ما تزال مواقع التواصل الاجتماعي تتناقل خبرًا منسوبًا لمسئولي الإعلام بالجبهة الثورية يؤكدون فيه أن اثنين من الذين أُعلن عن استشهادهم في معارك أبو كرشولا، مازالا على قيد الحياة، وأنهما أسرى لدى قوات الجبهة الثورية. الشهيدان "دفع الله الحسين" و "المعز عبد الله".. أقامت أسرتيهما العزاء، بعد الإعلان عن استشهادهما إلا أن خبر الجبهة الثورية أثار الارتباك ، فيما يحمل الكثيرون الجبهة الثورية المسؤولية عن هذا الارتباك إذ إن ذلك الإعلان بتقدير خبراء القانون الدولي يعتبر أكبر تلاعب بمشاعر الأسر ويخالف أبسط الأعراف الإنسانية مهما كانت حقيقة حياتهما أو موتهما (السوداني) وقفت على تفاصيل قصة الشهيدين وأشياء أخرى.! الخرطوم: عبد الباسط إدريس، لينا يعقوب بداية القصة " النعمان حسين " ، وهو أحد الأعضاء الناشطين بمجموعة "السائحون" التي تضم قدامى المجاهدين خلال حرب الجنوب كتب على صفحته الشخصية على الفيس بوك ( إن شهاب برج ، دفع الله الحسين ، المعز عبدالله ، البيروني شباب قد عرفناهم في هذه الدنيا ويا لهم من رجال حسب إفادات من شارك معهم في معركة أب كرشولا إنهم استشهدوا وكذلك احتسبهم أهلهم والدفاع الشعبي ، اليوم ظهرت صور مسربه من الجبهة الثورية لأسرى يظهر في الصورة البيروني وشهاب برج وأسرى آخرين نسأل الله أن يفك أسرهم وأتمنى أن يتحرك الدفاع الشعبي لفك أسرهم وكذلك أدعو كل من يعرفهم أن نحاول بطريقتنا محاولات فردية عسى ولعل الله يوفقنا في فك أسرهم). طرائق الإعلان عن الشهداء هناك قصص معلومة، وهي ليست بالقليلة، يتم فيها الإعلان عن استشهاد أي من أفراد القوات النظامية في إحدى المعارك، ويتضح لاحقًاً بعد مرور أشهر أو بضعة أعوام، أنه لم يستشهد، إنما كان أسيرًا.! غير أن الناطق باسم القوات المسلحة يؤكد في حديثه ل(السوداني) أن القوات المسلحة لا تعلن عن استشهاد أي من أفراد قواتها إلا بعد اتباع خطوات مهمة والتأكد عبر قنوات متبعة، وأنها في حال فقدت الاتصال بالأفراد المعنيين فإنها لا تعلن عن استشهادهم إلا بعد مرور عام كامل، "وحتى هذه الخطوة لا تتم إلا بعد الرجوع إلى كل القوائم بما فيها "قوائم العدو" والاتصال بكل المنظمات الطوعية والإنسانية، ويعتبر أن حالات ظهور أي من الأفراد الذين أعلن عن استشهادهم بعد مرور فترة من الزمن يخضع لإجراءات وقوانين القوات المسلحة. (...) هذه هي قصة الشهيدين ! قصة الشهدين دفع الله الحسين ومعز عبدالله ظلت من القصص المتداولة بكثافة عن حياتهما ووقعهما أسيرين في قبضة المتمردين إبان اجتياح أبو كرشولا ، لكن ثمة أمر ربما كان بحاجة إلى تفسير إذ إن الشهيدين كانا بالخرطوم حينما دخل المتمردون إلى محلية أبوكرشولا. دفع الله الحسين والمعز عبدالله هما ناشطان ضمن جماعة "السائحون" التي تضم مجموعة من شباب الإسلاميين الذين جمعت بينهم روابط الأيديولوجيا والأخوة وساحات النزال العسكري إبان سنوات حرب الجنوب، وقد نشط الشهيدان مؤخراً ضمن تيار الإصلاح والتغيير، إلى أن لبيا نداء الجهاد واستنفرا نفسيهما لتحرير أبوكرشولا . وقد ورد نبأ استشهادهما قبل انجلاء معركة التحرير غير أن مواقع إسفيرية عديدة نقلت صوراً لأسرى قام المتمردون بنشرها للتأكيد على أن الذين أُعلن عن اسشهادهم جميعاً في معركة أبوكرشولا مازالوا على قيد الحياة. وإن لم يظهر في تلك الصور كل من الشهيد دفع الله الحسين والشهيد معز عبدالله إلا أن اسميهما وردا مرفقين مع الصور الأمر الذي أثار جملة من التساؤلات الحائرة ما بين التكذيب والتصديق بحياة أو اسشتهاد الحسين وعبدالله. غير أن من شارك في عمليات تحرير أبوكرشولا وعاش الواقعة عن قرب يدلي بقول يقطع (الشك) ليس كونه شاهداً على المعركة فحسب أو أنه أحد القادة المجاهدين، لكن لأنه من قام بمواراة جثمان الشهيدين المعز ودفع الله الثرى وهو معتمد أم درمان الحالي المهندس