أيقظ قانون مجلس الوزراء الأخير حول تعديل عقوبة الزاني المحصن للشنق بدلاً من الرجم، وقبل هذا القانون بين الرفض والقبول المبطن لكثير من الجماعات والفرق، وحرك ساكن الاختلافات الفقهية؛ التي كادت تنتهي وتخمد نيرانها لسكون القانون في السابق؛ إلا لدى رتل من المهتمين بهذا الشأن، فمنهم من يرى أن الأمر لايعدو أن يكون تغير اً في وسيلة الموت لا أكثر من الرجم إلى الشنق، وطرف ثانٍ يتمسك بما جاء في التراث الفقهي، ويتشددون في هذه القضية الحدية؛ ويوصمون الحكومة بأنها تعمل على ترضية الغرب، أما الطرف الثالث فيرهن تطبيق الحدود بتوفير العدالة الاجتماعية. تقرير: محمد إبراهيم خلافات مستعصية....!!! عندما تكون الخلافات فى جانب فقهي يستعصي الوصول إلى نقطة تلاقٍ بين الأطراف، وكل طرف يتمسك ويدافع عن موقفه دفاعاً مستميتاً، وكلاهما يدعي بأنه صائب النظر في القضة؛ موضع الخلاف، الذين ينكرون حد الرجم للزاني المحصن يستدلون على عدم وجود نص صريح قرآني يشير إلى ذلك؛ ويصفون الأحاديث التي جاءت لتؤيد الرجم؛ بأنها ضعيفة أو منحولة، وأحياناً يدعون بأنها منسوخة، والفريق الآخر يستمد مشروعيته بما ورد في السنة الفعلية للرسول صلى الله عليه وسلم؛ وتطبيقه لعقوبة الرجم في الغامدية، وهنالك كثير من العلماء الذين ينكرون حد الرجم للزاني المحصن "المتزوج": كالشيخ محمد أبو زهرة، أحد كبار علماء الأزهر، الشيخ يوسف القرضاوي، طه جابر العلواني، حاج حمد، الترابي، الريسوني، والغنوشي وغيرهم، ويؤيد الأغلبية حد الرجم . مكمن العاصفة...! اشتعلت الأوضاع منذ تعديل مجلس الوزراء عقوبة الزاني المحصن للشنق بدلاً من الرجم الذي تقدمت به وزارة العدل للمجلس، وأجاز المجلس مشروع القانون يوم أمس الأول (الخميس) توطئة لإحالته إلى المجلس الوطني لإجازته النهائية، مما جعل مجلس الفقه الإسلامي يخاطب وزارة العدل حول كنه التعديلات وتحصل على الملف، وتشبعت مواقع التواصل الاجتماعي بالذين يكيلون الاتهامات للحكومة، ويعيبون عليها تنصلها من الشعارات التي كانت تشق عنان السماء فى بداية حكمها فى تهديدهم لأمريكا بدنو عذابها؛ بتطبيق قوانين الشريعة، وتخيرهم للشعب مابين الخبز والشريعة، يؤكدون بأن خطوات مجلس الوزراء هي تماشٍ مع سياسات الغرب الذي يقف بشدة ضد عقوبة الرجم، ويشيرون إلى سعي الحكومة لتخفيف العقوبات الأمريكة بتقديمهم للترضيات الدولية . تعدد الأسباب لكن النتيجة واحدة...!!! يقول الخبير القانوني نبيل أديب ل(التيار) أمس "السبت" إن أمر تعديل القانون به كثير من الخلافات الفقهية، وهنالك جماعة ترى بأن الأمر جليّ كالشمس، ويقولون بأن السنة لاتخالف القرءان، في إشارة منهم لتطبيق الرسول صلى الله عليه وسلم الرجم على الغامدية، وآخرون يرون بأن الرجم لايوجد في القرءان؛ ويشيرون إلى أن القرءان تحدث عن الزاني فقط دون تحديد، سواء كان عازباً أم متزوجاً وهو الجلد فقط دون الرجم، ويؤكد المحامي أن تعديل مجلس الوزراء سواء كان الشنق أم الرجم فنتيجته النهائية تؤدي إلى الموت لا محالة، ويصفه بأنه تغيير في الوسيلة فقط، لكن الغاية منه واحدة، ويردف: الأمر تطوير للحاصل، وهو تغيير غير مؤثر، لكن هنالك من يتمسك بالحقيقة ويريدون أن تطبق الشريعة، ويمضي قائلاً: الحديث عن الشريعة باعتبارها مجموعة من القواعد المتفق عليها هو أمر غير صحيح البتة. القضاء على مناطق اللذة فى العقل...!! الأمين السياسي للحزب الجمهوري حيدر الصافي يقول ل"التيار" أمس"السبت": إذا عدلت حدود الله في مجلس الوزراء لإرضاء الغرب؛ وكسب وده فهو أمر مخزٍ ، وعاب عليه عدم تمرير القانون إلى جهات الاختصاص، ويرى بأن الأمر غير مبرر؛ لأنه لايرتكز على أي مرجعية دينية، ويشير إلى الالتباس في قضية حكم الزاني المحصن، ويتساءل هل هو قانون وضعي أم جنائي؟ وإذا كان وضعياً ترفعه اللجان إلى مجلس الوزراء، وإذا كان حداً من حدود الله؛ فهذا ليس مجال مجلس الوزراء ويقول حيدر: إذا كان الله قال أرجم الزاني المحصن فمن أين تستمد الحق لتبدل الشرع وتجعله شنقاً؟! ويمضي فى تساؤلاته هل الغاية هي القتل أم الإيلام، وكتب التراث ترى بأنها تقضي على مناطق اللذة فى العقل التي ينجم عنها الرجم. تعاليم الجمهوريين...!!! يقول الأمين السياسي: مما هو متفق عليه أن حدود الله تشمل: الزنا؛ القذف؛ السرقة وقطع الطريق وهذه الحدود أكثر انضباطاً، والخامس هو حد السّكر. ..فإذا تعامل مجلس الوزراء مع هذه الحدود باعتبارها حدود الله فلا يجوز له ألغاء اوتعديل العقوبة المتعلقة بها..أما إذا تعامل معها كقوانين وضعية فمن حقه أن يفعل ما يشاء، وبين أصل القانون سواء كان وضعياً أم سماوياً، يكشف الأمين السياسي عن تعاليم المفكر الراحل محمود محمد طه فيقول" أما تطبيق الحدود يجب أن يكون تحت مظلة نظام تحققت فيه العدالة الاجتماعية المنبثقة من تحقيق الحرية السياسية (الديمقراطية) والحرية الاقتصادية(الاشتراكية) وبتطبيقهما تتحقق العدالة الاجتماعية التي تمحو الفوارق الطبقية، ولا يقع التمييز بين الأفراد على أساس اللون أو العقيدة أو العنصر أو الجنس، إنما يتميز الناس بصفاء العقل والخلق. دولٌ تتمسك بالرجم...!! من أبرز الدول الإسلامية التي تتمسك بحد الرجم؛ هما إيران وأفغانستان (أثناء حكم طالبان)، وموريتانيا، والسودان، والسعودية والصومال.