بسم الله الرحمن الرحيم هاشم ابورنات اطلاق سراح اسرى موقوفين لدى الحركة الشعبية قطاع الشمال هو امر جميل ومحمود ولا اظنه يقع في دائرة المصالح بل انه يقع في دائرة العمل الانساني الذي دأبت عليه الحركة منذ نشأتها عندما كانت جسما واحدا .ولكن للاسف سمعت اليوم تحليلا للصحفي والاستاذ الجامعي عبد الملك النعيم يجانبه الرأي الحر الذي كنا احيانا كثيرة يميل اليه وتجانبه عدم الفكرة عن كيف يتم اطلاق سراح مثل هولاء الاسرى ,ولقد تمنيت ان يقوم لسيد الدكتور ان يفسر هذا الامر دون النظر الى مواقف سياسية معينة ,او كان على الاقل ان يعرف الخطوات التي تتم لاطلاق سراح اسرى اي اسرى . ولقد مررت انا شخصيا بمثل هذه التجربة وسأحكي باختصار شديد تجربتي ليعلم الجميع ان المؤتمر الوطني يحور الحقائق لمصالح سياسية تخصه دون ان يحمد لأحد ما يقدمه له . كان لدى الحركة الشعبية حوالي 1600 اسير بعد سقوط ياي وكايا في ايديها هذا عدا بعض الاسرى الذين كانوا موجودين لديها منذ خمسة عشر عاما . هولاء الاسرى كانوا موجودين بمدرسة داخل مدينة ياي عدا قدامى الاسرى الذين كانوا في منطقة اخرى. كانت هذه القوة بقيادة العقيد مهندس الطيب وبرفقته ضابطين بالمعاش كانا يعملان بالتجارة هما محمد صالح وسيف الدين محمد شريف ووكان هنالك 11 ضابطا اٌخر برتب مختلفة. ولقد اتفق السيد محمد عثمان الميرغني مع الدكتور جون قرنق دي مابيور على اطلاق سراح هولاء الاسرى وتخييرهم للجهة التي يودون الذهاب اليها وقد كلفنا السيد محمد عثمان الميرغني بالذهاب الى ياي والشروع في اجراءات اطلاق سراح هولاء الاسرى وفي المرحلة الاولى كانت الرحلة بقيادة العميد محمد المامون يوسف الترابي وبشخصي نائبا له يرافقنا الرائد الشيخ ابو شرة والملازم عبد الباقي محمد حاج الامين ولما وصلنا الى ياي شرعنا في فرز القوة التي وجدناها قد وصلت الى حوالي 800 شخص نتيجة للهروب والوفاة وانضمام الجنوبيين منهم الى الحركة الشعبية وذهاب بعضهم الى معسكرات حركات دارفور. بدأنا الفرز بالاسم والرتبة والوحدة التي جاء منها وتاريخ الاسر ورغبته في حال اطلاق سراحه . اثناء وجودنا بياي عرفنا ان الحكومة قد اعلنت لذوي هولاء الاسرى انهم قد استشهدوا عدا بعض ممن تمكنوا من ارسال رسائل لاهاليهم عبر الصليب الاحمر . والغريب في الامر انه كانت هنالك طائرات من طراز الانتنوف تأتي مرتين في الاسبوع تحمل امدادات لجيش الرب اليوغندي تمر عبر ياي بامداداتها وتسقطها ثم تعود وتقصف مدينة ياي والاغرب ان القصف جله كان يقع على المدرسة التي بها الاسرى رغما عن ان هنالك كتابة واضحة ومقروءة للطيار على سقف المدرسة توضح ان هذه مدرسة وبالتالي فقدنا كثيرا من هولاء الاسرى نتيجة للقصف . لقد حدثت مجاعة في مدينة ياي شملت الجيش الشعبي والاسرى ولما اخٌطر السيد محمد عثمان الميرغني بها ارسل لنا 11 شاحنة مليئة بمواد للاكل (اغاثة). وكسوة كاملة من الملابس الداخلية والخارجية لكل الاسرى مع بعض المواد الطبية برفقة اثنين من الاطباء, وعندما وصلت هذه الاغاثة كان قد توفى حوالي 70 من هولاء الاسرى نتيجة للجوع اغلب من توفوا كانوا من المجاهدين الذين لم تقوى معدتهم على اكل صفق الاشجار والتي تعود عليها الجنود النظاميون القدامى ,كما ان مرض السل قد اصاب عدد كبير منهم واما اذا جئت الى حشرة القمل فلم يسلم منها احد حتى نحن الزوار. الغريب ان الجنود باعوا الملابس الجديدة التي ارسلت لهم للحصول على مزيد من الطعام من السوق.ولا انسى ان اقول ان ما توفر من مواد الاغاثة والملابس قد تم منحها للجنود القائمين على حراسة هولاء الاسرى والذين وبطول المدة اصبحوا اصدقاءا لبعض الاسرى كانت نتيجة الفرز قد اوضحت ان الغالبية كانت حانقة على الحكومة نتيجة لاهمالها لهم واعلان موتهم لاهاليهم, ونتيجة للقصف الجوي الذي شعروا بانهم معنيين به ولقد قرر عدد يقارب الخمسمائة الانضمام للمعارضة الشمالية بينما قرر حوالي ال70 منهم العودة للخرطوم وكان هنالك حوالي 15 قد قرروا اللجؤء السياسي الى دول اخرى . لقد نفذنا رغبات الجميع وذهب جميع الاسرى الى مبتغاهم بعد حفل كبير اقامته لهم الحركة الشعبية اعلنت لهم فيه انهم لم يعودوا اسرى بل مواطنين احرارا عدا المجموعة التي قررت العودة للسودان فقد مكثوا قرابة الشهرين في انتظار اكتمال اجراءت سفرهم لدى الصليب الاحمر ولقد اعدت لهم حكومة الانقاذ استقبالا كبيرا ولكنه ولسوء حظهم لم يٌنفذ لسبب عجيب ,ففي اللحظة التي كانت طائرتهم تتهيأ للهبوط قصفت الصواريخ مصنع الشفاء فلم ينتبه احد لوصولهم واقيم لهم حفل بسيط يالقيادة العامة فيما بعد. لقد اسغرقت مفاوضات اطلاق سراح هولاء الاسرى حوالي العام ولقد ذهبت الى مدينة ياي من كمبالا حوالي ال22 مرة قبل ان تكتمل حلقة اطلاق السراح. اقول للدكتور عبد الملك ان التحليل الذي ذكرته واغبضت فيه حق الحركة الشعبية قطاع الشمال لم يك دقيقا وذلك ببساطة لآنه وعندما يصدر قرار اطلاق السراح وتنفيذه بواسطة الصليب الاحمر او الاممالمتحدة واخطار الجهة التي ستستقبل الاسرى المحررين, فان هذا يأخذ زمنا كبيرا غالبا ما يصل الى عدة شهور.لقد قدمت الحركة الشعبية رسالة الى الحكومة لاطلاق سراح هولاء الاسرى منذ عيد الاضحى الماضي ولم ترد الحكومة كما انها ارسلت رسالة اخرى وكذلك لم تتلق ردا من الحكومة . فلا تبخسوا الناس اشياءهم وانت الرجل الصحفي الواعي والمعلم لطلاب يرجون منك الحق ونشهد لك انك محلل جيد عيبه انه يغلف الحقائق احيانا بما هو فيه مصلحة للمؤتمر الوطني . والحق ابلج والباطل لجلج. هاشم ابورنات 5 مارس 2017 .