ما حدث من تغيُّر في عادات وتقاليد المجتمع السوداني بفعل التأثير الكبير لتكنولوجيا الاتصالات والفضائيات، بدت آثاره واضحة من خلال هدم القيم والمفاهيم المجتمعية التي بيدت بفعل الممارسات الدخيلة، وظهر ذلك جلياً في جملة من الظواهر السالبة التي كادت تهتك النسيج الاجتماعي برمته، إن لم تجد توعية كافية وتنبيه إلى ما يحدث، سيما انتشار دور المسنين التي باتت ملجأً لآباء وأمهات، فقد أبناؤهم الرغبة في وجودهم بينهم، دون رحمة أو شفقة على من رعاهم صغاراً وحفظهم كباراً، فهل هي عقوق للوالدين أم نكران للجميل؟ لا يوجد مبرر منطقي رفض عمر حامد الأمر جملة وتفصيلاً، وقال: "لا يمكن أن أودع أمي دار المسنين مهما حدث، فالوالدان قيمة تربوية وأخلاقية لا يدركها الكثيرون، وهم قيمة من لا يعرفها لا يُرجى منه، بل ويشكل خطراً على المجتمع برمته". وأضاف: "هناك شيوخ سيدات لا عائل لهم يمكن أن يتخذوا من دور المسنين ملجأ ومأوى وليجدوا فيها الرعاية والاهتمام الكافي، دون ذلك ليس هناك ما يبرر وجودهم هناك، ولاسيما أن ديننا الحنيف أوصانا بالوالدين إحسانا، وأقول تمسكوا بوالديكم إن أردتم رضا الله". نكران للجميل مضى زهير بانقا في ذات السياق ورأى الأمر غير مقبول، بل ومرفوض تماماً، وأكد أنه ليس هناك ظرف أياً كان يجعل الرجل يزج بوالديه في دار المسنين. وقال: "من يفعل ذلك عاق بوالديه وناكر للجميل، هؤلاء آباؤنا سهروا على تربيتنا وحمايتنا، وعندما يحين الوقت لرد المعروف نودعهم دار المسنين بدل الاهتمام بهم ورعايتهم، بحجج واهية ليست سوى تهرب من المسؤولية". واقع معاش بالنسبة لمصطفى أبونورة نحى مجتمعنا السوداني منحىً سيئاً بانتهاجه سلوكاً لا يعبر عن قيمنا وعاداتنا وموروثاتنا. وقال: "ما يحدث من انتشار الظواهر السالبة يوضح حدوث شرخ كبير سيما عندما تتناقل وسائل الإعلام (ابن يضرب والده أو يقتل أمه)"، وأرجع أبو نورة ما يحدث إلى الانفتاح الكبير والهجمة نحو التكنولوجيا والعولمة التي والبرامج غير المرشدة التي تسربت إلى البيوت دون رغيب أو عتيد. وأضاف: "بالتأكيد ما تراه العين بصورة مستمرة تألفه ويصبح معتاداً مع مرور الوقت". ولفت انتشار تداول ألفاظ غريبة مثل أن يقول أحدهم "الليلة الحاج قافلها معاي"، أو "الحجة مشغلاها لي"، وكلها أشكال تعامل وأنماط سلوك غير سوية، وتنذر بالخطر، لذلك رأى أبو نورة من المهم تربية النشء على القيم والمُثل السليمة، وعدم ترك الأطفال عرضة للاستلاب الثقافي دون توجيه وتربية سليمة. اليوم التالي