لاهاي -* عادة ما تحدق الأرامل والأطفال وذوي المسلمين البوسنة وهم غير مصدقين في ما يرونه عبر الزجاج الواقي من الرصاص والصوت في "قاعة المحكمة الأولى" الكائنة في محكمة الجرائم الدولية التابعة للأمم المتحدة في لاهاي رادوفان كارادزيتش الرجل الذي يتحمل مسئولية إصدار أوامر بقتل عدة آلاف يجلس هناك من 5 إلى 6 ساعات أربع مرات أسبوعيا واثقا من نفسه ومسترخيا ويرتدي ملابس مهندمة ممثلا نفسه ردا على الإتهامات بأنه واحد من أكثر المسئولين عن قتل 100 ألف مسلم. ولا يبدو أن الإتهامات تقلق زعيم صرب البوسني السابق الطبيب والشاعر والمعالج بالطب التقليدي حيث أتخذ موقفه المعتاد كأستاذ تاريخ حزين يحاضر قضاة الأممالمتحدة الجهلة عن الأحداث في البوسنة خلال الحرب الممتدة من 1992 إلى 1995 . وفي تلك المحاضرات ، يلقي كارادزيتش مسئولية الفظائع المرتكبة والتي يقول أيضا إنها تدعو للأسف على المسلمين البوسنة أنفسهم وأيضا حلف شمال الأطلسي (الناتو) والولايات المتحدة وإلى حد ما ألمانيا. وأعلن كارادزيتش في بداية المحاكمة في آذار/مارس " إن كل ما فعلناه نحن الصرب كان من أجل الدفاع عن أنفسنا". وقال "إن كل ما تم في إطار حرب عادلة ومقدسة". ويصف كارادزيتش الإبادة في سربرنيتشا حيث أعدم الجنود الصرب 8000 صبي ورجل مسلم بأنها "خرافة" و "تلفيق". "إنه كذب" هكذا يقول ويمكن النظر إلى هذه العبارة بأنها الخيط الأساسي لدفاعه أمام المحكمة الجنائية الدولية ليوغسلافيا السابقة. وأستمر كارادزيتش على العمل بهذه الطريقة الخاصة بنقضه مصداقية كل حتى أصغر التفاصيل في مذكرة الإتهام المكونة من 10 آلاف صفحة وكل شاهد يستدعيه الإدعاء. لذا ، فعندما أستدعى الإدعاء أحد الناجين من المذبحة أراد كارادزيتش أولا خبير أسلحة صربي " ليدلي برأيه عن خط النار ومصدر القنابل المعدلة وتفاصيل فنية أخرى". وأوضح في بيان موجز لرئيس القضاة أوجون كوون إن هذا ضروري ، ولذا "فإن الدكتور كارادزيتش في وضع يمكنه من استجواب الشهود. إن هذا واحد من مئات الدفوع التي قدمها. وركز كارادزيتش في بعضها على تفاصيل دقيقة وفي البعض الأخر وصل إلى مجال السياسات العليا. وفي إحدى المناسبات طلب وثائق من ألمانيا والتي قال إنها تثبت أن الناتو أنتهك حظر الأممالمتحدة على بيع الأسلحة لمسلمي البوسنة وسلحهم حتى يمكنهم أن يبيدوا الصرب. وسمح القاضي الكوري الجنوبي الذي يجسد معنى الصبر لكارادزيتش أن يمضى قدما في ذلك. وبعد انتظار دام شهرا جاء رد جامع من برلين: إن ألمانيا لا تمتلك مثل هذه الوثائق. ويميل المحامون والقضاة في أنحاء العالم إلى القول بأن الناس الذين يمثلون أنفسهم في المحكمة لديهم نوع من البلاهة ولكن كارادزيتش بالتأكيد ليس أبله. ويقول المحامي الأمريكي ديفيد روبنسون كبير المستشارين القانونيين لكارادزيتش في الإستعدادات الخاصة بمحاكمته "إنه يعرف الحقائق أفضل من أي شخص آخر". وهو يقود جيشا صغيرا من الخبراء والمساعدين ويتحمل جانب كبير من التكاليف ميزانية المحكمة الدولية ، لذا وحتى إن كان بشكل غير مباشر فإن مساعدات الدفاع الخاصة بكارادزيتش يمول معظمها دافعو الضرائب في الدول الغنية الأعضاء بالأممالمتحدة. وسوف يستمر ذلك لسنوات. وقد أبلغ رئيس المحكمة الجنائية الدولية باتريك روبنسون مؤخرا مجلس الأمن الدولي بأنه يعول على صدور حكم في أواخر عام 2012 . ومع توقع التقدم بإستئناف ، فإن محاكمة الرجل المتهم بأسوأ فظائع الحرب في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية من غير المحتمل أن تنتهي بشكل تام قبل أوائل عام 2014 . توماس بورميستر