بهدوء أجاز مجلس الوزراء الخميس الماضي موجهات موازنة العام المقبل؛ خلا الخبر الذي جاء به موقع المجلس من أي دلالات اقتصادية، وبدا رتيبا ودون أي مفاجآت، لذا ربما لم تحتف به الصحف. ونهار أمس انتهز وزير المالية انعقاد ملتقى الولايات الثالث للتحصيل الإلكتروني والذي جمع وزراء المالية بالولايات، فزف عددا من البشريات. وفي الوقت ذاته نقل ما يتخوف منه المواطن في وجود رفع دعم عن السلع، إلا أن الوزير كان ذكيا وخلط الأخبار السارة مع الأخرى، فكان (حلو مر) الموازنة، كما أتى به في الإعلان عن إنفاذ زيادة أجور "معتبرة" للعاملين في موازنة 2017م لتقليص الفجوة، ومساعدة الولايات لزيادة إيراداتها، ثم الاستمرار في تحرير السلع المدعومة وتحويل مواردها للأجور والفئات الضعيفة وتحسين الخدمات للمواطنين، بجانب تحرير مواصفات وسعر الخبز وأيضا فتح باب استيراد القمح والدقيق الحر دون الالتزام بمواصفات محددة لهذه المنتجات، إضافة لإصدار لائحة لتنظيم عمل شركات توزيع المنتجات البترولية وخفض عددها وذلك لضبط السوق ومنع التسرب لدول الجوار، وقال في مخاطبة ملتقى الولايات الثالث للتحصيل الإلكتروني بقاعة الصداقة إن هذه الترتيبات تأتي في موازنة العام المقبل، وهناك إجراءات جديدة سيتخذها البنك المركزي قبل إنفاذ هذه الموازنة لخفض الفجوة بين سعري الصرف الرسمي والموازي وترشيد استخدام النقد الأجنبي، كما سيتم توجيه نصيب من الاحتياطي القانوني لقطاعات الإنتاج ذات الأولوية، واتخاذ سياسة جديدة لتصدير الذهب، موضحا أن هناك محاولات ل(تعبئة) المواطنين ضد مفهوم تحرير السلع وزاد: "لابد أن نمضي ولكن هذه الموارد ستوظف صحيحا لصالحهم "، مؤكداً توفر الإرادة السياسية لإنفاذ الإصلاحات الاقتصادية وفق رؤية محددة، ثم كال انتقادات ضد الذين يسوفون ويثبطون من همة وعضد الأداء الاقتصادي ويتخذون الاقتصاد معبرا للسياسة، مشددا على أن الوزارة ستعمل على ضبط الأسواق وإيقاف "جيوش السماسرة" في توزيع السلع بوضع آليات قانونية وإدارية لتنظيم الأسواق بالتنسيق مع وزارة التجارة، منوها إلى أن الأداء الاقتصادي مقارنة بدول الجوار يعتبر الأفضل رغم التحديات، واستدرك قائلا: "صحيح أن هناك ارتفاعا في تكلفة المعيشة ولكن التحسن الذي طرأ في مستوى المعيشة لم يحدث طيلة الحقب الماضية منذ الاستقلال"، لاعتبار أن التحسن يزيد التكلفة، مضيفا أن الأهداف العامة للموازنة تسعى لتحقيق محاور الاستقرار والنمو الاقتصادي ومعالجة ارتفاع الأسعار وتقليل العجز التجاري وخفض الإنفاق العام بنسبة (10 %) وخفض معدل البطالة، كذلك الاستمرار في تنفيذ الإصلاح الضريبي والحد من الإعفاءات، ومنع فرض أي رسوم غير قانونية أو قيود إدارية وإزالة المعوقات على السلع والصادر وإحلال الواردات، وتعزيز الشراكة مع القطاع الخاص وتشجيع الاستثمار الوطني والأجنبي بغرض تحريك الجمود في الإنتاج والإنتاجة، وزاد قائلاً: الموازنة لديها مشروعات رئيسية أبرزها "زيرو عطش" لتوفير مياه الشرب للمواطن وتعميم وإلزامية تعليم الأساس وتعزيز موقف الصحة والدواء بالبلاد واستيعاب مخرجات الحوار الوطني، داعيا الإعلام الاقتصادي إلى لعب دور مهم في استمرار إنفاذ الإصلاح الاقتصادي وحفز الجهود لزيادة الإنتاج والإنتاجية . من جهة أخرى وصف بدر الدين المرحلة المقبلة بالمهمة في إطار مشروعات التحصيل الإلكتروني، وذلك بتدشين انطلاق مرحلة الدفع الإلكتروني بالمؤسسات الحكومية كافة اليوم، باعتبارها خطوة جديدة نحو التغيير الحقيقي في إطار الأداء المالي والمحاسبي . من جهته يقول مدير عام ديوان الحسابات هشام مهدي إن الملتقى الثالث للولايات يأتي بعد تقديم أداء التحصيل الإلكتروني في النصف الأول للعام الحالي بمجلس الوزراء الذي وجد القبول، مضيفا "أن هناك تحديا كبيرا للتحصيل بدخول الدفع الإلكتروني اليوم التالي