الحكومة تمنح شركة "شاهنشاه" 707 قطع أراضٍ والظلام لا يزال حاضراً في "كادقلي – الإنقاذ" مواطنون: دفعنا الرسوم والشركة اكتفت بنصب الأعمدة فقط مديرة شركة "شاهنشاه": أنجزنا 70% من العمل وسنُنجز المهمة قريباً تحقيق: محمد داؤود بحسب العقد الذي وقَّعته وزارة التخطيط العمراني بولاية النيل الأبيض فان عدداً من أحياء كوستي أبرزها حي كادقلي والإنقاذ ومربع (1-2-3)، كان من المفترض أن تنال حظها من خدمة الكهرباء نظير 707 قطع أرض نالتها الشركة المنفذة، غير أن المشروع لم ير النور حتى الآن، وهذا ما جعل التفسيرات تذهب إلى اتجاهات مختلفة فإين تكمن الحقيقة؟ تفاصيل القضية أصل القضية أن هناك ثلاث أحياء كبرى بمحلية كوستي تحتضن الظلام لسنين عجاف ولم تعرف الكهرباء إليها طريقاً منذ أن قطنها المواطنون، وهو ما جعل الأصوات في كل الأحياء تعلو مطالبة بمعاملتهم مثل غيرهم في الأحياء الأخرى ومدهم بالتيار الكهربائي، ولأن الغضب والغبن بلغ مداه في نفوسهم فقد هدّدوا حال عدم إيصال الكهرباء إلى منقطتهم بالتعبير عن احتجاجهم بقفل أحد الطرق الرئيسية أو الاعتصام داخل مبنى المحلية، ولأن الشائع في عهد الإنقاذ أن المطالب لا تتحقق في كثير من الأحيان إلا بأدوات الضغط سارعت المحلية لتلافي الأمر وأبرمت عقداً مع شركة "شاهناه" للمقاولات والخدمات لإيصال الكهرباء، ويشير العقد الذي تحصلت "الصيحة" على صورة منه والذي حمل النمرة (أ ق /ن ب) باسم وزارة العدل ومكتب المستشار العام التابع للإدارة القانونية والموقّع في العام 2013، يشير إلى أن أطراف العقد هم وزارة المالية التي ناب عنها في التوقيع مساعد المدير العام فتح الرحمن موسى، والطرف الثاني شركة "شاهشناه" التي مثلها علي أبو نوة النور سعيد، أما الطرف الثالث فقد كان الشركة السودانية لتوزيع الكهرباء ومثلها خالد مصطفى، محمد مدير إدارة توزيع كهرباء النيل الأبيض. عقد الفساد الغرض من إبرام العقد توصيل شبكة كهرباء لمربعات (1-2-3) بأحياء "كادقلي - الإنقاذ"، بمدينة كوستي، وإجمالي المبلغ المتفق عليه لتنفيذ الاتفاق بلغ "1,618,817" جنيهاً أي مليون وستمائة وثمانية عشر مليون وثمانمائة وسبعة عشر ألف جنيه، ورغم تحديد مبلغ التكلفة الكلية للعقد إلا أنه نصّ على أن يكون مقابل ما تتقاضاه الشركة ليس مالاً بل مساحات من الأراضي، وتمت جدولة منح مساحات الأراضي بحسب مراحل التنفيذ على أن تتولى الشركة السودانية لتوزيع الكهرباء إصدار شهادات الإنجاز لمراحل التنفيذ الخمس وهي التي تكفل للشركة الحصول على مساحات الأراضي التي تبلغ 776 قطعة أرض وهي بحسب العقد تعادل مبلغ التكلفة الكلية لتوصيل الكهرباء للمربعات الثلاثة وهو(1,326,899) غير أن العقد لم يُشِر إلى مساحة القطعة الواحدة ولم يوضّح مواقع هذا العدد الكبير من الأراضي، ولم يحمل بين ثناياه الآلية التي يتم من خلالها تقييم مساحة الأرض التي تقرر منحها للشركة مقابل إيصال الكهرباء للأحياء الثلاثة بكوستي. على أرض الواقع إذن نحن في الشهر الأول من العام 2017 والعقد تم إبرامه في العام 2013 ما يعني مضيّ أربع سنوات عليه، على أرض الواقع هل تم تنفيذ ما تعاهدت عليه الأطراف الثلاثة في عهد الوالي السابق يوسف الشنبلي أم لا؟! للاستيثاق سجلت "الصيحة" زيارة إلى الأحياء الثلاثة وكانت المفاجأة غير السارة في انتظارنا وتمثلت في أن السنوات الأربع لم تفلح في وضع حد لمعاناة السكان مع الكهرباء كما أنها