لإنتاج السكر بطاقة إنتاجية تبلغ (600) طن، وتقع (سابينا) على الضفة الغربية للنيل الأبيض جنوب مدينة كوستي. وتتحكم (سابينا) في حوالي 250 ألف فدان من الأراضي الزراعية في قرى الغزالة وأم هاني والزليط بموجب عقود قابلة للتجديد مدتها 30 عاماً. وكان والي النيل الأبيض الأسبق محمد نور الله التجاني، أكد أن الولاية تكون قد استغلت 50% من أراضيها الزراعية البالغة (6) ملايين بتوقيع عقودات سكر (سابينا) ووعد بمعالجة أية مشاكل تنجم عن أي تسويات مستقبلية بشأن الأرض، وتشمل أهم بنود الاتفاق بين المزارعين وشركة (سابينا) زراعة القصب لدورتين بجانب محاصيل زراعية متفق عليها، على أن تكون إحدى الدورات لصالح المزارعين، وهو الاتفاق الذي لم ينفذ ضمن بنود أخرى أهمها أن تنتهي جداول الأعمال التنفيذية بحلول العام 2012م، حيث يبدأ الإنتاج الفعلي للسكر، ولكن أي من بنود الاتفاق لم يتم إنجازه. وقال رئيس اتحاد مزارعي (سابينا) محمد يوسف: إن حكومة الولاية ارتكبت خطأ فظيعاً بتمليك الشركة شهادة بحث باسم المشروع، وأكد أن الشركة ظلت تفاوض المزارعين في الفترة من 2006- 2008م للوصول لاتفاق، وأبان أن الاتفاقية المبرمة بين الشركة وحكومة الولاية تشمل معالجات لأي تسويات، وأشار إلى أن الشركة بدأت في زراعة الثلث الخاص بالمزارعين والبالغ (24,000) وذلك (حتى قبل التوصل لاتفاق في فصل النسب استجابة لمطالب حكومة الولاية وقتها)، ووجه محمد يوسف انتقادات حادة لحكومة الولاية السابقة التي وافقت على منح شهادة بحث باسم المشروع للشركة تمكنها من رهن الأرض أو حتى بيعها. وحصلت الشركة على قرض يقدر بنحو (4,9) مليون دولار من بنك الخرطوم (حوالي 16 مليون جنيه سوداني) لتمويل العمليات الزراعية في أول 2000 فدان من أراضيها في السودان بمحصول الذرة البيضاء وهو أحد أنواع الحبوب المهمة، ويشمل القرض حزمة مشاركة مدتها ست سنوات لتمويل عمليات الإصلاح والصيانة، و3.2 مليون دولار أمريكي حزمة مرابحة طويلة وقصيرة الأجل لتمويل رأس المال اللازم لشراء البذور والتقاوي والأسمدة والكيماويات، ومبلغ 1.2 مليون دولار أمريكي كحزمة مقاولة مدتها خمس سنوات لتمويل عقود الاستشارات وبعض أعمال البنية التحتية بالمشروع. وتسعى (سابينا) لاستصلاح وزراعة من 5,500 ألف فدان سنوياً خلال عامين من توقيع العقد، وزراعة (11) ألف فدان سنوياً حتى الوصول إلى (125) ألف فدان من الأراضي المزروعةً، وتشمل المحاصيل التي سيتم زراعتها في أراضي الشركة الذرة والذرة البيضاء والقطن والبقوليات وقصب السكر لمواجهة نقص توريد السكر في السودان بمعدل 600 ألف طن سنوياً. وبالإضافة إلى العمل على زيادة الإنتاج تقوم (سابينا) كذلك بالاستثمار في رفع وتطوير مستوى المعيشة للسكان والبنية التحتية بالمنطقة عبر إعادة تأهيل وبناء المدارس والعيادات الطبية والمراكز الاجتماعية وغيرها من مشروعات البنية التحتية الاجتماعية. وفي ديسمبر من العام 2012م تجددت المواجهات بين الشرطة والمواطنين إثر احتجاج طلاب على تلكؤ الشركة في تنفيذ وعود سابقة بإعادة تأهيل ملعب الكرة، وأدت المواجهات لمقتل طالب، وكان مواطنون غاضبون أحرقوا خيمتين للشرطة التي تحرس الموقع ومواسير مياه تابعة لشركة (سابينا)، وهي المواجهات التي أدت لأن يتوقف العمل في المشروع وأن تسحب الشركة آلياتها تدريجياً تمهيداً للخروج النهائي من السودان. وقال مصطفى البر مفوَّض الاستثمار بولاية النيل الأبيض: إن حكومة الولاية ممثلة في وزارة المالية اتخذت قراراً في أغسطس الماضي بنزع المشروع، وذلك بعد عقد عدة اجتماعات مع المزارعين جرى التأكيد خلالها على أن الشركة لم تستثمر في الغرض الأساسي وهو زراعة وإنتاج السكر، وأكد: (طالبنا الشركة ببرنامج تنفيذي ولكنها لم تفعل)، وأشار إلى أن حكومة الولاية خاطبت الشركة ووزارة الاستثمار الاتحادية، ولفت إلى أن حكومة الولاية ستعقد اجتماعاً مع الشركة التي ارتكبت عدة مخالفات من بينها رهن الأرض لبنك الخرطوم لتمويل صناعة السكر، وقال: (نحن الآن بصدد اتخاذ الإجراءات اللازمة لنزع الأرض). التيار