الخرطوم: بهاء الدين عيسى - حمد سليمان سَادَت حَالة ارتباك شديدة سَادت سُوق الدواء بعد أشهر من طرح الحكومة أسعاراً جديدة للأدوية. ويقول مُواطنون إنّ أسعار الأدوية، ظَلّت ترتفع بشكلٍ كبيرٍ طوال الشهرين الماضيين، وأفادوا أنّ قرار رفع السعر الرسمي للدولار أصبح مثل سعر السوق المُوازي سيجعل الدواء بعيداً عن مُتناول أغلب فئات الشعب، الأمر الذي يعني الحكم بالموت على عشرات الآلاف من المرضى الفقراء، فيما يشكو مرضى من زيادات تجاوزت (100%) وسط ندرة لأدوية وقطرات أمراض العيون وعقارات الأمراض النفسية والعصبية. رئيس اتحاد الصيادلة السودانيين د. صلاح الدين إبراهيم أوضح ل (التيار)، أنّ ندرة الدواء والفجوة في الأسواق كانت متوقعة ودقّينا ناقوس الخطر بشأن ذلك، ويُشير إلى أن المطلوب من البنك المركزي توفير الدولار بالسعر الرسمي للشركات البالغ (15.8) جنيهاً، ويرى إبراهيم أنّ الحَل يَكمن في فتح بنك السودان ووزارة المالية اعتمادات للشركات بالسعر الرسمي لسَد النّقص في الدواء، كَمَا حَثّ في جانب آخر كل الجهات المَعنية بما فيها مجلس الأدوية والسموم باعتباره الجهة المُختصة بدراسة الوضع الحالي وتباين أسعار الدواء لمُعالجة الوضع بصورة عاجلة. ويقول الصيدلي د. نصري مرقص في تصريح ل (التيار)، إنّ المُشكلة الأساسية تَكمن في دُولار الدولة، لأنّ الدولة وقفت كمُتفرِّج وجعلت الشركات التي تستورد الدواء تشتري الدولار وفقاً للسعر المُوازي وتابع: "الدولة ملزمة أدبياً وأخلاقياً لتوفير دولار الدواء"، ونبه مرقص الى أن كثيراً من السياسات التي نتهجها الحكومة غير إنسانية، وتحدّث بحسرة: "يومياً أقف أمام كاونتر البيع في صيدليتي وأرى مآسٍ مُحزنة تثقل ضميرنا.. لأنّ المواطن الضعيف لا يقدر على شراء الدواء رغم انه فُرض عليه من الطبيب"، وفي تقديري أنّ الطامة الكبرى تكمن في عدم توفير النقد الأجنبي وفشل الشركات في الحصول على عُملة صعبة ومن ثَمّ اللجوء إلى السوق المُوازي، الذي يشهد تأرجحاً في سعر الدولار، بمعنى أن شركة دواء تشتري الدولار بسعر (15) جنيهاً والأخرى ب (18.5) جنيهاً مما يؤدي لاختلاف أسعار الدواء في الصيدليات، وأفاد مرقص بأن الوضع الحالي يُرسِّخ للانتهازية لأنّ الموطن الضعيف لا يستطيع شراء الدواء حيث أصبحت سلعةً مُتاحةً لميسوري الحال والأغنياء. وفي جولة (التيار) أشارت إلى تفاوت في أسعار الدواء بالصيدليات وندرة في قطرات العيون وأدوية الأمراض النفسية والعصبية والأمراض المزمنة. وقال صيدلي فضّل حجب اسمه ل (التيار)، إنّ هنالك بعض الأدوية البسيطة غير متوفرة، كما أنّ وفرة الدواء بنسبة (60%) مع ارتفاع في الأسعار بنسبة (100%). صيدلي آخر بوسط الخرطوم، أوضح أنّ هنالك شُحاً وندرة في عدد من الأدوية خاصة الأمراض النفسية والعصبية، أما القطرات يوجد عدد محدود منها مع ارتفاع في الأسعار تجاوز (100%)، وتابع: أدوية المُصران العصبي غير متوفرة إضافةً لندرة في الأمراض المُزمنة كضغط الدم، وعزا ذلك إلى أنّ الشركات تشتري الدولار من السوق المُوازي، وأضاف: "في تقديري أنّ تراجع الحكومة عن رفع الدعم عبارة عن كلام فقط ولكن لم يُطبِّق بعد لأنّ الوضع كما هو، كما أنّ القطرات لا تَصنع مَحلياً بالسُّودان، بينما الشّركات المُستوردة مَحدودة وتحتكر ذلك وعندما تتوقّف إحداهما يَكون الأمر واضحاً"، وهناك شَركاتٌ توقّفت عن الاستيراد وأخرى أدويتها بأسعار فلكية. وفي إحدى الصيدليات وعلى الكاونتر، لمحت (التيَّار) أحد المُواطنين وجد إنّ سعر الدواء بلغ (169) جنيهاً، بينها في أخرى (170) جنيهاً، أما في الصيدلية الأخيرة كانت الصدمة التي على إثرها ترك الدواء بسعر (259) جنيهاً وسط احتجاج ومُلاسنات مع الصيدلي الذي بدوره برّر الأمر بتعدد شركات التصنيع.