تابعت وسائل الإعلام السودانية المختلفة بالاهتمام والتقدير المستحقين برنامج زيارة صاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر للسودان، وهو برنامج مستمَدٌّ من رسالة آمنت بها الضيفة الكريمة منذ ولوجها ميدان العمل العام، حيث وجَّهت جهودها للتنمية البشرية. عكس الاهتمام الإعلامي عظمة الجهود التي تبذلها ضيفة السودان، وعبَّر عن التقدير الكبير الذي تحمله الجهات المعنية لصاحبة السمو، سواء أكانت الجهات الرسمية، أم المؤسسات صاحبة الشراكة، أم الذين نعموا بثمار المشروعات والمبادرات، فكان طبيعياً أن تعبِّر كل هذه الجهات عن مشاعر الامتنان والتقدير. وأرى ضرورة تسليط الأضواء على أمرين مهمين: الأمر الأول: هو البعد الإنساني في برنامج سمو الشيخة، الذي حرصت عليه صاحبة المبادرات، غير مكتفية بتلقي التقارير، ومتابعة النشاط، وإصدار التوجيهات المناسبة عن بعد، أو أن تكتفي خلال زيارتها للسودان بلقاء مدراء المؤسسات الشريكة، إذ أدركت بوعيها أن القيمة الإنسانية التي لا تُضاهى هي التي تبث الروح في هذه الأعمال، فحرصت على أن تكون حاضرة بنفسها وسط أطفال مدارس التعليم البديل، تتابع تلميذاً يكتب، وتصفِّق لتلميذة تحلُّ مسألة رياضية، وتلتقط الصور الجماعية مع الصغار، وللقارئ أن يتخيل قوة الدفع المعنوي التي يحسُّ بها تلاميذ يرون صاحبة مبادرة (علِّم طفلاً) تبتسم في وجوههم، وتردِّد معهم نشيداً مدرسياً بسيطاً، أو إحساس شاب تشيد رئيسة (صلتك) بمشروعه، فيسرُّ بالتواصل المباشر مع صاحبة المبادرة سروراً لا يقل عن فرحته بزرعه الذي أثمر، أو بمصنعه الصغير الذي أنتج، فما أرقى المشاعر الإنسانية التي تسمو بالبشر . الأمر الثاني: هو أن التجربة الباهرة لا بد أن تدفع كل متابع بالإشادة الكبيرة بهذه الأعمال الاجتماعية والإنسانية الجليلية، وبتتبع جذور التجربة نجد أن البذرة التي نبت منها هذا الغرس الطيب هي إيمان صاحب السمو الأمير الوالد بضرورة المشاركة الفاعلة للمرأة في إحداث التغيير الاجتماعي، ثم قرن قوله بالفعل، غير مكتفٍ بكلام نظري عن أن المرأة نصف المجتمع، وأن النساء شقائق الرجال، وليس أدلَّ وأبلغ على صدق التوجه من أن يدفع الرجل أهل بيته للميدان الذي دعا إليه عامَّة شعبه، فكان ذلك أقوى دافع لمشاركة المرأة القطرية في مختلف ميادين العمل، فهي معلمة، وهي ممرضة، أو طبيبة في مؤسسة حمد، وعضو في اللجنة الأولمبية، وقيادية في رابطة سيدات الأعمال القطريات، ورئيس نيابة ورئيسة لجامعة قطر، وسفيرة لبلادها في الأممالمتحدة، ووزيرة للتعليم ووزيرة للصحة، وفي ظل هذا الحضور الملفت للمرأة القطرية، لم يكن غريباً أن تنال السيدة التي رعت بصبر هذه النقلة الاجتماعية الهائلة عضوية المجموعة المدافعة عن أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة.; العرب