اليسع صديق التاج أبوكساوي الذي أكد في حديثه ل(السوداني) استشهاد دفع الله الحسين والمعز عبدالله ويضيف :" لقد كنا في طليعة القوات التي دخلت إلى أبوكرشولا أثناء المعارك العسكرية ضمن متحرك التحرير لقد تأكدنا من استشهاد معز عبدالله من الأوراق التي كانت معه وكذلك تأكدنا من استشهاد دفع الله الحسين وقمت مع المجاهدين محمد عبدالله شيخ إدريس وخالد الضو والمنسق بالدفاع الشعبي معز عباس وعبدالرحمن البرلوم قمنا جميعاً بدفن الشهيدين دفع الله والمعز". وينفي اليسع بشدة مايتم تداوله في المواقع الإسفيرية نقلاً عن المتمردين بحياة المعز والحسين، ويقول جازماً " استشهدا وبحوزتنا كافة الأدلة التي تؤكد ذلك". العودة إلى الحياة مصادر موثوقة رسمية قالت ل(السوداني) إن قوات الدفاع الشعبي أو كتائب المجاهدين تعمل وفق قانون القوات المسلحة أثناء المعارك، حيث لكل كتيبة مجاهدون، قائد عسكري وأمير.. يكون عادة، الأول مسئولاً بصورة عسكرية منهم ومن التحركات على أرض الميدان، فيما يكون الأمير معنياً بكتيبته ومتتبعاً لأخبار أفرادها.. وتقول المصادر إن تقرير الموقف الذي يتم بعد كل عملية عسكرية ويوضح الملابسات وأوضاع الجنود في المعارك يكون مصدرًا أساسيًا في الاعتماد على المعلومات العسكرية وتقييم الموقف. وأشارت المصادر إلى وجود حالات سابقة، تعلن فيها الكتائب عن استشهاد مجاهدين، وتقيم أسرهم العزاء لكنهم يتصلون بعد أشهر من مرور الحادثة وقبل أن يذهبوا إلى مناطقهم ليعلنوا أنهم مازالوا أحياء. وقال مصدر "مازلنا نذكر أن أحدهم بعد أن احتجزته إحدى الحركات المسلحة في الحرب الدائرة في دارفور وفقد الاتصال به لمدة عام، أنه تمكن من الهرب لإحدى الأسر في دارفور، لكن لصعوبة الاتصال وخوفه على حياته لم يتمكن من الخروج من المنطقة إلا بعد سبعة أشهر، حيث عاد إلى الخرطوم وهو موفور الصحة والعافية وسط دهشة الأسر والأصدقاء"! القوات المسلحة: الاتصالات سهلت من الشائعات غير أن العقيد الصوارمي خالد سعد يُعيد ويؤكد أن القوات المسلحة لا تخطئ في مثل هذه الحالات، ويقول "إعلان الاستشهاد لا يأتي من القوات المسلحة، إنما من جهات أخرى، ويعتبر أن سهولة الاتصال من هواتف وغيرها جعل القنوات غير محددة والإشاعات كثيرة، وبإمكان أي أفراد في أرض المعركة دون أن يتحققوا جيدًا من استشهاد الشخص أن يتصلوا بأهله وذويه ليبلغوهم باستشهاد ابنهم.. وذكر أن هذا الأمر يدخلهم في حرج بالغ حيث تعتبر الأسر أن القوات المسلحة لم تهتم ب(الشهيد) أو يأتي مسؤولوها لتقديم واجب العزاء مضيفًا أن القوات المسلحة لا تفعل ذلك إلا بعد التأكد التام وبخطوات معينة أن الشخص استشهد فعلاً. إشاعة حياة محمود شريف قد لا تكون هي المرة الأولى التي تنطلق فيها الشائعات عن حياة شهداء ، بل لعلها واحدة من عادات الحركة الشعبية لتحرير السودان الأب الشرعي للجبهة الثورية ، ففي العام 2005 وبعد فترة قصيرة من التوقيع على اتفاق السلام الشامل انطلقت أحاديث عدة قوية عن أن الحركة ستطلق سراح عدد كبير من الأسرى وأن من بين المفرج عنهم سيكون شخصية قيادية كبيرة اعتقد الناس باستشهادها، وبدأت التكهنات عن من هو ذلك الشهيد الحي ، ورجحت التوقعات يومها إما أن يكون هو محمود شريف أو الشيخ حاج نور، لكن الحركة ويومها حسمت الجدل ونفت كل تلك الأقاويل، واكتفت فقط بإطلاق سراح أسرى معلوم أنهم أسروا وليس من بينهم شخصيات معروفة ، والغريب هذه المرة أن الجبهة الثورية لم تخرج حتى الآن ببيان يوضح حقيقة الصور المنتشرة في الانترنت، إذ ذلك واجب إنساني تمليه عليها قوانين الحرب والقوانين الإنسانية حتى غير المكتوبة ، لأن مثل تلك الأخبار والصور تترك آثاراً سلبية على حياة كثير من الأسر وتعيد إنتاج أحزانها، أو بالأصح ربما تعود إلى رحلة الجزم بحياة ابنها من عدمها خاصة وأن كل الأسر لا تقف عند قبور شهدائها.