بعد معركة عاصفة استمرت عدة أسابيع، أفلحت اللجنة الطارئة للتعديلات الدستورية، برئاسة بدرية سليمان، في إسقاط التعديلات الدستورية المتعلقة بزواج التراضي رغم الإصرار الكبير من قبل حزب المؤتمر الشعبي على إجازة كافة التعديلات المسماة بملحق الحريات وذلك دون حذف شولة. وفي الوقت ذاته، وجد الشعبي نفسه محمولاً ليقبل تصويت اللجنة التي ارتضت إضافة (دون أن يمنع ذلك القيام بأدوار أخرى) إلى نصه الأول القاضي بحصر مهام جهاز الأمن في جمع المعلومات وتحليلها ورفعها للقيادة العليا. تسوية ثنائية تتحدث الأوساط السياسية عن صفقة ثنائية تمت ما بين المؤتمرين الشعبي والوطني فيما يخص ملحق التعديلات الدستورية الأخيرة تتمثل في تضمين زواج التراضي ضمن قانون الأحوال الشخصية وليس الدستور بالإضافة للاتفاق على أن يكون جهاز الأمن والمخابرات الوطني هو جهاز لجمع المعلومات مع إضافة فقرة في الدستور تقول لا يمنع جهاز الأمن من القائم بمهام أخرى. فرضية وجود تسوية فيما يخص هذه التعديلات تبدو بائنة في صمت المؤتمر الشعبي إزاء إسقاط هذه التعديلات، بعد إصراره الأول بعدم حذف شولة، في ظل صمت –وربما ممانعة- من قوى محاورة يفترض أنها أجازت الوثيقة الوطنية الحاوية ملف الحريات. لكن القيادي بالمؤتمر الوطني عمار باشري ينفي بشدة وجود تسوية حول التعديلات المتعلقة بصلاحيات جهاز الأمن وزواج التراضي، وإنما ثقة بين الأطراف المتحاورة. وقال ل "الصيحة" إن النقاط الخلافية محلها القانون وليس الدستور كما حدث في الجزئية المتعلقة بزواج التراضي بإحالة التفاصيل للجان قانونية مهنية (حد تعبيره). وفي مسألة الوفاق بين المتحاورين في كل التوصيات وقال بسيادة روح عامة سرت بين التنظيمات المتحاورة وبموجبها صارت تتوافق من أجل المصلحة الوطنية خاصة أن الساحة أصبحت مهيأة للوفاق الوطني. بدوره يقول رئيس تيار إسناد الحوار، د. عمار السجاد إن إسقاط نقطة زواج التراضي من قبل البرلمان تعتبر أمراً ليست له أهمية مبيناً أن الإسقاط تم من قبل اللجنة القانونية التي شُكلت للنظر في التعديلات بينما البرلمان لا يحق له إسقاط أي تعديل. وأشار السجاد في حديثه ل "الصيحة" إلى أن كل التعديلات الدستورية ستتم إجازتها دون تردد، مبينًا أن الرئيس البشير تعهد بإنفاذ مخرجات الحوار على أرض الواقع، وبالتالي ستتم إجازة كل التعديلات الدستورية. بينما وصف الأمين السياسي لحزب المؤتمر الشعبي، كمال عمر ما يحدث داخل أروقة اللجنة المختصة بالتعديلات الدستورية بأنه (طق حنك)، وقال ل "الصيحة" إن التوصيات المودعة منضدة البرلمان ستتم إجازتها دون تردد. في السياق يقول عضو اللجنة العليا لتنفيذ مخرجات الحوار، أمين بناني، إنه لا يعلم بوجود تسوية من أجل السكوت على صلاحيات الأمن وإسقاط زواج التراضي، ولكنه عاد وقال ل "الصيحة" إن التوصيات الموجودة بالبرلمان ستتم إجازتها عبر برلمان الوفاق الوطني، مضيفاً أن التعديلات الدستورية المتعلقة بزواج التراضي الآن في السمات الأولى وحينما تصل مرحلة القراءة الثالثة ستتم إجازتها عبر البرلمان المعدل، مردفاً بأنه يجب تنفيذ توصيات الحوار بكل صدق وأمانة خاصة وأن البلاد مواجهة بشروط دولية تتمثل في تحسين مناخ الحريات (طبقاً لتعبيره)، وحول الضجة المثارة حول زواج التراضي نعتها بناني بغير المبررة. خلافات متوقعة تبارٍ كبير جرى في الأسبوعين الماضيين بين دعاة تقليص صلاحيات الأمن وعلى رأس هذا الفريق قادة المؤتمر الشعبي، قبالة المنادين بجعل الجهاز بأسنان وقواطع وأنياب ويقف على رأس قائمة أولئك القادة الأمنيون. لكن اللافت أن زواج التراضي أخذ حظاً وافراً من الجدال، قبل أن يسقط بالفنية القاضية في لجنة بدرية، الأمر الذي يتوقع أن يحدِث ربكة بين المتحاورين ربما تقود لربكة في المشهد السياسي. عند هذه النقطة يقول كمال عمر إن الحوار ماضٍ لغاياته ولن يعوق تنفيذ مسيرة المخرجات عائق مادي أو معنوي، ويضيف بالقول ضامن الحوار هو الرئيس البشير، وهو قد بشرنا بتنفيذ كل مخرجات الحوار الوطني، وختم بالقول: أنا متفائل بعبور الحوار إلى ختامه دون أي متاريس. وافدون جدد رغم كل التجاذب الحادث، انضم عدد من القوى السياسية لركب الحوار الوطني كما فعل الحزب الديمقراطي الليبرالي بقيادة ميادة سوار الدهب التي وقعت على الوثيقة الوطنية بالإضافة لتوقيع قيادات بحزب التواصل بشرق السودان علي رأسهم الأمين السياسي عبد القادر محمد صالح. عن ذلك يقول عمار باشري إن هنالك روح تفاؤل تسود الساحة السياسية، وما يحدث الآن يمهد لوفاق وطني طال انتظاره، والقوى السياسية بمختلف مسمياتها باتت تعمل من أجل الوفاق الوطني، وهذا يظهر من خلال الروح التوافقية التي تسود الساحة السياسية هذه الأيام، وختم بالقول: الحوار سيؤدي لوفاق شامل . الصيحة