لم تشهد إيفاء الجهات المسؤولة بوعدها، فمن خلال جولتنا تأكد لنا أن الكهرباء لم تصل حتى الآن إلى هذه الأحياء وكل الإنجاز الذي تحقق هو تركيب أعمدة فقط في بعض الطرقات، ويشيرون إلى أنها لا تختلف تماماً عن "الضل الوقف مازاد"..! هنا يقول المواطن "التوم عبدالله" المواطن بحي "كادقلي" مربع واحد إن المحلية وعدتهم بحل مشكلة الإنارة منذ سنوات طوال خلت، ويلفت إلى أن الوعود بدأت في عهد حكومة الوالي السابق "الشمبلي"، ويؤكد أنهم ورغم كل النداءات التي بعثوا بها والتهديدات التي أطلقوها، والوعود التي تم بذلها لهم من قبل حكومة الولاية إلا أن الكهرباء لم تصل الأحياء الثلاثة، وأردف ساخراً: "تم تركيب بعض الأعمدة "لتصبير" المواطن". وما أثار حيرتي وتعجبي أن مواطني هذه الأحياء التزموا بتعهدهم القاضي بتسديدهم رسوماً للمحلية حتى يكتمل مشروع توصيل الكهرباء، واليوم هم، كما قال التوم عبد الله، لا يعرفون مصير أموالهم التي سددوها رغم رقة حالهم، ويضيف ساخطاً: "هم "مخيرين" إن أرداو بيع الأراضي أو بيع الولاية ويهمنا أن تكون كل الجهات صادقة في وعدها وعلى رأسها الشركة التي رسا عليها العطاء". ورطة من ناحيته يشير عضو باللجنة الشعبية "فضل حجب اسمه" في حديثه ل"الصيحة" إلى أنه ومنذ عهد الحكومة السابقة للنيل الأبيض ظل يطارد المسؤولين لتنفيذ الاتفاق المبرم لإنارة الحي، ولكن دون جدوى، ويلفت إلى أن رد الجهات الحكومية يذهب ناحية التأكيد على الإيفاء بكامل التعهد وأنها حملت الشركة المسؤولية كاملة بدعوى استلامها لعدد مقدر من قطع الأراضي المنصوص عليها في العقد إلا أنها لم تفِ بتعهدها. ويتساءل عن موعد إيفاء الحكومة والشركة بالتزامها بتوصيل الكهرباء إلى الحي. وقال إن أحد أعضاء تشريعي الولاية أفادهم بأن الشركة تسعى إلى التنصل من تتنفيذ ما تبقى من الاتفاق لأن حكومة الولاية اشترطت عليها اصطحاب زيادة قيمة الأراضي، وقال إن هذا الأمر بحسب عضو التشريعي لا يرق إلى الشركة. الوزارة تلتزم الصمت المواطنون الذين سددوا رسوم إدخال الكهرباء إلى الأحياء الثلاثة يتساءلون عن سبب توقف العمل ويتهمون الشركة وحكومة الولاية بعدم الإيفاء بالعقد المبرم.. ولاستجلاء الحقيقة طرقنا أبواب وزارة التخطيط وطرحنا على مسؤول بارز فيها استفاهمات المواطنين وتوقعنا منه الإجابة بعد أن وجدنا الوزير ومدير عام الوزارة خارج الوزارة إلا أنه اعتذر ورفض التصريح بدعوى أنه ليس مخوّلاً له الحديث باسم الوزارة، رغم تأكيده على معرفة كافة تفاصيل هذه القضية، واكتفى بالقول- بعد أن شدد على حجب اسمه- إن القضية شائكة ومعقدة وتحتاج لتدخل من الوالي والمجلس التشريعي. وكان عضو بالمجلس التشريعي بولاية النيل الأبيض قد صوّب انتقدات حادة لشركة "شاهنشاه" وقال إنها تملّصت عن وعدها ولم تفِ به، وقال ل(الصيحة) بعدما طلب حجب هويته إن الشركة حازلت وفقاً للعقد على 776 قطعة دون إنجاز ما يليها. الشركة توضِّح وبدورها أكدت شركة "شاهنشاه" على لسان مديرها العام، علي أبو نورة النور سعيد إن عدد القطع التي نص عليها العقد تبلغ 707 وليس 776 قطعة، وأوضحت أن الحديث عن عدم إيفاء الشركة بوعدها حديث عارٍ من الصحة، وأضاف: "هذا الحديث مردود لصاحبه وما أود أن أؤكده أن العمل في المشروع وتعضيداً على حديثي فإن شهادة الإنجاز الصادرة من مدير إدارة الكهرباء بوزارة التخطيط العمراني تؤكد أن الإنجاز وصل نسبة (72%)، وأن العمل يمضي إلى