يأتي إجراء تعديلات دستورية في سياق سياسي خاضع للنظام الشمولي القائم إذ تبين التجربة الشمولية أنه من السهل جدا الالتفاف علي القوانين التي توضع في ظل حكم الأقلية حيث تعمل الأقلية المتحكمة على استخدام السلطة والموارد من أجل الحفاظ علي وضعها السلطوي ، بيد أن الضرورة التي يمليها الفعل الثوري من أجل فتح الطريق أمام التحول الديمقراطي تستوجب فهم السياق الاجتماعي الذي من خلاله يتم الالتفاف علي الحقوق الدستورية ، في المقابل فأن الحديث عن الحريات والحقوق المختلفة ينبني علي عدم تركيز السلطة في يد أفراد معينين سواء أن كان رئيس الجمهورية ونوابه أو رئيس مجلس الوزراء . الميدان استعلمت عدداً من رموز المعارضة بولاية القضارف كانت الحيصلة الاتية: تغول واضح للسلطة التنفيذية : المحامي والقيادي بقوي الإجماع طارق القاسم يقول في حديثة بأن المشكلة ليست في وجود دستور أو تعديله وإنما تكمن المشكلة في الأجهزة التي تقوم بتنفيذ ما جاء في الدستور بنحو يحفظ الحقوق المختلفة ويصونها موضحا بأن دستور العام 2005 يعتبر متقدما وحاويا للكثير من الحقوق ، مشددا علي ضرورة الفصل بين السلطات المختلفة بما فيها السلطة الرابعة ، موضحا بأن المشكلة الأساسية التي تتصل بالدستور تتعلق بمدي التزام المؤسسات والأجهزة بتطبيق الدستور ، معتبرا أن الضمان لذلك يتمثل في ضرورة وجود سلطة وطنية ديمقراطية ، ويقول طارق بأنه وفي ظل نظام الحكم الحالي هنالك تداخل كبير بين السلطات إضافة إلي أن هنالك تغول واضح من قبل السلطة التنفيذية علي بقية السلطات موضحا بأن الحديث عن تقليص صلاحيات جهاز الأمن لا يعدو كونه استقطاب ومحاولة لتجميل النظام ، قائلا بأن السلطة الحالية طبيعتها أمنية فضلا عن أنها أتت إلي الحكم بواسطة قوة السلاح مشيرا إلي أن النظام الحالي يعتمد علي القبضة الأمنية فيما يخص بقاءه علي سدة الحكم ولذلك يقول طارق : ( فإن الحديث عن تعديلات دستورية تقضي بكفالة الحقوق والحريات ما هو إلا مسألة شكلية لا تنطلي علي أحد ، مضيفا بأن المواطن السوداني يعاني من ظروف معيشية قاسية ، مؤكدا في ذلك علي أن أزمة الوطن هي شاملة وأن قضية الحريات جزء لا يتجزءا منها ، قائلا بأن الحكومة اذا كانت جادة في ما تقوله لا بد لها أن تقوم بالفصل الكامل بين السلطات لا سيما السلطة الرابعة معتبرا أنها السلطة الشعبية الحقيقية ، ذاكرا بأنه وقبل الحديث عن الدستور وتعديله لا بد من وجود أجهزة ومؤسسات تقوم بحماية النصوص الدستورية ومراقبتها. التعديلات تكريس للدكتاتورية وتعمق أزمات الوطن : فيما وصف المهندس والناشط السياسي مصطفي السيد التعديلات الدستورية بالضعف وقال : ( لقد تمخض جبل الحوار فولد ( حصحاص ) ، ذاكرا بأن مخرجات الحوار تؤكد علي أن الذين شاركوا فيه قد تم استغلالهم ، وأضاف الحوار طبخ خاص بالمؤتمر الوطني ، مشيرا إلي أن دستور 2005 لا يحتاج إلي تعديل وتحديدا المادة التي تتحدث عن الحقوق والحريات وأضاف كل ما جاء في التعديلات لا علاقة له بالدستور ولا يمت له بصلة ولا يرجي منه خيرا ، مشيرا إلي أن ليس هنالك معني للتعديلات غير استمرار تكريس