لكم أن تتخيلوا إحاسيس أسرة تلقت نبأ استشهاد ابنها في مناطق العمليات، وتتلقى العزاء في فقده كشهيد، يقام له عرس الشهيد، ثم تتفاجأ بخبر آخر مغاير بأنه على قيد الحياة، وأنه وقع أسيراً في يد القوات المعادية. هنا تمتزج أحاسيس الحزن بالفرح، حزن لأن مصيره أصبح مرتبطاً بمن يأسرونه، وهل سيعود لهم من جديد أم يبقى رهينة لهؤلاء؟ .. هذا كان حال أسرة المجاهد البيروني بابكر أحمد الذي وقع أسيراً لقوات الحركة الشعبية قطاع الشمال في معركة أبو كرشولا في العام 2013م وبكته أسرته وحزنت عليه كشهيد لقي حتفه في تلك المعركة، وظلت تترحم عليه حتى العام الماضي عندما ورد اسمه ضمن قائمة الأسرى الذين سيطلق سراحهم عبر مبادرة قادتها مبادرة السائحون ليعود بالأمس لأحضان أسرته بعد مضى 4 سنوات من الأسر، (آخر لحظة) استبقت وصولهم إلى البلاد، وذهبت مهنئة لأسرته بعودته ورصدت استعدادتهم لاستقبال الشهيد الحي . استشهاد البيروني لم نعاني كثيراً في الوصول لمنزل أسرة البيروني الذي يقع بحي امتداد ناصر شرق الخرطوم، واستقبلتنا والدته عاتكة خوجلي يوسف بكل ترحاب وحفاوة، والفرحة تكسو وجهها بعودة ابنها الغائب، والسعادة تغمر منزلها، وتحسب الساعات حتي تأتي لحظة احتضان ابنها الذي فقدته منذ العام 2013م عندما ذهب مجاهداً ومشاركاً في أحداث أبو كرشولا الذي قطع دراسته للمحاسبة بجامعة بحري مدرسة العلوم الإدارية، فقد منعه حبه للجهاد وشغفه به منذ الصغر من مواصلة دراسته، ولم تعترض على قرار ابنها الأكبر بأن يشارك في المعركة على الرغم من صغر سنه، ذهب البيروني تسبقه خطواته ودعوات والدته له بالنصر والظفر على الأعداء، شارك بكل شجاعة في المعركة وشهد له بذلك أصدقاؤه، وبعد انتهاء المعركة ليتم إبلاغها بخبر استشهادة في اليوم الثاني للمعركة. لحظات عصيبة وتروي والدة البيروني تفاصيل ماحدث منذ ذهاب ابنها، وكانت تقطع حديثها معنا للرد على هاتفها الذي ظل يرن باستمرار للاستفسار عن موعد وصول البيروني للمطار، وتمضي والدة البيروني قائلة منذ أن غادر البيروني للمشاركة في المعركة ظلت مشاعر الإحساس بالقلق تسيطر عليه إلى أن بلغني نبأ استشهاده، ووصفت تلك اللحظات بالمؤلمة على المستويين العام والخاص، وقالت إنها كانت لحظات وأيام في غاية الكآبة والحزن وفترة عصيبة بسبب الاضطرابات التي تعيشها البلاد، عاتكة أكدت أنها لم يراودها أدنى إحساس بفقدان ابنها، بل كانت تشعر بأنه على قيد الحياة، وزاد من ذلك الإحساس الشائعات التي بدأت تظهر بعد مرور فترة من خبر استشهاده بعدم استشهاده . اتصالات مع الشعبية عاتكة أكدت أنها كانت تتابع مواقع الحركة الشبيعة للتأكد من أن ابنها على قيد الحياة، وقالت إن الصور المنشورة في المواقع أكدت إحساسها بان ابنها مازال حياً وأشارت إلى أن اول اتصال يؤكد لها صحة مايشاع عن أن ابنها على قيد الحياة تلقته من أحد افراد الحركة الشعبية وطمأنها على صحة ابنها وأخبرها أنه أصيب بجرح في يده اليسرى أثناء المعركة، وأنهم طلبوا منها الذهاب إلى الصليب الأحمر لاستخراج ملف لابنها، وتضيف بانها ذهبت إلى الصليب الأحمر وأشارت إلى أنها أجرت اتصالات مع قيادة الدفاع الشعبي، مشيرة إلى المجهودات التي قام بها الشهيد خالد مبلول، الذي أكد لنا صحة المعلومات التي وردت، ثم المبادرة التي قامت بها سائحون وعملت على تطمين الأسر أكثر على أبنائهم، وقالت تواصلت اتصالاتنا مع الحركة الشعبية، وأضافت أن وقع خبر أسره كان أشد مرارة من خبر استشهاده لما يعانيه في الأسر، وقالت إن اتصالات الحركة الشعبية كانت تطمئنهم باستمرار على صحتهم . تواصل عاتكة أكدت وجود تواصل بين أسر الأسرى فيما بينهم، وقالت أصبحنا نتشارك الهم سويا، وكشفت لعدد من شيوخ الطرق الصوفية على رأسهم الشيخ الجد وأزرق طيبة والمكاشفي والشيخ عبدالله الذين كانوا يتواصلون مع الحركة وأبدوا اهتماماً بقضية الأسرى، وطلب أزرق طيبة منهم بأن يأتوا بالأسرى إلى مسيده في طيبة الشيخ عبد الباقي وأبدت الحركة تقديرها وطاعتها لهم، كاشفة عن استغلال بعض الجهات للموقف، وأكدت أن بعض الجهات حاولت ابتزازهم أسرة مجاهدة خال البيروني عمر خوجلي أفاد أنه كان مجاهداً، وعندما ذهب لتلقي تنوير في قيادة الدفاع الشعبي بشأن معركة أبوكرشولا التي ينوي الذهاب إليها، ووجد البيروني هناك، وأوضح أنه رفض الذهاب إلى المعركة بحجة أن التنوير لم يعجبه، وطلب من البيروني ألا يذهب ولكنه أصر والتحق بالمعركة . وتأخذ عاتكة منه طرف الحديث وتقول إن البيروني نشأ في أسرة مجاهدين، وتعلم على يديهم وتأثر باخواله الذي تربى معهم ووالده كان من الإسلامين القدامى وكل مايستشهد أحد من زملائه يزيد من عزيمته. خرجنا ونحن نتخيل اللحظات التي ستجمع بابنها بعد أن تيقنت بأنه انتقل للدار الآخرة والآن يعود إليها حياً في كامل صحته وعافيته ولكنها إردارة الله. اخر لحظة