كان مثيراً للاهتمام ظهور القيادي في حزب المؤتمر الوطني محمد حاتم سليمان نجماً في خطاب الساحة الخضراء الذي ألقاه الرئيس أمام حشود كبيرة، نجح المسؤول التنظيمي الأول بولاية الخرطوم أن ينظمها وإن كان ذلك تحت وطأة الإكراه كما ظهر ذلك في خطابات رسمية تم تداولها في مواقع التواصل الاجتماعي، تُجبر الموظفين على الحضور إلى المكاتب ومن ثم التوجه إلى الساحة للاحتشاد أمام الرئيس الذي كان يتوّج مخرجات الحوار، وفيما يبدو خاض محمد حاتم معركة شديدة لتحشيد هذه الآلاف في الساحة وكأنه يقول للرئيس (هاؤم اقرءوا كتابيه). محمد حاتم الذي قدم الرئيس إلى جماهيره في خطاب الساحة الاسبوع الماضي، صبيحة العاشر من أكتوبر، التاريخ الذي وُصف بأنه يشبه استقلال السودان، تجري محاكمته منذ أكثر من شهر في قضايا تبديد مال عام، إساءة استغلال الموارد وإبرام عقود مخالفة، إبان فترة توليه إدارة التلفزيون القومي، ظهور متهم في قضية فساد تحولت لقضية رأي عام في حدث مثل هذا، يؤكد شيئا واحداً ويرسل رسالة محددة الوجهة، وليس معقولاً أن يكون اختيار محمد حاتم (المتهم) لتقديم الرئيس في هذا الحدث جاء وفقاً لموقعه التنظيمي، فهذا ليس مبرراً لتقديم متهم أمام واجهة الإعلام وفي مرحلة يساويها مخرجو الحوار الوطني بتاريخ استقلال السودان. الرسالة التي وصلت إلى الرأي العام مفادها، أن شيئا لم يتغيّر، فيظل الحال على ما هو عليه. صحيح، وفقاً لمجريات أية محاكمة، يُمكن أن تتم تبرئة المتهم، كما يُمكن تثبيت التهم الموجهة إليه، طالما أن القضية لم يبت فيها القضاء بعد. لكن ظهور محمد حاتم على سطح المرحلة التاريخية وهو لا يزال متهماً، هذا يعني أنه تسلّم براءته من الساحة الخضراء وليس من قاعة المحكمة، وهذه أكثر رسالة سالبة تأتي من مخرجات الحوار. ليس محمد حاتم وحده المتهم في قضايا المال العام، فقد سبقه كُثر وسوف يتبعه كُثر، لكن ما الحاجة لكل هذه الإراقة لماء الوجه، إغلاق ملف قضية محمد حاتم، يُمكن أن يتم دون أن تهتز الصورة المشوهة أصلاً، وقد سبق وأن أُغلقت قضايا فساد أكثر إثارة للجدل وكان الرأي العام يتابع أخبارها كما حلقات المسلسل اليومي، لكن يبدو أن ظهور محمد حاتم وهو متهم ليس فقط لينال براءته من الساحة الخضراء بدلاً عن المحكمة، وما كان الأمر بحاجة إلى إراقة كل هذا الماء، لكن يبدو أن هذا عنوان المرحلة الجديدة، مرحلة ما بعد الحوار. - التيار [email protected]