اهتمت المرأة السودانية منذ قديم الزمان بالعطور (المحلية) الفلكورية الخالصة بوصفات لا نظير لها في بقية أرجاء العالم ولا تنافسها فيها أي امرأة أخرى في العالمين العربي والأفريقي، حتى تكاد المرأة السودانية تعد في ذلك رمزا للجودة وكأنها تمثل الديباجة الخاصة ب (عروس زمان) التي كانت تهتم جدا بهذا العطور الرائعة. العطور كانت ولا تزال من أهم طقوس المناسبات السعيدة كالزواج والختان والأنجاب، ولا يكاد أي بيت داخل أو خارج الوطن يخلو من (الخمرة، الدلكة والبخور)، فهي جزء لا يتجزأ من ثقافة النساء في السودان. خلطات مختلفة في السياق، قالت آمال المسرة المعروفة بملكة العطور السودانية ل (اليوم التالي): تخصصت في خلط تلك المواد لتصبح عطوراً أخاذة كمشاركة مني فى مناسبات الأهل والجيران، واشتهرت بهذا العمل في أوساط أسرتي ثم تطورت الفكرة لتصبح مصدر دخل لي، وبالفعل أقوم بعمل الخمرة والبخور. وأضاف: البخور السوداني ثلاثة أنواع، الصندل، الشاف وعود العنفر. ويعد بخور الصندل أغلى الأنواع، ولا يحتاج لإضافات كثيرة من العطور الجافة والسائلة لأن الصندل جميل الرائحة، ويضاف له المسك والضفرة وفيلر دمور. أما بالنسبة لبخور الشاف، فنقوم بتسييح السكر في النار، ونضع عليه الحطب إلى أن يأخذ اللون الذهبي، ومن ثم تضاف إليه خمر (مخمرة) لعدة أيام لتعتق من رائحته ويضاف له المسك والضفرة ويتم إغلاقه بإحكام لمدة يومين ليتشرب الحطب كل العطور المضافة. وأردفت: بخور عود العنفر يعتبر حديثاً، حيث أنه لم يكن معروف قديما بعكس الشاف والصندل، حيث كانا يمثلان الأساس. واستطردت: طريقه عمله مثل الشاف وتضاف إليه العطور الذيتية التي تغير رائحة البخور إلى البخور الخليجي، وتتمثل في (فيرزاتشي وعزيزة ونورة وغيرها)، وهناك عطور عمانية صارت تتم إضافتها لاحقا للبخور السوداني، الأمر الذي جعل رائحته ذكية. أساس البيت البخور السوداني بالنسبة لآمال المسرة يعد (أساس البيت)، لذلك لابد أن تكون كل مكوناته أصلية لأن جودة العطور المستخدمة في صناعته هي أساس الروائح الذكية، وعن استخدامات البخور تؤكد أن الطلب يتزايد في المناسبات والأفراح مثل (الزواج بكل طقوسه والولادة والختان)، وحاليا بات يستخدم بكثرة في صالات الأفراح، بجانب جلسات القهوة. صعوبة تصنيعه تجارياً فاطمة محمد أحمد – تاجرة عطور – قالت ل (اليوم التالي) إن البخور السوداني يعد أحد المكونات الفلكولورية مثله مثل (عواسة الحلو مر) أو (الدلكة) أو غيرها، لذلك من الصعب تصنيعه تجاريا ليصبح منتجاً تجارياً موحداً، لأن طرق تصنيعه تختلف من منطقة لأخرى، لذلك يصعب الاتفاق على شكل ورائحة واحدة للمنتج لاختلاف مكوناته وتركيبته. وأضافت: ريحة زمان التي كانت تصنعها جداتنا وأمهاتنا لا يوجد مثلها الآن، أما نحن كصانعات جدد، فنحاول قدر ما نستطيع أن نقلدها ونعتق مثلها. وأردفت: ريحة حبوباتنا كانت تتميز بالقوة والنفاذ إلى حد أنها تظل عالقة بالملابس بعد غسلها عديد المرات. وأشارت إلى أن ضمن حزمة عطورها، عطر يحمل اسم (عروس زمان)، وهو مثل الريحة التي تصنع من (الضفرة، الصندل، المحلب، الصندلية، المسك، وفلور دمور). اليوم التالي