تعد صناعة المراكيب أحد ملامح الهوية السودانية، ولأن دارفور أكثر المناطق شهرة بالصناعات اليدوية لوفرة المواد الخام اشتهرت مدينتي الجنينية والفاشر بصناعة المراكيب من جلود (البقر، الغنم، الاصلة والنمر)، وأطلق عليه اسميهما كناية عن الجودة والمتانة، وما إن أججت الحرب الإقليم فقد على إثره مورداً اقتصادياً وتجارة رائجة. تبدأ صناعة المراكيب عند جدو محمد جدو عبد المجيد الذي ورثها من والده منذ أكثر من خمسة عشر عاماً، بشراء الجلد الخام من الأصلة والباكتا، الضأن والماعز والورل البحري والثعابين، جلد الأصلة على سبيل المثال تتراوح مقاساته بين (7) و(12) يقطع مقاس (7) ثلاثة أزواج، ومقاس (12) تسعة أزواج، وقال جدو: "بعد تحضير الجلد ويدبغ ب (القرض والملح) وصبغه باللون الأبيض، نأتي بالقماش والغراء والربل والشمع والخيط، ثم نضع الأحذية في القوالب بعد تفصيلها، ونعد الأرضية من الستارة التي تصنع من جلد التيس وتعرف ب (السيجاف) ويلصق ب (الكولا) ويشد ب (النيوكرين)، مستخدم السكين المقص والمبرد تخاط يدوياً باستخدام أدوات مثل الهنداسة والطبن". زيادة موسمية وأشار جدو إلى أن الطلب على المراكيب في زيادة مستمرة سيما في موسم الأعياد، وقال: "يشهد سوق المراكيب انتعاشاً في الأعياد خاصة عيد الأضحى المبارك، ونجد أن الولاية الشمالية والجنوب أكثر الولايات إقبالاً مقابل الولايات الأخرى التي نغطيها". وتابع: ارتفاع نسبة الإنتاج تقابلها زيادة عدد الصنايعية، ويؤكد أن امتلاء الأسواق بالمنتجات المستوردة من الاحذية الحديثة لم تؤثر على سوق المراكيب. وأرجع ذلك إلى أن المركوب مكمل للجلابية في الزي القومي. ومضى قائلاً: "بالرغم من اتجاه السودانيين إلى الأحذية الحديثة والمستوردة، إلا أن هناك عدداً كبيراً من الزبائن لا يزالون يفضلون ارتداء المركوب تباهياً يتفاخراً به في المناسبات الاجتماعية، سيما ذلك المصنوع من جلد الثعبان أو الأصلة". أسعار متفاوته أوضح جدو أن سعر مركوب الأصلة وصل (500) جنيه، وأشار إلى أن معظم إنتاج من تبقى في السوق يذهب لتلبية طلبات الزبائن الذين مازالوا متمسكين بارتداء (تلبس تلبس) الذي يعد تراثاً عتيقاً استطاع الصمود وسط الحداثة ووصل سعره ثمانين جنيها. اتفق أحمد عوض الله بركات – بائع أحذية جلدية – مع جدو في حديثه، وأكد أن ارتفاع أسعارها يرجع لجودة جلودها المأخوذة من الأصلة والنمر والثعبان وتتراوح ما بين (150 – 180) للمركوب الأصلة و(340 – 380) للمركوب الثعبان، وقال: "بالإضافة إلى أن المنتجات الجلدية مريحة ويقبل عليها عدد مقدر من الناس إلا أن كسل الصنايعية في بطء التسليم هو ما يعيق إنتاجهم".