الدكتاتورية وحكم الفرد وتركيز السلطة في يد نخبة محددة ، قائلا بأن التعديلات التي أجريت لا تخدم مصلحة الوطن وإنما ستعمق أزماته و ستؤجج الصراع القائم بين الشعب وجلاديه واصفا إياه بصراع المصالح والأهداف ، وأضاف قائلا ما يجري من تعديلات يعتبر تهميش قانوني وأضاف، الآن كل فئات الشعب السوداني رأيها واضح فيما يحدث وأن الصراع أصبح مفتوحاً بين الجماهير السودانية والمجموعة التي تسمي نفسها بنظام المؤتمر الوطني، وأضاف وهنالك لبس مفهومي حول مسمي رئيس الوزراء ورئيس مجلس الوزراء ، موضحا بأن رئيس الوزراء يعتبر أعلي سلطة بعد رئيس الجمهورية ، وأضاف قائلا إذاً ما الجديد إذا كان الرئيس ونوابه ورئيس مجلس الوزراء كلهم ينتمون للمجموعة الانقلابية؟ وقال إن ما حدث يعد انقلاباً أخر ، موضحا بأن التعديلات في حد ذاتها تعتبر انقلاباً لأنها تتم من خلف ظهر الشعب السودانى، وأضاف قائلا لم يعد هنالك حزب أسمه المؤتمر الوطني وإنما هنالك تركز للسلطة في يد أفراد يقفون ضد مصلحة الوطن واستطرد قائلا بأنهم يداهنون المجتمع الإقليمي والدولي واصفا إياهم بالغريق الذي يتمسك بالقشة ، وأكد علي أن وحدة السودان علي المحك وأن ما تم الإقدام عليه من شأنه زيادة هوة الخلاف إذ أن المجموعة إياها سادرة في عدم الالتزام بالتدخل في شؤون الآخرين وفي دعم الحركات الانفصالية واصفا تجربة حكم الجبهة الإسلاموية بالفشل السياسي والأخلاقي مطالبا الشعب السوداني بالتقرير فيما يخص تحويل الفشل إلي نجاح وإستطرد لقد وضح ما لا يدع مجال للشك أن بقاء هذه المجموعة ليوم واحد يعني تعميق أزمة الفشل). الحريات يعتبر فرية لا تنطلي علي أحد: وقال القيادي بحزب البعث الاشتراكي الأصل وجدي خليفة أن الحديث عن إجراء تعديلات دستورية تشمل ضمن ما تشمل إتاحة الحريات وتقليص صلاحيات جهاز الأمن ما هي إلا مساحيق يحاول النظام القائم أن يجمل وجهه بها وأضاف قائلا: بأن المحك الأساسي يتمثل في تنفيذ الدستور والقانون ، مشيرا إلي أن السلطة القائمة وطيلة فترة حكمها ظلت تنتهك الحقوق المختلفة ضاربة بذلك الدستور عرض الحائط فالشاهد في المسألة أنه حتى ما وضعته السلطة من مواد دستورية بيدها التفت عليها ، مضيفا بأن الحديث عن تقليص صلاحيات وسلطات جهاز الأمن لا يعدو كونه تدليساً بدليل التصريحات التي ظل يطلقها قادة جهاز الأمن نفسه فيما يتعلق بسلطات وصلاحيات الجهاز ، مؤكدا علي أن الأزمة السودانية قائمة بل ومتفاقمة ، ذاكراً بأن الممارسة السياسية في الدولة السودانية محكومة بمزاج صانعي القرار ،وأضاف بأن الجدل الذي يدور حول التعديلات الدستورية والحديث عن مخرجات حوار لا يعني القوي الوطنية في شئ، مضيفا بأن موقف قوي الإجماع الوطني من الحوار المزعوم يعتبر واضحا لا لبس فيه ، قائلا بأن الحديث عن أن مخرجات الحوار قد أتاحت الحريات يعتبر فرية لا تنطلي علي أحد مشيرا إلي أن نظام المؤتمر الوطني هو ذات النظام الذي أتي إلي الحكم عبرة فوهة البندقية فلم يتغير شيئٌ. واصفا ما يجري حاليا علي مستوي المشهد السياسي بأنه عبارة عن متسابق واحد في مضمار ما سمي بحوار الوثبة) . الميدان