كهرباء جيوب المدن او احيائها الطرفية، ظلت هي المدخل للتذمر وسط سكان تلك الاحياء، وفي عطبرة أصبح الكلام عنها كأنها «حجوة أم ضبيبينة»، وبات المسؤولون يهتفون في اللقاءات الشعبية واعدين المواطنين بتقديم الخدمات، ويصفق الناس لاولئك الخطباء ويبتهجون ويحلمون بشبكات المياه والكهرباء أسوة بغيرهم من بقية المدينة، ويمر الشهر والشهران والثلاثة والخمسة وحلم الكهرباء مازال يراوح مكانه، والنساء اللائي ضاق بهن الحال كما قلن وسئمن الوعود الكثيرة التي تطلق في الهواء فقدن الثقة في اقتراب تحقيقها، وكانت ثورة ما سمتها «الصحافة» ثورة الفوانيس. ومتابعة لملف الفوانيس عادت «الصحافة» لزيارة تلك الأحياء، ورغم الوعد الذي أطلقه معتمد عطبرة قبل خمسة أشهر باقتراب إنارة تلك الأحياء، إلا انه لم يحدث شيء. نساء الفوانيس ذهبن لمعتمد عطبرة بمكتبه، إلا انه لم يلتقِ بهن، وأغلق الأبواب دونهن.. تقول المواطنة سمية عثمان عبد الله عن السبب الذي دفعهن للقيام بتلك التظاهرة النسائية للمرة الثانية، انه الاحساس بالتهميش، كما أثار حفيظتها أكثر خطاب الوالي عند افتتاح جيوب المدن بالدامر، الذي أشاد فيه بصبر أبناء الدامر وعدم رفعهم للفوانيس، وأشار إشارات وكأنه يعاقبنا على مطالبتنا بتلك الحقوق الأساسية. وفي جولة «الصحافة» تلك وقفت على انعدام تام للخدمات الاجتماعية بتلك المربعات، إذ لا يوجد مركز بسط شامل، مما يعني تعرض الأحياء للصوص، إذ أن البيئة مناسبة للاختباء، كما لا يوجد مركز صحي أو وحدة علاجية او مدرسة قريبة ما يدفع الأطفال لقطع مسافات طويلة للوصول إلى اقرب مدارس، وأما عن صحة البيئة فالخور الفاصل بين حي المطار وتلك المربعات صار مرتعا لأشجار العشر، وبات مكبا للنفايات التي تقف شاهدا على الإهمال الكبير من قبل محلية عطبرة لتلك الجهات دون سبب، رغم أن سكان تلك المربعات من معاشي السكة حديد والجيش الذين امضوا أكثر من أربعين عاما في خدمة الوطن. وكان أجدر بالمحلية بدلا من التخدير المتواصل لسكان تلك الأحياء، أن تعمل على مد الخدمات التي تفتقد اليها الاحياء باستثناء المياه، وحتى هذه لم تكن تغطيتها كاملة، اذ لم تصل إلى العديد من المنازل والمربعات، ليعبر كثير من المواطنين عن استيائهم من خطاب الوالي بمدينة الدامر. المواطنة سمية قالت «الناس زعلانين من الوالي لانه بطاعن في الناس، وبرغم ذلك فالأهالي مازالوا متمسكين ببعض الأمل». مواطنة أخرى قالت: «المصيبة اننا صرنا امام مسؤولين يعدون ويتجاهلون وعودهم، فالمعتمد قال الكهرباء «طلعت من ضهر الواطة»، وخلال ستة شهور من الآن ستتم انارة المنطقة، ولم يحدث شيء، انهم يتعاطون الكذب الصريح». أحد المواطنين أكد أنهم لا يعارضون الحكومة ولو حكمت مائة سنة، شريطة توفير الخدمات للناس، علما بأن المعتمد سلم الشيك ولا ندري كنه التأخير. احد الشباب علق قائلاً: «الكهرباء وزعت حتى لمزارع الدواجن، لأن أصحاب تلك المشاريع ناس حكومة، والناس في الاحياء الطرفية بعطبرة من المعاشيين وليس بمقدورهم فعل شيء»، احدى النساء قالت: «نتعشى وننوم من المغرب، وشفعنا مظلومين مازي الشفع، ولو حاولوا اللعب فالعقارب والثعابين بانتظارهم». وطالب علي جعفر أمين لجنة الحي، والي ولاية نهر النيل بالإيفاء بوعوده التي قطعها إبَّان حملته الانتخابية التي يمثل أساسها أن نهاية العام الحالي ستعني الوصول بالإمداد الكهربائي لكل أنحاء الولاية. «الصحافة» حملت كل تلك المطالبات والاستفسارات وتوجهت لمحلية عطبرة للتعليق عليها، إلا أن المدير التنفيذي للمحلية رفض رفضاً قاطعاً الرد أو التعليق على الأمر، على الرغم من أن معتمد عطبرة وجه «الصحافة» بالتوجه إلى المدير التنفيذي الذي قال «ما حارد خلي المعتمد يكتب لي كتابة عشان أرد». وقبل ذلك توجهت «الصحافة» إلى السيد صلاح حسن التوم المدير العام للتخطيط العمراني بولاية نهر النيل الذي بدوره نقل مسؤولية جيوب المدن للمحليات، موكداً أن مربعات ستة وسبعة الشرقي تتبع لشركة السويدي، ويجري العمل حالياً بها، وستصلها الكهرباء خلال الأيام القريبة القادمة. وزارت «الصحافة» مربع ستة الشرقي، وفعلا العمل مستمر في رفع أعمدة الضغط العالي، وانه خلال الأيام القليلة القادمة سيتقدم مواطنو ذلك الحي بطلبات توصيل الكهرباء، أما عن مربع سبعة فقد أكد المهندس هشام الشيخ مهندس من شركة «زادنا»، أنه سيتم توصيل الكهرباء لمربع سبعة، وعن سير عمليات صب الأعمدة التي تقوم بها الشركة، قال إن الشركة صبت أكثر من ألف عمود، وأن العمل مستمر في ذلك، وقد يستغرق حوالى شهرين لاكتمال صب ثلاثة عشر ألف عمود تقريباً.