نهاياته وقد تم تركيب الأعمدة وشد السلك، علاوة على تركيب (5) محولات إضافة لوجود (5) محولات أخرى في المخزن جاهزة للتركيب، كما سيبدأ العمل الفترة المقبلة في تركيب أعمدة خطوط الضغط المنخفض وهي الآن موجودة في الموقع بحي كادقلي، ويشير المدير العام إلى أن رئيس اللجنة الشعبية بحي كادقلي، باشا كرتكيلا، كان أحد أبرز الداعمين لعمل شركة شاهنشاه في تلك الأحياء وأنه الآن يعارض عملها بقوة لأسباب نعلمها ويعلمها. انتفاء الأمانة ويمضي مدير الشركة علي أبو نورة النور سعيد ويلفت إلى أن عضو المجلس التشريعي الذي تحدث عن القضية أنه إذا كان أميناً وصادقاً في حديثه لما أخفى هويته، مؤكداً أن الأمانة تقتضي ذكر الحقائق كاملة وذلك استناداً على الشعار البارز الذي يؤكد أن (الرائد لا يكذب أهله)، ويضيف أبونورة: "عضو المجلس المحترم أشار إلى تجاوز العقد في ملف الأراضي رغم أنه تم بعلم وزارة العدل ومكتب المستشار العام ووقع بين وزارة المالية وشركة شاهنشاه، وأقول للعضو إن وزارة العدل بتوثيقها للعقد منحته صبغته القانونية ومن الطبيعي أن أي عمل استثماري يقوم على عقد موثّق ليضمن كل طرف حقوقه وحديثه هذا ينم عن جهل بأبجديات العمل الاستثماري". شائعات مضرّة وتوضح الشركة أنه تمت الإشارة في الخبر الذي أوردته "الصيحة" إلى المهندس خالد مصطفى محمد كطرف ثالث في العقد قائلاً: "وأرجو أن أوضح أن العقد الذي أشار له العضو ألغي فيه توقيع المهندس خالد مصطفى ووقع بدلاً عنه المهندس أحمد الطيب محمد توم ممثل الشركة السودانية لتوزيع الكهرباء بالنيل الأبيض كطرف ثالث وهذا العقد يحمل الرقم (2013/476) بتاريخ (2014/5/28) وهذا يؤكد أن العضو المحترم مغيّب نفسه ولا يملك المعلومات الصحيحة لذا يظل ما يطلقه من تصريحات تعتبر شائعات مضرة للآخرين وعليه أن يرجع للجهات المختصة لتمليكه المعلومات الصحيحة قبل أن يطلق العنان لتصريحاته". ويضيف: "أما الحديث عن ديباجة العقد التي أشير لها في الخبر مع المبلغ الإجمالي الذي ذكر في الصحيفة (1/618/817) جنيه كقيمة لقطع الأراضي الاستثمارية فهي غير صحيحة والحقيقة هي أن العقد موثق من الإدارة القانونية ولاية النيل الأبيض وحدد طريقة السداد على مراحل، في حال إنجاز المرحلة الأولى فإن المقابل قطع أراضٍ تنالها الشركة من وزارة التخطيط العمراني وفقاً لشهادة إنجاز من المهندس المشرف وهذه تمثل 30% من العقد، ثم تتدرج قطع الأراضي بحسب العقد حتى اكتماله. تأكيدات رسمية ويؤكد المدير العام علي أبو نورة أن شهادة الإنجاز التي تحصلت عليها الشركة تؤكد تنفيذها للعمل بنسبة %72 من العقد وأن المبلغ المستحق هو (1،582) مليون جنيه حسب شهادة الإنجاز المعدة من قبل وزارة التخطيط العمراني بواسطة المهندس الطاهر عيسى جماع مدير إدارة الكهرباء بتاريخ (2014/9/10) حسب التسوية المستخرجة من وزارة التخطيط العمراني في (مارس 2015) بالرقم (2015/9) وبعد الموافقة عليها (أي بعد عام من استلام شهادة الإنجاز، علماً بأن العقد موقع لتنفيذ كهرباء مربعات كادقلي (3+2+1) الإنقاذ (3+2+1) ودبة الجبهة والجراري ومربع (47) كوستي. شمعة في الظلام على أرض الواقع فإن الشواهد والقرائن تؤكد أنه رغم مضي ثلاث سنوات على بداية هذا المشروع إلا أن الظلام الدامس لا يزال عنواناً بارزاً لمساءات هذه الأحياء، الشركة أوضحت، ووزارة التخطيط التزمت الصمت، فيما لايزال المواطن حائراً لا يعرف متى تنتهي معاناتاه.